السبت، 15 ديسمبر 2012

الطبيـــــــــــــــــــــــب !!!!!

السبت 15 ديسمبر 2012

الطبيـــــــــــــــــــــــب !!!!!

قصة قصيرة بقلمى /علاء الدين هدهد

سأله الطبيب وهو يدقق النظر اليه ...ما الذى يدفعك الى الاعتقاد انك قتلت زوجتك ...؟؟؟
نظر الرجل الى سقف الحجرة محملقا ...ثم نظر يمينا ويسارا وقال بصوت مبحوح خائف ...هى قالت لى هذا ...انها تترقبنى ...انها تهددنى بالانتقام ...
سأله الطبيب بصوته الهادىء ...لكنها ماتت ...الكل يعلم انها ماتت ..انت تعلم انها ماتت ....ماتت غارقة فى البحر ...انت لم تكن معها ....فلماذا تصر على انك قتلتها ..؟؟ وكيف تهددك هى الان .؟؟
اعتدل الرجل فى جلسته وعلى وجهه علامات التحدى وقال بنبرة لم تخلو من الضيق ...
انت ثالث طبيب اتابع معه هذا ...نفس الاسئلة تتكرر ونفس الاجابات منى ...ثم ...ثم لا شىء ...الكثير من الهراء مثل عقدة الذنب واننى لم اكن احسن اليها واننى ندمت فى اللاشعور على موتها ....طن طن طن طن طن ......مجرد طنطنة والكثير من أدوية المهدئات ...
ظل الطبيب منصتا صامتا ...ثم قال ولم تتغير نبرة صوته عما سبق ..
كيف تهددك هى الان ...؟؟؟
استكان الرجل وهو يتراجع الى ظهر مقعده المائل ليشرد ببصره وتتراخى قسماته فيهمس ببطىء ...اراها تتجسد امامى ووجهها منتفخ كالبلون وعيناها جاحظتان...بل جسدها كله ...كله يظل ينتفخ حتى تملء المكان من حولى ضاغطة على جسدى كى اختنق ....صوتها يطارد مسامعى بصرخات مرعبة وكلمة واحدة تتردد دوما ....قاتل ...قااااتل ...قااااااااااااتل.....
صاح الرجل منفعلا ...بدء يتشنج ...سارع الطبيب اليه يمسك بذراعيه ...جسده كله يرتعد ....حاول الطبيب ابقاءه على المقعد ضاغطا عليه بذراعه الايسر بقوة بينما يحاول ان يمسك بالبرة الموضوعة على المكتب بجواره ...كانت معدة بدواء ومغطاة...نزع غطاء سنها وبسرعة امسك ذراع الرجل الاخذ فى الصياح وقد بدأ الاللعاب يسيل من شدقيه كالرغاء السميك ....لحظات وسكن الرجل ...صوته يخفت ...قاتل ...انا قتلتها ...قتلتها ...قتالـــــ .....
قال الطبيب ...الان سوف تهدأ قليلا ...لن تنام ...انا معك ...وسوف اعود اليك فورا ...
خرج الطبيب الى حجرة اخرى وامسك بهاتفه الخاص يطلب احدا ..
(نعم دكتور .....اهلا بك ...اود شاكرا لو شرفتنى الان بسرعة ...آه ..حالة خاصة اود لو تراها بنفسك ...دقائق ...حسنا ..انتظرك ...)
......الرجل وحده فى الحجرة ....كلماته كالهذيان ....همهمات غير واضحة تصدر منه وبين اللحظة والاخرى يرفع يده كأنما يشير بها نافيا امرا...دخل عليه رجل كبير اشيب الشعر يضع نظارة سميكة ......اقترب منه ...حملق فيه لثوان وجلس امامه ماسكا يده ...انتبه اليه المريض رفع بصره الى وجهه ...ابتسم الرجل له وبصوت اجش عميق قال له ...
انا اعرف انك قتلتها ...اتسعت عينا المريض دهشة ....استطرد الرجل....انت قتلتها بالفعل ...؟؟
هز المريض راسه ببطىء ايجابا ....اكمل الرجل.....لقد خنقتها ....
هز المريض راسه مجددا وعيناه لا تطرفان ...قال الرجل ...اتذكر لحظة ان نظرتْ فى عينيكَ ....لحظة ان حاولت الصراخ فلم يخرج صوتها .....؟؟؟
هز المريض راسه مرارا ودموع ساخنة قد فرت من عينيه المثبتتين
اتذكر وانت تحكم قبضتيك على عنقها واصابعها متوترة انغرست اظافرها فى ذراعيك .....
نطق المريض وجسده يرتعد ....نعم اذكر .....( صوته متحشرج مبحوح ) ......اراها امامى الان ...قدماها تضربان الفراش من خلفى ...
بدء المريض ينهض ببطىء وقد مد يديه الى وجه الرجل امامه ...
اصابعه منفرجة مشدودة ومتوترة بها رعشة ...هاقتلها الف مرة ..
الف مرة ....
لم يتحرك الرجل من امامه وقال بصوت حازم عميق قوى ...
اذا واجه مخاوفك الحقيقية ......واجه نفسك ...انت الان فى الحمام
....انت تسحب الجسد الثقيل عليك .......اتذكر هذا .؟؟
صرخ المريض بقوة كأنما يبكى واخذ يدور فى الحجرة آآآآآآآآآآآآآآآآه ... ..الدخان الابيض يلف المكان ...يدور عكس دورانه....يبتلع ملامح الحجرة ...البانيو الكبير تملئه المياه الساخنة والدخان يتصاعد منه ...الستارة ممزقة وملقاة على الارض المبتلة بالماء ...الدخان يتصاعد ...قدمان تُسحبان على الارض ...ظهرت الساقان عاريتان ...الساقان تُسحيان على الارض وسط المياه ...اصوات مبهمة تتعالى ...ظهرت الفخذان عاريتان ....الجسد يُجر ويُسحب بصعوبة حتى وصل الى حافة البانيو الساقطة منه المياه الساخنة .. ...الهمهمات مع انفاس محمومة تتصاعد ....تتضح الكلمات ...الدخان الابيض يلف المكان ...
فاجرة ....فاجرة ...
يدان تمسكان القدمين لترفعهما فتضغهما بالبانيو ...تفيض المياة الساخنة اكثر لتنسكب الى الارض ...تحاول اليدان ان ترفع ثقل الفخذين لتسقط الجسد كله فى الماء الساخن ....
ماذا تفعل ياقاااااتل ...؟؟؟
انتبه للصوت الصارخ العنيف ....تقف المرأة امامه وسط ضباب لدخان ابيض ....ملابسها ملتصقة بجسدها المنتفخ فى بشاعة ....نظر الى وجهها ...الدخان ينقشع عنها ....وجهها كالبالون الضخم وعيناها جاحظتان تكادان ان تنفجران ....
كان قد القى الجسد العارى فى البانيو والمياة الساخنة مازالت تندفع من صنبو الماء بقوة لتغرق الارض ....
صاح بها بحدة ....اقتلك يافاجرة ...
اقتربت منه بجسدها المستمر فى الانتفاخ كالمنطاد وملامحها تزداد رعيا ووحشية مخيفة ..صاحت به وكأن الصوت لا يصدر منها ....قاتل ...قااااتل ......قاااااااااااتل ...
حاول ان يستدير ليهرب منها ...الدخان مازال يلف المكان ...واجه المرآة الكبيرة على الحائط ...خيوط الدخان تنقشع عن المرآة ...يظهر وجه الشاب الصغير ...ملامحه تنطق بالرعب والفزع ...عيناه تكاد تخرج من محجريهما .....لا يتجاوز السابعة عشرة عمره ...نظر الى المرآة ثم الى البانيو ...الجسد العارى يطفو منتفخا على الماء...
صاح بصوت مذبوح باكى .....قاتل ...انا قااااااتل ....قتلت أمى ..
قتلت الخائنة .......الخاااااااائنة ....!!!!
وقع على الارض الغارقة فى الماء يبكى ويضرب بقبضته الارض..
....دخل الطبيب الحجرة بصحبة طبيب اخر معه ...كان المريض واقعا ارضا ....اقترب الطبيبان منه ...اسرعا يساعدانه على النهوض ...
نظر اليهما داهشا وتنفسه يتسارع ...الدهشة تسكن ملامحه ..
دار ببصره فى الحجرة ..........كل شىء كما هو .....الاثات والمكتب واللوحات على الحائط ....لحظة ...ما هذه الصورة ......اسرع يجرى الى الحائط وسط دهشة الطبيبان ...امسك بصورة لرجل كبير اشيب يضع نظارة على عينيه ...............حملق فيها وهو يمد يده بها الى الطبيب الداهشة نظراته ............قال الطبيب وهو ينظر الى زميله ثم الى المريض .......................ماذا بها الصورة ..انها صورة والدى واستاذى رحمه الله ......؟؟؟؟؟؟
...........................تمــــــــــــــــــــــــــــــــت .....................
 

هناك تعليق واحد:

  1. دخلت دهاليز الطب النفسي بقصة من قصصك التي تتعمق في مكنونات سيكولوجية الانسان ودوافعه للجريمة
    الطبيب او الطبيبان وبينهما وبين الحدث حالة تصر على ارتكاب جريمة قتل لتنتهي القصة بنقل نفسي للمريض من قاعة الفحص الى بانيو مسرح الجريمة او لنقل جريمة اخرى طفت على الاداث دون سابق انذار...سأكو صادقة هنا اختلط علية الامر بعد ادخال الطبيب الثاني وقصة الشاب ذو 17 ربيعا وامه ...والصورة؟ مادخل هذا بما كنا نتابعه من احداث من البداية ؟ عموما قصة فيها الكثير من الامور الي تشد الانتباه ...احيي قلمك وتفوقك في الوصف وفي دخول معترك اي عمل بدقة وبمفردات تليق فعلا بهذا العمل مما يزيد من مصداقية القصة .....تقديري لك اخي علاء الدين ......اختك اشراق مغربي

    ردحذف