الخميس، 12 يوليو 2012

فأوغلوا فيه برفق ....

الخميس 12 يوليو 2012

فأوغلوا فيه برفق ....

 
الساعة الحادية عشرة ليلا ...الجو صيفى حار رغم السير على كورنيش النيل ...
كنت قادما للتو من محطة المترو ....مازال مشهدهما لا يفارق مخيلتى ....شاب وفتاة ....كانا جالسين متجاورين متلاصقين فى المقعد المواجه لى ...انظار الركاب لا تلتفت عنهما ...اما هما فلا يعبئان بكل تلك العيون المشمئزة والمستهجنة الرافضة لجلستهما .....الفتاة تدخل ذراعها من اسفل ذراع الشاب لتضع يدها على فخذه الملاصق لها .........ذراع الشاب قد انثنت لتلامس كوعها صدر الفتاة فى حين التف الساعد على ذراع الفتاة ليستقر الكفان متشابكى الاصابع على فخذ الشاب ...
راسها قد مالت على كتفه لتقارب راسه المائلة اليها ............اما
عن الضحكات والهمسات مع حركة الذراعين والكفين فحدث ولا حرج ....لم ينطق احد الركاب بحرف تجاههما ....الجميع يشاهد صامتا وان ابدى رفضه للمشهد والسلوك بامتعاضة ملامحه او تكرار الشهادتين لعل الجالسان كأنهما فى حجرة نومهما يفيقان
.....اخيرا نطقت احدى السيدات وكانت قد صعدت المترو منذ برهة .....ايه قلة الادب وعدم الخشا والحيا دى ....؟؟؟؟
سرعان ما ردت سيدة اخرى ....العيب مش عيبهم العيب على اللى ربوهم ....لو كان فى بيتها راجل ماكنتش تعمل كده ......
تشجع بعض الرجال الصامتين منذ جلسا الشابان وبدوا فى الحديث انتقادا .....واذا بالفتاة تلتفت اليهم متجهمة الوجه لتصيح فى الجميع صارخة ....جرى ايه يامرة منك ليها ....اللى عندها كلمة حمضانة وجعة بطنها تستفرغها بعيد عننا ....واى كلب هايهوهو يهوهو على مراته فى البيت مش على حد تانى ......
سارعت بالنزول فى اول محطة توقف فيها المترو قبل ان اشهد ما تطور اليه الموقف ....
بعض نسمات الهواء تلفح وجهى فى رقة وانا على رصيف الكورنيش .....السور الحجرى كانه شجرة تراصت على اغصانها الحمائم والعصافير ......شاب وفتاة ....شاب وفتاة ....الجميع يجلسون متقاربين يدور همس الكلام بينهما ....حتى المارين على الرصيف من حولى اثنان اثنان ....دائما الاذرع متعانقة والاكف متشابكة ...لمحت اثناء سيرى رجلا وامرأة يجلسان على الارض وسط بعض الحشائش ....معهما طفلين ...يبدون كاسرة خرجت تتلمس بعض الهواء ...تابعت سيرى ........تجاوزنى شاب وفتاة فى السير ....انوار الطريق والسيارات والمحلات على الجانب الاخر تكشف منظرهما ....الشاب امامى وقد سقط بنطاله الى مادون منتصف خاصرتيه كاشفا عن سرواله الداخلى وبعضا من جسده ...كان يلف ذراعه حول رقبة الفتاة لتستقر يده على اعلى صدرها ....يكاد البنطال المترهل بين ساقى الشاب ان يسقط ....اشعر بمزيد من التقزز والغثيان ....احسست اننى نغم شاذ وسط لحن مسف او كأننى لون فاقع فى لوحة رمادية تظليلية ....عبرت الشارع متجها للرصيف الاخر عندما لمحت موتوسيكلا يقف مصدرا صوت فرملة قوية على رصيف الكورنيش ...نزل عنه ثلاثة من الشباب يمسكون العصى الغليظة والاسلحة البيضاء ....جذبنى المشهد ...تابعته عبر الشارع قلقا متوترا ......توجه الشباب بأسلحتهم الى الجالسين على سور الكورنيش ....صاروا يضربون الجميع بلا تمييز ....صارخين فيهم ...ايها الفاسقون ....ايها الغافلون عن دينهم ......الصرخات تعلو والكثيرون يفرون هربا وسط السيارات ...اكثر من سيارة تقف زاعقة فراملها ...الصراخ يتزايد مع اصابة الكثيرين بالعصى والاسلحة البيضاء ....هناك من يحاول المواجهة متسلحا بما وقعت عليه يداه من حجارة او عصى .....بعض اصحاب المحلات على الجانب الاخر يسارع بغلق محله والبعض الاخر يسرع الى موقع المعركة ....صياح الشباب يعلو ....من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ....الله اكبر ....لن نسمح للرذيلة والفسق بالانتشار فى بلدنا ......اصوات صفارت سيارات النجدة قادمة من بعيد ....سارع الشباب بالهرب الى موتوسيكلهم ....بادر بعض الرجال بضربهم بالحجارة ...اصابوا قائدهم فى راسه ...سقط عن الموتوسيكل ...حاول الاخران مساعدته ............فى ذات اللحظة اقبل بعض رجال الشرطة يهرولون من بين السيارات شاهرين اسلحتهم .....هلل الجميع على الرصيف ....ازدحم المكان . .. ...تكدست السيارات الواقفة ...انقض رجال الشرطة على الشبان قبل ان يلحظوا هجومهم ......بعض الرجال يحاولون اعادة حركة المرور والسير لطبيعتها صياح الشباب المقبوض عليهم يرتفع ....لن ترهبونا .....سوف نعود .....اقتربت منهم والشرطة تكبل اياديهن .....لا يتجاوز عمر اى منهم العشرين ..!!!
شاهدنى احدهم احملق فيهم ....حدجنى بنظرة نارية صارخا فى وجهى .......كلكم مسؤلون عن تهاونكم ......وجدت شيخا بجوارى يرد عليه ....يابنى انت مين عينك مدافع عن الدين والاخلاق .....تغير المنكر مرجعه لاهل الحكم ....مش لاى واحد ينصب من نفسه قيم على الاخرين .....رغم رفضنا لبعض السلوكيات يكفينا استهجانها او تغيرها باللسان او القلب ......لكن اليد ده امر موكول لاولى الامر .......صرخ فى وجهه هو وزميليه ....اخرس ياضعيف الايمان ......
كانت حركة السير قد عادت لطبيعتها ...اقبلت سيارة الشرطة ....اقتادت الجميع ...........صوت سيارةالاسعاف يصل الينا قادمة مسرعة .....تفحصت المصابين على الرصيف .......الكثير من الشباب به اصابات والدماء تنزف منهم .....ماهالنى وصدمنى هو رؤيتى للرجل وزوجته وصغيريه وقد اصابتهم اكثر من اصابة .. .. ....الجميع يئن متوجعا والصغيران يبكيان بلا توقف ....

..................................تمـــــــــــــــــــــت .........................
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق