السبت، 23 فبراير 2013

ذات ليلة شتاء


ذات ليلة شتاء
ـــــــــــــــــــــــ
  الاحد 24 فبراير 2013

بعد الواحدة صباحا...انهمار الامطار لم يتوقف..بين الحين والحين يبرق البرق فتضيىء له النافذة الزجاجية فى حجرة مكتبه
بين كل هذا الضجيج اتاه رنين جرس الباب الخارجى للفيلا ..
قام بسرعة مندهشا ...من عساه القادم فى مثل هذا الوقت والجو الرهيب ..!!!!
الرنين لا يتوقف ....اسرع الخطوات مخافة ان تستيقظ زوجته على صوت الجرس العالى ...
فتح الباب لتهب عليه برودة الخارج ورائحة الامطار ...ما نطق مكملا سؤاله من الطارق ...حيث كانت تقف امامه بشالها المتقاطرة منه المياه..
طفلة فى العاشرة من العمر ....مادعت له من فرصة ليسأل حيث اخذت بانطلاقة مرعبة وانفاس متلاحقة وصوت يرتعش ...
ـــ ارجوك انقذ والدتى ...انها تختنق ...اسرع معى ...
لا يعرف كيف عاد لاحضار حقيبته الطبية ثم رجع اليها لتنقض على يده تجذبه الى الامطار بالخارج صارخة عليه تستعجله قائلة ان بيتهم يجاور فيلته ببضعة منازل فقط ...
قطعا المسافة عدوا تحت الاشجار وشرفات الابنية ليصلا الى المنزل ...كانت تتنفس بسرعة واضطراب وهى تقول ان امها بالداخل ...
دخل مسرعا فوجد حجرة مفتوح بابها وصوت حشرجة رهيبة يصدر منها ..
كانت المرأة تصارع الموت اختناقا على فراشها ..
وجهها تشوبه الزرقة ...يداها تعتصر عنقها...عيناها جاحظتان .....
صوت الحشرجة والشهقات ينازع من اجل الهواء ...
وقفت الطفلة بجوار الباب بينما انكب هو على المرأة يمد لها يد المساعدة ..الامطار مازالت تهطل ....صوت الحشرجة يعلو.... الطفلة تبكى ..
يجاهد ليحقنها بالوريد ....رعد يزمجر بالخارج ..
....صوت انية تقع متهشمة ..
شهقة عالية من المرأة ....ونحيب مكتوم من الطفلة ..
يسعفها الطبيب بما يملكه من ادوية بسيطة....شهقة مرعبة منها ...صرخة من الطفلة ....امى ...... اخذ يضرب على صدرها بقبضته ....اختناق رئتيها يتزايد ......برق جديد ...يااااااا رب..
همست الطفلة باكية .. ...الاجهاد ينال منه وهو يسارع ويصارع اللحظات الاخيرة ....الصدر يستجب للتنفس ...يتسارع زفيره هو من الانفعال .....تنفس طبيعى من المرأة اخيرا....ابتسامة رضا منه.. ..سكينة تكلل وجه الطفلة فتسكت ....
نظر الى جوار الفراش وهو يجلس متهالكا عليه ...كانت صورة الطفلة مبتسمة ..
فتحت المرأة عينيها ...دهشة تملء وجهها وهى تنظر اليه متسائلة ..ابتسم قائلا :
ــ انا طبيب اقيم بالقرب منكم ....كانت ازمة ربو حادة جدا....الحمد لله انت الان بخير ..
مازالت الدهشة والتعجب يرتسمان على وجه المرأة ...
ـــ الحقيقة يجب ان تفخرى بابنتك لشجاعتها الفائقة ..
قال ذلك وهو يشير براسه الى الصورة ..
نظرت المرأة الى الصورة والى الرجل وما زادت الا صامتة داهشة ....
ـــ ساتركك الان وسوف تكونين بخير ...هذا رقم هاتفى اذا احتجت لى فى شىء..
قام خارجا ليلتقى الطفلة وهى تتقدمه الى الباب..ربت على رأسها قائلا ... اهتمى بأمك عزيزتى ....
هزت راسها وهى تغلق الباب بعد خروجه ...
اتجهت الى حجرة امها ...
كانت تمسك بالصورة تقبلها فى حنان والدمع على خديها ..
امسكت الهاتف وطلبت رقم الطبيب من الكارت الخاص به
..بعد قليل ..نطقت ..
ـــ معذرة انا اطلب الطبيب ....
ــــ ........................
ــــ هذا رقمه اذا صحيح ...عفوا فمن انت ..
ــــ .......................
ــــ زوجته ؟؟ حسنا انا اسفة للازعاج ...لقد كان هنا عندى منذ قليل ...لكنه قال امرا غريبا عن طفلتى التى ماتت منذ شهر..
و اردت ان ....
ــــ ..................
ــــ بربك كيف هذا ....؟؟؟؟ اتقولين ان زوجك ميت منذ ستة اشهر ....لكن ...!!!!.....كيف .....؟؟ .....من اذا .....؟؟
....اغلقت الطفلة الباب عليها وانسحبت بهدوء وصمت ..
ــــــــــــــــــــ تمــــــــــــــــــــــــــــــت ــــــــــــــــــــــــــــ 


الثلاثاء، 19 فبراير 2013

زينات ست الدار !!!

الاربعاء 20 فبراير 2013
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زينات ست الدار ..!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة قصيرة بقلمى / علاء الدين هدهد

فى بيت صغير منزوى من بيوت قريتى كان يعيش وحده مع ابنه الصغير ذى الخمسة سنوات وقد توفيت عنه زوجته منذ عام ونصف.....
فلاح عادى لا يميزه شىء ...طوال اليوم اجيرا فى غيطان الاخرين ليعود ليلا منهكا متعبا ...كان لابد من زواجه باخرى لرعاية الطفل الصغير ...وكانت الجديدة ...زينات ست الدار
امرأة من خارج القرية لا اسرة لها ......الكثيرون حذروه منها ...انها تشتغل بالسحر والاعمال السفلية .....
ما اكترث للامر ولا اهتم به ...
فاجأته بعد الزواج بشرط غريب ...
ـــ ليا ليالى هانام فيها لوحدى ....
وكمان اوقات هفضل قافلة عليا اوضتى ....اياك ..اياك تفتح عليا بابى ولا حتى تخبط عليه ...مهما سمعت ومهما حسيت مالكش دعوة باى حاجة ....
سرت رعدة خفية فى جسده وهو ينظر اليها وكلماتها مع نظراتها المحدقة الصلبة تجاهه قد عقدت لسانه خوفا ...
صمت دون رد ...وكانت الليالى والايام ..
حجرة مخصصة لها وحدها اذا دخلت اليها فلا يقترب منها
رائحة البخور العجيبة تنبعث منها ...اصوات مبهمة تسمع من وراء بابها ...احيانا ضحكات واحيانا أنين وآهات واحيانا اصوات خشنة بحشرجات غامضة ...
تذكر تحذيرات الكثيرين له ..
لكنها تهتم به وبالطفل وهذا ما يريده منها ....ليكن لها ماشاءت
كان يبيت مع طفله فى الحجرة الاخرى اذا انفصلت عنه
واذا كانت معه صممت على ان ينام الصغير على فراش بعيد بزاوية الحجرة ..
خرج صباحا قاصدا احد الغيطان للعمل..
كانت قد اعدت الافطار له وللطفل ثم اعدت العجين واوقدت بعض الحطب واقراص المخلفات فى الفرن الطينى للخبيز .. دخلت حجرتها ...صاحت على الصغير ...
العب فى الاوضة التانية وامجيش هنا ....
دقائق وانسابت رائحة البخور من اسفل الباب ...
الطفل الصغير وحده يلعب......الحطب يزداد اشتعالا فى باطن الفرن ...الوقت يمر .....يخرج الطفل من الحجرة .....اصوات همهمات فى حجرة ست الدار ..
صوتها يعلو ضاحكا ...الطفل يلعب بكرته فيقذفها بقدمه تجاه باب الحجرة ....النيران تتأجج ........اصوات خشنة تقهقه ...
تقدم الطفل الى الباب ليلتقط كرته ..
الباب ينفتح لتخرج هى شبه عارية ووراءها سحب من البخور..
...الطفل اسفل ساقيها وقد نظر الى داخل الحجرة ...ثم ضحك وجرى قبل ان تمتد يدها لتمسك به فدخل مناديا ...
ــ انت هنا يا عمى علوان ..؟؟
الرجل العارى على الفراش ينتفض جاذبا الاغطية ليستتر بها
....صياحه يتعالى غاضبا ...هى تنقض على الطفل كما حيوان مفترس فتحمله صارخة فيه وهى تسبه ...
الرجل يصيح بها ....هانعمل ايه دلوقتى ....؟؟؟
الطفل يبكى متألما من قبضتها ...
سيبينى ...سيبينى ....ايديك بتوجعنى قوى ...آآآآآآآآآى
تصفع الطفل مرارا وهى تلعنه ....
من بين شهقات بكاءه ينطلق صوته العفوى ...
هاقول لابويا لما يرجع ....والله هاقوله ..
ارتدى الرجل ثيابه ومازال يصيح بها برعب..
تجاهلت صيحاته لتستدير قابضة على عنق الطفل تجره جرا
الطفل يبكى ....الرجل يصيح ...هاتعملى ايه يامجنونة ..؟؟
صرخات الطفل تتعالى ....تقف هى امام الفرن الطينى ..
وجهها كما المسوخ رعبا ...انحت بالطفل للارض ..
الرجل اتيا من وراءها صائحا عليها .....الطفل يصرخ باخر كلمة ....أبوياااااااااا ...عندما دفعت به بكل قسوة الى فجوة النيران المتأججة ...صرخ الرجل فزعا وهو يسمع صرخات الطفل للحظات بينما دفعت هى ببعض الحطب عليه لتلتهمه النيران ...
ما قالت الا كلمات جامدة وهى تنظر الى الرجل المذهول امامها
ـــ اما احنا واما هو ...ولما ابوه يرجع هاقوله انه خرج من الدار وماشفتوش ....انت فاهم ؟؟
....
لم تدم القصة طويلا ليكتشفها الاب الملكوم والحزين حد الموت بعد عدة ايام من البحث والتفتيش عن طفله ...
بعض العظام وما تبقى من هيكل الصغير تفضح مقتله ...بينما ظلت خيانتها طى الكتمان ..
كان انتقامه واهل البلدة منها رهيبا ......تم احراقها حية حتى الموت ....ما سمعوا منها الا توعدها لهم ولاطفالهم بالحرق ...
لم يرض احد بدفنها بمدافن القرية الا ان قبل احدهم بعد توصية من شيخ له مكانته بين الجميع ... ......صرخاتها الرهيبة كانت تسمع ليلا فى نفس المكان ....
الكثيرون اكدوا سماعهم اياها فى البيت المشؤم بعد مغادرة الاب له ....
وكذلك عند قبرها الذى كثيرا ما شاهدوا امامه شبحا لرجل يقف امامه ماددا يده تجاهه وممسكا بعصاه الطويلة ....لم يكتشفوا خيانتها الا بعد مدة طويلة عندما اصابت علوان حادثة فتلفظ ببعض الكلمات قبل ان يلفظ اخر انفاسه ...
ــــــــــــــــــــ تمــــــــــــــــــــــــــــت ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنويه /
من قرأ منكم قصة الحارس
سيعرف ان هذه القصة شرحا لما كنتم تتساءلون عنه فى القصة السابقة ..
لمن لم يقرأ القصة السابقة هذا رابطها ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=179178498868863&set=t.100003477770890&type=3&src=https%3A%2F%2Ffbcdn-sphotos-b-a.akamaihd.net%2Fhphotos-ak-ash4%2F415113_179178498868863_611649195_o.jpg&smallsrc=https%3A%2F%2Ffbcdn-sphotos-b-a.akamaihd.net%2Fhphotos-ak-ash3%2F557636_179178498868863_611649195_n.jpg&size=1044%2C709

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 13 فبراير 2013

شرارات ونيــــــــــــــران ...



الاربعاء 13 فبراير 2013

شرارات ونيــــــــــــــران ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ــ عندئذ كنت اترك الجميع وادخل غرفتى ...اختلى فيها وقد شعرت بدبيبه يسرى فى دمى ...انه قادم ...لقد نادانى وقتها..
ــ اهو مجرد احساس فقط منكِ ؟
ــ لا بل شعور طاغى بالتجلى ..
*
ممدة على الفراش ..امرأة يشى جسدها بكل الانوثة ...يختلج صدرها فى حركات مضطربة ..
عيناها ترنو تجاه الحائط المواجه للفراش ..تنفسها يتسارع..
يدها تمر على جسدها ...الحائط يخرج من مسامه المسمطة دخان يتكاثف رويدا رويدا ..تعتدل فى فراشها مرعبة ...تحنى رأسها اجلالا وذلا ..
*
ـــ هل يعاقبكِ اذا لم تستجيبى ..؟
ـــ نعم ...أشعر بجسدى تحرقه السياط ..
اظل لايام غير قادرة على لمس جسمى بيدى ...بل الملابس نفسها تؤلمنى ..
ـــ ما أسمه اذا .؟؟
*
صرخة ذات صوت طفولي برىء تدوى ...شهقات طفلة من البكاء والنحيب ..
غيوم كثيفة ..وكيان ضخم يقترب ...
*
ــ طفلة صغيرة لطيفة انت ..
هيا اسمعى الكلام ..
نعم ...انا احبكِ ..
ساحضر لك ما تشائين ..
*
ــ لكنه لم يحدثك فعلا ..؟؟
ـــ بل فعل ...قال اسمه أو قل بالاصح اسماءه ..
فى كل مرة كان بأسم مختلف ...فقط اشعر من رنين صوته انه هو لا يتغير ..
ــ وما هيئته التى ترينها ..؟
*
لا تخافى ....نحن نلعب فقط ...الا تحبيننى ..؟؟
أنا لن اخبر احدا ...وانت ايضا ...اتفقنا ...؟؟
*
دخان يملء الغرفة ...يحيط بفراشها ..
جسدها يتلوى بتشنج عصبى ...يدها تتوتر اصابعها لتنهش بعنف جسمها ...صرخاتها تضج مكتومة وشفتاها مضمومة بقوة لتكبل انطلاقاتها المدوية ..
تزداد يداها عنفا على جسدها ....الدخان يتكاثف اسودا ويتشكل جسدا ....صوت غليظ خشن مشروخ يصيح بها ..
ــ انزعى ثيابك الان ..
*
ــ أريد ان اذهب للملاهى ..
ـــ ستذهبين ...
ـــ اريد لعبة جديدة ...لقد كسرت عروستى الصغيرة ......
....أخاف من امى اذا عرفت ....
ربتت اليد على رأسها تداعب ضفيرتيها حتى هدأت مستكينة
*
ـــ لكنها كانت يداك انتِ التى تمزق الملابس عن جسدك ..
لم يفعل هو ابدا ....أليس كذلك ..؟؟
ــ كان يـأمرنى فاستجيب ...لا استطيع ان ارفض ...العقاب الرهيب ينتظرنى ..
بكاء هستيرى يغرقها ...
ــ ماذا كان يفعل اذا لم تنزعى ثيابك ..؟؟
*
ــ أترين هذه الشمعة الكبيرة ....انظرى كم تحرق دموعها فى ألم اذا سقطت على يدك او وجهك ..
ــــ لا لا لا لا ...انها تؤلمنى .....كفى ...
*
الفراش يهتز بها وساقاها ممدودتان فى توتر عنيف ....
ـــ ارجوك لا تذبحنى ....
*
ـــ لقد مات ...مات ...الكل يبكى الا انتِ ..كان يحبك ..
ــ كنت احب الاخر ...لا هو ...
ــ ليس هناك اخر ...انت طفلة غبية ...
ـــ لاااا .... هناك اخر غيره ...
*
الدخان الأسود ....الجسد البهيمى المشوه ....الشعر الكثيف
...صدرها العارى المنتفض رعبا ...فمها المكتوم وصرخاتها
المكبلة ..
ـــ أنتِ لى ...أنتِ لى ...أنتِ لى ..
ضحكات مجنونة تقهقه ....وجه بشع يقترب بانفاسه الساخنة الخانقة الكريهة ليلفح وجهها ...
تغمض عينيها فتفر الدموع منهما ..
*
ــ اريدك ان تنظرى اليه ...
ـــ لا اقدر ..
ـــ ارجوكِ ...حاولى ..
ـــ لا أرااااااااااااااه ..
ــــ سوف ترينه ...
ــــ يقتلنى رعبا ...
ــــ لا تخافى منه ..
ــــ اتوسل اليك دعنى ..
ــــ افتحى عينيك الان وانظرى ......هياااااا ...
ـــ لااااااااااااااااا ...أنه .....أنه ....
نظر اليها الطبيب صامتا وهو يدون بعض ملاحظاته
...كانت قد هبت مرعوبة تبكى وتكاد رئتاها تنفجران من شدة ما يتردد فيهما من تنفس رهيب ...
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت ................................



الأربعاء، 6 فبراير 2013

الأمــــــل الأخيـــــر

الاربعاء 6 فبراير 2013

الأمــــــل الأخيـــــر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

حبيبى ..
والله لسه حبيبى ....والله وحبيبى ...
انطلق رنين هاتفه المحمول لثوان قليلة ...
الوقت بعد الثانية صباحا وهو نائم ينعم بدفء الفراش..
تحركت رأسه كمن انتبه للصوت ..
مهما تنسى حبيبى.... والله وحبيبى ..
يحاول فتح عينيه ...النوم يغالبه ....تتحرك يده من تحت الغطاء ببطىء وتثاقل ..
عمرى مانسى حبيبى ...ابقى ...افتكرنى ...
اليد تمتد لتصل للهاتف ....حاول ...حاول ...
بصوت ناعس وعين مغلقة ....ألو ...مين ..؟؟
لا احد يرد ...
مين ..؟؟؟.......لا احد ولا مكالمة ...
سقط الهاتف من يده ليستغرق فى النوم مجددا ....
خيالات بعيدة ....أ دخان هذا ام شبورة الصباح فى يوم شديد البرودة من شهر امشير...الطريق غارق فى مياه الامطار من ليلة البارحة
...يكاد لا يرى ما امامه لمسافة امتار قليلة ..
هناك صوت لحن يتردد فى اذنيه ...نغمة شجية لا يستطيع تحديدها
.. شو...أنا ...فيــــ .....حبيبى ....انت .....
النغمة تتردد بقوة ولا يتبين الصوت المرافق معها..
يسير فى طريقه اليومى ...
الطريق مختلف تماما ....لا عربات ولا مارة ولا ابنية يراها .
انه طريق زراعى ممتد وسط الشبورة الغائمة ..
وجه ترتسم ملامحه وسط الضباب ...الخيالات مشوشة امامه...
النغمة تستمر لتدق على اذنيه بغير وضوح...
وال ....ايه ...ال ....ايه ....
آآآآآآآآآآآآآآآآآه ...
انطلقت الصرخة المذبوحة تشق ملامح الوجه الضبابى لتقتلعه من نفسه فيهب فزعا من نومه ...
تلفت حوله ...انه الصباح ...كان حلما اذا ...
قطب مابين حاجبيه وهو يمسك رأسه ...اسئلة تلاحقه..
الهاتف ...اين الهاتف ..؟؟
بحث عنه ...لا يجده بجوار الفراش فى مكانه ..
آه لقد تذكر ...اخذ يقلب فى الاغطية ..هاهو ..
فتحه ...اين المكالمات المستلمة ...
عجبا ...الهاتف يسجل مكالمة صباح اليوم من رقم لا يظهر على الشاشة ...
...مسح جبهته بقوة ...يتذكر صوت الرنين ليلا عندما اوقظه من نومه ....حبيبى ...والله لسه حبيبى ...
هذه النغمة ليست مسجلة على هاتفه ابدا...!!!
قام يغسل وجهه ....صوت فى اذنيه يتردد ....النغمة المشوشة
غير الواضحة محددا......وقف امام المرآة ...الوجه الضبابى امامه ..اين شاهده من قبل ...؟؟
الماء الدافىء ينعش وجهه ...النغمة تنشط اكثر .....
بشتاقلك ...هنا ....ياحبيبى ..
توقف للحظات ..اخذ ينظر الى وجهه فى المرآة ....الماء يتقاطر من عليه ..
ظل ينصت وهو يحدق فى المرآة ليتجاوز برؤيته امتداد النظر وانعكاس صورته امامه ....
كنت بشتاقلك وأنا وأنت هنا .....بينى وبينك ...خطوتين ...خطوتين ....خطوتين ..
الصورة ترتسم واضحة شيئا فشيئا ....نعم انها هى ...هى ..
كانت هذه افضل الاغانى لديها ....
شعر بقبضة تعتصر صدره وقلبه ...رجفة داخلية مفزعة تسكنه..
اسرع الى الهاتف ...امسك به ...رده ثانيا وهو يتذكر ...لقد مسح رقمها القديم عندما غيرته بأخر بعد انفصالهما ...
القلق يهاجمه ونبضات قلبه تتسارع ...هاجس رهيب يستولى عليه
شوف بقينا ازاى أنا فين .....ياحبيبى ... ...وانت فين ..انت فين ...انت فين
لا يدرى كيف ارتدى ملابسه وانطلق الى سيارته يقودها حتى وصل الى اول الطريق الزراعى بكل هذه السرعة ..
الشبورة امامه تخفى معالم الطريق الزلق والخطر من جراء الامطار....وعلى الرغم من ذلك ينطلق بسرعة جنونية كمن يسابق عقارب الزمن ......هناك خاطر مقبض يسيطر على كل مشاعره ..
ابتعدا رغما عن ارادتهما ....الجرح الذى ظن انه دفنه بباطن اعماق النفس والوجدان ....هاهو قد انفجر مجددا ...
والعمل ...ايه العمل ...ماتقولى اعمل ايه ...
والامل ..انت الامل ....تحرمنى منك ليه ..
صفارات السيارات المارة به ومن حوله لا تنقطع تنبيها له من سرعته..
اشرف على اول بلدتها ....منزلها ليس بالبعيد من هنا ..
اسرع يغادر السيارة لينطلق الى البيت القريب ..وعيناه بالرغم منه تدمع ..لا يدرى امن شدة البرد الذى يلسع وجهه ام مما يشعر به..
عيون كانت بتحسدنى على حبى ...
دخل اليت ليفاجىء بالنسوة يبكين ...وقف مذهولا تتردد انفاسه فى انفعال قاتل ...
ودلوقتى ...بتبكى عليا.... من غلبى ....وفين انت ..يانور عينى ..
ياروح قلبى ..فين ؟؟؟
نظر فى وجوههن يستجلى الحقيقة ...اقبلت منهن واحدة تبكى وتربت على كتفه...انها امها ...
همست بصوت مذبوح ...البقية فى حياتك يابنى ....كان نفسها تسمع صوتك امبارح ...اخر حاجة قالتها ...انها عمرها ما نسيتك ...
سقطت الدموع من عينيه وهو يستدير مبتعدا ...
فينك.. فينك ..فين .... ...عندى حنين وحنان و حاجات
وفين دمعك يا عين ...بيريحنى بكايا ساعات ...بيريحنى بكايا ساعات...


ــــــــــــــــــ تمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت ــــــــــــ