الأربعاء، 25 يوليو 2012

الاربعاء 25 يوليو 2012


عندما مات الرحمة المهداة ...!!!


 


الجميع فى المسجد بين مصل وصامت يدعو ..واخرين يبكون لما نال الرسول الكريم من اوجاع المرض وقد اشتدت رحاها به طيلة الايام السابقة ...
كثير من العيون تعلقت بستر حجرة السيدة عائشة المطل على المسجد .....تهفو ارواحهم الى الاطمئنان على رسول الله ...فهم منذ اخر عهدهم به عندما كان أتيا من منزل السيدة ميمونة الى حجرة السيدة عائشة محمولا محموما يتصبب عرقا ولا يقوى على السير وحده ...انخلعت افئدتهم حزنا وألما لرؤيته على ذلك النحو ....وعندما دخلوا به حجرة عائشة واهنا يتألم تمسح عائشة جبينه مما ينهرق عليه من عرق غزير وهو يهمس من قسوة الالام ...لا اله الا الله ....ان للموت لسكرات .............استبد بهم القلق واخذهم لغط عظيم سرعان ما تحول فى المسجد الى ضجة عالية مختلطة بنحيب وبكاء وصلت اناتهم وضجتهم الى رسول الله فسأل يكابد اوجاعه .....ما هذا ..؟؟
اجابه من حوله ..يارسول الله الناس يخافون عليك ...
تحامل على نفسه قائلا ....احملونى اليهم ....ثم حاول النهوض وحده فوقع ...حاول ثانيا فخارت قواه من شدة الحمى .....همس ان صبوا فوقى الماء ....فسارعو يصبون على رأسه سبعا من القرب مملؤة بالماء حتى اخذته افاقة ....حملوه الى المسجد واجلس على المنبر وسط ضجيج الجموع وبكاءهم ....كم من صوت يبكى ...فديناك بارواحنا واموالنا واولادنا واباءنا يارسول الله ......
نظر اليهم الرسول الكريم وقال ...ايها الناس موعدكم معى ليس الدنيا .....موعدكم معى عند الحوض ......
بدأ الناس يهدأون .....تتعلق عيونهم وقلوبهم بوجه رسول الله وهو يكمل ...والله لكأنى انظر اليه من مقامى هذا .... ..أيها الناس والله ماالفقر اخشى عليكم ولكنى اخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما اهلمتهم .....
صمت برهة ...يجول النظر فيهم ....الصمت يخيم عليهم و السكون يحلق فوق الهامات ترقبا لكلمات الحبيب ......
اكمل الرسول ...ايها الناس الله الله فى الصلاة !!! الله الله فى الصلاة ..!!!!
. وكانت اخر كلمات للحبيب وهو يدعو لهم على المنبر ...أواكم الله ...حفظكم الله ....ثبتكم الله ...أيدكم الله ...
مازالوا يذكرون ذلك المشهد اخر ما رأوا وسمعوا من الحبيب رسول الله ....الوقت الان ضحا... صباح الاثنين الثانى عشر من ربيع الاول العام الحادى عشر من الهجرة .....وما زالت العيون ترقب ستر حجرة عائشة والنفوس هائمة قلقة والقلوب تخفق خوفا على رسول الله ....اما داخل الحجرة ......فكان صلى الله عليه وسلم راقدا متعبا يكابد نزعات الحمى وألامها .......دخلت عليه فاطمة ...ماقدر على النهوض للقياها كعادته ...همس لها ..ادنو منى يافاطمة ......
دنت منه تبكى .....قربت رأسها من رأسه فهمس لها ....هو الوجع الذى اقبض فيه يافاطمة .....اختلجت قسماتها حزنا وخفق قلبها وما تمالكت ان اجهشت بالبكاء وسط دهشة الحاضرين ....رق لها قلب الرسول الحبيب ...فاشار لها ثانيا فدنت منه فهمس لها ...لا تبكى فانت اول من يلحق بى بعد موتى .....
اشرق وجهها بالسعادة فتبسم ثغرها فرحا .......
اشتدت الاوجاع على الحبيب ...الآهات تتنازعه ...يجالدها صابرا لقضاء الله ....تنظره فاطمة على هذا النحو فتبكى قائلة ...واكرباه ..واكرباه ...فيرد عليها رسول الله ....ليس على ابيك كرب بعد اليوم ...............اقتربت منه السيدة عائشة تنظر اليه ....علامات الوجع على وجهه الشريف ...قال لها :
ياعائشة ماأزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر ....فهذا أوان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم .....دمعت عينا عائشة وهى تسنده اليها ....واذا بعبد الرحمن بن أبى بكر قد دخل الحجرة وبيده سواك ...نظر اليه رسول الله فقالت عائشة ....آخذه لك ؟؟؟
فأومأ برأسه أن نعم ....فتناولته السيدة عائشة واعطته اياه ......
اراد الحبيب المصطفى ان يستن به فاشتد عليه ....رده اليها ...قالت ألينه لك ..؟؟؟؟ فاشار برأسه أن نعم ....
تناولته عائشة تلوكه باسنانها حتى لينته ثم ناولته رسول الله فاستن به كأحسن ماكان مستنا وما فرغ منه حتى رفع يده مشيرا بسبابته وشخص بصره نحو سقف الحجرة .....انوار ساطعة تسبح فيها الحجرة ....تحيط كهالة اقوى من الشمس برسول الله ...تحركت شفتاه هامسا ...اصغت اليه عائشة السمع ....قال :
مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ........اللهم اغفر لى ...وارحمنى ....وألحقنى بالرفيق الاعلى ...اللهم الرفيق الاعلى .....اللهم الرفيق الاعلى ......
وفى لحظة سقطت يده الشريفة وكانت اخر انفاسه العطرة ....
صعدت روحه الطاهرة الى بارئها تحملها ملائكة الفردوس الاعلى فرحين بها .....الانوار تخترق المكان الى عنان السماء .......
مات محمد بن عبد الله ....مات رسول الله صل الله عليه وسلم ..
مات الرحمة المهداة ...مات وقد ترك فينا تعاليمه وسنته حتى لا نضل بعده .......مات ولكنه حى فى قلوبنا الى يوم الدين ...
سلام الله وصلاته ورحمته وبركاته عليك ياحبيبى يارسول الله ....
اشهد الا اله الا الله وان محمدا عبد الله ورسوله ....
..........................تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت..................................

الأحد، 15 يوليو 2012

رمضــــــــــــــــــــــان جاااااااااانا ..

الاحد 15 يوليو 2012
 

رمضــــــــــــــــــــــان جاااااااااانا ..

 

هل يمكن ان تسمع صوت الشيخ محمد رفعت دون ان تستنشق عبق رمضان قبيل الافطار ..؟؟
هل يمكن ان يأتى رمضان دون ان تسمع اللحن الخالد يشدو به عبد المطلب ...رمضان جانا ...وفرحنابه بعد غيابه ...وبقى له زمان ..
غنوا معانا شهر بطوله ...غنوا وقولوا ..اهلا رمضان ...
اعتقد ان الاجابة بالنفى يقينا ...لماذا ..؟؟ لانها ذكريات العمر المحفورة فينا ...ذكريات منذ كنا صغارا نلهو ونلعب ....ذكريات تطوف بمخيلتى ...تحتوينى كلما دنى شهر رمضان او اقبل علينا ....اغمض عيني وأعب من كوؤس الذكريات حتى اثمل منتشيا ...
يجمعنا ابى حوله ليقول لنا مبتسما ...عارفين مين اللى هايجي علينا بعد بكرة ....وتشرئب الاعناق اليه وتحملق العيون فيه مترقبة ....فيقول ...جدو رمضان ...
نضحك سعداء فيكمل ...جدو رمضان رجل كبير عجوز ....طيب قوى قوى ...يجي فارد دراعاته ...فاتح عبايته البيضة ...يلم كل الناس فى احضانه ....شايل على ظهره كل الخير والبركة ....
و يقول لنا والدى ....اللى هايعمل منكم حاجة وحشة او ما يسمعش الكلام او مايصليش ...جدو رمضان هايزعل منه ....
ما زلت اذكر ....وقد كبرت قليلا انا واخوتى واصحابى ...ننتظر منتصف شعبان لنبدأ سباق الزينات الورقية فى شارعنا ....نربط كل منزل بالذى يقابله واللذان يجاورن الاخير ...حتى المنازل التى يكون اصحابها فى خلاف بينهم ...يربطهما خيط الفرح والسعادة الرمضانية ......يصير الشارع كالشبكة العنكبوتية من كثرة الزينات والبالونات والمساجد الكرتونية الملونة ...وحبال الكهرباء التى تنير كافة اركانه
...منذ ليلة الرؤية وحتى ليلية العيد ....لا نوم فى ليلك يارمضان ...كنا نجمع انفسنا بصيحتنا المتفق عليها قبيل كل صلاة ...فنذهب الى المسجد فى اخر شارعنا ....ومن بعد العصر نقسم انفسنا فرقا وجماعات الكل ينظف الشارع ...مامن حصاة قد تجدها فى ارضه .....يجلس جارنا الحاج عبد العليم الذى يفيض محبة وبركة يقرأ القرآن امام بيته بينما قد بلغ منا الصيام كل مبلغ فاذا باكثرنا يجلس او ينام محتضنا قلة الماء الرطبة ....وما ينقذنا الا صوت المدفع مع انتهاء قراءة الشيخ رفعت الذى يبدو صوته كأنه قادما من السماء...
وبعد الافطار وفزورة نيللى التى مازلت احفظ لحنها المتغير لاكثر من سنة ...نهرول كما خلايا النحل وقد فتحت على مصاريعها ....نلعب ونلهو ....وما كان الاهل والجيران الا سعداء بنا ........ حتى اذا حانت صلاة العشاء تجمعنا ذاهبين للصلاة ثم التراويح ....يلقانا شيخ الجامع الطيب فيعطى كل منا بعض حبات التمر ويقول ....كونوا انتم اخر صف ......نصطف فرحين كأننا صرنا رجالا ...
كنا نتسابق فيما بيننا من منا سيتم ختم القرآن قبل نهاية رمضان ..

ويمتد ليلك الحبيب يارمضان حتى يهل علينا عم فرحات المسحراتى ...يجوب الشارع ناقرا على طبلته الصغيرة ...نطوف معه الشارع راجين اياه ان ينادى باسماءنا واسماء ابائنا ...ثم يودعنا عند نهاية شارعنا قائلا بسعادة ...اوعوا تنسوا عم فرحات فى كحك العيد ياولاد . ....يقولها لنا كل ليلة فنذكر بها امهاتنا ...
كان رمضان هو الخير من الله ...كل اسرة يوسع عليها الله من فضله فتوسع على ابناءها ...كان ابى يأخذنى معه وهو يطوف على جيران لنا فى شارعنا وفى شوارع اخرى يسلم عليهم ونحمل لهم من فضل الله ماجاد به الحال ...
هكذا كانت عاداتنا كلما اقبل رمضان ....وها قد كبرنا وما زلت ارقب شارعنا كل عام قبيل هلال رمضان ....منذ سنوات تقلصت احجام الزينات فى الشارع ....يبدو ان الاجيال الجديدة من الشباب لم تعد تهتم لمثل هذه العادات ...الان لم تعد هناك اى زينة اللهم بعض الانوار تشد اسلاكها بين المنازل بغرض اللعب الصاخب وتفجير الصواريخ والمفرقعات التى صار لها اسوء الاثر ضررا على المارة ...
...التقيت بعض الاولاد يلعبون الكرة فى احد الشوارع وقد خلى تماما من اى زينة .........سألتهم بلطف ليه ما علقتوش زينة رمضان فى الشارع ....؟؟ نظروا الىّ بتأفف ....قال احدهم ...ياعم ابعد شوية عطلت الماتش ...وعقب ثانى ....ماحنا هنعلق النور اكتر من كده ....وعقب ثالث ...ياعم احنا جهزنا كل الصواريخ والقنابل ومش هانخلى واحد يمشى فى الشارع الا ما نهاديه بقنبلة ...كنت اسمع ردودهم والاسف يملؤنى ......اخذت اشرح لهم معنى رمضان كما تعلمته وعايشته فقاطعنى اكبرهم صارخا فى وجهى ووجوههم ...ما تخلص بقى ياعم انت .....دا ايه القرف ده .....وانت ياض يابن دين ......انت وهو .....عايزين نكمل اللعب ياولا ال .......
نهرت الولد لاسلوبه الذى تطاول به على الدين فاذا بهم جميعا يصيحون صارخين هازئين بى ....لم اصدق عينى وانا ارى احدهم يخرج من جيبه مطواة ليشهر نصلها امامى ..... ....تركتهم متأسفا
وانا اتذكر مامضى علينا من رمضان .....طفت الشوارع فى منطقتى وحمدت الله ان وجدت كثيرا منها تظلله الزينات فرحا بقدوم رمضان..

........................تمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت ......................
 
.......................................................................................
كل عام وانتم بخير اصدقائى الاحباب ...اهديكم اجمل اغانى رمضان
..
http://www.youtube.com/watch?v=1AeDz0o9xGY

الخميس، 12 يوليو 2012

فأوغلوا فيه برفق ....

الخميس 12 يوليو 2012

فأوغلوا فيه برفق ....

 
الساعة الحادية عشرة ليلا ...الجو صيفى حار رغم السير على كورنيش النيل ...
كنت قادما للتو من محطة المترو ....مازال مشهدهما لا يفارق مخيلتى ....شاب وفتاة ....كانا جالسين متجاورين متلاصقين فى المقعد المواجه لى ...انظار الركاب لا تلتفت عنهما ...اما هما فلا يعبئان بكل تلك العيون المشمئزة والمستهجنة الرافضة لجلستهما .....الفتاة تدخل ذراعها من اسفل ذراع الشاب لتضع يدها على فخذه الملاصق لها .........ذراع الشاب قد انثنت لتلامس كوعها صدر الفتاة فى حين التف الساعد على ذراع الفتاة ليستقر الكفان متشابكى الاصابع على فخذ الشاب ...
راسها قد مالت على كتفه لتقارب راسه المائلة اليها ............اما
عن الضحكات والهمسات مع حركة الذراعين والكفين فحدث ولا حرج ....لم ينطق احد الركاب بحرف تجاههما ....الجميع يشاهد صامتا وان ابدى رفضه للمشهد والسلوك بامتعاضة ملامحه او تكرار الشهادتين لعل الجالسان كأنهما فى حجرة نومهما يفيقان
.....اخيرا نطقت احدى السيدات وكانت قد صعدت المترو منذ برهة .....ايه قلة الادب وعدم الخشا والحيا دى ....؟؟؟؟
سرعان ما ردت سيدة اخرى ....العيب مش عيبهم العيب على اللى ربوهم ....لو كان فى بيتها راجل ماكنتش تعمل كده ......
تشجع بعض الرجال الصامتين منذ جلسا الشابان وبدوا فى الحديث انتقادا .....واذا بالفتاة تلتفت اليهم متجهمة الوجه لتصيح فى الجميع صارخة ....جرى ايه يامرة منك ليها ....اللى عندها كلمة حمضانة وجعة بطنها تستفرغها بعيد عننا ....واى كلب هايهوهو يهوهو على مراته فى البيت مش على حد تانى ......
سارعت بالنزول فى اول محطة توقف فيها المترو قبل ان اشهد ما تطور اليه الموقف ....
بعض نسمات الهواء تلفح وجهى فى رقة وانا على رصيف الكورنيش .....السور الحجرى كانه شجرة تراصت على اغصانها الحمائم والعصافير ......شاب وفتاة ....شاب وفتاة ....الجميع يجلسون متقاربين يدور همس الكلام بينهما ....حتى المارين على الرصيف من حولى اثنان اثنان ....دائما الاذرع متعانقة والاكف متشابكة ...لمحت اثناء سيرى رجلا وامرأة يجلسان على الارض وسط بعض الحشائش ....معهما طفلين ...يبدون كاسرة خرجت تتلمس بعض الهواء ...تابعت سيرى ........تجاوزنى شاب وفتاة فى السير ....انوار الطريق والسيارات والمحلات على الجانب الاخر تكشف منظرهما ....الشاب امامى وقد سقط بنطاله الى مادون منتصف خاصرتيه كاشفا عن سرواله الداخلى وبعضا من جسده ...كان يلف ذراعه حول رقبة الفتاة لتستقر يده على اعلى صدرها ....يكاد البنطال المترهل بين ساقى الشاب ان يسقط ....اشعر بمزيد من التقزز والغثيان ....احسست اننى نغم شاذ وسط لحن مسف او كأننى لون فاقع فى لوحة رمادية تظليلية ....عبرت الشارع متجها للرصيف الاخر عندما لمحت موتوسيكلا يقف مصدرا صوت فرملة قوية على رصيف الكورنيش ...نزل عنه ثلاثة من الشباب يمسكون العصى الغليظة والاسلحة البيضاء ....جذبنى المشهد ...تابعته عبر الشارع قلقا متوترا ......توجه الشباب بأسلحتهم الى الجالسين على سور الكورنيش ....صاروا يضربون الجميع بلا تمييز ....صارخين فيهم ...ايها الفاسقون ....ايها الغافلون عن دينهم ......الصرخات تعلو والكثيرون يفرون هربا وسط السيارات ...اكثر من سيارة تقف زاعقة فراملها ...الصراخ يتزايد مع اصابة الكثيرين بالعصى والاسلحة البيضاء ....هناك من يحاول المواجهة متسلحا بما وقعت عليه يداه من حجارة او عصى .....بعض اصحاب المحلات على الجانب الاخر يسارع بغلق محله والبعض الاخر يسرع الى موقع المعركة ....صياح الشباب يعلو ....من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ....الله اكبر ....لن نسمح للرذيلة والفسق بالانتشار فى بلدنا ......اصوات صفارت سيارات النجدة قادمة من بعيد ....سارع الشباب بالهرب الى موتوسيكلهم ....بادر بعض الرجال بضربهم بالحجارة ...اصابوا قائدهم فى راسه ...سقط عن الموتوسيكل ...حاول الاخران مساعدته ............فى ذات اللحظة اقبل بعض رجال الشرطة يهرولون من بين السيارات شاهرين اسلحتهم .....هلل الجميع على الرصيف ....ازدحم المكان . .. ...تكدست السيارات الواقفة ...انقض رجال الشرطة على الشبان قبل ان يلحظوا هجومهم ......بعض الرجال يحاولون اعادة حركة المرور والسير لطبيعتها صياح الشباب المقبوض عليهم يرتفع ....لن ترهبونا .....سوف نعود .....اقتربت منهم والشرطة تكبل اياديهن .....لا يتجاوز عمر اى منهم العشرين ..!!!
شاهدنى احدهم احملق فيهم ....حدجنى بنظرة نارية صارخا فى وجهى .......كلكم مسؤلون عن تهاونكم ......وجدت شيخا بجوارى يرد عليه ....يابنى انت مين عينك مدافع عن الدين والاخلاق .....تغير المنكر مرجعه لاهل الحكم ....مش لاى واحد ينصب من نفسه قيم على الاخرين .....رغم رفضنا لبعض السلوكيات يكفينا استهجانها او تغيرها باللسان او القلب ......لكن اليد ده امر موكول لاولى الامر .......صرخ فى وجهه هو وزميليه ....اخرس ياضعيف الايمان ......
كانت حركة السير قد عادت لطبيعتها ...اقبلت سيارة الشرطة ....اقتادت الجميع ...........صوت سيارةالاسعاف يصل الينا قادمة مسرعة .....تفحصت المصابين على الرصيف .......الكثير من الشباب به اصابات والدماء تنزف منهم .....ماهالنى وصدمنى هو رؤيتى للرجل وزوجته وصغيريه وقد اصابتهم اكثر من اصابة .. .. ....الجميع يئن متوجعا والصغيران يبكيان بلا توقف ....

..................................تمـــــــــــــــــــــت .........................
 
 

الجمعة، 6 يوليو 2012

القــــــــــــــــــــرار ...

الجمعة6 يوليو 2012


القــــــــــــــــــــرار ...
 


انا ...احمد ..س ...ع .. طيار مقاتل من الجيش السورى ..يطلقون على نسر الجو لما لى من براعة فى قيادة الطائرات .....ربما سمع الكثيرون منكم خبر الطيار السورى الذى فر بطائرته الميراج وطلب اللجوء السياسى الى الاردن ....كان هذا منذ ايام مضت ...حسنا انه من زملائى ومن ذات القاعدة الحربية التى انتمى اليها ...
كان رد الفعل الداخلى من القيادة عنيفا جدا علينا جميعا ...هذا بخلاف ما اذيع بشأن ذلك الطيار على لسان الاعلام الرسمى ....لكن ظلت الهمسات الخفية تتردد بين الكثير من رجال القاعدة ...اما انا فقد آثرت الانزواء بعيدا عن الجميع ...لا يسمح لنا هاهنا بمشاهدة القنوات الفضائية مطلقا ...فقط فى اوقات الراحة نشاهد التلفاز الرسمى ...نسمع ونرى وجهة النظر الوحيدة .....ونعلم ان الارهابيين وتنظيم القاعدة وخائنى سوريا هم من يعيثون فيها فسادا
....الجميع هنا على آهبة الاستعداد لتنفيذ اى تعليمات قتالية تصدر لنا ....فقط انتظر صامتا وبحر عاصف يموج فى رأسى وافكارى ....
صباح اليوم صدر الامر لى بالطيران بطائرتى المقاتلة ...المهمة ضرب وتدمير مواقع الخائنين المنشقين عن جيشنا الباسل ...خط سير المهمة ...يبدأ من ......مهلا لا ارى من داع لمعرفتكم بهذا ....
انطلقت الطائرة الميراج محملة بقذائفها الصاروخية ذات القوة التدميرية الشديدة .....تعليمات الاتصال اللاسلكى تستمر ...الطائرة تخترق الاجواء بسرعة ....اخرج من جيبى الداخلى صورة زوجتى واطفالى الاربعة .....مرت فترة طويلة جدا منذ اخر مرة شاهدتهم فيها ....قبلت الصورة عدة مرات ثم وضعتها معلقة امامى .... ....التعلمات مستمرة لتزويدى بأخر الاحداثيات عن الاهداف المتحركة التى سادمرها .....طافت بذهنى مشاهد التعذيب المروع للجنود الذين تم اسرهم ممن يسمون انفسهم الجيش السورى الحر ....كانوا قد اتوا بهم الى سجن القاعدة عندنا ....كان الامر اشبه بمشاهدتك للحوم الحيوانات المعلقة بالمجزر ....صرخاتهم المرعبة ظلت تؤرق نومى لايام طويلة ....اذكر ماقصه الكثيرون منهم ولم نكن نعرفه ...اذكر حكايات القتل والذبح لاسر كاملة...اذكر قصص اغتصاب النساء بحجة انهن زوجات الخائنين الخارجين على الشرعية وبما اننا فى حرب فهن فى حكم السبايا ....اذكر قصص البطولة لافراد جيشنا وهم يحكون كيف ضربوا بالدبابات والمدفعية قرانا السورية .....بكيت دون ان يرانى احد ....شعرت بالخزى يكلل جبينى ...اين الجولان المحتلة منكم ايها الابطال ....؟؟؟
انت الان على مسار الهدف ...دقيقتين فقط ....وتصل الى نقطة الاطلاق ...
هكذا سمعت التعليمات ........ترائى لى شبح زميلى الهارب الى الاردن ....نظرت الى صورة اسرتى ....
فوجئت بدمعة قد انسلت جارية على خدى ....سامحونى احبابى ...
انحرفت باقصى سرعتى عن المسار المحدد ....صرخت اصوات المتابعة فى اذنى ....النسر 77 انت تنحرف عن مسار المهمة ....
امسكت بسماعات الاذن وجذبتها بعنف ...خلعت الخوذة الخاصة عن رأسى .. قطعت كافة الاتصالات بالقاعدة الحربية ...طرت بسرعة شديدة منخفضا حتى اتجنب الردارات ....وانتهت عزيمتى على قرارى الاخير .....
الطائرة تخترق الاجواء بأقصى سرعتها ......شاشة المراقبة الحرارية امامى تنذر بنشاط معادى .. كيف اكتشفوا امرى ......انهم يطلقون بطاريات الصواريخ المقاومة ضدى ....اتموج بالطائرة ...اتفادى الصواريخ التى باتت مهمتها فى اقتناصى سهلة بعد انخفاض الطائرة ....اشق السماء صعودا للهرب منهم ......الان صرت فى مسارى الاخير ....القى بنظرى على صورة اطفالى ....يدى تقبض على ذراع القاذفات الصاروخية .....الهدف صوب عينى ....المضادات تطلق صواريخها بكثافة .....هاهو القصر الجمهورى امامى .....صور القتل والتعذيب والذبح تغرق شاشة الطائرة بالدماء امامى ....وصورة الاسد ضاحكا تثير جنون الثورة فى دمائى ....من اجلك سوريا ...من اجلكم شعبى واسرتى ....من اجل الحرية ....اصبعى لا يتوقف عن الضغط على زر اطلاق القذائف الصاروخية .....اراها تسرع مخترقة المشهد كسيل منهمر الى هدفها .....الصواريخ المضادة تخترق محيط الطائرة ...صرت لا اعبىء بها ...لا اسمع ازيزها ...شاشة الاطلاق عندى تؤكد انحراف بعض قذائفى عن مسارها ..واسقاط بعضها بفعل المضادات ..ولكن ايضااصابة البعض الاخر لمحيط القصر الجمهورى ....اضغط ثانيا ....لقد نفذت كافة صواريخى ....الطائرة تختل فى يدى ...احترق الذيل منها ...اصابها احد صواريخ المضادات ....انها تهوى مع نهاية سحيقة ....دمعى ينهمر اسفا ....احاول السيطرة على الطائرة بكل قوة ....اصرخ بغضب ...اللعنة عليك ياقاتل الاطفال ....الطائرة تستقيم مقدمتها ....تستجيب لى ....القصر الجمهورى يقترب منى ...انا لا الطائرة اشعر اننى اندفع تجاههه بكل قوة وعنف ....الصواريخ تمطرنى ...النيران تحرق ذيل الطائرة ...انفجار وقودها بين لحظة واخرى ....هاهو العلم يرفرف فرحا بى فوق القصر ...ها انا اصرخ منتشيا باحضان الحرية .....
عاااااااااااشت سورياااااااااااااااااااااااااااااا ..

...........................تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــت ................
 

الاثنين، 2 يوليو 2012

غـــــــــــــــــزة ...وسقوط اخر ورقات التــــــــــــــــوت ....

الاثنين 2يوليو 2012

غـــــــــــــــــزة ...وسقوط اخر ورقات التــــــــــــــــوت ....

قصة قصيرة بقلمى / علاء الدين هدهد

غربت الشمس منذ قليل ...لكن ليل غزة يأتى سريعا ...ظلامه اشد واحلك من ظلام اى مدينة اخرى ...كانت الاسرة قد التفت حول مائدة الطعام أرضا ...الاب والام وخمسة من الاولاد الصغار فى اعمار متقاربة .... ....شمعتان تضيئان المكان ....الأم تضع طبقين من الطعام وكمية من اللقيمات امام كل طفل ....نظر الاب الى صغاره ...رغم الضوء الخافت للشمعة القريبة يلمح هزال واصفرار وجوههم ...شرع الاطفال فى تناول الطعام فى حين بقيت الام والاب بلا طعام يراقبان الاطفال ....صوت ازيز حاد جدا يخترق الصمت ....اعقبه صوت انفجارات هزت المكان ....تساقطت بعض الاتربة فوق الرؤوس ....جرى الاطفال صارخين الى والديهم ....انطفأت الشمعتان ليسود الظلام الدامس ...الصرخات والفزع يستولى على الصغار ....الانفجارات تبدو قريبة جدا من بيتهم الصغير ...الاب يحاول تهدئة الاطفال ....لا تخافوا ..لا تخافوا ....انكمش الجميع فى دائرتين حول الاب والام فى ركن المنزل .....الانفجارات تتوالى ....صوتها يصم الاذان ...البكاء يشتد من الصغار ...الازيز الحاد يعاود من جديد لكن بشدة وقوة اكثر ...لحظة كأنما حرارة شديدة تغلف الحجرةالمظلمة ثم انفجار رهيب يطيح بالبيت من ناحيته الاخرى .....الصرخات تتعالى مع دوى الانفجار ....صرخ اكثر من طفل صرخات ألم عندما مرقت بعض الشظايا فوق الجميع .....الاتربة تتصاعد خانقة مع تحطم وسقوط الجدران ......
الجميع يتخبطون واقعين تحت الانقاض ....اشتعلت النيران فى بعض الاثاث المحطم فى الجزء الاخر...على ضوء اللهب المتصاعد حاول الاب تفقد الصغار ..كان هناك الكثير من الدماء يلطخ وجهه ورأسه ....تحسس جسده سريعا واستدار ليطلق صرخة الجزع والعذاب.. .آآآآآآآآآآآه...ياربى !!!!! ...... كانت الأم ساقطة لا تتحرك تعلوها الحجارة والاتربة ..وهى تحتضن على صدرها طفلين اختلطت بقايا رأسيهما بالدماء والتراب .....
طفلان اخران تعثر فيهما الاب وهو يحاول الوصول الى الام ..احدهما منفجرة بطنه واحشاؤه متناثرة حوله .....والاخر يئن بصوت خفيض انين النهاية وقد تهشمت ساقاه تماما ...طفل واحد كان منزويا فى الركن يبكى وحيدا .....ومازالت اصوات الازيز مستمرة وما زالت الانفجارات تدوى فى كل مكان .....
...............كان الصباح التالى أسوء من ظلام الليل ..............
المجنزرات الصهيونية تمشط البلدة ..اعتقالات للجميع......منعت عربات الاسعاف من الوصول للجرحى ....الجيران يتفقدون من بقى حيا ويحاولون دفن الموتى .....قال الصغير لابيه باكيا وهما يقفان على القبر الذى ضم باقى اخوته وامه ....ابى اين الجيوش العربية ..؟؟
نظر اليه الاب دامع العينين ....ربت على كتفه وانحنى يقبل رأسه ...قال له ....الجيوش العربية منشغلة فى محاربة شعوبها ووئد ثورات الحريات فيها ....هم لا يعبئون بنا بنى ....هم فقط يحمون الحكام والملوك .....
قال الصغير ....لكن ابى قال لنا المعلم وهو يشرح لنا القرأن ..ان عباد الله سيدخلون الاقصى كما دخلوه اول مرة ......
انحنى الاب يمسك بيده حفنة من التراب من فوق القبر وهو يبكى ...قبل التراب فى كفه وقال : عندما ترى معلمك ثانيا اسأله من هم الذين دخلوا الاقصى سابقا حتى ننتظر قدومهم ...وسنعرف وقتها اذا كانوا من الجيوش العربية ام لا .....
وضع التراب برفق على الارض ....مسح كفيه معا ...امسك بكتفى الصغير ونظر الى وجهه قائلا ....اسرائيل تحفر منذ زمن اسفل الاقصى ..وها هى قد اوشكت ان تهدمه حطاما والجميع لا يهتم .....
يقولون لن تهدم اسرائيل الاقصى ابدا لأن القرآن قال ..وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ...........فكيف تهدمه اسرائيل وقد وعدنا بدخوله ثانيا ......
حملق فيه الطفل واجما .....اصوات البكاء والتكبير من الجيران تتعالى ...نداءات الصمود والمواجهة ترتفع ....قال الاب :
المئات يموتون منا يابنى ....اشقاءك الاربعة وامك قتلوا فى ليلة واحدة ....لن يهتم احد كما لم يهتموا سابقا ..........هى كلمات ستتردد منهم صرنا نحفظها عن ظهر قلب ....وغدا عندما يسقط اول حجر من اساس الاقصى ...لن تسمع منهم سوى الكلمات ايضا ....لان من اعتاد على العرى لن يهتم لسقوط ورقة التوت الاخيرة عن عورته....
.نظر اليه الطفل طويلا صامتا ....امسكه الاب من يده واتجها معا الى الجموع التى اخذت تحتشد فى تحد لبطش الاحتلال ....
................................تمــــــــــــــــــــــــــت .....................