الأحد، 3 يونيو 2012

آآآآآآآآآآه ......يااااا عيـــاااااااااالــى .....

الاحد 3 يونيو 2012


آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ......يااااا عيـــاااااااااالــى .........


الحاجة صابرة ..هذا اسمها ....اطلقوا عليها ام الشهداء ...ولما لا وقد مات لها من الاولاد خلال الثورة ستة من الشباب النضر ... اصغرهم ابن خمسة عشرة سنة ....كان زوجها قد مات عنها منذ سنوات مضت ...انبتتهم كالزرع الاخضر يحن للارض ويعشق ترابها ..موطنها فى احدى قرى الصعيد المصرية حيث الاصالة والقيم والعراقة .....كانت تردد عليهم ...ارضك ياوليدى هى شرفك وعرضك ...بلدك ياجليبى ..هى امايتك وزوجتك وخيتك وبنيتك ......
اندلعت الثورة ....انطلقوا مشاركين جميعا فيها ...ما كانوا يعودون للبيت ...دوما مع الثوار ....حتى عاد منهم اربعة فى يوم واحد ....محمولين على اعناق الرجال ....الطلقات تخترق رؤوسهم واجسادهم ...والدماء تسربلهم برداء الموت ....تلقت فجعتها واجمة ...انسابت دموعها ..مخنوقة صيحاتها عليهم ....صاحت فى ولديها الاخرين .....اوعاكم تعودوا للدار ....تار اخواتكم فى رجابكم دلوكيت ...
وعشان تخدوه ...ارجعوا ..كملوا اللى بديتوه ....
ولم تمر الا ايام وعاد الابنان اكبرهما برصاصتين فى صدره والاصغر مدهوسا تحت عجلات الغدر ..
اتاها الاهل والجيران باكين معزين ..آبت رافضة تقبل العزاء منهم قائلة لهم ...
احنا ما خدنا بتار اللى راحوا ...مابردت النيران فى الحشا ...والدمع ما جف ولا هاينشف ....لساته بدرى العزى ...لساته ماحل اوانه .....
...كانت تحاول بكل ما استطاعت من قوة ان تتماسك امام الجميع ..
تبدو صلبة رغم سنها الكبيرة ...تبدو قوية شامخة كأحدى جذوع اشجار التوت بجوار الدوار ....ما كانت تسمح لاحد ان يرى الحزن على وجهها ....تنطق دوما ...كلاتهم فدى ترابك يابلدنا ....كلاتهم رووا بدماهم شجرك ونخيلك ...بس اوعاكى ياغالية تهمليهم ...اوعاكى يامايا تروح دماهم فى التراب من غير مجابل ومن غير حساب ....
لكن اذا خلدت الى نفسها ....جلست تتأمل ثياب الاولاد امامها ...تمر بيدها الحانية عليها ..تقربها من وجهها ...تتشمم فيها عبق من ذهبوا تاركين اياها بلوعتها .....ثم تستمع للاغنية الوحيدة التى تظل تدير تسجيلها ...قولوا لامى ماتعيطيش .....وحياتى عندك ما تزعليش ....قولولها لو مت يا امى .....اموت اموت وبلدنا تعيش ...
تتخلى عن قوتها ...تترك خلفها جلدها و صبرها ......وتجرى دموعها حارقة تشقق خدين ضامرين من شدة الحزن ....ويزيد نحيبها اكثر وهى تشنج بالبكاء عندما تردد الاغنية .....فى جسمى نار ورصاص وحديد ....علمك فى ايدى واسمى شهيد .....تنكب على وجهها تحضن ثياب الاولاد ...تعتصرها بقبضتيها صارخة ....يااااااااا حرجة جلبى عليكم يا نور عيونى ....
مرت الشهور والايام ...تتابع بكل صبر جلسات محاكمة المخلوع واعوانه ...من اصدروا الاوامر بقتل الشباب الثوار ....كلما تأجلت الجلسات تدعو ان يطيل الله عمر ذلك الراقد ابدا على سريره متناوما امام الناس ....تختلج نفسها لوعة وحرقة ....وتجرى الايام باحداث واحداث ...ويسقط الكثيرون مثل اولادها .....تتجدد الاحزان وتتعانق الاهات لتلد اوجاعا وألاما لا تنتهى .تشعر فى كل مرة يسقط فيها شهيد انه احد ابناءها قد قتل من جديد .......الصبر يا الله ....
واخيرا كان اليوم المرتقب ...اليوم الذى طال انتظاره ...يوم النطق بالحكم .....اخيرا يمكنها ان تشعر بأخذ الثأر وتقيم لاولادها حفلا تتقبل فيه التهانى لا العزاء .....
جلست مع الجميع امام الشاشة الكبيرة امام الدوار التى جهزها شباب القرية تشاهد وتسمع لحظة الثأر الغالية ....كم حلمت بها ...الاعدام لكل من ازهق ارواح خيرة الشباب .....بل كانت تمنى نفسها برؤية كل منهم معلقا فى مشنقته .....
كانت تحملق فى الشاشة واجمة ...خيل اليها أنها تشاهد اولادها الستة يقفون خلف القاضى ينظرون اليه .....تبسمل ...تقترب من الشاشة اكثر ....نعم هم ....يقفون صامتين مترقبين ....
وبعد مقدمة طويلة نطق بالحكم .. براءة المتهمين ....سقطت اجساد اولادها الواحد تلو الاخر ... ...حملقت زاهلة ....تعالت صيحات الغضب من حولها ....صرخت هى صرخة مدوية ارعبت كل الحاضرين ليصموتوا جميعا ..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ....ياعيااااااالى .....كم مرة اتجتلتم ياحبات جليبى .....النوبادى اصعب جتلة ....آآآآآآآآآآآه يا مر الحزن والعلجم .. ..آآآآه ياضلمة ايامى وسنينى اللى جاااااية ....
انكبت على الارض تحتضن التراب باكية ....تعفر به وجهها ..
ارتفعت اصوات الغضب مجددا كما ارتفعت اصوات اخرى تذكر الجميع ان القاضى مقيد بما هو مطروح امامه من اوراق ووقائع يقضى بموجبها فقط ....تنطق من بين بكاءها ودموعها ...يا وليدى انا مابعرف فى الجضا والورجات ...انا بعرف ان اللى جتلوا ولادى طلعوم براجة .....عادت تنتحب مجددا ....واذا بشباب ورجال مفتولى العضلات ...سمر السواعد يمسكون بها فيحملونها حملا ....تطوف فى وجوههم باكية ...يقولون لها ....
وشرفك يااماي مافى حد حيقدر يذلك ابدا ......وشرفك يااماي راح ناخد بتارهم ....اوعاكى ياماى تفجدى الامل فينا ....وصدجينا ....صدجينا ..

...........................تمــــــــــــــــــــــت

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق