الاثنين، 2 يوليو 2012

غـــــــــــــــــزة ...وسقوط اخر ورقات التــــــــــــــــوت ....

الاثنين 2يوليو 2012

غـــــــــــــــــزة ...وسقوط اخر ورقات التــــــــــــــــوت ....

قصة قصيرة بقلمى / علاء الدين هدهد

غربت الشمس منذ قليل ...لكن ليل غزة يأتى سريعا ...ظلامه اشد واحلك من ظلام اى مدينة اخرى ...كانت الاسرة قد التفت حول مائدة الطعام أرضا ...الاب والام وخمسة من الاولاد الصغار فى اعمار متقاربة .... ....شمعتان تضيئان المكان ....الأم تضع طبقين من الطعام وكمية من اللقيمات امام كل طفل ....نظر الاب الى صغاره ...رغم الضوء الخافت للشمعة القريبة يلمح هزال واصفرار وجوههم ...شرع الاطفال فى تناول الطعام فى حين بقيت الام والاب بلا طعام يراقبان الاطفال ....صوت ازيز حاد جدا يخترق الصمت ....اعقبه صوت انفجارات هزت المكان ....تساقطت بعض الاتربة فوق الرؤوس ....جرى الاطفال صارخين الى والديهم ....انطفأت الشمعتان ليسود الظلام الدامس ...الصرخات والفزع يستولى على الصغار ....الانفجارات تبدو قريبة جدا من بيتهم الصغير ...الاب يحاول تهدئة الاطفال ....لا تخافوا ..لا تخافوا ....انكمش الجميع فى دائرتين حول الاب والام فى ركن المنزل .....الانفجارات تتوالى ....صوتها يصم الاذان ...البكاء يشتد من الصغار ...الازيز الحاد يعاود من جديد لكن بشدة وقوة اكثر ...لحظة كأنما حرارة شديدة تغلف الحجرةالمظلمة ثم انفجار رهيب يطيح بالبيت من ناحيته الاخرى .....الصرخات تتعالى مع دوى الانفجار ....صرخ اكثر من طفل صرخات ألم عندما مرقت بعض الشظايا فوق الجميع .....الاتربة تتصاعد خانقة مع تحطم وسقوط الجدران ......
الجميع يتخبطون واقعين تحت الانقاض ....اشتعلت النيران فى بعض الاثاث المحطم فى الجزء الاخر...على ضوء اللهب المتصاعد حاول الاب تفقد الصغار ..كان هناك الكثير من الدماء يلطخ وجهه ورأسه ....تحسس جسده سريعا واستدار ليطلق صرخة الجزع والعذاب.. .آآآآآآآآآآآه...ياربى !!!!! ...... كانت الأم ساقطة لا تتحرك تعلوها الحجارة والاتربة ..وهى تحتضن على صدرها طفلين اختلطت بقايا رأسيهما بالدماء والتراب .....
طفلان اخران تعثر فيهما الاب وهو يحاول الوصول الى الام ..احدهما منفجرة بطنه واحشاؤه متناثرة حوله .....والاخر يئن بصوت خفيض انين النهاية وقد تهشمت ساقاه تماما ...طفل واحد كان منزويا فى الركن يبكى وحيدا .....ومازالت اصوات الازيز مستمرة وما زالت الانفجارات تدوى فى كل مكان .....
...............كان الصباح التالى أسوء من ظلام الليل ..............
المجنزرات الصهيونية تمشط البلدة ..اعتقالات للجميع......منعت عربات الاسعاف من الوصول للجرحى ....الجيران يتفقدون من بقى حيا ويحاولون دفن الموتى .....قال الصغير لابيه باكيا وهما يقفان على القبر الذى ضم باقى اخوته وامه ....ابى اين الجيوش العربية ..؟؟
نظر اليه الاب دامع العينين ....ربت على كتفه وانحنى يقبل رأسه ...قال له ....الجيوش العربية منشغلة فى محاربة شعوبها ووئد ثورات الحريات فيها ....هم لا يعبئون بنا بنى ....هم فقط يحمون الحكام والملوك .....
قال الصغير ....لكن ابى قال لنا المعلم وهو يشرح لنا القرأن ..ان عباد الله سيدخلون الاقصى كما دخلوه اول مرة ......
انحنى الاب يمسك بيده حفنة من التراب من فوق القبر وهو يبكى ...قبل التراب فى كفه وقال : عندما ترى معلمك ثانيا اسأله من هم الذين دخلوا الاقصى سابقا حتى ننتظر قدومهم ...وسنعرف وقتها اذا كانوا من الجيوش العربية ام لا .....
وضع التراب برفق على الارض ....مسح كفيه معا ...امسك بكتفى الصغير ونظر الى وجهه قائلا ....اسرائيل تحفر منذ زمن اسفل الاقصى ..وها هى قد اوشكت ان تهدمه حطاما والجميع لا يهتم .....
يقولون لن تهدم اسرائيل الاقصى ابدا لأن القرآن قال ..وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ...........فكيف تهدمه اسرائيل وقد وعدنا بدخوله ثانيا ......
حملق فيه الطفل واجما .....اصوات البكاء والتكبير من الجيران تتعالى ...نداءات الصمود والمواجهة ترتفع ....قال الاب :
المئات يموتون منا يابنى ....اشقاءك الاربعة وامك قتلوا فى ليلة واحدة ....لن يهتم احد كما لم يهتموا سابقا ..........هى كلمات ستتردد منهم صرنا نحفظها عن ظهر قلب ....وغدا عندما يسقط اول حجر من اساس الاقصى ...لن تسمع منهم سوى الكلمات ايضا ....لان من اعتاد على العرى لن يهتم لسقوط ورقة التوت الاخيرة عن عورته....
.نظر اليه الطفل طويلا صامتا ....امسكه الاب من يده واتجها معا الى الجموع التى اخذت تحتشد فى تحد لبطش الاحتلال ....
................................تمــــــــــــــــــــــــــت .....................
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق