الخميس، 19 أبريل 2012

السر ........

1 أبريل 2012

السر ........

كانت الاصوات الباكية والمكبرة والناعية تختلط معا اثناء حمل النعش متجهين بها الى مثواها الاخير.....صدمة وفاتها زلزلت وجدانه ....الحزن يكاد يقتله ....لا يكلم احدا ....لم يستطع حمل النعش مع الرجال ..سار متقدمهم فى خطوات تكاد تهوى به الى الارض ....احبها كما لم يحب نفسه .....وكذلك كانت هى ايضا .....
كانت حياته وقفا عليها ....كثيرا ما كان يصحو من نومه فيجدها بعد نائمة بجواره فيحلو له ايقاظها بقبلات على خديها فلما تتنبه تبتسم له ...فيقول :
كنت معى الليلة ايضا فى احلامى ....تعجب منه وتبتسم متسائلة :
اكل ليلة ؟؟؟؟ فيقسم ان نعم ...كل ليلة تكونين معى نلعب ونضحك ...
كانت ترد عليه بنفس البسمة ...انت معى الان ....فدعك من الاحلام ...
وها قد رحلت عنه .....ها قد تركته من شدة حبها له ...ماتت من شدة صدمتها من نبأ اصابته فى حادث اليوم .....
اخبرها احد الاصدقاء النبأ بطريق الخطأ ....قال لها ....زوجك مات فى حادث .لم يتحمل قلبها العاشق له هول الصدمة فتوقف ورحلت من كانت تهبه الحب والحياة .....
عاد الى المنزل ليفاجىء بالواقعة المزلزلة .....
القى بنفسه عليها ....هزها بعنف ....صاح فيها ....انا هنا حبيبتى ....انا لم امت .......قومى .....انهضى ياحياتى .....كان دمعه لا يكف عن النزف ..
يتوجهون بها الى حفرة لا يملاءها الا التراب ......لو استطاع لازاح مابين اضلعه فارقدها جوف صدره ....لو استطاع لرقد الى جوارها فيظلان معا كما كانا دوما معا .....
الاصوات فى تكبير وتأليه والبكاء لم ينقطع ...هذا شقيقه فى مقدمة حاملى النعش ....وتلك شقيقتها تسير مع باقى السيدات .....البكاء يخنق الجميع ....اقترب المقر الاخير .....نظر الى الحفرة ...بكى ...يالك من نهاية لجسد كان ملؤه الحب والحياة ....حاول ان يمسك بالنعش لينزله الى الارض خارت قواه ....وقف يشاهدهم وهم يوارونها التراب ...
الوداع يا رفيقة العمر ....وما للعمر من معنى بعدك .....الوداع يامن ماتت حبا وخوفا من اجلى .....فقط ارجوك ....ارجوك الا تتركينى للابد ....
.......................انتهت مراسم الدفن فترك الجميع دون ان يتكلم الى احدهم .....كان يسرع الخطو .....يريد ان يعود الى المنزل .....يشعر بان حبيبته مازالت هناك ...ليست هى تلك التى دفنت الان .....هى بالمنزل كما تركها من قبل ............احساس غريب يتملكه .....وكأن هاتفا يهتف به بما يشعر .....
كان وحده بالبيت ...دخل حجرتهما ....صورتها على الحائط معلق عليها شريط اسود ....ويلكم .!!!!!...من فعل ذلك ...؟؟؟؟..مد يده الى الشريط فجذبه بعنف ورمى به ثم احتضن الصورة باكيا وهو يتمتم ......ارجعى يا حياتى ....ارجعى انا انتظرك .....
كانت ليلته الاولى وحده لاول مرة على فراش طالما شهد عناق الحب بينهما .....يتقلب ارقا وحزنا ينظر الى طرف الوسادة الى حيث كانت تنام بجواره ....يتذكر بسمتها له قبل النوم وهى تهمس له ...احلام سعيدة ياحبيبى ......فيرد ضاحكا ....بالتأكيد سوف احلم بك كالعادة ......
يعاوده الدمع من جديد ...كم كانت رقيقة .!!!!!.
شعر فجأة بأنفاس دافئة من خلف عنقه ...همسة حنونة تطرق سمعه ..
حبيبى ....!!!!
ألتفت بسرعة .....لم ير أحدا ..انتفض جالسا على الفراش متلفتا حوله ...صاح ما بين بسمة وبكاء .....لبيك حبيبتى !!!!!!
لا احد ......اين انت ؟؟ ,,,,,, لا احد ,,,,,,,,,,,, دفن راسه بين كفيه وبكى كما طفل صغير .......................................
لا تبكى حبيبى انا معك !!!!!!!!!!!
سمع الصوت وشعر باليدين تحتضنان رأسه .....نظر فاذا بها جالسة امامه على الفراش ....هى ....هى الباسمة الدافئة شوقا ....هى الرائعة كما الاحلام شكلا .....تهلل وجهه بالحب فرحا ............تلعثمت شفتاه نطقا ....احتواها بلهفة الشوق حضنا ...وترك لنفسه عنان البكاء على كتفها .....
كانت يداه تمسك بجسدها بقوة كانما يخشى ان تأخذ منه .....انهال عليها تقبيلا .....تضحك ......يزيد احتضانه لها .....تتمايل بين ذراعيه ...
تقول له بغنج .....انت لى الان ......ينظر اليها بشوق ...ثم يضمها اليه بعنف .............ابتعدى عنه ياملعونة ...!!!!
التفت الى ناحية الصوت مفزعا .....كانت هى تقف امام الفراش ...
نظر برعب اليها ثم نظر اليها بين ذراعيه هى ايضا معه .....اخذه الذعر فتراجع مبتعدا الى الوراء .....من انتما ؟؟!!!!! ..
نطق بالكلمتين وهو ينقل بصره بين المرأتين امامه كانهما واحدة امام المرآة...اقتربت منه التى على الفراش ....حبيبى انا حياتك ...انا من تحبك .راسه تهتز خوفا .....صاحت الاخرى ..لآلآلآلآلآلآ .....انت ملعونة ....سلبتنى اياه جسدا .....شاركتنى فيه حلما .....اما الان فلن اسمح لك بسرقته ابدا .....
اقتربت منه مادة يدها وعلى وجهها ابتسامة ودودة لمح فيها زوجته الحبيبة .....قالت له .....هيا حبيبى هيا معى ....قام مستجيبا لها ...مد يده ليمسك يدها .........صرخت الاخرى بغضب ارتجت له الحجرة ....بل هو لى ....هو لى منذ الازل والى الابد .....ردت الثانية بعنف ...اخسئى يا ملعونة ....ماكان لك يوما ....كنت تخدعينه بشكلى انا ...... قهقهت بصوت مفزع .......كنت له اللذة وسأظل امتلكه ....صرخت فى وجهيهما ...وتحول شكلها الى مسخ بشع .....امسكت الثانية بيده وصاحت فيها .......الى الجحيم حيث مأواك ......القهقهة تتعالى فى عنف ...والصوت يقابلها فى ثبات .....ويذهب عنكم رجز الشيطان......تتعالى القهقهة ..لكن فى شىء من التقطع ......سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ.......تتحول القهقهة الى صراخ .....فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ............الصراخ يتزايد والمسخ يتلوى فى الحجرة كانه يأكل بعضه بعضا محترقا .....وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَااااااااااااااانٍ ..........آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه......انفجر المسخ ككتلة نيران توهجت فجأة لتختفى فجأة .....
اقبلت عليه الزوجة باسمة واقبل عليه فتمتمت فى وجهه .....يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية...........يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية......فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ..........جسده يرق يصير نورا شفافا يترك يدها وهو يبتسم ....يتلاشى من امامها .....تقف وحيدة فى الحجرة تلتقط الشريط الاسود وصورة زواجهما فتضعه عليها متمتمة ....رحمك الله رحمة واسعة ....

..............................تمت .............................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق