الخميس، 19 أبريل 2012

العجوز .....

24 مارس 2012

العجوز .....

دعتنى عمتى لقضاء بضعة ايام فى بيت جدى بقريتنا (ميت الرخا ) احدى القرى التابعة لمركز زفتا ......محافظة الغربية ....
احد ايام شهر اغسطس الحارة .....هو شهر تتعطل فيه اعمال المحاكم كعطلة لنا نحن المحامون .....اتخذت طريقى الى القرية ...اتابع من نافذة سيارة الاجرة معالم الطريق ....كم اوحشتنى القرية !!!
كم اشتاق للون الحقول الاخضر ورائحة الندى على المزروعات فى باكورة الصباح .....كم احب جلسة اعمامى الفلاحين وجيرانهم من الغيطان المجاورة تحت شجرة التوت العتيقة بالقرب من ساقية جدى ...وهم يتناولون معا طعام الغذاء البسيط وسط ضحكاتهم رغم المشقة الشديدة التى يواجهونها فى العمل ....
وكم احن لجلسة عماتى وبناتهن امام الفرن الطينى فى جوف دار جدى القديمة وهن يخبزن الخبز الفلاحى والفطير (المشلتت) ......ياالهى ....كم تسكرنى رائحة المخبوزات الشهية .......!!!
منيت نفسى بعطلة كاجمل ما تكون العطلات ......اقتربت السيارة من مشارف قريتنا....نزلت لاقطع المسافة المتبقية سيرا ...
كل شيء تغير منذ اخر زيارة لى الى القرية ....الطرقات ....الاشخاص ...البيوت التى صارت كعمائر ومبانى القاهرة .....الا بيت جدى الفسيح الكبير .....ظل كما هو ....مبنيا من الحجارة والطين ومسقف بعروق الاخشاب وسعف النخيل ....كانما يتحدى الحداثة والتقدم ....
مررت فى طريقى بسيدة من الفلاحات تجر وراءها بقرة كبيرة الحجم يبدو من انتفاخ جانبيها انها ستلد قريبا ........كم يكون مثل هذا اليوم عيدا وخيرا عند صاحبها .....
كانت البقرة امامى فى الطريق ....تمشى الهوينى بطيئة تلوك شيئا فى فمها ....سمعت صاحبتها تكلمها وهى تقول ....شدى حيلك يأم الخير ...
ابتسمت فى نفسى ...ما أجمل العلاقة بين الفلاحة وحيواناتها ...!!
فجأة خرج من احد المنعطفات الجانبية رجل عجوز له هيئة غريبة ونظرة نافذة اقترب منى وانا احدق فيه ثم تجاوزنى ليقترب من البقرة والسيدة الفلاحة ...مسح بيده على ظهر البقرة فصدرمنها صوت حزين جعل صاحبتها تلتغت مذعورة اليها فترى العجوز يسير بجوارها .....قال كانما يخاطب نفسه لكن بصوت سمعته انا والسيدة ...............تبقر بطنها فيموتان ....!!!!!!!
همت السيدة ان تصيح فى وجهه لكنه عرج على احدى الحارات المتشعبة من الطريق وما عدنا نراه .....سارت الفلاحة تتمتم بكلمات الدعاء والتحصن من الحسد فى حين قتلنى الفضول وتملكتنى الدهشة .....عجوز غريب ينطق بلغة فصحى ..؟؟؟ وبجملة اشد غرابة منه ..؟؟
تابعت سيرى ...الطريق ضيقة بين البيوت القديمة والسيدة مازالت امامى تجر بقرتها البطيئة ......اقترب منزل جدى .....صوت صراخ من طريق جانبى وصياح مختلط بين خوار عال وهتافات رجال وصبيان ...صدم مسامعى وشل حركتى فجأة ويبدو ان السيدة امامى اصابها ذات الامر فتوقفت هى الاخرى تنظر ما الامر ...شاهدنا جمعا من الرجال والشباب يتصايحون مهرولين فى اتجاهنا يتقدمهم جاريا فى فزع ثور له خوار مرعب ....لحظات كنت خلالها كالمنوم لا اتحرك.....الصرخات تتعالى .....الثور الهائج كانه يفر من الموت ...الرجال تصيح ....الفلاحة تصرخ جاذبة بقرتها .....البقرة تنوح فيما يشبه العويل .....السيدة تجذبها فى عنف باكية ....انا انظر الى الرعب القادم يتقدم راسه قرنان كأنهما سيفان مسنونان ....احاول الاسراع الى السيدة لمساعدتها ...الصرخات من كل حدب تختلط فى اذنى ....الخوار المرعب يداهمنا .....السيدة تقع على الارض وقرنى الثور ينغرسان فى وحشية قاتلة مخترقين بطن البقرة بقوة رفعت البقرةالصارخة على قرنى الثور المندفع ليصطدم بها بجدار البيت القريب فيحطمه بشكل غير مسبوق ...
فوجئت بنفسى على الارض والغبار والاتربة وبعض الحجارة المتحطمة من البيت المهدم تغطينى انا والسيدة الفلاحة التى كانت مغشيا عليها.....
صراخ وصيحات من كل مكان ....صادرمن البيت الذى تهدم وفوجىء من فيه باقتحام ذلك الثور له وهو يحمل البقرة المسكينة بقرنيه ...وصادرمن الشارع حيث تجمع كل اهالى البيوت ومن كانوا يطاردون الثور الهائج .....البعض يحاول مساعدتى انا والسيدة المغشى عليها .....الكثير قد احاط بالثور متكتلين عليه يحاولون تقييد أقدامه كل اثنين معا.....البعض يتفقد اهل البيت المتهدم .....والاخرون يحاولون اسعاف البقرة والعجل الذى كان فى احشائها ...
نجح الرجال فى السيطرة على الثور وجذبوه بعيدا ......لم يصب اهل البيت المتهدم جداره بشىء ...افاقت السيدة الفلاحة من غشيتها فى ذهول ....ماتت البقرة متمزقة احشاؤها هى والوليد فى بطنها ...!!!!!!!!!!!!
....................رايت بعض اعمامى وعماتى وسط الجموع فى الطريق ...اخذونى الى بيت جدى القريب وهم يمطروننى بوابل من الاسئلة....
كانت بداية مؤلمة لعطلة حلمت ان تكون ذات سحر خاص ......
فيما بعد وكنا ليلا فوق سطح جدى فيما يسمونه ( المقعد ) وهى حجرة واسعة اجتمعنا فيها نستعيد احداث الصباح الغريبة والمحزنة ....كل يدلى برأى ...كل يذكر تفسيرا.....سالت جدى عن الرجل العجوز الذى ظهر قبل الاحداث وقال جملته الغريبة ....وصفت العجوز له ..ابدى انكاره معرفته ...احد اعمامى رد بانه شاهده مرة عند وابور الطحين كان يكلم صاحبه ...سألوه متى شاهده ..؟؟ اجاب بانه لا يذكر اليوم تحديدا ثم عاد فأكد انه اليوم الذى انفجرت فيه ماكينة الطحين وقطعت ذراع صاحبها .......
تشعب الحديث ليتناول احداث اخرى ارتبطت بظهور العجوز الغريب ...لم يعرف احد من اين جاء ذلك الرجل ولا بلدته الاصلية ....وفى نهاية المساء نحينا سيرة ذلك العجوز هو وما حدث من احداث لنأخذ فى حديثنا الاسرى..
خلدت الى النوم ولا ادرى لماذا يطاردنى وجه العجوز وجملته تتردد فى اذنى كأنها بعض نبضاتى ....تبقر بطنها فيموتان .......تبقر بطنها فيموتان ....
.تبقر بطنها فيموتان .........حتى غشينى نوم كالاغماء لا احلام فيه .....
مر اليومان التاليان كما كنت احلم بعطلتى ....اصحو فجرا مع الجميع فنصلى ثم نفطر ومع اول خيوط النور نذهب الى الغيط الكبير ....كنت اود مشاركاتهم اعمالهم الا انه كانوا يآبون فاجلس فى ظل شجرة التوت الكبيرة اشاهدهم سعيدا ......قمت ذات مرة اسير متفقدا اطراف الغيط المترامىة ......ابتعدت فى سيرى لادخل غيطا مجاورا كان صاحبه يجلس بصحبته طفل صغير لم يتجاوز العامين....القيت عليه التحية فردها داعيا اياى بكرم زائد ان اشاركه كو با من الشاى ...شكرته الا انه صمم كعادة اهل بلدى الكرماء .....جلست معه وهو يصنع الشاى على( كانون ) صغير امامه وعبارات الترحيب لا تتوقف منه ....فجأة اقبل علينا ..........
.نعم هو العجوز ذاته .......نظرنا اليه ....تكلم الفلاح مرحبا به يدعوه الى الجلوس ......أحدقت فيه بصمت وانا انظر عينيه القويتين كأن نظرته تخترقنى ......نظر العجوز الى الطفل الصغير وقال .....غرقا يموت .........
ثم ولانا ظهره ليمشى .... ألجمتنى كلماته ونظرت الى الفلاح الواجم المندهش ..وما افقت من لحظتى الا على صوت الفلاح يصيح بى : ....اسرع .......تعالى معايا .....امسك الراجل ده ...
كان العجوز قد سبقنا الى بداية غيط الذرة وانا والفلاح نجرى فى أثره ..
دخل العجوز وسط المزروعات الطويلة عندما وصلنا نحن الى بداية الغيط فلم نعثر له على اثر ......فتشنا كثيرا وسط المزروعات ....فلم نجده ....اتخذنا طريقنا الى العودة حيث كنا .... الفلاح يضرب كفا بكف وما ان وصلنا الى جلستنا الا وصرخ الرجل صرخة افزعتنى لانتبه الى ان الطفل الصغير ليس فى المكان جرى الفلاح كالمجنون يبحث فى كل مكان .....خلف اكوام المزروعات التى حصدها .....بالقرب من تلك العشة الصغيرة .....أما انا فتلفت حولى لارى بئرا للماء هناك على طرف الغيط .....جريت مسرعا كالممسوس ...اقتربت من البئر لاجد ان احد اجزاء جداره متهدم وعليه بعض اغصان الشجر ........نظرت بلهفة الى البئر لالمح شيئا من ثياب الصغير ...
صرخت مناديا الفلاح ....هنا ....هنا .......ولم انتظر فنزلت الى البئر فاتحا ساقى وذراعي بين جدران البئر حتى سقطت الى سطح ماءه غير البعيد.....انتشلت الصغير المنتفخ جسده وكان الفلاح قد وصل الى حافة البئر وهو يصيح باكيا ...فى لحظات تجمع علينا بعض الفلاحين ...وساعدونى فى الخروج من البئر وانا احمل الصغير .....اخذت احاول انعاش الصغير بعملية التنفس الصناعى والضغط على قلبه ......كانت دموعى مع مابلل راسى من ماء البئر تتساقط على الجسد الصغير الميت دون فائدة ...ام الطفل وصلت على الجمع الغريب فى حقلها لترى المشهد المفزع فتقع على الصغير صارخة منتحبة تضمه الى صدرها وتحمل التراب من الارض لتلطخ وجهها وسط وجوم الواقفين وبكاء زوجها......
قمت من فورى وانا ألعن اليوم الذى قبلت فيه الدعوى بهذه الزيارة ...كنت اردد ......العجوز ......العجوز الملعون .......
من جديد لا حديث للقرية الا ما حدث للطفل المسكين .....ومن جديد الكل يذكر العجوز النحس .....انتهى الرأى فيه انه وجه النحس وانه ساحر او مشعوذ او له قرين سؤ من الجان .......
كنا ليلا فى طريقنا الى البيت انا وعماى وجدى راكبا على حمارته .....
اقتربنا من البيت ...السماء فى الريف لها شكل رائع تضوى فيها النجوم بلمعان بديع ......كانت الحمارة تمشى وحدها فهى تحفظ الطريق جيدا ....واذا برجل يعبر الطريق امامها كادت ان تصدمه ....... لكنه مد يده ماسكا عنق الحمارة فتوقفت وقبل ان يتحدث احد منا رفع راسه الينا لنراه جيدا .....
العجوز الساحر ......نطق محدثا جدى ...:
..فى حادث تموت قبل الثانية عشر الليلة.....
ثم ترك الحمارة وهم بالذهاب الا اننى هذه المرة قفزت عليه وعماى من خلفى فامسكنا به .......لم يبد مقاومة ......ظل ساكنا ينظر الينا ......تحاشيت النظر الى عينيه ......سحبناه سحبا الى داخل البيت ....دخل جدى واجما عابث الوجه .......هم اعمامى بالفتك بالرجل .....صيحة من جدى اوقفتهم ........سيبووووووه .......
ظل الرجل صامتا ... ..وارتفعت الايدى عنه ...جلس على الارض فى هدوء...اقترب جدى منه .....نزل على ركبتيه امامه ....امسك بتلابيبه وهزه هزا قائلا له ..... انت مين ؟؟؟
لم ينطق الرجل ......من جديد سأله جدى بعنف اكثر .....انت مين ؟؟؟
ومن جديد لم ينطق الرجل .......صاح اعمامى بجدي .......سيبه لينا .....احنا نعرف نخليه يتكلم ......او هانخلص عليه .....
دقق جدى النظر الى العجوز طويلا ثم تركه ونهض قائلا :
ماحدش يقرب منه ..........خلوه لوحده .............حطوه فى الاوضة الجوانية لحد .....توقف جدى عن اكمال الجملة للحظات ونحن ننظر اليه ....ثم اردف ..لحد الصبح ..
دخل جدى حجرته ....نظرت اليه متتبعا فوجدت يفرش سجادة الصلاة ويشرع فى الصلاة ...
أخذتنى رجفة فى جسدى وقشعريرة باردة رغم حر الجو ........نظرت الى ساعة يدى كانت العاشرة والنصف ليلا ........
الجملة الملعونة تعود لتدق سمعى من جديد ....
.فى حادث تموت قبل الثانية عشر الليلة......فى حادث تموت قبل الثانية عشر الليلة.....
......اى حادثة ؟؟؟؟؟ اللعنة عليك عجوز النحس والموت .......
تكلمت مع اعمامى ......شرحت لهم ما يدو بذهنى .....الجميع يتملكه الرعب ....يستعيدون ما سبق من احداث .....عماتى يبكين .....البعض يقول ...حرام عليكم .....الغيب عند الله ......والموت بايده وحده ......
البعض يقرر .....احنا فى البيت ومافيش حد هايخرج منه ......يبقى خايفين ليه ؟؟؟؟
انهى جدى صلاته وأمر بالعشاء ......نظرنا الى بعضنا البعض ....ومالبثت عماتى ان انتهين من اعداد الطعام ......امر جدى بادخال بعض الطعام الى العجوز ....تعالت الاصوات رافضة ....جدى يأمر بحزم .......طلبت منه ان يسمح لى بادخال الطعام اليه فوافق ....
حملت الطعام ودخلت الحجرة ولا اخفيكم امرا ....كان الخوف والرهبة يتملكانى .....مصباح وحيد يتدلى من سقف الحجرة ...نوره اصفر يضفى على الحجرة ظلال باتت لى وقتها وانا اقترب من العجوز القابع على الارض مخيفة ....
وضعت الطعام امامه بيد مرتعشة ....رفع راسه لتصطدم نظرته بعينى ....تراجعت خطوة .....قلت متلعثما ......من انت ؟؟
لم يرد ........من اين انت ؟؟؟ ......لم يرد.. ......هل سيموت جدى ؟؟
لم يرد ........قلت بضجر : هل تعلم الغيب ؟؟؟
كدت انصرف عنه خارجا عندما سمعت صوته :
وما الغيب ؟؟؟؟
ارتدت اليه ناظرا اليه بتأمل ......ثم قلت :
الغيب هو علم الله وحده ....هو كل ما لم يحدث بعد .....
نطق يصوت له عمق غريب :
....مالم يحدث متى .؟؟؟؟؟....اللحظة ؟؟؟.....ام الساعة ..؟؟؟...ام اليوم ؟؟......ام العام كله ؟؟؟
وما لم يحدث اين ...؟؟...امامك ....؟؟؟..ام فى بيت يجاورك ....؟؟؟.ام فى بلد اخر ؟؟؟؟
بهت من اجابته ......كدت انطق الا انه اشار بيده بحزم امات الكلمات على شفتى ....واشاح بوجهه بعيدا عنى فخرجت من الحجرة صامتا مذهولا ...
تجاوزت الساعة الحادية عشرة والنصف....اعمامى صمموا ان يجلس جدى فى منتصف دائرة يحيطون بها من حوله ....الباب مغلق ....صوت المذياع على القرآن الكريم ...
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ

الوجوم يغلف الجو بتوتر ......

وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ

اعمامى ينظرون الى جدى فيبتسم لهم فيردون بابتسامات مشجعة...

وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ

وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ

وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ...

اصوات طرقات على الباب ننفزع لها جميعا .......عمى الاكبر يصيح .....ماحدش يفتح الباب .....

إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

جدى يقول : شوفوا مين على الباب ؟؟؟
الساعة الثانية عشر الا خمس دقائق ......
اصرخ على جدى....لااااااااااااااا أرجوك يا جدى .....استنى شوية ..

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ..

ابكى .....الطرقات تتواصل على الباب .....الساعة تقترب من الثانية عشر

قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ

هزة عنيفة جدا ترج البيت لينصدع احد العروق الخشبية فى السقف ويهوى كالمطرقة بعنف رهيب فيصيب راس جدى فيقع ميتا فى لحظة رعب شلتنا جميعا.....
افقنا من الذهول على ما تناثر علينا من الاتربة والطين والاخشاب المتساقطة وعلى صراخ عماتى وصياح الرجال الواقفين امام الموت والحيرة تفتك بنا ....
اسرع عمى الاكبر الى الحجرة الداخلية وهو يقسم ان يقتل العجوز ....
الجيران تجمعوا على الصراخ والعويل والنحيب ...البيت يمتلء بالناس والكل يهمهم بعد ان سمعوا ما حدث ....قالوا انه لابد من شنق ذلك العجوز المشئوم...
جروه جرا من ثيابه الى خارج البيت .......الخبر ينتشر كالنار فى الهشيم ....القرية كلها استيقظت حاملة المشاعل امام بيت جدي ....قام عمى الاكبر بربط حبل من الليف الخشن اعلى السطح ليكن متدليا امام باب الدار
لم اكن استطيع فعل شيء ....الموقف كأنه كابوس لا استطيع الافاقة منه ..
الناس تتصايح تريد الامساك بالعجوز لتفتك به بايديها .....عمى يحضر منضدة عالية ويصعد اليها وهو يبكى صارخا فى العجوز يسحبه سحبا ليصعد الى المنضدة ..يدا العجوز مربوطتان خلف ظهره ...العجوز لا يتكلم او يقاوم .....
وقف بالقرب من عمى على المنضدة وسط صيحات الجمع الذى ضاق بهم المكان .....لف عمى حبل المشنقة حول عنق العجوز وهو يقول بغضب ومازالت عيناه تبكى .....هاسيبك كده متعلق قدام الدار تاكل الغربان من رأسك .......العجوز لا يتحرك او ينطق .......... قفز عمى من على المنضدة العالية ليقف وسط الباب المفتوح ........
الناس تتصايح ...اشنقه ...اشنقه
..ويصرخ عمى.....الى جهنم ماطرح ماجيت ......
وبقوة وعنف جذب المنضدة من اسفل العجوز ليسقط الحبل ((فارغا ))من لا شىء متأرجحا فى الهواء وسط ذهولنا جميعا......

....................تمت .........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق