الخميس، 19 أبريل 2012

الامنية .....

31 مارس 2012

الامنية .......

يجزم ويقسم كل من اصدقاءهما انهم لم يعرفوا زوجين جمعهما الحب والعشق والاخلاص كما جمع هذين الزوجين ....
تزوجا منذ سبعة وعشرين سنة .....كانا خلال تلك المدة كانهما فى اول زواجهما.... كلمات الحب لم تخبو جذوتها ابدا .....لغة الهمس الحالمة كانت دائما حديثهما ...كانا اقرب الى توأمى الروح .....اذا مرض احدهما اصبح الاخر مريضا بذات الاعراض ...فاذا من الله بالشفاء على الاول شعر الآخر بدبيب العافية يسرى فى اوصاله .........اكثر من مرة قال لهما طبيبهما ممازحا ....ارى حبلا سريا يربط بينكما .....
كانا يبتسمان معا ....يشعران بذات المشاعر معا ....
ذات مرة - وكان لمثلها حالات عديدة مماثلة - همت ان تقول امرا فاذا به قبل ان تنطق يقول لها ما يفيد موافقته على طلبها !!!!!
لم يكن ينقصهما الا امرا واحدا ......
ان يمن الله عليهما بطفل ...............
ولمدة السبعة وعشرين سنة لم يحدث ذلك ........
اكد الاطباء العديدون الذين تابعوا حالتهما ....انه ليس لدى احدهما اى سبب طبى يمنعه من الانجاب مطلقا .....واكد اخرون ان باستطاعة كل منهما ان ينجب اذا ارتبط بطرف اخر !!!!!!
سخرا هازئين من مقولة الاطباء .......كيف ينفصلا ؟؟؟ ولماذا ؟؟؟؟
اذا لم يمنحهما الله سبحانه الطفل الذي يحلمان به سويا فيزيد من ارتباطهما ويكونا اسرة من ثلاثة اشخاص متوحدة فى روح واحدة ....فلا يردان ذلك الطفل ابدا ...
لم يكن له من اهل غيرها ....قال لها ذات مرة ..انها باتت زوجته وطفلته المدللة واسرته التى حرم منها بعد وفاة والديه ....
هى ايضا كانت ترى فيه الزوج والابن والاسرة كلها ....غير انها كانت لها شقيقة وحيدة تصغرها بعدة سنوات تزوجت وانجبت طفلا رائع الجمال كانت هى تحبه اكثر من امه .....قلما كان يفارق صدرها ....كانت شقيقتها ترحب بذلك وتقول لها انت امه لا انا ...كبر الولد حتى بلغ الثالثة من عمره متعلقا بها ايما تعلق ....كان يناديها بماما ....وكانت تطرب دامعة العينين لسماع الكلمة ...فاذا نظرت الى زوجها لمحت نفس الدمعة تلمع فى عينيه مبتسما لها ...
حتى كان اليوم المشؤم عندما وقعت الحادثة التى مات على اثرها الطفل ووالده فى تصادم سيارة بشع ...
وقع الخبر وقع الصاعقة عليها وعلى شقيقتها .....انهارت الشقيقة انهيارا ادخلها المستشفى لمدة اسبوع كادت ان تلحق بطفلها وزوجها على اثره.
اما هى فكانت لا تفارق صورة الطفل ولا تكف عن البكاء ابدا .....
تألم هو ايضا تألما شديدا لفراق ذلك الصغير الذى كان يحبه بشدة ....
حاول بكل الحب والمودة ان يخفف عنها ما يلازمها من احزان ....وكان لمرور الوقت اثره فى ذلك .....فالفراق موتا هو الفاجعة الوحيدة التى تولد ضخمة ثم مع الزمن تخفت تدريجيا وهذا من رحمة الله بنا ...
كانوا ثلاثتهم يعيشون الان فى البيت نفسه كما صممت هى واقسمت على شقيقتها ....خصصا لها حجرة منفصلة حتى تكون قريبة منهما وتحت رعايتهما .....كانوا ذات ليلة من ليالى شهر رمضان الكريم ....ليلة السابع والعشرين ..كان عيد ميلادها السابع والاربعين ....احتفلوا به ثلاثتهم بعد الافطار وسط الضحكات وكلمات الحب حتى كان موعد السحور وبين الضحكات قالت ...ليتمنى كل منا امنية فى هذه الليلة المباركة ولندعوا الله ان يستجيب لنا ......
وهكذا دعوا الله كل بامنيته .....سألت الاخت الصغرى ..هل يذكر كل منا ما تمنى ؟؟
ردت شقيقتها لا ....لنترك ذلك للعام القادم فى نفس الليلة باذن الله فنذكر وقتها امنية كل منا ونرى ما تحقق منها ....ضحكوا جميعا يلفهم الحب والمودة ..
مرت ثلاثة اشهر .....وكان الخبر الذى غير حياتهما ...
الطبيب يؤكد انها حامل فى شهرها الثالث !!!!!!!! هل يعقل هذا ؟؟؟؟؟
لا تصدق ما تسمعه ...ترجو الطبيب ان يتأكد ....زوجها لا ينطق الا بسيحان الله .....تؤكد للطبيب انها تجاوزت سن اليأس ....ويؤكد لها انها حامل .....وان حالات مثل هذه قد حدثت قبلا ..
الزوج يتسأل وكيف سيتم الحمل فى هذه السن ...؟؟
الطبيب لا يرى ما يمنع الا انه يشدد على الراحة التامة طوال الاشهر القادمة مع المتابعة المستمرة والدقيقة خاصة لما بها من امراض مزمنة .
...ما ان وجدا نفسيهما وحدهما وتلاقت اعيونهم شاهدا الدموع تلمع فى عينى كل منهما ...احتضنها كما لم يحتضنها من قبل ....غمر وجهها بالقبلات ...مسح كفيها بدمعه وهو يهمس بصوت خنقه الدمع ...اخاف عليك حبيبتى ....
قالت تغالب دمعها ....هذه مشيئة الله ..
نظر فى عينيها .....لكن انت ضعيفة بالفعل ....الضغط والسكر ليسا بالامراض الهينة مع حمل غير معتاد فى هذه السن ....!!!
تبسمت له هامسة ...شاء الله ان يمنحنا الطفل الذى حلمنا به طويلا ..فهل نرفض عطياه ؟؟
قال .....انت عندى كل العطايا والنعم فى الدنيا ....
ردت وهى تحتضن راسه بكفيها ...دع الامر لله ...
لم يكن من شغل له ولا للشقيقة الصغرى الا السهر على خدمتها ورعايتها .....كان يحضر لها احدى الممرضات لتظل مرافقة لها ....وبين اليوم والاخر يطلب لها الطبيب فياتى لمتابعتها .......
تعبت كثيرا .....تألمت طويلا ....وفى كل مرة كان يلازمها اقرب من ظلها ..تقول له باسمة مقاومة اوجاعها ذات مرة ....انت تشاركنى كل شىء ...حتى الالم ...اتراك تلد معى ؟؟ ...يبتسم مشجعا ويرد :
لو استطيع لجنبتك الاوجاع والالام حبيبتى ...
سألها ذات مرة ...اكانت امنيتك ان تحملى ؟؟ واجابت : لا ...
... كان الشهر السادس قد اكتمل منذ يومين فقط عندما اخذت فى الصراخ والتوجع كما لم تتوجع ابدا..
اتصلت الممرضة المرافقة لها بالطبيب واخبرته انها علامات الولادة !!!!
فزع الزوج خائفا .....افى الشهر السادس ؟؟!!! ......ان هذا لخطر جدا ..!! يا الهى رفقا بنا !!!!
كانت الالام اشد مما تحتمل ....الاوجاع تعصف بها وهم فى طريقهم الى العيادة الخاصة ....كانت شقيقتها تقود السيارة باكية تنظر اليها من خلال المرآة بين اللحظة والاخرى وهى على صدر الزوج تتمسك بيده تتلمس فيها القوة لتحمل الاوجاع العنيفة صارخة كلما ضربتها الالام بعنف...
داخل حجرة العمليات ....اصر الزوج على ان يرافقها ...وصممت هى ايضا ان يكون بجوارها ...........اما الاخت فوقفت خارجا تبكى داعية الله ....
الطبيب يقول ان التدخل بعملية قيصرية قد فات اوانه الان ....الماء حول الجنين قد جف تماما .....الجنين فى وضعية النزول ......ضغط الدم مرتفع جدا.....صراخها يتزايد ثم تكف لاهثة .....الزوج يمسك بكفها وراسه بالقرب من راسها ....دموعه تنساب بالرغم منه ....تقبض على يده بعنف صارخة مجددا ....الطبيب والممرضات يحاولون اخراج الجنين ......ساعدينا ارجوكى ......الالم فوق احتمالها ......تخفت قوتها ....حبيبى ....انا بجوارك حبيبتى ......يبكى يقبل جبينها ........الطبيب منزعجا .....افقد الجنين ...
عنق الرحم منقبض بشدة على راس الجنين ......ادفعى اكثر .. .
تصيح من ضعفها ......ارجوك لا تفقده .......ساعدنى انت ....تبكى ...
الطبيب ....مشرط حالا ... يشق جلد العجان الى اقصى درجة ممكنة ..
صراخها يمزق قلب الزوج ......ينظر الى الطبيب مستحلفا ......انقذها هى لا الجنين ........لآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآ .....تصيح من وجعها ...بل الجنين اهم .....
الطبيب ......لقد تحرر راسه ......هيا ساعدينى ......لم يبق الا القليل ...
تشبثت بيد زوجها وهى تصرخ .... شعر باصابعها ضاغطة على كفه بقوة لم يعتدها واظافرها تنغرس فى ظهر يده .....ثم سكتت شاهقة .......الطبيب ...اكاد اخرجه ....بعض الدفع ...تهمس ....اقترب منهازوجها .....اختى ....
قال ...بالخارج ...كررت ..اختى !!!!
الطبيب .....صارخا ....اين انت ؟؟؟.......لا تتحرك .....قام الطبيب بالضغط بعنف على اسفل بطنها وجانبيها ....فاطلقت صرخة ألم عنيفة .........اخيرا خرج ........كانما انسلت روحها منها ...وهى تنظر متسارعة الانفاس الى الجنين المعلق من قدميه بيد الطبيب يصفعه على مؤخرته..
والممرضات ينظفنه حتى اطلق صرخة الحياة ....بكت وبكى الزوج ...اخذ يقبل جبينها ....كانت تغالب الدموع والبكاء وهى تقول :
الحمد لله ....لقد حقق امنيتى
رد الزوج باكيا ...الحمد لله ..
نظرت اليه دامعة ومازالت يدها تقبض على يده ....همست بصوت واهن متقطع ..تمنيت ....ألا ....اموت ....الا ...بعد ...رؤيتى ...الطفل ......وانت ..ماذا تمنيت ؟؟؟
وجم الزوج ...وهو ينظر فى وجهها ....ارتعش صوته وهو يهمس لها :
تمنيت ..ان لا نفترق ابدا ..!!!1
ابتسمت .....يدها تفقد ضغطها على يده ....شعر بانها غادرته ....صرخ متشنجا بالبكاء ..لآلآلآلآلآلآلآلآ ..................
والقى براسه على صدرها ......فزع الطبيب والممرضات .....دخلت الاخت بسرعة على اثر الصرخة ....الطبيب يرفع راس الزوج عن صدر زوجته ....يقع الراس مجددا .....لقد مات ....كما هى ايضا ....ماتت
الاخت تبكى صارخة ......اختييييييييييييي .....تقترب منها احدى الممرضات تربت على كتفها وهى تحمل الصغير كالملاك .......وتقول :
تشجعى ......هو لك الان .....وليس له غيرك ....
تنظر اليه ومازالت تبكى ....تمد اليه يديها مرتعشتين .....تحتضنه ...تقبل جبينه وهى تتمتم ......انت عوضى من الله اذن ...

........................................تمت .........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق