الاثنين، 27 يونيو 2016

القط الاسود والحيوانات



الثلاثاء 28 يونيو 2016
ـــــــــــــــــــ
قصة بقلمى / علاء الدين هدهد
..
..
تمطت القطة البيضاء ومدت قدميها الاماميتين فى تعابث  ثم اغمضت عينيها وهى تتثنى وتلتف متمسحة فى القط الاسود وفى حركة استسلام نامت تحت المقعد بينما استمر القط يلعق رأسها وشعر جسدها الناعم فى تودد ..

...
كانت تقف امام المرآة تنهى اخر زينتها عندما تقدم واقفا خلفها مطوقا ذراعيها  العاريين وكتفيها وهو يقبل عنقها قائلا :
ـــ شفتى بقى ان رأيي كان صح ...ادى اختيارى للفستان الاسود ده خلاكى مثيرة جدا ازاى  ..
ضحكت ضحكة فاترة وهى تنظر اليه فى المرآة قائلة :
ـــ ايوه بس ده عريان قوى ونص صدرى باين ياراجل ..!!!
استمر فى تقبيل عنقها ثم ابتسم متجاهلا ملحوظتها وقال ..:
ـــ الليلة دى لازم تمسحيهم كلهم ...دى اول حفلة لينا بعد الجواز ...كل واحد جايب مراته وكل واحدة هاتلاقيها متشيكة على الاخر ..
...
امتلأت الشقة بالزائرين ....موسيقى البلاك ميتال  الصاخبة ترج الاجواء ...الضحكات تتعالى مع قرقعات الكوؤس ...عبارات الترحيب الحار واحضان اللقاء والقبلات تطوف مع الزينات العديدة المعلقة فى كل مكان ...
..
بعض الزائرات اصطحبن معهن قططهن فى تنافس بينهن ايهم اغلى واكثر اناقة ..
..
ــ الصراحة ...الجو بقى غريب قوى ماكنتش متخيلاه هايبقى  بالشكل ده .؟؟
قالت هذا وهى تنظر الى زوجها وتنظرالى المحيطين بهما فى الغارقين فى  الرقص واللهو ..
ضحك قائلا وهو يمد يده لها بكأس مملؤة :
ـــ انت لسه شفتى حاجة ....لسه اللى جاى احلى .. 
..
القطة البيضاء تجرى  لتقفز فوق احد المقاعد بينما احد القطط الزائرة يلاحقها ..
..
على اريكة فى احد الاركان ...مالت احداهما على الاخرى هامسة وهى تزحف بأناملها على خصلات شعرها الذهبى اللامع المنسدلة فوق كتفها :
ـــ دى اول مرة ليكى ...  مش كده ..؟؟
هزت رأسها تأكيدا وهى تنظر اليها  ثم ابتسمت   ماسحة طرفى شفتيها بطرف لسانها ولم تنطق ..
ــــ على فكرة ...معانا عمرك ماهتحسى بالرتابة  ولا الملل ... معانا كل يوم فيه جديد وكل يوم فيه متعة مختلفة ...
ردت الثانية وهى تزم شفتيها وتلوكهما  كمن تتذوق شيئا وعيناها تنظر الى الجمع المحيط فى الشقة ..
ـــ بصى بصى ....وااااو ...ايه رأيك .؟؟؟
نظرت الى حيث اشارت  ثم تعانقت عيونهما فى نظرات متفهمة وهى تهمس ..
ـــ يابنت الأييييييه !!!
اطلقت الاثنتان ضحكاتهما وهما ترفعان كأسيهما لتعبا جرعات الشراب فى نهم ..
..
قطان اخران انضما الى القط الذى يتعقب القطة البيضاء وصار الثلاثة يزومون فى مواء مكتوم حولها ..
..
ـــ اعرفك بمراتى ... ايه رأيك فى الجمال ده .؟؟
 ابتسم الرجل ثم انفرجت شفتيه عن ضجة صاخبة مقهقها وتقدم تجاهها قائلا :
ـــ طول عمرك حظك بمب ....روعة ياهانم ...روعة ...قال ذلك وهو يمد يده ليلتقط اطراف اصابعها يقبلها وهو يبتسم ..
.. سحبت يدها خاجلة وهى تنظر الى زوجها فعقد الاخير مابين حاجبيه اعتراضا منه وهو يهمس لها ...
ـــ فكك بقى من الكسوف ...شوفى اللى حواليكى بيعملوا ايه ... ثم استدار يواجه الرجل مخاطبا ..
ـــ امال فين مراتك ؟؟ المجرمة دى ماشفتهاش من اول ماسلمت عليها لما وصلتم ...
..
القطة البيضاء تطلق مواءً عاليا رغم ضجيج الموسيقى المرتفع سمعه القط الاسود فقفز من بين يدى احداهن وهى تضعه على ركبتيها واصابعها تداعب جسده...اطلقت  صرختها المتألمة وهى تسب القط ممسكة بفخذها..
ـــ خربشك الملعون   ..؟؟
ـــ ايوه ....
ـــ انا اداويلك الجرح بلسانى ولا يهمك ...
اطلقت ضحكتها الماجنة بينما قال رجل اخر موجها حديثه لامرة بجوار الاول :
ــ جوزك عامل نفسه دكتور ... انتى ماتعرفيش انى انا كمان دكتور ...
..
القط الاسود يهرول بينالاقدام مسرعا ليلحق بقطته البيضاء ..
..
احد الرجال  يراقص احداهن  متقافزا حولها كما قرود السعدان بينما هى تتمايل ثاملة ..
اقترب منه اخر مزاحما اياه فى الرقص فشرع كل منهما يحاول جذب الثاملة اليه بيده وسط تعالى الضحكات منهما  .
..
ــ انا
 دماغى لفت على فكرة ...آمال فين ...
قالت هذا وهى تترنح باحثة بعينيها شبه المفتحتين فيمن حولها فسارع الرجل بجوارها الى احتضانها حتى لا تسقط وهو يقول :
ـــ سيبك منه ...تلاقيه لقى اللى كان بيدور عليها ...خليكى معايا هنا ...
..
القط الاسود يهجم على احد القطط التى  تشاكس القطة البيضاء ويطلق مواءه الشرس مقوسا ظهره فى تأهب مخيف ..
..
ـــ انتى الليلة صاروووووووخ ..!!!
قال ذلك وهو يقترب منها وقد رفعت ذراعيها عاقدة كفيها خلف رأسها مسندة ظهرها الى حائط الشرفة
ردت عليه بنبرة غانجة وضحكة اكثر غنجا ..
ـــ ياسلام !!! ...ياراجل دانتا لسه فى شهر العسل  ....ايه لحقت بسرعة كده ...؟؟
..
القطط تشتبك مع القط الاسود وقد توارت خلفه القطة البيضاء منكمشة  فلطمه احدهم بأظافره الحادة على عينه مطلقا مواءً شرسا فى حين قفز   عليه القط الابيض يعضه مدافعا  ..
..
تقدمت ذات الشعر الذهبى وهى تشرب اخر مافى كأسها الى احد الرجال وهو يحدث اخرى فأمسكت برابطة عنقه جاذبة اياه اليها قائلة فى صوت ثامل ...ــ انت بتاعى ...  ضحك وهو يميل على صدرها من شدة جذبتها له عندما اختل توازنها فسقطت متمسكة بالرابطة فى يدها .
..
دخلا من الشرفة متعانقين متجهين الى احدى الغرف عندما إلتقى بصره ببصر من يحتضن زوجته الثاملة متجها بها الى غرفة مجاورة فتبادل كل منهما الابتسام  والتلويح بيده ...!!!!
.....
اخذت الضحكات تتعالى ..
والموسيقى تشتد صخبا ..
الاجواء يلفها غيم كما السحاب الابيض ..
 الرؤية صارت ضبابية لا يظهر منها احد من الجمع الهلامى .... فقط فى بؤرة من وضوح نرى  القط الاسود وهو ينزف من اكثر من موضع من جسده وقد تكاثرت عليه هجمات القطط ومازال صامدا متشبثا بموضعه ...
..
...................تمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت .......................................
قصة بقلمى / علاءالدين هدهد

الأربعاء، 22 يونيو 2016

بجد مش هزار

الاربعاء 23 يونيو 2016
ــــــــــــــــــــ
قصة بقلمى / علاء الدين هدهد
..
ـــ بابا ...احكيلى حدوتة ...بابا بابا ... احكيلى حدوتة بقى ...
الطفل الصغير ذو الاعوام الستة يلح فى طلبه للمرة العاشرة وابيه مستغرق فى اعماله الكتابية ..
رفع الرجل نظارته الكبيرة عن عينيه ونظر الى الصغير وقد زم شفتيه ضيقا ..ثم قال :
ـــ يعنى انت مش شايف انى مشغول ...
زوى الطفل مابين حاجبيه وهز رأسه وهو يرد بطلاقة غريبة ..
ـــ الولاد كلهم فى افلام الكارتون ابوهم او امهم بيحكولهم حدوتة بالليل ....
هم الرجل بالرد فبادر الصغير الى استكمال كلامه قائلا :
ـــ وقبل ماتقولى روح لامك تحكيلك ....انا رحتلها وهى مابتعرفش تحكى حاجة ....يالا بقى احكيلى انت حدوتة ...
زفر الرجل زفرة طويلة وهو يعتدل ليواجه الصغير مبتعدا عن اوراقه وملفاته ثم امسك به رافعا اياه على ركبتيه وهو يقبل خده مبتسما قائلا :
ـــ امرى لله ....تعالى .... انا هاحكيلك حدوتة جميلة كانت تيتة بتحكيهالى انا واخواتى واحنا صغيرين زيك كده ...
ـــ ماشى ...ابدأ بقى ..
نظر الرجل للصغير وهز رأسه وقال "
ـــ صلى على النبى ...
ـــ عليه الصلاة والسلام ..
ـ كان ياما كان ....كان فيه زمان تلات معيز ...واحدة حاز وواحدة ماز والتالتة بتضرب بالعكاز ....وبعدين ..
ـــ استنى يعم شوية ...استنى استنى ...
هكذا قاطعه الصغير بصوته الرفيع الحاد فرد الرجل بضيق ..
ـــ فيه ايه ..؟؟ ...هو احنا لسه بدأنا ...
ـــ ياعنى ايه حز ومز وبتضرب بالبتاع ده ....العكاز ..
جفل الرجل فجأة وطرفت عيناه عدة مرات ...يعنى ....يعنى ... آه ...يعنى اسمهم كده
المعيز اسمهم كده ...حاز وماز و ..
ــــ حز ومز ايه يابابا.... فى حد اسمه حز ومز ...طب فيه حد يبقى اسمه بيضرب بالعكاز
تنفس الرجل بعمق ثم زفر طويلا بضيق وهو يقول :
ـــ بقولك ايه على المسا ...هى الحدوتة كده ....اسمع وانت ساكت ...ايه النصيبة دى ...ماكلنا سمعنا الحدوتة بالشكل ده ..اشمعنا انت اللى قارفنى فى كل كلمة ...
ــــ طيب طيب ...ماتزعلش ...كمل ...خلاص مش هاتكلم تانى ..
هز الرجل رأسه مستنكرا واستطرد قائلا ..
ـــ فى يوم ...ام المعيز قالتلهم انا رايحة السوق واوعوا تفتحوا الباب لحد الا لما اجى واخبط عليكم تلات خبطات ......ماشى ...؟؟؟
ـــ ماشى ..
ــــ وبعدين التعلب المكار كان مستخبى وسمع الكلام ده فاستنى لحد ما ام المعيز خرجت والمعيز قفلوا الباب وبعد شوية راح على الباب وخبط التلات خبطات..
ـــ آه وبعدين ..
ـــ بعدين المعيز قالوا دى امنا اللى على الباب ....بس المعزة الصغيرة قالتلهم استنوا لما نسمع صوتها الاول ....وراحت عند الباب وسألت ...مين اللى بيخبط ؟؟.....التعلب المكار قال بصوت رفيع ...انا امكم افتحوا ياحبايبى ..
ـــ بابا ....بابا ....طيب هى مابصتشى من العين السحرية ليه ..
ـــ يابنى ماعندهومش عين سحرية فى الباب ....
ـــ ياسلااااام ...ليه بقى ماعندهومش ..؟؟
انفجر الرجل غضبا وهو يقول :
ــــ يابنى دوووووول معييييييز ....معيز ..... يبقى عندهم عين سحرية ازاى فى الباب ...
اعتدل الطفل من جلسته فى حضن ابيه ليقول وهو يهز رأسه اعتراضا
ـــ ياسلاااام ...يعنى هو فيه معيز اصلا بتتكلم ...ولا معيز بتعيش فى البيت ...لما هما معيز وعاشوا فى البيت يبقى لازم يكون عندهم عين سحرية ...
امسك الرجل بكتفى الصغير محدقا فيه وهو يقول :
ــــ بقولك ايه ...المعيز دول فقرا ...يعنى غلابة ...ماعندهومش زفت الطين عين سحرية فى الباب ....والتعلب الهباب ضحك عليهم وخلاهم يفتحولو الباب وراح بالعهم كلهم فى بطنه ..
رفع الطفل حاجبيه مبتسما فى سخرية وهو يسأل ؟؟
ــــ هو كلهم ولا بلعهم .؟؟
رد الرجل وقد نفذ صبره ...ـــ كلهم يابنى كلهم
ـــ ايوه يعنى قطعهم بسنانه حتت وكلهم ...؟
ـــ آه ...اتنيل على عينه وكلهم ...خلاص ....ارتحت كده
هز الطفل رأسه صامتا فأكمل الرجل ...
ولما امهم جت من السوق ولقت الباب مفتوح ومافيش معيز فى البيت اتجننت وفضلت تدور عليهم لحد ماشافت التعلب المكار نايم جنب البحر وبطنه منفوخة قوى قوى ...فهى استغربت من شكله وقالت اكيد هو اللى اكل ولادى ....لازم اعمل فيه مقلب علشان اطلع المعيز من بطنه ...وبعدين ..
ــــ ياعم استنى ..انت هاتجننى معاك....
قاطعه الصغير معترضا وقبل ان يرد الرجل غضبا قال الطفل ..
ـــ انت مش قلت انه اكلهم وقطعهم حتت حتت بسنانه ...يبقى هايرجعوا من بطنه تانى ازلى بقى ..؟؟ ....نظر اليه الاب مبهوتا وهو يتلعثم مرددا ..
ــ بص ...هو ...هما ..اقصد يعنى ..هو بلعهم ...بلعهم من غير ما يقطعهم ...وهما فى بطنه لسه نايمين كده ..اتفقنا ؟؟ ....واستنى بقى شوية ابوس ايديك خلينى اكمل ...ماشى .؟؟
ـــ كمل يابابا ...انا ساكت اهو ..
ربت الاب على ظهره وهو يكمل ..
ـــ المعزة اتحدت التعلب فى موضوع كده وقالتله انها هاتفوز عليه فى شرب ميت البحر فهو وافق ....قامت المعزة قاسمة البحر نصين بينها وبينه وعملت سد بينهم وقامت ..
ـــ يابابا ....ياحبيبى ....المعزة عملت سد ازاى فى البحر ...ازاى بنت السد فى البحر .؟؟
دقق الرجل النظر فى وجه الطفل مندهشا لبرهة ثم قال ...
ــــ ياحبيبى دى حدوتة من الخيال ...يعنى مش كل حاجة بتبقى زى الحقيقة ..
هى عملت سد وخلاص وقالت للتعلب اشرب من الحتة بتعتك ونتسابق ....ومن غير مايشوفها قامت عملت خرم كبير فى السد علشان المية تروح من عندها لعند التعلب فيفضل يشرب لحد بطنه ماتفرقع ...
ــــ يادى المعزة الغريبة دى ....قالها الصغير وهو يتبرم رافضا ..
ــــ مالك يافلحوس عصرك ...فيه ايه تانى ...؟؟
ـــ يعنى ..بنت السد فى البحر وسكتنا ....لكن تخرم خرم فى السد علشان المية تروح للتعلب من عندها ...طيب ليه المية ما بتروحش من عند التعلب ليها هي ...؟؟
..
رفع الرجل الطفل عن ركبتيه وهو يقول وقد ضاق مابين حاجبيه .... هى ليلة مش معدية ...يخرب بيت الحواديت على بيت المعيز على التعالب فى يوم واحد...امشى ياض انت من هنا ...يالا روح ..
قام الطفل مشوحا بيده قائلا ...ياعم رووووووووح انت ...انا الغلطان ...انا رايح اشوف حلقة بن تن ألتميت إليين مع هيو منج صور ....او حلقة بابي إن ماي بوكيت آدفينشيرز إن بوكيتفيل ..
لأ لأ ...ده دلوقتى ميعاد ..ترانسفورمرز برايم ........خليك انت بقى مع الحز والمز ...
.
انصرف الطفل تاركا والده فاتحا فاهه مشدوها يتابعه صامتا حتى دخل غرفته ...
..
ــــــــــــــــــ.....................تمــــــــــــــــــــــــــــــــت .........ـــــــــــــ
بقلمى / علاء الدين هدهد

الثلاثاء، 21 يونيو 2016

احترسوا ....!!





 
قصة بقلمى / علاء الدين هدهد
الاربعاء 23 يونيو 2016
ــــــــــــــ
..
قليلون من يلحظون الامر
وقليلون جدا من اذا لاحظوا فهموا الحقيقة
..
يجر قدميه الى البيت..كأنما يسير على غير هدى..عاصفة من الاسئلة والافكار تدور برأسه..
كثيرة هى تلك المرات التى نشبت بينهما المشاجرات المعتادة كأى زوجين ....وقليلة تلك المرات التى لم يحتمل حدة المشاجرات بالقول فقط فإمتدت يده الغاضبة تنال من وجهها ....لكنها المرأة الاولى التى يصل فيها الشجار الى حد الضرب المبرح تاركاً اصابات دامية فى انحاء من جسدها ...نعم هى اخطأت بالفعل لكن هو يقر انه قد زاد الامر اكثر عما يستحق ...
لذلك لم يستطع مواجهتها وقد سقطت ارضا تئن من الألام فلم يجد الا الخروج من الشقة وصراخ طفليهما يدوى فى اذنيه ...
بعد منتصف الليل وقد وصل الى باب الشقة ...اصغى السمع واضعا اذنه على الباب ...الهدوء يلف المكان...اتراها والطفلين قد ناموا .؟؟ اتراهم غادروا الشقة منذ الشجار ؟؟؟
فتح الباب ودخل مستطلعا ....المكان نظيف مرتب تماما !!!
وضع هاتفه المحمول على منضدة صغيرة فى الصالة ثم اتجه دون وعى الى غرفة الطفلين ..فتح الباب واتسعت عيناه دهشة وهو يراهما نائمين فى وداعة وسكينة...انفرجت اساريره عن ابتسامة رضا وكأنما ادرك  الامر ...
بخطوات سريعة واثقة اتجه الى غرفة النوم ...الباب موارب ...دفعه قليلا ...اضاء النور ليراها نائمة على طرف الفراش
موالية اياه ظهرها ...عادت البسمة ترتسم على وجهه..
خلع ثيابه ودلف الى الفراش بالقرب منها ...اقترب منها ينظر وجهها ...اثار الجرح على طرف شفتيه واسفل عينها مازال باديا ..لم يشعر الا بيده تمتد لتربت على رأسها وهمسة منه واهنة بالاسف ...
لم تتحرك فى البداية فكرر الامر ...هنت منها كلمة خافتة ربما عنت انها متفهمة الامر وان كلاهما مخطىء....وبعد لحظات عاد تنفسها الى الانتظام ...هز رأسه صامتا وانقلب بجنبه يواجه الباب ثم مد يده جوار الفراش  لزر النور فأطفأه ونام ...
ربما مرت ساعة او اكثر ...ربما كانت مجرد سنة من نوم اخذته عندما تحرك منتبها لصوت بجوار الفراش ...بنصف عينين مغمضتين نظر ليرى الطفل واقفا امامه وهو يصدر فحيحا خافتا وكأنما شئ يتحرك يخرج من فمه ....فتح عينيه منتبها وهو يرفع رأسه بسرعة فجرى الطفل سريعا الى الخارج متجها الى الحمام المواجه للغرفة ...
انتفض جسده وهو يهب جالسا فى الفراش مناديا ....ياولد ....فيه ايه يابنى ...؟؟
التفت سريعا الى الفراش وهو يمد يده يهز زوجته التى هبت جافلة من نومها متسائلة ...اجابها وهو يتجه الى الحمام
ـــ الواد الصغير ....مش عارف فيه ايه ...!!!
فتح باب الحمام وهو يضيى النور ...كانت زوجته قد لحقت به مأخوذة ....عيناه مشدوهتان وهو يرى الحمام فارغا من اى طفل فيه ...نظر اليها مرتبكا ....راح فين ..؟؟ انا شايفه بعينى دخل الحمام ..
نظرت اليه نظرة استغراب ثم اتجهت بسرعة الى غرفة الطفلين وهو يسارع الخطى قبلها ...
على باب الغرفة وقفا معا ينظران الطفلين نائمين فى هدوء ...!!!
ــ اكيد كنت بتحلم ....معلهش ....اللى حصل النهاردة مش قليل ...
قالت ذلك وهو تعود الى غرفة النوم بينما هو يحدق فيها مستنكرا ...
اعاد النظر تجاه الطفلين ...هم بالعودة الى غرفة نومه ثم تراجع ...عاد الى الطفلين بخطوات ساكنة ...وقف امام الفراش ينظر وجه الطفل الصغير .....انه نائم كالملائكة ....مد يده ببطء الى رأس الطفل يلمس جبهته ..
ــ فيه حاجة يابابا ...؟؟؟
سحب يده بسرعة مأخوذا على صوت الطفل الكبير الذى استيقظ فجأة ...
نظر اليه وهو يتمتم ...ـــ لأ ...  لأ مافيش حاجة ياحبيبى ... انا بطمن عليكوا ...نام ,,, يالا نام ..
..
عاد الى فراشه ...زوجته تنتظره بنظرات متسائلة ..
ـــ خلاص مافيش حاجة ...يمكن كنت بحلم زى ماقلتى ..
.. مر بعض الوقت وعادت زوجته للنوم ....مازال يحدق فى ظلام الغرفة ....مازال يرقب بابها وباب الحمام المواجه ..
هل حقا  كان حلما ..؟؟
فترة اخرى من الوقت غالبه النعاس ...وبسرعة انتبه كمن يرفض الاستغراق فى النوم ...عينه على الباب ...لا شىء
استدار ليواجه ظهر زوجته النائمة ....سيوقظها ليتحدثا معا ...مد يده يهزها ...استدارت تواجهه ببطء ...هب مفزوعا متراجعا امام الوجه المشوه الدامى ..... ضحكاتها ونظرات عينيها اللامعتين تحدقان فيه ....صرخ صرخة رعب وهو يبتعد واقعا على الارض ملتفتا ليغادر الحجرة وهو يصيح ...اصطدم بزوجته الخارجة من الحمام ليراها فيقع من هول الصدمة وهو تحاول الامساك به متسائلة ....ماااالك ....فيه ايه تانى ..؟؟
تلعثم لسانه وارتعشت شفتاه وهو ينظر اليها ويشير الى الفراش بيد ترتعد رعبا ...حملقت فيه دون فهم وهى تدخل الحجرة الخالية ....ــ فيه ايه فى الاوضة ...انت هاتفزع العيال بصريخك ده ... ايه اللى حصل ...
قام ينتفض جسده ومازالت الرعشة تتملك من يده وهو يشير الى الفراش متهتها ...
ـــ كنتى ...كنتى ...هنا ....لأ ...مش انتى ....واحدة تانية ....
ـــ واحدة تانية .؟؟؟ مين اللى تقصدها ...انا مش فاهمة حاجة ...
استجمع قليلا من رباطة جأشه متمالكا نفسه وهو يسألها ...انتى ...انتى كنت فين ...وامتى خرجتى من الاوضة ..؟؟
ـــ كنت فى الحمام ....غريبة دى ....من شوية قمت اخش الحمام ...انت ايه حكايتك النهاردة .؟؟ ياراجل حرام عليك الفجر  آدن والصبح قرب يطلع  ....نام لك شوية  بقى ..
رد عليها وهو يغادر الحجرة قائلا ....نامى انتى ...انا مش هنام فى الاوضة دى ...انا هانام فى الصالون ...
..
توجه الى غرفة الصالون ....فتحها واضاء نورها ثم اغلق خلفه الباب ..
عيناه زائغتان ....مازالت نبضاته متسارعة ...مش ممكن يكون ده كله تهيؤات .....كان يدور فى الحجرة حتى توقف امام المرآة المتوسطة المعلقة على الحائط ...وقف ينظرالى وجهه الشاحب وشعره العبث ...دقق النظر لتتسع عيناه فجأة وهو يرى النار تشتعل فى المقعد المتواجد خلفه ...التفت سريعا الى المقعد .....لا شىء .... طرف بعينيه دهشة وهو يعاود الالتفات الى المرآة ليواجه وجه الطفل الكبير يملأ كل المرآة وهو يصرخ فيه بفزع وقد اشتعلت النار فى رأسه ...بااااااااابااااااااا ..
جرى صارخا مبتعدا يمسك بمقبض الباب ليفتحه ...الباب لا ينفتح ....النيران تخرج من المرآة لتنشب ألسنتها فى كل شىء والصراخ يلاحقه ليتعالى على صرخاته هو وهو يضرب الباب بقبضته ويركله بقدمه ويده تعتصر المقبض حتى انفتح الباب ليلقى بنفسه الى الخارج ساقطا فى الصالة متتبعا الغرفة ببصره فإذا بها ساكنة تماما ..
الطفلان يقفان امام غرفتهما صامتين ينظران اليه .....نظر اليها مرعوبا وحبات العرق تتدحرج على جبهته لتزحف على خديه وعنقه ....إلتفت يسارا ليرى زوجته واقفة امام باب غرفتهما تحدق فيه بإستنكار ...
اقترب الطفلان بخطوات بطيئة منه ...تراج قليلا الى الوراء زاحفا ...اقتربت الزوجة تجاهه ...
ارتعش صوته وهو يشير اليهم متسائلا ....ايه ....فيه ايه ...؟؟
رن هاتفه المحمول ....
كأنما ألقى اليه احدهم بحبل النجاة ...إلتقط المحمول ليرد مسرعا ....
ايوه ....مين ...؟؟
اتاه الصوت قويا واضحا ..
ـــ أنا حماتك يابنى ....مش حرام عليك اللى عملته ده ....كده برضو تبهدل البنت بالشكل ده
تلعثم صوته وهو ينظر الى زوجته ويرد قائلا ...
ـــ معلهش انا اسف امور بتحصل دايما و....
قاطعه الصوت قائلا ..
ـــ لااااا ...ماينفعشى الكلام ده ...انا ماقدرتش اصبر اكتر من كده ...انت تيجى فورا تصالح مراتك وعيالك وتاخدهم على البيت فورا ...
اتسعت عيناه دهشة وهو ينظر الى المحيطين به وهم يقتربون منه ببطء فى شكل دائرة يضيق قطرها رويدا رويدا ...
..
ـــــــــــــــــــــــــــــ..........تمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــت .........ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة بقلمى / علاء الدين هدهد





الاثنين، 13 يونيو 2016

الموقف !!

الموقف ...!!!
ـــــــــــــــ
الاثنين 13 يونيو 2016
..
مر وقت لا يعلم قدره احد...
منذ ان اجتاحت الارض رياح غامضة قلبت موازين كل شىء ..
منذ ان غلف السماء دخان اكثر غموضا وفزعا ..
منذ ان انخلعت القلوب رعبا وهى ترى المنازل تتفتت امامها وتنهارعلى من فيها كما تلال التراب تذروها الرياح ..ثم تحول الامر الى الجبال وهى تتطاير كما نتف السحاب فماجت الارض بما عليها وتزلزلت زلزلة عظيمة لتحطم كل بناء على وجهها وكل ماشيده بنو آدم
....
غامت السماء فما عاد الصارخون من هول الاحداث يرون فيها الا القتامة والموت الاسود ..
انها النهاية تضرب عمر الحياة على كوكب الارض ..
.
وانطلقت الصيحة الرهيبة ....انطلقت كما الهزيم بل اشد واقسى ...انطلقت من قلب الظلام الذى تشكل كما البوق تبتلع فوهته وجه الارض.... انطلقت طويلة حادة مدوية صاعقة انشقت القلوب فى الصدور من هولها ...انبثقت الدماء متفجرة من الوجوه والاجساد ....انفجرت العيون وصُمتْ الآذان فى ذات اللحظة من تلك النبضة من عمر الزمن .. انها النفخة الاولى !!!!
كل ذى نفس قد خر صريعا بشكل مرعب ....
ومر الوقت ...
هاهى امطار غريبة تغسل وجه الارض ....وقت طويل ايضا قد مضى ....الخراب الشامل يغلف الدنيا ....وفجأة انقطعت الامطار ....
وفجأة دوت الصيحة من جديد ....اشد واقوى واكثرحدة من الاولى ....ماجت الارض بتراب كما الاعاصير .....تبدل كل شىء ...تغير كل شىء ...صار اللون ابيضا كما معدن صلب من الفولاذ .. وها هو الوجه الجديد يتشقق ....يتمزق...
تخرج منه الاجسام العارية تنفض عنها الموات ....
كل شبر من الارض انبت جسدا ..رجالا ونساءً واطفالا ...الوجوه كالحة ....الوجوه ذاهلة ...الوجوه مرعوبة ...الوجوه متسائلة ...والصراخ والعويل يتردد فى جنبات اللاشىء
..ــ انه الويل بلا شك ...
ــ إنه العذاب ....
ــ من تراه بعثنا الان ...؟
ــ من اقامنا من مرقدنا ..؟؟
نور قوى سطعت به السماء ....
ـــ هل هى الشمس وقد عادت من جديد .؟؟..
ـــ لا ..بل هذا اقوى واشد حرارة من الشمس ..!!
ـــ هذا بلا بداية او نهاية ...انه غضب الله قد سلط علينا .
كل الانظار جُذبت بالرغم عنها مشدوهة الى الاعلى ...كل الاجسام انتصبت متمددة عظامها متوترة مشرأبة تجاه السطوع الحارق ...وحدها فقط الاطفال تجمعت فى زمرة كما كوكبة فى ناحية من المحشر ...
كل ثانية من عمر الزمن الجديد تمر تتقارب فيها الاجساد وتتزاحم وتتلاصق ...ماعاد من موطىء لقدم جديد ....
ماعادت الاقدام تتحرك حتى لو رغبت...ماعادت المفاصل تنثنى حتى لو همت ....
لجام غامض لكل جسد ثبته كما مسمار صلب فى حجر من الجرانيت ....تتطاول الرؤوس عالية لترى بعيدا جماعات وجماعات هناك وهناك غطى الظل رؤوسهم ... الظل!!! ....يالها من نعمة ....!!!!
..
هاهو السطوع الحارق يشتد فتزداد العيون اتساعا فى محاجرها تجاهه لا تستطيع الالتفات عنه...يتعرق بياض المحاجر بإحمرار دامٍ....تنزف العيون الدماء ومازالت تحدق فى الاعلى ...
تتسع الافواه ذهولا ...تتوتر الشفاه والألسن ....ترتعش الرؤوس كما ترنح السكارى ....انه الذهول فى ابشع صوره...الوقت يمر بطيئا كما حركة المشلول ....يزداد السطوع لهيبا.. .يزحف العرق من كل مسام الاجساد لزجا ثقيلا كما الزيت .... ساخنا حارقا كما حمم البراكين ....تتصبب الاجساد فى روائحها حتى توشك الجلود على الانصهار ..الايادى لا تستطيع الحراك ...الكفوف لا تمسح هذا العرق اللعين ...
خيالات الوهم والذكريات تطوف امام كل العيون الذاهلة ...انها احداث الحياة بكل تفاصيلها ....انها كل كل الاعمال تتجسد بحلوها ومرها.. والوقت الميت يزداد مواتا على موات فوق موات ... والوقت الميت يدوم ويدوم ويدوم ....والوقت الميت لا يدرى احد نهايته وقدره ..
...الاقدام تيبست ...السيقان تصلبت ...الفقرات تطقطقت ...العظام تكسرت..الظهور تحطمت وما زالت الاجساد منتصبة واقفة مشدوهة الى الاعلى ....وما زالت تفتقد القدرة على الانحناء او السقوط ارضا ..
السقوط .!!!! ..ياله من نعمة حُرم منها الجميع ....
يزداد السطوع اكثر فأكثر ...تزداد الحرارة واللهيب أكثر فأكثر ...الشعر فوق الرؤس يحترق ...الجميع صلعا تزداد رؤوسهم احمرارا محرقا ... الجميع تتشقق شفاههم فتبحث ألسنتهم عما يبللها فلا تجد الا لزوجة الصديد عرقا ..
..هاهو قد غطى الاقدام هنا ....وهناك غطى السيقان ...كل جسد مستقل عمن يلاصقه من الاجساد....هذا قد بلغ بطنه ...هذا فوق صدره ...وذاك يلتف حول عنقه كما قبضة تعتصر روحه خنقا...حتى ابليس بقامته الفارعة قد صار متسربلا بعرق كما القيوح والصديد يرنو ببصره الى وجه السطوع ذليلا مترقبا ...
ـــ هذا اطول يوم فى عمر الانسان ..
ـــ هذا اطول يوم فى عمر الانسان ..
الصراخ المكتوم فى الحناجر ينطلق مشروخا مذبوحا ليتبعثر فى فضاء اللاشىء.....
اما لهذا العذااااااااااااااب من نهاية ....؟؟؟؟؟...اما لهذا الموقف من تغيير .؟؟؟
...
العذاب ؟؟؟؟ .....!!!!!!!!
اى عذاب تقصدون ؟؟؟
انها مجرد البداية ..انتظروا تطاير الصحف فوق الرؤوس ....انتظروا الفضائح تكلل الجباه بالعار ....انتظروا ويل الحساب ...
انما هذا هو يوم الحشر ...
انه مجرد الموقف فقط !!
..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ.......... تمــــــــــــــــــــــــــــت ........ــــــــــــــــــــ
بقلمى / علاء الدين هدهد