الخميس، 14 يونيو 2012

الدواااااااااامـــــــــــــــــة ...والنفـــــــق .....

منذالخميس 14 يونيو 2012


الدواااااااااامـــــــــــــــــة ...والنفـــــــق .....


كنت عائدا من عملى عصر اليوم مستقلا مترو الانفاق من محطة الشهداء ....ليس من زحام كما هو معتاد فى هذا التوقيت ...قلة قليلة من الركاب من تقف بين المقاعد ...جلست بجوار شاب كان منهمكا مع جهاز الكومبيوتر الخاص به يتصفح مواقع اخبارية وبين الحين والاخر يهز راسه تأسفا ...ملت عليه فضولا لارى ما يشاهده
نظر الىّ فابتسمت له فقال :
انت عارف ايه اللى مودينا فى داهية ..؟؟
وجمت من السؤال وقد ظننت انه تضايق منى ...استطرد وحده ..
احنا عندنا حزب من قديم الازل ...من ايام الكاتب القرفصاء ...اسمه حزب النحويين الاحرار ....
ضاقت عيناى وانا انظر اليه تعجبا .....اعاد وضع نظارته على عينيه وقال ...عارف قصة اهل الازهر لما بعت نابليون رسالته ليهم يهددهم بدخول الازهر بالخيل ..عارف هم عملوا ايه ..؟؟..هززت راسى كمن يعرف ...صاح فى وجهى :
شكلك متنيل ومش عارف حاجة .............هممت ان اعترض غاضبا فقاطعنى بصوت عالى جعل كل الركاب يلتفتون الينا :
قعدوا يحللوا الرسالة من الناحية اللغوية ويعربوا كلماتها .....
ردت سيدة متوسطة العمر تجلس بجوار الشاب ...يانهارهم اسود ...هم عملوا كده ..؟؟
وعلق رجل اخر امامنا ....آه عاملوا كده ...انا قريت الموضوع ده قبل كده ....نظر الشاب اليهما بضيق وقال ...
المصيبة ان احنا عندنا الحزب ده بتوسع ...من اول الثورة وكل خطوة نخدها يقعد اعضاء الحزب يحللوها ويفنطوها ويرفعوا قضايا علشان يلغوها....كل حاجة ...ماسبوش اى فعل او خطوة للثورة الا ومسخوه بالشكل ده ...
وصل المترو محطة احمد عرابى ...نزل البعض وهو يضرب كفا بكف من حديث الشاب وركب اخرون ...استمر الشاب فى حديثه معى

المشكلة انهم مش عايزين يعترفوا ان احنا فى ثورة ....بيعتبروها هوجة عيال وانتهت ....
قلت متسائلا ...خير فى حاجة حصلت ..؟؟
رمقنى تأففا وهو ينقل البصر بينى وبين جهازه ....ثم قال :
احنا مستنيين حكم المحكمة الدستورية فى قانون العزل ومجلس الشعب ....
قلت ....ايوه صحيح الحكم النهاردة ...ربنا يستر ويكون خير ...
عاد ينظر الى جهازه ثم الى وجهى بامتعهاض وقال متأففا ...
ياااارجل ...هو فى فى الدنيا ثورة بالشكل ده ..؟؟؟ ثورة مستنية احكام المحاكم علشان تكتمل او تنتهى ....!!!! الثورة فى حد ذاتها خروج على القوانين ....
قلت موافقا ..صحيح ...الثورة هى تجمع من المواطنين يهدف لقلب نظام الحكم القائم...يعنى فعلها مجرم فى قانون العقوبات ....
صاح فجأة وهو يهز كتفى بقوة ..
ايوه كده ...مانت بتفهم اهوه ....يعنى لو مانجحتش الثورة كل المتظاهرين دول كانوا هايتحاكموا بالتهم دى وغيرها كمان ...وقدام نفس القضاء اللى هايحكم عليهم ...
سرت همهمة من بعض الركاب تؤيد كلام الشاب ...فاكمل وهو يجول ببصره فيهم ....لكن طالما نجحت يبقى تتعامل بمقاييس تخالف القوانين العادية اللى كانت هاتحاكمها لو فشلت ...
رد رجل عجوز ...والله عندك حق يابنى ...كلام معقول برضو ..
توقف المترو فى محطة جمال عبد الناصر ....نزل البعض ووجدت الكثيرون قد تحلقوا حول الشاب يستمعون ...
قال الشاب : ازاى بنحاكم اللى اسقطناهم بنفس القانون اللى اسقطنا مواده اللى كانت هاتحاكمنا لو فشلنا فى ثورتنا ...؟؟وازاى كل خطوة لينا يرفعوا عليها قضية جديدة علشان يلغوها وبرضو بنفس القانون ....الثورة ثورة فى كل شيء فى القانون وفى المحاكمة كمان ...وطبعا فى الاجراءات السريعة واللى تخلى النظام الثورى الجديد يتمكن من فرض رؤيته الجديدة للبلد ....آمال كانت بتقوم الثورة ليه .....؟؟؟...المصيبة ان احنا وقعنا فى دوامة .......او دخلنا نفق مظلم طويل مش عارفين نهايته فين واخرته ايه ....
رد احد الشباب ساخرا ....المحامين من اتباع الثورة المضادة هم اللى بيرفعوا القضايا دى ...دنا سمعت انهم رافعين قضية علشان يفرجوا عن المخلوع بالافراج الصحى ....
عقب شاب اخر ضاحكا ....وبكرة هتلاقى محامين تانين رافعين قضية ببطلان الثورة شكلا وموضوعا واعادة الحال الى ماكان عليه..
كان الشاب بجوارى يستمع محملقا فى جهاز الكومبيوتر عندما صاح بقوة غاضبا :
وادى الدستوريةحكمت بعدم دستورية العزل ...يعنى شفيق مستمر فى الانتخابات ..شفتم المفاجأة ......ومش بس كده دى حكمت بعدم دستوريةانتخاب ثلث اعضاء البرلمان ...والكارثة انه بكده يعتبر البرلمان كله محلول بقوة القانون .....التفت مدققا النظر فى وجهى ولما شاهدنى صامتا اتابعه صرخ بعنف ...يعنى اتنيلنا ورجعنا لمربع البداية من تانى ...حراااااام عليكوا .......يانااااااس احنامش فى وقت عادى ...احنا فى ثورة ...فى ثورة ...فى ثورة ...

قال ذلك وهو يغلق جهازه حانقا غاضبا ونهض ينتفض جسده من شدة الغضب ...توقف المترو فى محطة السادات فسارع الشاب بالنزول ...تتبعته ببصرى خلال نافذة المترو على رصيف المحطة ...كان مازال يصيح بكل العنف غاضبا ....افهموا بقى ...احنا فى ثورة
...فى ثورة .....
غادر المترو المحطة والناس بين مؤيد لكلام الشاب وبين متابع لتحليل الحكم الجديد ومدى انعكاساته على المرحلة القادمة ....
اقوال واقوال ...اراء واراء مضادة ..تحليلات وعكسها ...المترو يتوقف ويغادر محطة سعد زغلول ... طوفان المناقشات يحتد وانا اتذكر كلام الشاب عن حزب النحويين الذى يحلل كل حدث ويفترض فروضه العديدة ثم يتجادل فى الفروض وحلولها دون ان ينتهى بحلول قطعية وصل المترو محطة السيدة زينب اول محطة بعد عبور الانفاق
....فجأة اطفأت أنوار المترو الداخلية لكننا لم نرى انوار المحطة الخارجية مضاءة بشكل كامل وكانت الرؤية ضعيفة جدا ....

....................تمــــــــــــــــــــــــــــــــت ..........................
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق