الأحد، 17 يونيو 2012

عيــل * غتت * وجيل اخر زمن ...

الاحد 17 يونيو 2012

عيــل * غتت * وجيل اخر زمن ...
( بقلمى / علاء الدين هدهد )

رزقنى الله به بعد اربعة بنات .....كان مختلفا منذ اشهر حمله ...تعبت امه فى حمله اكثر مما لاقت فى حملها المرات السابفة ....كان (يركلها) بعنف ليلا فيوقظها فزعة ....كانه فى تدريب للكارتيه !!! وكانت تسبه غاضبه قبل ان تراه !!!
عند ولادته عانت اشد المعاناة ...استغرقت ولادته ستة ساعات !!!! نعم ستة ساعات ...كانت صرخات امه تخترق اجواء العيادة لتفزع المارة فى الطريق !!! خرجوووووووه !!! طلعوووووووه !!!! خلصونى منه ابن المجنونة....
......يقسم الطبيب انه لم يشاهد طفلا يخرج من بطن امه وما يلبث الا ويفتح عينيه مثل هذا الطفل ...نظر للطبيب صامتا شذرا ....ففزع منه الطبيب ...لطمه على مؤخرته فصرخ صرخة عالية اخافت الجميع ....
قال لى الطبيب : الواد ده هايكون له معاك موال طوييييييييييييل !!!!!
وصدق الطبيب ....
مرت السنتان الاوليان علينا انا وامه بشق الانفس ....حرمنا فيها النوم ..
كنا نتكلم همسا ونسير على اطراف اصابعنا اذا نام ....وحاشى لله ان ينام !!! بل كانت له قدرة غير طبيعية على السهر واذا تغامضت عيناه فللحظات ويجب ان يكون محمولا على كتفى او كتف امه ....
اكتشفنا الوسيلة الوحيدة التى كانت تسكته ....قليلا ....
التليفزيون !!!!
كان ينظر مشدوها مبلما متيسا امام الشاشة ....لكن الى الافلام السينمائية ....لم يكترث الى افلام الكرتون ..كما يفعل كل خلق الله من الاطفال ....واذا حدث وتحولت القناة التى يبحلق فيها يطلق صرخة مجنونة كما صافرة المطافىء .....اشمعنى المطافى ؟؟؟ لانها اعلى من سرينة الاسعاف !!!
كان المهم لدينا ان يصمت بلا صراخ ....فكانت اشاراته اوامر لنا واجبة التنفيذ .....
لا انكر ان فترة بداية نطقه للكلام كانت رائعة خاصة من لدغته فى بعض الحروف مايقرب من الثلاثين ..!!!! ماذا ؟؟ تقولون لا يوجد من الحروف ثلاثين ......انتم واهمون ياسادة !!!!
كانت له حروفه المشعبكة المتكعبلة التى لا تمت للغة العربية بصلة..كأنه يتكلم الصينية او لغة الماو ماو .... اذا كان احدكم يعرفها ..
اخيرا فطمته امه بعد عناء طويل تجاوز الحد الاقصى للرضاعة مخالفا احكام الشرع متزايدا عن العامين بأربعة اشهر ..!!!! تتساءلون لماذا ........اهو غتاتة وغلاسة منه والسلام ...
تجاوز العام الثالث .....تغيرت فيه اشياء كثيرة ...تحسن نطقه قليلا ..الا انه يفاجئك بردود لا يمكن ان تخطر لك على بال ابدا .......لكنه ظل على تعلقه غير الطبيعى بالتليفزيون ...ونظرا لاستغراق عملى معظم وقتى وما كان فائضا منه يحتله الكومبيوتر والنت والفيس بوك ...فلم تكن لى متابعة للتليفزيون الا نادرا ...
كان لديه حب استطلاع واستكشاف لكل ماهو حوله ...كنت يوما اكتب على الكومبيوتر احدى المذكرات الهامة ثم تركت الجهاز لبعض شأنى وعندما عدت وجدت الكارثة ...كان قد تعلق بالمقعد فتسلقه ليصل الى المكتب والى لوحة المفاتيح للكومبيوتر ...رأيته ماسكا الماوس وضاربا على كل الازرار كأنه يعزف على الاورج ....صرخت بفزع لما شاهدته على الشاشة من مصائب ....نهرته بعنف فرد بصراخ غاضب قوى فى وجهى ....وجدت نفسى اعاقبه ضربا على يده فصرخ يبكى ومن بين دموعه قال بصوت مبحوح متقطع محشو باللثغات.......:
هو كله ضلب ...ضلب ..مافيس ستيمة ولا ايه ...
المصيبة انه لم يكن يضحك بل يبكى ...كدت انفجر غيظا وضحكا معا .......كثيرا ما جائنى يتلصص دون ان اشعر به الا عندما يمر بين قدمى فافزع للمفاجأة فينظر الى ضاحكا ثم يسألنى ..
بابا ...هى النملة الصغننة بتعطس ..؟؟ ....وقبل ان افيق من السؤال يلاحقنى بآخر ...طب هى الدبانة بتكح ..؟؟
وبمناسبة الدبانة ....اقصد الذبابة كان لى معه موقف منيل ...لا اعرف كم مرة شاهد اغنية الذبابة لذلك الرجل الاسمر النحيل واذا به يملاء علينا الدنيا صراخا بها.... كان يمط بها صوته الرفيع الحاد ...
ذبااااااااااابة ...برا رام .....بيرارام ...بم بم ....... ...
ياأبنى اسكت عاوز اشتغل .......ذبااااااابة ....!!
طب ياحبيبى وطى صوتك .......ذبااااااااااااااااااااااااابة ...!!!!
يازفت الطين دماغى وجعانى ......برا رام .....بيرارام ...بم بم ....
لا يجدى الكلام معه ...اقوم اليه غاضبا فامسكه من قفاه لاخرجه خارج غرفتى وما ان نصل لبابها فيتشبث به ناظرا الى قائلا ...
احنا هانخس م الباب ده ....والبوليس ها يخس م الباب التانى ...ونتفئس هنا .......فلما يرانى محملقا فيه يضحك قائلا ....سكلك فاهم يانوصة ....
استمر لايام كلما كلمته يردد كلمتين فقط لا افهم منهما شيئا ...يأتى بهما وسط كلماته بمناسبة وبدون مناسبة ....تيجر ....تيجر المفأجة .......هكذا ينطق بهما ......واخيرا عرفت انهما يخصان اعلانات حبوب رجالية مقوية ..!!! هذا الكارثة يحفظ كلمات الاعلانات والاغانى وكل شيئ ......حاولت معه تنمية هذا الحفظ لقصار السور من القرآن .....استجاب قليلا لكنه ظل على عادته ....
جاءنى يوما وهو يسألنى متفكرا ...بابا ..هى ايه هى الفجارجة ..؟؟
استوضحت منه الكلمة مرتين وهو يعيدها كما هى ...الفجارجة ..
قال ....اللى الراجل خدها فى الفلم وهو فلحان ....
اتسعت عيناى دهشة وتعجب وانا افهم ماذا يقصد ..انها الفياجرا !!!
ولعلمى انه يجب ان نعطى للاطفال اجابات سليمة لكن على قدر اعمارهم وفهمهم ...قلت له ياحبيبى دى علاج علشان هو عيان ...
وبعدين انت بتتفرج على الافلام الوحشة دى ليه ....اتفرج على القط والفار ....يرد وهو يجرى مبتعدا ...قط وفار ده معفن ....
وكانت الحادثة التى خجلت كلما مرت حتى على ذاكرتى ....
كان يزورنى صديق لى هو وزوجته ..كنا نجلس فى حجرة مكتبى نتحادث وصديقى يشكو تعبا اصاب قولونه العصبى ....دخل الصغير العكروت علينا ....استقبله صديقى وزوجته بالابتسام واللهو معه
وفجأة اخرج صديقى كبسولات علاجه لاخذها فى موعدها واذا بالمصيبة المتحركة يرمقه بشدة ثم يقول له ....انت بتاخد فجارجة ياعمو ....هو انت تعبان ..؟؟
نظر الرجل محملقا فيه ثم فى وجهى ثم فى وجه زوجته ثم يحملقان هما فيّ متساءلين ...فى حين كنت ابتلع ريقى بصعوبة ووجهى يتدرج بألف لون من الخجل .....
قلت فى نفسى ......يخرب بيت سنينك يا مصيبة ....من النهاردة مافيش تليفزيون ليك .....مافيش ..مافيش ..مافيش..

...............................تمــــــــــــــــــــت ....................
 
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق