الخميس، 19 أبريل 2012

.....العملية ....

11 مارس 2012


..................العملية ....
قرر الاطباء بمعهد الاورام ضرورة ولزوم اجراء العملية فورا ....لم يعد من الممكن الانتظار ....فقد تفشى الورم الملعون حتى اوشك ان يقضى على الكبد تماما بالاضافة الى ما نال اجزاء من الجهاز الهضمى ايضا..
* كانت هذه هى الليلة الاخيرة لها فى المستشفى واجراء العملية سيتم فى الصباح الباكر .....
بنفس راضية لقضاء الله استسلمت ...
بنفس طالما احتملت اعاصير وألامات المرض اللعين وافقت ...
قالوا وقرروا واكدوا ان النتيجة ضعيفة جدا جدا .....ومع ذلك صمموا على اجرائها ....
قال لها كبير الاطباء ذات مرة ....واحد فى المية احسن من صفر..
بدون العملية فان الوفاة محتومة لا محالة...
خمسة اولاد فى مختلف الاعمار هم من يشغلون كل تفكيرها ...
اكبرهم فتاة لها من العمر اربعة عشرة عاما..واصغرهم طفل ذو خمسة اعوام .....
كانت تقوم على رعايتهم وتربيتهم وحدها بعد ان توفى زوجها بنفس المرض اللعين.....
لم تنقطع يوما عن الصلاة فى وقتها ...حتى فى اشد نوبات الألم الرهيبة كانت تسجد لله داعية له راجية اياه ......
لم تكن تواجه طعنات الاوجاع بالآهات بل كانت تبكى معتصرة ألمها وهى تردد....... اللهم صل على حبيبك محمد ......تمد بها صوتها كانها صارت هى الزفرة والتنهيدة والصرخة والرجاء ....
الرعب الان يقتلها من انتظار الصباح .....هذا الصباح القادم حاملا معه ما تخشاه ....
يارب هل اتراجع ؟؟؟ هل انتظر قضاءك ؟؟ ام اسعى اليه ؟؟؟
الساعات تمر سريعةهذا الليل ....على عكس ايام وليالى سابقة كانت تبتعدفيها عن اعين اولادها وتغلق عليها حجرتها قابضة باسنانها على طرف وسادتها تتلوى باكية من الالم ......تجاهد حتى لا يسمعها احد ....دائما وحدها .....الا من وجود الله سبحانه معها وصلاتها على رسوله الكريم التى كانت تراها المسكن لما تكابده ....
رفضت ان يبيت الاطفال معها هذه الليلة الاخيرة .....ودعتهم وتركتهم ببيت شقيقها الكبير القعيد .....اوصت زوجته عليهم بالرغم من يقينها انها لا تحبهم .....لكن ما بيدها غير ذلك فلا قريب او صاحبة يمكنها ان تلجأ اليها غيرها ......
اللهم لا تفجعنى فيهم .....ظلت تدعو الله لاولادها....
.....بجوار سريرها ذلك الراديو الصغير الذى صممت ان تصحبه معها حتى تستمع للقرآن فيه....
الان تستمع والدموع لا تفارق عينيها ....الاسئلة تحاصرها وتطاردها...وصور اولادها تترآى امامها فيشتد هلعها عليهم .....
ياااااارب امنحنى القوة والعزيمة على مواجهة قدرى.....ياااااااااااارب ..
الالام تعاودها من جديد رغم ما تناولته منذ قليل من ادوية لتجهيزها للعملية......الضربات تتزايد.....تنهض من السرير .........طعنات الالم تتوالى عنيفة ....اللهم صلى على حبيبك محمد .....الالم يفتك ببطنها وجانبها .......يااااااارب .....تنثنى على نفسها .......لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا...................ارحمنى يالله...........لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ.................اللهم صل عليك يانبى..................رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا........................الهى ارحم ضعفى...................رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا .........................................الالم فى اشد حالاته كما لم يمر بها......رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ.........................يالله يالطييييييييييييف...........تبكى واقعة على الارض...................وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ ...............لا استطيع....لا استطيع ...............ساعدنى يارب ...........
الصوت من حولها توقف كانت متقوقعة على نفسها على جانبها الايسر ....ملامح الحجرة تتلاشى من امامها ....تشعر بانها الى غيبوية سحيقة تهوى ....حتى الألم باتت لا تشعر به .....استسلمت وقبل ان تغلبها النهاية تمتمت بالشهادتين ودموعها تئن على خديها .....واذا بنور ساطع يغشى الحجرة ......نور لاتكاد تتبين من شدته شىء ....رفعت راسها قليلا عن الارض ......تحس بدفىء غريب من حولها ......هذا كيان شخص يقترب منها ....لا تكاد تحدد ملامحه من شدة النور الساطع من وجهه......بالرغم من ذلك تشعر انه يمتلىء حنينا.....احست بخاطر فى قرارة نفسها ....اعتدلت جالسة وهى تواجه هذا الفيض النورانى وقالت متسائلة:
انت رسول الله ..؟؟
اقترب منها قائلا :
لا تخافى.........
كانها لم تسمعه فاعادت سؤالها :
انت رسول الله ؟؟
تقدم اكثر واشار بيده اليها لتنهض فنهضت واشار الى السرير فنامت عليه ناظرة اليه كانها تستحثه ان يجيبها....
وقف بجوار السرير ......الحجرة كلها غارقة فى بحور من النور .......
تحدثت هى فقالت .....انت اشارة من الله .....أعمل العملية ؟؟؟؟
لم ينطق ...بدء يتراجع للخلف وهو ناظرا اليها .....صاحت به ...أرجوك أرجوك ...انت رسول الله ....؟؟؟
قال : لا ...............................انا صلاتك عليه ......
الله اكبر الله اكبر .............اذن الفجر يخترق السكون وبدأت ملامح الحجرة تعود من جديد ....مازلت قابعة على الارض فى نفس الموضع الذى وقعت فيه متألمة......قامت تتلفت حولها وتحمد الله.....تمتمت على بركة الله ...ثم انتصبت تصلى صلاة الفجر.........
* باب الحجرة يفتح صباحا ...... كبير الاطباء الذى سيجرى العملية يدخل بصحبة بعض الممرضات.....يسألها عن احوالها ويشجعها على الخطوة القادمة ....تاخذها الممرصات على السرير الى غرفة العمليات
...بمجرد دخولها الغرفة... اطباء كثيرون يهرولون الى حجرة العمليات
الاصوات تتعالى .....الكلمات تردد سبحان الله ....
هى فى الداخل نائمة على السرير المعد للعملية والاطباء جميعا حولها .....كبيرهم يأمر أريد أشعة على الجسم كله حالا ....تحاليل دم جديدة فورا......
الكل يسألها ..ماذا حدث .؟؟
الكل مندهش ان بطنها ناعم املس ليس به موضع للسرة ....وانها لم تعد تشعر باى ألم مطلقا.....

تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق