الخميس، 19 أبريل 2012

الانتقاااااااااااااااااااااام ..

19 مارس 2012

الانتقاااااااااااااااااااااام ..

عرفتها منذ عدة سنوات مضت ......قمت بخدمتها فى بعض الاعمال القانونية هى وزوجها خلاف معرفتى الشخصية بهما بحكم الجيرة ...استمرت تلك المعرفة حتى بعد وفاة زوجها فى
حادث أليم منذ شهرين.....
هى السيدة / م.أ .ع .....تسكن بالقرب من بيتى مع طفليها الوحيدين ..اكبرهما له من العمر ثلاثة سنوات ...والثانى رضيع لم يكمل بعد عامه الاول...توفى والده بعد ولادته بأشهر قليلة .....
لا انسى ابدا تلك الليلة الممطرة الراعدة من ليالى الشتاء الماضى عندما دخلت مكتبى باكية يملؤها الرعب والفزع ...تضم الى صدرها طفلها الصغير...وهو يصرخ بعنف....كانت مبللة تماما من الامطار..و تصيح ....ألحقنى .... .ألحقنى .....ابنى ..ابنى ....ابنى اختفى....اختفى ..
حاولت تهدئتها لاستوضح منها ما الامر .....لكنها كانت فى حالة هستيرية غير طبيعية ....الدموع تخنق كلماتها ...وحشرجة صوتها تنبىء بانها على شفا الانهيار الكامل .....كل ما كانت تفعله وهى تحاول النطق مجددا ...ان تمسك بذراعى فى توسل لاصحبها الى الخارج مرددة .....البيت ....الشقة ......ابنى ......
ما كان منى الا الانصياع الى رغيتها حتى احصل على فهم لما يحدث ....خرجت معها ...تلقتنا الرياح العاصفة الراعدة بوابل من الامطار ...الطفل يبكى صارخا فى حضنها من شدة الصقيع ....لم تعبىء باوحال الطريق فكانت تجد السير بل تجرى جاذبة اياى بعنف ..الدهشة تلجمنى وألف سؤال يدو بذهنى...... وصلنا بيتها القريب ....الشقة بالدور الارضى....البيت كله عبارة عن هذا الدور فقط ....باب الشقة مفتوح ....دخلت مسرعة وانا خلفها......جريت كالمجنونة فى كل الحجرات تنادى على ابنها الاكبر ....كنت اقف فى الصالة مشدوها حائرا ...مازال باب الشقة مفتوحا ....ولما وجدت حالة البكاء الممزوج رعبا قد تملكت منها اكثر من السابق ...لم ادرى بنفسى الا وانا أجذبها اثناء جريها من حجرة الى اخرى بعنف صائحا بشدة فى وجهها.....كفاياااااااااااااااااة ............انطقى فى ايه بالظبط .....؟؟؟
انهارت باكية على احد المقاعد حتى كاد الصغير ان يقع من يدها ....سارعت احاول الامساك به الا انها فى حركة غريبة مفاجئة ضمته بفزع الى صدرها وأطبقت عليه ذراعيها ...واخذت تردد لآ لآ لآ ..
تراجعت مآخوذا وجلست على الكرسى المقابل لها انتظر ان تهدأ حالتها
....اخذت تجفف الصغير مما اصابه من مياه الامطار وجذبت من على مقعد مجاور رداءا ثقيلا لفته فيه وهى تضمه اليها حتى هدأ ويبدو انه نام ...رايت شبح مسحة من هدوء ذابل قد سكن وجهها المفزوع ...
. حمدت الله ...ثم سألتها برفق .....ايه اللى حصل ..؟؟ ...اتكلمى....
اشارت براسها الى حجرة النوم المفتوح بابها وبعينين تحولتا الى الاحمرار من شدة النحيب ....قالت بصوت مذبوح مضطرب ....ابنى ....ابنى اختفى قدام عينيا ...هناك ......الارض انشقت وبلعته ..
وقعت كلماتها على نفسى كالصاعقة ...دهشت مستغربا هازا راسى فى استفهام واستنكار ....بتقولى ايه ؟؟؟ .... ازاى الكلام ده حصل؟؟؟
بجهد جهيد عرفت منها ما ساذكره لكم الان ...
قالت لى انه قبل وفاة زوجها بفترة طويلة ..كانت تشعر باشياء غريبة تحدث لها ........فأثناء نومها بجوار زوجها وكان صغيرها بعد رضيعا ...كانت تشعر بيد تتحسس جسدها ...ولما تنتبه من نومها على ظن ان ذلك من زوجها كانت تجد ان زوجها نائما موليها هى والرضيع ظهره ....فى اول الامر لم تلق بالا لذلك لكن عندما تكرر الوضع شبه يوميا ...انتابها الخوف والفزع وصارت تنام محاولة تصنع النوم حتى ترى ما سيحدث ..فيطول انتظارها دون حدوث شىء ولما تضعف قواها ويغلب جفنيها النعاس تستفيق على اليدين التى تعبثان بجسدها .....صرخت مرة بفزع فاستيقظ زوجها وكذلك الرضيع كلاهما من شدة الصرخة......وعندما سألها الزوج عن سبب صرختها ...اخبرته ما تشعر به ....فما كان منه ان لامها موبخا ثم تهكم عليها ...بانها تحلم به لا اكثر .....
لم تعد تخبر زوجها بما تشعر به وان حاولت مرات كثيرة ان تستجمع قوتها عندما تشعر بملمس تلك اليدين ان تقبض عليهما بيديها الا انها فشلت فى ذلك ...
قالت انها ذات مرة كانت تستحم ومياه الدش الساخنة تغمر جسدها ليتصاعدبخار الماء يملء فراغ الحمام حين بدى لها ذلك البخار كأنه دخان ابيض صار يتكاثف اكثر فأكثر ليشكل كيانا هلاميا بدأ يتجمع امامها وجوارها ...فما كان منها الا الصراخ وفتح باب الحمام وهى تشد الروب المعلق علىه و تخرج منه مفزوعة ساقطة على الارض ...كان زوجها بعمله بالخارج ...جرى عليها ابنها الاكبر ....فى ايه ياماما .؟؟؟ .....فى ايه ياماما ؟؟؟
استفاقت من فزعها لتنهض محتضنة ابنها وهى تنظر برعب الى الحمام الخالى .....
قالت انه من يومها وهى تصمم على انارة كل حجرة ومكان فى الشقة..منذ الليل وحتى الصباح رغم اعتراض زوجها...بالاضافة الى تركها الراديو على محطة القرآن الكريم طوال الوقت ....احضرت ايضا اكثر من شمعدان بشموع كبيرة تحسبا لانقطاع الكهرباء ....ملئت بهم اركان الشقة ...الا ان ذلك كله لم يغير من زيارة اليدين المجهولة لجسدها شيئا...
حتى كانت ذات ليلة وكانت تهم بالنوم ....زوجها نائم على طرف السرير ..الرضيع فى المنتصف ..هى على الطرف الاخر.....الابن الاخر على سرير صغير فى زاوية الحجرة .....النور مضاء بالحجرة كما تصمم هى .....سمعت الصوت يهمس فى اذنها ......متخافيش .....انا بحبك ...
هبت من الفراش مفزعة وبحركة غريزية كأنما تخرج شيئا دخل الى اذنها ...اخذت تضرب اذنها بطرف يدها...استعاذت بالله من الشيطان ووسوسته ...قرأت القران ..وضعت الراديو الصغير بجوار السرير ..بل وضعت فيه السماعة الداخلية لتضع طرفيها الاخرين فى اذنيها ليستمر صوت القرآن فى مسمعها ......لم تستطع النوم تلك الليلة وقد ازمعت امرا ..انها لابد مواجهة هذا الامر مع زوجها ومستعينة بمن لهم بهذه الامور دراية وعلم ..
فى الصباح التالى .. انفجر سخان المياه فى وجه زوجها وهو يستحم فمات محترقا بشكل بشع .....
قالت ان كل ما كانت تشعربه او تتخيل رؤيته قد زال منذ ذلك اليوم ...ارجعت ذلك الى القرآن الذى ملئت به اركان المنزل .....حتى كان يوم امس....
قالت : صرت بعدوفاة زوجى انام فى الفراش وسط الطفلين الصغيرين احتضن كل منهما بذراع ....وفى ليلة البارحة...شعرت اثناء نومى بطفلى الكبير يسقط عن الفراش الى الارض رغم الكرسى الكبير ذو المسند العالى الذى اضعه ملاصقا لطرف السرير...انتبهت على صرخة الطفل من السقطة..فاحتضنته واشربته بعض الماء وانا اهدئه ناظرة باستغراب الى المقعد الذى مازال بمكانه .....
عدنا الى النوم وانا ألف ذراعى حول الطفل....ولم تمر سوى فترة وجيزة الا واشعر بالطفل ينجذب منى ساقطا على الارض فقمت مفزوعة والطفل يصرخ مجددا ...اخذت ابسمل واكبر الله واقرأ القرآن....وانا اضم الصغيرين الى حضنى.....واذا بالصوت يهمس فى اذنى .....انا بحبك ....صرخت باكية ...اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .....عاد الصوت من جديد ......بحبك وعايزك ليا .....صرخت ثانيا ....لا ...لا ....واخذت اقرأ سورة الناس مرارا حتى اشرق الصباح ....
قالت ....اردت الخروج من البيت....ليس لى احد كما تعلم ...كنت سأذهب مسافرة الى بلدة زوجى لاحصل على ايجار الارض التى تركها لنا و الذى انفق منه ولأتلمس طريقة للعيش هناك وسط اقاربه...واذا بصوت يرج اركان البيت وهواء ساخن جدا يملء الحجرة ....تملكنى الفزع وانا ارى حائط الحجرة ينشق ببطىء ودخان اسود كثيف له رائحة كريهة يخرج متشكلا فى شكل راس بشع الملامح ...راس فقط من الدخان .....وضعت كفى على عيني ابنى الكبير الذى كان يرتجف رعبا وضممته واخيه الى صدرى..
سمعت الصوت يخرج من الدخان فشلت حركتى .......انت ليا .........من النهاردة مش هاسمحلك بليلة تانية زيادة ......أنا حرقت جوزك .....وابنك الكبير هاخده منك النهارده بالليل اذا ما سلمتليش نفسك ......مافيش خروج ...
اختفى الدخان فجأة لاجد نفسى لا استطيع تحريك قدمى او ساقى ...كأن الشلل أصابهما ....ظللت على الفراش ابكى وانا اضم ابنى الى صدرى .....لا ادرى كم ظللت أدعو الله ان يحفظنى وصغيري مما اراه واسمعه .....لا ادرى كم سألته ان يصرف عنى هذا الهاجس الشيطانى ...
هذا المخلوق الذى يطاردنى رغم كل ما احاول تحصين نفسى وبيتى به ...
لم اشعر الا بآذان العشاء....وصوت الامطار والرعد يضرب نوافذ الشقة وقد استعدت شعورى واحساسى بقدمى وساقى .....نزلت من الفراش مزمعة الخروج مهما كانت النتائج ....وفى لحظة واحدة لم اشعر الا بدفعة قوية اطاحت بى وبالرضيع على الفراش فى حين سقط ابنى الاخر صارخا على ارض الحجرة وسط هالة من الدخان الاسود ....قمت صارخة مرعوبة وألقيت بنفسى على الارض لامسك بالطفل ...فاذا بى اقع على ارض الحجرة ولا اجده ....تلفت فى الحجرة مصعوقة وانا انادى عليه .....الصوت اللعين يتردد فى الحجرة ....الليلة دى او هاخد التانى .......

نظرت الان لى ودموعها تندفع على خديها وقالت :
ماعرفتش اعمل ايه ...لقيت نفسى باخرج من البيت ..بجرى وسط المطر زى المجنونة شفت نور اليافطة بتاعة مكتبك منورة من غير تفكير دخلت عليك........
صمتت السيدة /م .أ .ع تاركة اياى فى دوامة من الحيرة والتساؤلات ...ولا اخفيكم ...من الرهبة والخوف ايضا ....قمت من مقعدى متجها الى حجرة النوم ...خطواتى بطيئة ..مترددة ..كانما سأواجه ذلك المجهول امامى ... ..دخلت الحجرة لا شىء فيها ..نظرت الى المساحة الفارغة بين السرير والدولاب من الارض حيث كانت تحكى ان الطفل وقع مختفيا ...لم ارى شيئا غير طبيعى .....لا ادرى ..انتابتنى لحظة شك فى القصة كلها .....ناديت عليها ...اتت من فورها ......قلت لها ..:
انا مش شايف اى حاجة غريبة فى الاوضة ...ردت وهى ممسكة بالرضيع بعنف وعيناها تدوران فى انحاء الحجرة .....والله العظيم وقع هنا ..
نظرت اليها كأننى اود اختراق كيانها فأستجلى منها صراحة هذه القصة.....وفجأة سمعنا صوت الرعد عاليا وانصفق باب الشقة الخارجى بعنف كأنه صوت انفجار ..انطفأت انوار الشقة على اثر ذلك...صرخ الرضيع فزعا وصرخت الام رعبا وهى تنحنى عليه فى حضنها فتتقوقع على نفسها كأنما تود اخفاءه فى داخلها ودون ارادة منها بدأت تبكى متمتمة ...ارجوك ....ارحمنى .....ابنى ......انصدع قلبى وسرت قشعريرة لم اعرفها ابدا فى جسدى كله وانا اتلفت حولى...اشعلت ولاعة السجائر وتلفت حولى لارى شمعدان بالقرب من السرير ...توجهت اليه واشعلت شمعاته ..الرعد يضرب مجددا والبرق يشق السماء بالخارج فينعكس على زجاج النافذة ...واذا بريح منتنة قد احاطت بنا ......السيدة تبكى راجية ......الرضيع يصرخ...انا اتلو اية الكرسى متلفتا حولى بخوف .....شىء من لون رمادى غلف الحجرة .......صوت الرعد مجددا ....فكرت ان انطلق عدوا الى الخارج ....منظر الام تتمسك برضيعها شل حركتى ....ادعو الله ....اللون الرمادى يتزايد والرائحة الكريهة تزكم انفى.....الام تتوسل .......يارب ........الرضيع ينجذب منها بعنف امام عينى.....تصرخ ناهضة لتمسك به .....البرق يلمع من جديد ....ابنى ...ابنى ........صوت الامطار تضرب زجاج النافذة كانها حبات من الحصى ...الرضيع يرتفع الى سقف الحجرة ....الرعد يزمجر بعنف ....حاولت انا القفز لامسك بالرضيع ......اقع على الارض ...صوت ضحكة شيطانية يجلجل فى المكان ....الأم تصرخ متقافزة مادة يديها تحاول لمس رضيعها الذى ألتصق بسقف الحجرة .....لسانى لم يتوقف عن آية الكرسى وقدماى لا تستطيعان الحركة .......الرضيع يصرخ وذراعاه الصغيران ترفرفان كطائر مذبوح ......الأم تقع على الارض مختنقة بالبكاء...لا تنطق الا كلمة واحدة..... يارب....الضحكة الشيطانية تعوى من جديد وصوت مشبوح ينعق ....أنا أقوى .......الرعد يضرب بعنف ...بعنف...بعنف...البرق يخترق زجاج النافذة فتتناثر اشلاء ....سيف من نور ساطع براق يخترق الحجرة مع زمجرة غاضبة فيحترق وسط الحجرة احتراقة متكورة مشعة بلهب متعدد الالوان ثم تختفى النيران مع صرخة رجت البيت كله رجا ...صرخة ملؤها عذابات الالام جميعها وكأنها خرجت من اعماق الجحيم ....آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .....
يسقط الرضيع من أعلى فأرتمى تجاهه أتلقاه قبل وقوعه على الارض... الام تفيق من ذهولها فتهب الى الرضيع تجذبه من بين يدي وتحتضنه باكية .....واذا بصوت من خلفنا ينادى باكيا ...امى ...امى ...ألتفت أنا وهى لنجد الابن الاخر ملقى على الارض بجوار الفراش ...
..............................تمت ...................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق