الخميس، 19 أبريل 2012

الطفل ..

27 مارس 2012


الطفل ....


انتقلت هى وطفلها الوحيد الى شقة جديدة .....ربما كانت هذه هى المرة الرابعة التى تغير فيها المسكن خلال مدة قصيرة .....
هذه المرة تبدو الشقة جميلة جدا عن سابقاتها......واسعة ...بها اربعة حجرات .....اثاثها فخم يليق بمثلها .....
مات الزوج فى حادث سيارة منذ عام ....خلف تركة كبيرة ...ولم يكن له سواها والطفل الوحيد الذى لم يرتو كفاية بعطف وحب الاب فقد بلغ عامه الثالث فقط عند الوفاة ....
هذا هو اليوم الاول لهما فى الشقة الجديدة ....تفقدت المكان معجبة بكل شيء ....ابتسامة رضى تلوح على شفتيها...
اتخذت لنفسها والطفل حجرة للنوم ....وجعلت من اخرى حجرة للعب ابنها....وجعلت الثالثة لاستقبال القادمين من الاصدقاء .....اما الاخيرة فقد اغلقتها على بعض المتروكات والمتعلقات الخاصة .....
استمرت حياتهما جميلة هادئة عدة ايام كانت تحب الهدوء والعزلة ...
ذات يوم .. كان وقت المغيب .....تجلس فى حجرتها عندما دخل عليها طفلها باكيا ....نظرت اليه متسألة .....قال بصوت خفيض :
أمى ليه الولد الزعلان مش بيلعب معايا ؟؟
زوت ما بين حاجبيها استنكارا وردت ....ولد مين ؟؟
قال : الولد اللى بشوفه فى اوضة اللعب ....
قامت الام من جلستها وامسكت بكتفى ابنها فى حنان وقالت له ....
مافيش اولاد فى أوضة اللعب ...حبيبى ....مافيش اولاد فى الشقة كلها غيرك انت ....
اعترض الطفل مؤكدا ...لآ فى ...فى ولد بيجيلى فى أوضة اللعب وكل ما أحاول اللعب معاه يجرى منى ويعيط ...
القلق بدى على ملامح الام وشيء من خوف اخذ يتملكها ...فقامت تمسك بيد ابنها قائلة :
طيب تعالى نشوفه مع بعض ..!! ......خرج الاثنان متجهين الى حجرة اللعب ...وببطىء حذر مدت الام يدها تفتح الباب وبحركة من راسها حاولت ان تستجلى ببصرها ما عساه يكون داخل الحجرة...
شايف ..مافيش حد غير الالعاب ......الاوضة فاضية ازاى .....!!
زام الطفل معترضا .....فنهرته آمرة اياه بعدم الكذب ......
فيما بعد كانت ترد على خواطرها كلمات ابنها فينتابها القلق والخوف عليه ...لكنها كانت تقول انها خيالات طفل بسبب وحدته .....احيانا كانت تتلصص عليه اثناء لعبه فى حجرته فتسمع منه حوارا مع نفسه ومع الالعاب ......هكذا هم جميع الاطفال ....اكدت لنفسها مرارا .....
ذات ليلة ....ينامان فى فراشهما ....نور الحجرة مطفىء الا من بصيص ضوء ياتى من مصباح صغير خارج الحجرة .....الطفل ينام على ذراعها ...
تتقلب لتواجهه ...تقع عيناها على عينيه المفتوحتين ...فيهما بريق فى الظلام له لمعان .......جفلت للحظة...... راسها تراجع واتسعت عيناها تحدق فيه ........ضحك بصوت حاد مجلجل ...
.....قامت جالسة على الفراش تخاطبه ...مالك يا حبيبى ؟!
لم يرد ......ألتفتت مادة يدها الى المصباح بجوار الفراش فأنارته وعادت تنظر ابنها فاذا به نائم يغط فى نومه ...وضعت يدها على كتفه تهزه برفق .....عيناه مغمضتان وتنفسه منتظم كما النائمين سباتا ....
قالت ربما كان يحلم ....
فى اليوم التالى كانت تستمع الى بعض الاغانى عندما دخل عليها الطفل صارخا يبكى ....انتفضت فزعة تحتضنه وقسمات وجهها تنم عن رعب شديد .....مالك يا حبيبى ؟؟؟ مالك ؟؟؟ في ايه ؟؟؟؟ اتكلم ؟؟ مالك ؟؟
من خلال البكاء كان يمسك بصدره متألما وبصوت متقطع متشنج قال :
الولد .....الولد ...عورنى ...عورنى بحاجة ....صدرى ....صدرى ....وعاد للبكاء مجددا ...
قامت مسرعة تحمله وتضعه على الفراش ...ملابسه البيضاء يشوبها لون حمرة شديدة كشفت الملابس عن صدره لتنظر احمرارا كأثار السياط يملا صدره كله ....وضعت كفها على فمها برعب لتكتم صرخة كادت ان تصيح بها من فرط صدمتها العنيفة من المنظر
......مش ممكن !!!!! مش ممكن !!!!
اخذت تهدأ الصغير وهى تغالب دموعها وبين الحين والاخر تتلفت حولها فى خوف ....كانت تضع يدها على صدره متلمسة الاثار الحمراء ....ورويدا رويدا بدأ الصغير يهدأ لتفاجأ باللون الاحمر يختفى تدريجيا من صدره ....
ضمته فى حنان الى صدرها واحتملته متجهة به الى حجرة الالعاب ...دخلت هذه المرة بشىء من غضب تغلب على خوفها ....تأملت الحجرة الفارغة..لا شىء الا الالعاب والعرائس ....دون ان تدرى أخذت تركل الالعاب بقدمها فى عنف وهى تصرخ .....الالعاب تتطايح فى الهواء لتصطدم بالجدران.....صراخها يملاء المكان ...الصغير يتشبث بها فى خوف..
مرت على الحجرات جميعها ثم وقفت امام الاخيرة المغلقة .....تفكرت مليا وهى تنظر الباب المغلق ......مازالت تحمل الصغير ....قالت له :
حبيبى ....خليك انت هنا فى الصالة ما تدخلش الاوضة معايا ....
هز الصغير رأسه مطيعا ....حاضر ......حاضر ياماما ......
وضعته على احد المقاعد واقتربت من باب الحجرة ....يخامرها شك ومخاوف من هذه الحجرة .....
ادارت مقبض الباب ودفعته دفعة قوية ليصطدم بالحائط بعنف .....مدت يدها لتتحسس زر الكهرباء فتضغطه لينتشر النور فى الحجرة................
كل شىء كما هو بعض الاثاث والمتروكات كما سبق وضعها .....لا شىء يدعو الى الريبة .......تلفتت داخل الحجرة ...حركت قطع الاثاث ....اوقعت بعضها تبحث خلفها .....لا شىء .......فجأة تسمع صوت همهمة مختلطة لم تتبين معناها ....تلفتت حولها فى رعب .....الهمهمة تتزايد ..... تتراجع هى الى الوراء تجاه الباب ......تشعر بمن يلاحقها ......تجرى صائحة على ابنها وتخرج من الحجرة لتصرخ صرخة دوت فى الشقة كلها ...أأأأأأأأأأأأأأأأبنى ..!!!!
لم يكن الصغير فى الصالة كما تركته ....جريت والفزع يسيطر عليها الى حجرة الالعاب .....ليس هناك ...الى الحجرة الثانية ...ليس هناك .....الى حجرة النوم .....آآآآآآآآآآه ...!!!
كان نائما على الفراش عاريا من ملابسه .......الذهول والرعب يفتكان بها ........من الذى عراه ؟؟؟ ......ارتمت على الصغير تضمه الى صدرها وهى تردد منتحبة ......
أأأأبنى .......حبيبى .....أأأأأأأأأأأأأأأأبنى ..!!!!1
صوت الهمهمة يقترب منها داخلا الحجرة ......احتملت الصغير الذى اخذ يصرخ بعنف وهمت جارية تقصد باب الشقة ........
الهمهمة تتعالى .....تتعالى ......تشعر ان باب الشقة قد اختفى وحل مكانه جدار أصم ....تستدير مرعوبة باحثة عن مخرج .....الصغير ينتفض جسده وصراخه يمزق قلبها .......سيبوا ااابنى ..... سيبووووووووووووووه !!
شعرت بماء ساخن شديد لطم وجهها كانه النيران .....وصوت الهمهمات يعلو صارخا فيها بعنف ......ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ..........
اذهبى ايتها الروح ...يا ساكنة هذا الجسد الصغير كما ذهبت سابقتك ...
يرتعد جسدها كله .......يومئذ يصدر الناس أشتاتا ...أشتاتا ...أشتاتا
اذهبى بسلام ....ليرحمك رب السماء ....
وجدت يداها تتخلى عن الصغير وصار جسدها شفافا يسبح فى فضاء الشقة لترى صغيرها يلعب هناك فى حجرة اللعب ضاحكا ..
انا هنا ياماما .........
....................................تمت ..................


 صور متحركة مرعبة رائعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق