الخميس، 19 أبريل 2012

الانتظار...

9 مارس 2012

الانتظار...
مر شهر تقريبا منذ وقوع الحادثة الاليمة..لم تفارق صورها مخيلتها أبدا...مازالت تراها صحوا ومناما ...اذا كانت تنام بالاساس....فهى شاردة ..شاخصة ببصرها الى اللاشىء ....تدور طائفة فى حجرات الشقة التى ضمتهما معا تناجيه وتبكى اما صوره على الحائط ....
كانا متجهين بالسيارة ليلا الى الاسكندرية ...الضحكات وعبارات الحب تلفهما ...صوت المذياع يشدو بأم كلثوم فى رائعتها الحب كله ...كأنما يشاركهما رحلة السفر وجو المحبة ....
السيارة تزداد سرعتها ...الطريق الصحراوى شبه خالى فى هذه الساعة الفجرية المبكرة....ياحبيبى قول للدنيا بحالها ......تزداد السرعة ......ولكل قلب بدقته حس .....هو يمسك يدها يقبلها باسما ........يادننيا حبى ......تغمض عينيها ....وحبى ......السرعة فى اقصاها ....وحبى ......عجلة القيادة تنحرف فجأة.........دا العمر هو .......يلتفت بسرعة مذعورا الى الطريق......العمر هو .......السيارة تتمايل مضطربة بغير تحكم.......الحب وبس .......تصرخ فى رعب ....السيارة تنقلب فى لفات متتالية......كل ما استطاع ان يفعله ان القى بنفسه عليها محتضنا اياها وصراخها لم يتوقف..
هذا ما تذكره من تفاصيل الحادثة.....حتى افاقت لثوانى والدماء تغطى وجهها وشاهدت الجمع من الناس والسيارة المحطمة وجثة حبيبها واخر ما ترامى الى سمعها ...صوت احدهم وهو يقول لابد من نقلها فورا الى المستشفى ..........
مات من احبها اكثر من نفسه واحبته حب العالمين ....مات ربما ليحاول انقاذها من نفس المصير.......
هى الان لا تبرح شقتهما .....لا تخرج ابدا .....لا تقبل زيارة احد الى الشقة....اخر من دخل من اقاربهما وكان يصحبه اخر بمجرد دخولهما سمعت منه ذكر الحادثة فما كان منها الا صرخة زلزلت المكان اعقبتها بصفعة شديدة على وجه الرجل الذى خر الى الارض مغشيا عليه وفر الاخر هربا ....صارت فى غاية العنف مع كل من يقترب منها ....لا تريد احدا ...لا تريد ان يدنس احد هذا المكان الذى جمعهما معا.....سأضل انتظرهنا ....سأظل حالمة ان تأتى يوما تزورنى ......
الغريب انها دوما كانت تستمع الى ذات الاغنية الاخيرة التى شهدت اخر لحظاتهما معا....الاغنية فقط هى التى تسمعها ما تنتهى الا لتبدأ من جديد....
روح قلبي يا حياة ايامي... ايامى ..... ..يا روح قلبي....يا روح قلبى
يا حبيبي يا ملاك احلامي....... احلامي.......... يا روح قلبي ..يا روح قلبى...
تسمع صوتا عند باب الشقة......أنا كنت ايه قبل ما اشوفك......كنت ايه...
مفتاح يولج بقفل البا ب وصوت هامس يتحدث .....وكنت عايش يا حبيبي ايامي ليه......أيامى ليه ....الانوار تطفىء فى الشقة وصوت الاغنية مستمر....طريق حياتي مشيته قبلك في ليل طويل......يظهر الحبيب مبتسما امامها وتعود الانوار.......لا قلب جنبي يحس بيا ولا طيف جميل...
الفرحة والسعادة والشوق والحنين اختلطوا جميعا فى نظرة ذهول...صامتة قبل ان تلقى بنفسها بين احضانه دامعة باكية ...كما لم تبكى من قبل..

ولما شفتك اول ما شفتك بكل شوق الدنيا لقيتني
مشدود اليك...مشدود اليك
وفي كل حب الدنيا نديتك وجريت عليك....جريت عليك......
انا استنيتك كتير ...كتير يا حبيبى ........تبكى والكلمات مجروحة متهدلة كأنما خنقتها العبرات ....يبتسم ...يهمس لها :
- تعالى معايا....
ترد مندهشة ...:
- ازاى..؟؟
- انت مش عايزانى..؟
- طبعا ياعمرى...
- خلاص هاتى ايدك ف ايدى وتعالى معايا ......
تمد يدها مر تعشة لكن بشوق ولهفة ......امسك بها وضمها اليه واستدارا تجاه باب الشقة .....الانوار تنطفى لحظة واحدة وتعود مع فتح باب الشقة ...يدخل رجلان أحدهما يرتدى ملابس المشايخ ويتمتم بأيات القرآن الكريم
يقول الاخر :
- اتفضل يا مولانا ربنا يجعل الخير على قدومك ......
والله احنا غلبنا فى الشقة دى.....من يوم الحادثة اللى مات فيها الزوجين الله يرحمهم واحنا مش عارفين نعيش فيها ابدا...........
................................................تمت  .............


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق