الخميس، 19 أبريل 2012

الحاااااارس !!

13 أبريل 2012

الحاااااارس !!

حدث هذا فى اخر زيارة لى الى قريتى....ميت الرخا ....
كان ذات مساء عندما سألنى ابن عمتى : أتاتى معى الى المقابر ..؟؟
قلت بدهشة : الان !!!
قال : نعم سنضع بعض الشموع على قبر الاجداد وامواتنا .....
ولان هذا من الموروثات الريفية فلم امانع ....الا ان عمتى صاحت بنا محذرة
ونحن نهم بالذهاب : اياكم وطريق الترعة ....اياكم وطريق الترعة !!!!
توجهنا الى المقابر ....الليل فى الريف له سحر خاص ...لكنه احيانا مخيف ...الظلام اشد سوادا......السماء اكثر بريقا بلمعان النجوم
.....الطريق وسط الغيطان والاشجار على جانبيه تبدو اغصانها مع تمايلها كالاشباح الراقصة ...ولا ننسى المعذوفة الدائمة من نقيق الضفادع وصرصور الليل وما يخالطها دوما من اصوات اخرى لا اعرف مصدرها .....
سألت ابن عمتى ونحن نمشى بين المزروعات ..:
ما الذى قصدته عمتى بتحذيرها ؟ اجابنى ضاحكا : لا عليك ....هى قصص يتناقلها الفلاحون وما شابه ...
كان الطريق بين المزروعات مختصرا ....وصلنا الى المقابر ...سلمت على اهل الاخرة ودعوت لهم ..توغلنا وسط القبور حتى وصلنا الى خاصتنا ...........قمنا باشعال الشموع عند مقابر العائلة وقرأنا الفاتحة وكنا نهم بالانصراف عندما لمحته ....
كان يقف امام احدى المقابر البعيدة عنا ..وحده ....رجل يمسك فى يده عصا طويلة قاربت قامته طولا ...نظرته على ضو القمرالشاحب وما تعكسه الشموع امام كل مقبرة .....لم تكن المقبرة التى يقف امامها ذات شموع مطلقا ..
كان يقف مادا ذراعه الايسر رافعا كفه تجاه المقبرة فى صمت ...يغطى راسه شال ابيض يخفى وجهه تماما ....استمرت وقفته بتلك الصورة مدة طويلة لا يتحرك ....سألت ابن عمتى بدهشة .....ما بال ذلك الرجل هناك ؟؟!!
اشرت له عليه فمد بصره بسرعة وبسرعة اشد نظر الى وقال لا يوجد احد !!! هيا بنا فقد تأخرنا .....
اعدت النظر الى الرجل .....ها هو امامى على البعد بذات الوقفة المتصلبة ..كدت اجذب ابن عمتى ليراه فاسرع هو بجذبى بعنف الى طريق العودة وهو ينهرنى بشدة : قلت لك لا يوجد احد ...وهيا بنا ....
ازدات دهشتى وبغضب جذبت ذراعى منه صائحا به ...لن اذهب بل سابقى وسأعود وحدى ......
امام صياحى تركنى مغادرا وهو يسرع الخطو لا يلتفت وراءه ....
تملكنى فضول قاتل ...لماذا غادر بهذه الصورة ؟؟ ولماذا ينكر الرجل ؟.......الرجل !!! اين هو ؟؟؟ لم اعد اراه ...!! عجبا !!!
تقدمت بخطى بطيئة الى المقبرة التى كان يقف امامها ...اصوات الليل البعيدة ترمى بها الريح الى ......ها هى المقبرة ....ما من احد مطلقا ..!!
اقتربت اكثر راكعا على ركبتى اقرأ اللوحة الرخامية ...
مدفن المرحومة / زينات الدار .......!!!!
هممت بالاعتدال عندما اصاب سمعى الصوت ...كأنه حشرجة وانين من يختنق ..!!! انتابتنى القشعريرة واحسست برعدة تسرى فى جسدى ..
تلفت حولى مصغيا من جديد .....لا شيء ....ولا احد ....انفاسى تتسارع بالرغم منى ....اشعر ان الظلام بات يلف كل شىء ....سأذهب عائدا ...
كانت الخطوة الاولى منى وكانت الحشرجة والانين مع الصرخة المرعبة التى شلت حركتى بل ووقعت ارضا من شدة الخوف وانا اتلفت حولى كالمذعور ....!!!
بدأت تتملكنى الهواجس وصرت ارى كل الاشياء تتحرك نحوى .....حاولت النهوض ....كنت متأكدا هذه المرة ان الصرخة قد صدرت من هذه المقبرة
......ما ان وقفت حتى اطلقت لساقى العنان جاريا لا الوى على شيء ..
الطريق اراه متشعبا وسط المقابر ....لا اعرف من اين جئنا اولا ...مازلت اجرى يمينا ويسارا حتى وجدتنى اخرج من المقابر الى طريق على حافة ترعة كبيرة !!!!
ناديت باسم ابن عمتى .....ردد سكوت الليل المظلم وصفير الرياح الصوت .
حاولت اختيار الاتجاه الصحيح ....سرت يمينا ...اصوات الليل صادرة من الترعة تصم مسامعى .....اخذت اطمئن نفسى وانا اتلو المعوذتين ..
لا احد ....ولا شيء ....فلما الخوف ....القمر الشاحب فى تربيعه الاول ..يلقى بضوءه على صفحة مياه الترعة فتومض بشكل مخيف ....
لماذا لا ارى احدا يمر على الطريق ؟؟!!!
انتهى من المعوذتين فاعيدهما واذا بالصرخة تدوى من جديد بالقرب منى واذا بيدين كأنهما كلاليب تتشبث بقدمى خارجة من جانب حافة الترعة ....تجذبنى الى الاسفل .....
وقعت ارضا اضرب بقدمى مجهولا لا اتبينه وانا اصرخ بكلمات غير متزنة ...الصرخة الباكية المتحشرجة تتردد فى الليل .....الفزع يتملكنى وانا اصيح واضرب ما اشعر انه يقيد قدمى ...
اثرت الكثير من الاتربة جراء رفساتى ...مازلت اصرخ بفزع ...مازالت القبضة على قدمى ولا ارى احد ...كدت ابكى من الرعب ......وفجأة هوت العصا الطويلة على الارض امام قدمى ....تلفت بذعر وكان هو واقفا امامى فاره الطول يغطى الشال وجهه فلا تبين ملامحه .....
.....سكن كل شيء بسرعة .تحررت قدمى ....وسمعت كلمته العميقة القوية .........اذهب !!!
قمت ارتعد تتلاحق انفاسى وما شعرت الا وانا اعدو مبتعدا ....................تمت ..........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق