صرخة الحـــــــــــــــــــلاج ....
كانت تباشير الصباح قد انارت باحة السجن ...الحارس الضخم مازال واقفا امام زنزانة الحسين بن منصور ..قابضا بيده على سيفه... اقتربت منه ..سألته : كيف حال سجينك فى ليلته الاخيرة ...؟؟
... هز رأسه قائلا ...لم أر بين المسجونين مثله .....لك ان تقترب وتنظر من فرجة النافذة ...
اعتليت جزع شجرة اسفل النافذة ....نظرت .....مازالت بقية من شمعة ضخمة بجوار الحائط ...هاهو ينحنى ساجدا وقيد الحديد فى قدميه ...وصل الى سمعى صوت نجواه خاشعا ....
ربى ...انت حبى الاكمل ....ملئت فؤادى حتى ماعاد فى صدرى فؤاد ...بل رب تجلى ................الهى ....لم أذق من نعمة احلى من قبلة على جبينى عفرتها ساجدا على التراب بين يديك ......
رجعت مآخوذا الى الحارس ...سألته داهشا ...ويحك ماذا رأيت من أمره ؟؟؟
قال الحارس ....أقسم بالله ما شاهدت منه الا عجبا ....السكينة والاطمئنان هما من يسكنان الزنزانة وليس رجلا كباقى الرجال ...
سمعنا الجلبة شديدة آتية من بعيد .....وقع اقدام ثقيلة تتجه الينا ..
قال الحارس : لقد أتوا ليأخذوه ...
.......................... ....
صرت مع الجميع أنظر الرجل المكبل من قدميه بقيد حديدى والمعقودة كفاه الى خلف ظهره .....رأسه رغم انحناء كتفيه يبدو منتصبا... شاخصا الى السماء ولا تفارق البسمة شفتيه ...
الصياح يتزايد من الجنود .....الجموع تنظر صاخبة صارخة .....ساحة الاعدام قد امتلئت فلم يعد من موضع قدم ....
نظر الحلاج الى الجموع باسما ....صيحات الكثيرين تطارده ....اقتلوا الكافر الزنديق .....اقتلوا المشعوذ الحلولى ....
أفسحت لنفسى مجالا حتى اقتربت منه ....كان يتمتم باسما ...
اللهم ارزقنى شكر هذه النعمة التى انعمت علي حيث غيبت أغيارى عما كشفت لى من مطالع وجهك وحرمت على غيرى ما ابحت لى ...
صعد به الجنود الى منصة الاعدام ....تسلمه منهم السياف البدين ...فك قيوده عنه وضربه بقدمه فوقع ارضا على جذع شجرة فما زاد الا ابتساما .....هلل الجمع الواقف صارخين ...الله اكبر ...الله اكبر ...
انهال السياف على ظهر الحلاج بكرباج مفتول ذى مائة سوط ...مع كل جلده تتمزق ثياب الحلاج ويخط الكرباج بأسواطه عشرات الجروح النازفة على ظهره في حين لا يتحرك جسده او يتململ او يئن آنة واحدة .....زدت اقترابا منه كان ينظر باسما لى ....همست له ...
ياحلاج ألم ننهك عن العالمين ..؟؟
زادت بسمته وقال بصوت غير متهدج او مرتعش ومازال الجلد يهوى على ظهره ....يا ابا بكر ...ان معراج العاشقين طويل طويل ......والله ما بحت لهم بشيء الا تفسير حرف من قبس .....وما نطقت الا بوصف لحب تغلغل فى العروق فصار هو الدم والحياة ....
امسكه السياف بغلظة صائحا به ...امدد يسارك على هذا الجذع ....
مد الحلاج يده فبسطها على جذع الشجرة ...ارتفع السيف الثقيل يبرق فى الهواء وشهق الجميع صامتين .....ارتجف قلبى .....هوى السيف بعنف على المعصم لتسقط الكف على الارض ترتعش أصابعها ....صاح الجمع مكبرين ...انبثقت الدماء من المعصم تتقاطر وتسيل على ارض المنصة ...ترسم كلمات ...الله ...الله ...الله ....
نظر الحلاج الى معصمه النازف مبتسما ومد يمينه الى الدماء فى الارض وهو يقول .....هل من ركعتين بوضوء من دم يبدو لما خالطه من سر قدسى اطهر من صعيد عليه لهيب الشمس ..؟؟؟
صاح به السياف ........امدد يمينك يابن منصور ....
نظر اليه الحلاج والبشر على وجهه قائلا ...هاك يمناى يابن ام ....
من جديد ارتفع السيف ليهوى باترا الكف فيسقط بالقرب من سابقه ...ومن جديد ارتفعت الصيحات والتكبيرات فى حين ظل الحلاج ساكنا يتمتم ...أحد ..أحد ...أحد ...
ترقرقت عيناى بالدموع ....ناديته ...ياحلاج ...ما التصوف ...؟؟
رفع معصميه النازفين فسالت الدماء على ذراعيه ....هز رأسه وقد بدت نواجزه من شدة الابتسام قائلا ....ياشبلى أقل مراتبه ماتراه الان
.....اما اعلاه فبعد قليل تكاشفه ....
تعالت صيحات البعض ...اقتلوا الكافر الملعون ...اجهزوا عليه .........فى حين وصلتنى همسات البعض ...مابال الرجل لم يتأوه أو يتألم .....؟؟؟؟
اقترب السياف من الحلاج فرفسه بقدمه فى صدره ....وقع ارضا على ظهره ....امسك السياف بساق الحلاج اليمنى فوضغها على جذع الشجرة ..وبكل العنف طوح بالسيف عاليا ليهوى به على القدم العارية فاطارها ....ارتعش جسد الحلاج وظل يردد ...الله ...أحد ...الله ...أحد .........جذب السياف القدم الاخرى غير عابىء بالدماء التى صارت بركة تحت قدميه ...ومن جديد ارتفع السيف ليسقط باترا القدم ....هب الحلاج يسير على كراسيع رجليه بضعة خطوات والناس فى صياح عظيم ....بكيت لمشهده ....امسكه السياف من شعره وحمله حملا ليرفعه امام الجموع الصارخة والمهللة ....اشتد اللغط والتهليل ...طاف الحلاج ببصره في الجموع وما زاد عن الابتسام ...التقت عيناه بعينى ....اصابتنى رعدة رهيبة من نظرته غابت عنى صور الجموع من حولى ....صمتت اصواتهم جميعا وانا ارى الحلاج يقلب وجهه فى السماء وقد فرت الدموع من عينيه وبكل القوة صاح صارخا .......
الهى ...الهى ...لماذا تركتنى ..؟؟؟
برقت السماء وزمجرت رعدا .......ارتفع السيف يشق السحب امامى ليهوى مع ضربات البرق على عنق الحلاج ...
سقط الرأس امام قدمى .....افقت من شرودى على صيحات الجموع المكبرة والمهللة ....حمل احد الرجال الرأس المخضبة بالدماء وما لبث الا ورماه بعيدا وهو يصرخ مقسما... ان الرأس تكلم بين يديه ....سأعود بعد الثلاثين ......
التفت لمن حولى متسائلا .....هل سمعتم صرخة الحلاج ؟؟؟ هل سمعتم ماذا قال قبل ان يقتل ؟؟؟
نظر الرجال اليّ بدهشة واستنكار قائلين ...
لم يصرخ الحلاج ابدا ولم يلفظ باى كلمة ..بل ظل ناظرا الينا مبتسما .......انسحبت من وسط الجموع ومازالت صرخة الحلاج تدوى فى اذنى .....الهى ...الهى ...لماذا تركتنى ..؟؟؟
.......................... ..تمــــــــــــــــــــــ ـت ........................
كانت تباشير الصباح قد انارت باحة السجن ...الحارس الضخم مازال واقفا امام زنزانة الحسين بن منصور ..قابضا بيده على سيفه... اقتربت منه ..سألته : كيف حال سجينك فى ليلته الاخيرة ...؟؟
... هز رأسه قائلا ...لم أر بين المسجونين مثله .....لك ان تقترب وتنظر من فرجة النافذة ...
اعتليت جزع شجرة اسفل النافذة ....نظرت .....مازالت بقية من شمعة ضخمة بجوار الحائط ...هاهو ينحنى ساجدا وقيد الحديد فى قدميه ...وصل الى سمعى صوت نجواه خاشعا ....
ربى ...انت حبى الاكمل ....ملئت فؤادى حتى ماعاد فى صدرى فؤاد ...بل رب تجلى ................الهى ....لم أذق من نعمة احلى من قبلة على جبينى عفرتها ساجدا على التراب بين يديك ......
رجعت مآخوذا الى الحارس ...سألته داهشا ...ويحك ماذا رأيت من أمره ؟؟؟
قال الحارس ....أقسم بالله ما شاهدت منه الا عجبا ....السكينة والاطمئنان هما من يسكنان الزنزانة وليس رجلا كباقى الرجال ...
سمعنا الجلبة شديدة آتية من بعيد .....وقع اقدام ثقيلة تتجه الينا ..
قال الحارس : لقد أتوا ليأخذوه ...
..........................
صرت مع الجميع أنظر الرجل المكبل من قدميه بقيد حديدى والمعقودة كفاه الى خلف ظهره .....رأسه رغم انحناء كتفيه يبدو منتصبا... شاخصا الى السماء ولا تفارق البسمة شفتيه ...
الصياح يتزايد من الجنود .....الجموع تنظر صاخبة صارخة .....ساحة الاعدام قد امتلئت فلم يعد من موضع قدم ....
نظر الحلاج الى الجموع باسما ....صيحات الكثيرين تطارده ....اقتلوا الكافر الزنديق .....اقتلوا المشعوذ الحلولى ....
أفسحت لنفسى مجالا حتى اقتربت منه ....كان يتمتم باسما ...
اللهم ارزقنى شكر هذه النعمة التى انعمت علي حيث غيبت أغيارى عما كشفت لى من مطالع وجهك وحرمت على غيرى ما ابحت لى ...
صعد به الجنود الى منصة الاعدام ....تسلمه منهم السياف البدين ...فك قيوده عنه وضربه بقدمه فوقع ارضا على جذع شجرة فما زاد الا ابتساما .....هلل الجمع الواقف صارخين ...الله اكبر ...الله اكبر ...
انهال السياف على ظهر الحلاج بكرباج مفتول ذى مائة سوط ...مع كل جلده تتمزق ثياب الحلاج ويخط الكرباج بأسواطه عشرات الجروح النازفة على ظهره في حين لا يتحرك جسده او يتململ او يئن آنة واحدة .....زدت اقترابا منه كان ينظر باسما لى ....همست له ...
ياحلاج ألم ننهك عن العالمين ..؟؟
زادت بسمته وقال بصوت غير متهدج او مرتعش ومازال الجلد يهوى على ظهره ....يا ابا بكر ...ان معراج العاشقين طويل طويل ......والله ما بحت لهم بشيء الا تفسير حرف من قبس .....وما نطقت الا بوصف لحب تغلغل فى العروق فصار هو الدم والحياة ....
امسكه السياف بغلظة صائحا به ...امدد يسارك على هذا الجذع ....
مد الحلاج يده فبسطها على جذع الشجرة ...ارتفع السيف الثقيل يبرق فى الهواء وشهق الجميع صامتين .....ارتجف قلبى .....هوى السيف بعنف على المعصم لتسقط الكف على الارض ترتعش أصابعها ....صاح الجمع مكبرين ...انبثقت الدماء من المعصم تتقاطر وتسيل على ارض المنصة ...ترسم كلمات ...الله ...الله ...الله ....
نظر الحلاج الى معصمه النازف مبتسما ومد يمينه الى الدماء فى الارض وهو يقول .....هل من ركعتين بوضوء من دم يبدو لما خالطه من سر قدسى اطهر من صعيد عليه لهيب الشمس ..؟؟؟
صاح به السياف ........امدد يمينك يابن منصور ....
نظر اليه الحلاج والبشر على وجهه قائلا ...هاك يمناى يابن ام ....
من جديد ارتفع السيف ليهوى باترا الكف فيسقط بالقرب من سابقه ...ومن جديد ارتفعت الصيحات والتكبيرات فى حين ظل الحلاج ساكنا يتمتم ...أحد ..أحد ...أحد ...
ترقرقت عيناى بالدموع ....ناديته ...ياحلاج ...ما التصوف ...؟؟
رفع معصميه النازفين فسالت الدماء على ذراعيه ....هز رأسه وقد بدت نواجزه من شدة الابتسام قائلا ....ياشبلى أقل مراتبه ماتراه الان
.....اما اعلاه فبعد قليل تكاشفه ....
تعالت صيحات البعض ...اقتلوا الكافر الملعون ...اجهزوا عليه .........فى حين وصلتنى همسات البعض ...مابال الرجل لم يتأوه أو يتألم .....؟؟؟؟
اقترب السياف من الحلاج فرفسه بقدمه فى صدره ....وقع ارضا على ظهره ....امسك السياف بساق الحلاج اليمنى فوضغها على جذع الشجرة ..وبكل العنف طوح بالسيف عاليا ليهوى به على القدم العارية فاطارها ....ارتعش جسد الحلاج وظل يردد ...الله ...أحد ...الله ...أحد .........جذب السياف القدم الاخرى غير عابىء بالدماء التى صارت بركة تحت قدميه ...ومن جديد ارتفع السيف ليسقط باترا القدم ....هب الحلاج يسير على كراسيع رجليه بضعة خطوات والناس فى صياح عظيم ....بكيت لمشهده ....امسكه السياف من شعره وحمله حملا ليرفعه امام الجموع الصارخة والمهللة ....اشتد اللغط والتهليل ...طاف الحلاج ببصره في الجموع وما زاد عن الابتسام ...التقت عيناه بعينى ....اصابتنى رعدة رهيبة من نظرته غابت عنى صور الجموع من حولى ....صمتت اصواتهم جميعا وانا ارى الحلاج يقلب وجهه فى السماء وقد فرت الدموع من عينيه وبكل القوة صاح صارخا .......
الهى ...الهى ...لماذا تركتنى ..؟؟؟
برقت السماء وزمجرت رعدا .......ارتفع السيف يشق السحب امامى ليهوى مع ضربات البرق على عنق الحلاج ...
سقط الرأس امام قدمى .....افقت من شرودى على صيحات الجموع المكبرة والمهللة ....حمل احد الرجال الرأس المخضبة بالدماء وما لبث الا ورماه بعيدا وهو يصرخ مقسما... ان الرأس تكلم بين يديه ....سأعود بعد الثلاثين ......
التفت لمن حولى متسائلا .....هل سمعتم صرخة الحلاج ؟؟؟ هل سمعتم ماذا قال قبل ان يقتل ؟؟؟
نظر الرجال اليّ بدهشة واستنكار قائلين ...
لم يصرخ الحلاج ابدا ولم يلفظ باى كلمة ..بل ظل ناظرا الينا مبتسما .......انسحبت من وسط الجموع ومازالت صرخة الحلاج تدوى فى اذنى .....الهى ...الهى ...لماذا تركتنى ..؟؟؟
..........................