الأربعاء، 19 مارس 2014

نبــــــــعُ الحيــــــــــــــاة



اقتربت منه بخطواتها الصغيرة البطيئة ثم وقفت امامه صامتة برهة تنكس ناظريها الى الارض ...اتاها صوته سائلا اياها ..
ـــ فيه ايه ياحبيبتى ؟؟
رفعت بصرها اليه وفى عينيها دموع غائمة حبيسة ...وقالت بصوتها الطفولى البرىء ...
ـــ هى ماما هاترجع امتى بقى ؟؟
ضمها الى صدره واخذ يربت على رأسها وظهرها طويلا ..
مر الان قرابة الشهر منذ سفرها ... تغير كل شيء فى حياته مع طفلتهما ذات الاعوام الستة ..مازال يذكر اخر ابتساماتها وهى تلوح لهما صاعدة الى سلم الطائرة ... ما أطولها من رحلة عمل تلك التى سافرت إليها !!! ....
قال لها ..ـــ مش بابا معاكى طول اليوم اهو ...؟؟
هزت الصغيرة رأسها فانحدرت دموعها على خديها وهى تقول بصوت واهن شاحب ارتعشت حروفه ..
ــــ الميس فى المدرسة قالت لنا ...بكرة عيد الام ..وكل واحد يقول لماما ..كل سنة وانتى طيبة ... هى هاترجع امتى بقى ...؟؟
احتضن بكفيه راس الطفلة ناظرا الى عينيها وبطرفى ابهاميه مسح دموعها وهو يبتسم مرددا عليها نفس الجملة كما كل مرة تسأله فيها
ــــ ياحبيبة بابا ...فى اى لحظة ممكن تلاقى ماما رجعت لينا...بس انت ماتعيطيش وهى ترجع بسرعة ..
دخلت الطفلة الى حجرة نومها...كل ألعابها مكدسة فى صناديقها كأنما عليها مسحة من الحزن لعدم لعبها بها طوال الفترة الماضية ..
اقتربت من احد الارفف على الحائط ..هاهى صورة امها تبتسم لها ...وضعتها بنفسها بجوار الاناء الزجاجى الذى زرعت فيه وردتها الصغيرة مع امها قبل ان تغادر مسافرة ..
حتى الان لم تنبت الوردة وما شق وجه الطين فى الإناء شىء...
دخل والدها الغرفة هامساً لها ..
ـــ يلا على سريرك يا امورتى الحلوة ....الاحلام الجميلة مستنياكى..
وضعها فى الفراش وجذب عليها الاغطية ثم خرج وهو ينظر اليها حتى اغمضت عيناها ..
دخل الليل هزيعه الاخير ...صوت الفجر من بعيد يترامى بالراحة والسكينة ...مقبض الباب يدور وينفرج الباب مفتوحا ..تدخل الام باسمة وكل الفرحة تسكن ملامحها ..اقتربت من الفراش بهدوء وهى تضيىء المصباح الصغير بجوار الفراش ...جلست على الحافة تمسح بيديها وجه الصغيرة النائمة ...تمتمت ...أنا هنا يا روح قلب ماما ...أنا معاكى يا حياة قلبى ...ابتسمت ملامح الصغيرة وهى بعد نائمة وتحركت فى فراشها ...انحنت الام تلثم بكل الحب والحنان جبين الصغيرة ووجنتيها..
انتبهت الصغيرة ففتحت عينيها ....لحظة من الدهشة والفرحة اجتاحت قسماتها وهى تردد ...ماما ...ماما .
هبت تنطلق الى احضان امها التى اودعتها صدرها واحاطتها بذراعيها تقبل كل وجهها وتغمرها بالدفء والحب ...
تمتمت الصغيرة ضاحكة كما زغردت الماء فى القلة ....
كل سنة وانتى طيبة يا ماما ..
انتبه من نومه على اثر الصوت ...قام مسرعا الى غرفة الطفلة ..
فتح الباب وأضاء النور ليراها نائمة على الارض وقد رفعت السجادة جانبا ....فزع للمشهد فسارع إليها ...ركع بجوارها يحملها من الارض وهو يلثم وجهها ويتمتم لها هامسا بحزن ...ليه كده يا حبيبة بابا ....؟؟ ليه كده بس ..؟؟
انتبهت الصغيرة ففتحت عينيها تحملق حولها باحثة وهى تكرر...
ــ ماما راحت فين ..؟؟ ماما كانت هنا ..؟؟؟
نظر اليها والى موضعها فى الارض حيث كانت ترقد ...كانت قد رسمت بالطبشور صورة امها كبيرة على الارض وكتبت بجوارها ..
كل سنة وانت طيبة ياماما ..
وضع كفه على الارض ودمعة قد سقطت جارية على خده ...رفع كفه ناظرا اليه ثم ضم قبضته وهاله كم كان الموضع شديد الدفء على الارض ...قام حاضنا الصغيرة رابتا عليها فوضعها فى فراشها ثم توجه ليزيح الستائر عن النافذة ....سقط الضوء داخلا لتصيح الصغيرة فارحة..
ـــ الوردة يابابا ...!!!! .... الوردة طلعت اهه ..!!!

................... تمـــــــــــــــــــــــــــــــــت ...........................

صورة: ‏نبعُ الحياة 
ـــــــــــــــــ
قصة قصيرة بقلمى / علاء الدين هدهد

اقتربت منه بخطواتها الصغيرة البطيئة ثم وقفت امامه صامتة برهة تنكس ناظريها الى الارض ...اتاها صوته سائلا اياها ..
ـــ فيه ايه ياحبيبتى ؟؟
رفعت بصرها اليه وفى عينيها دموع غائمة حبيسة ...وقالت بصوتها الطفولى البرىء ...
ـــ هى ماما هاترجع امتى بقى ؟؟
ضمها الى صدره واخذ يربت على رأسها وظهرها طويلا ..
مر الان قرابة الشهر منذ سفرها ... تغير كل شيء فى حياته مع طفلتهما ذات الاعوام الستة ..مازال يذكر اخر ابتساماتها وهى تلوح لهما صاعدة الى سلم الطائرة ... ما أطولها  من رحلة عمل تلك التى سافرت إليها !!! ....
قال لها ..ـــ مش بابا معاكى طول اليوم اهو ...؟؟
هزت الصغيرة رأسها فانحدرت دموعها على خديها وهى تقول بصوت واهن شاحب ارتعشت حروفه ..
ــــ الميس فى المدرسة قالت لنا ...بكرة عيد الام ..وكل واحد يقول لماما ..كل سنة وانتى طيبة ... هى هاترجع امتى بقى ...؟؟
احتضن بكفيه راس الطفلة ناظرا الى عينيها وبطرفى ابهاميه مسح دموعها وهو يبتسم مرددا عليها نفس الجملة كما كل مرة تسأله فيها
 ــــ ياحبيبة بابا ...فى اى لحظة ممكن تلاقى ماما رجعت لينا...بس انت ماتعيطيش وهى ترجع بسرعة ..
دخلت الطفلة الى حجرة نومها...كل ألعابها مكدسة فى صناديقها كأنما عليها مسحة من الحزن لعدم لعبها بها طوال الفترة الماضية ..
اقتربت من احد الارفف على الحائط ..هاهى صورة امها تبتسم لها ...وضعتها بنفسها بجوار الاناء الزجاجى الذى زرعت فيه وردتها الصغيرة مع امها قبل ان تغادر مسافرة ..
حتى الان لم تنبت الوردة وما شق وجه الطين فى الإناء شىء...
دخل والدها الغرفة هامساً لها ..
ـــ يلا على سريرك يا امورتى الحلوة ....الاحلام  الجميلة مستنياكى..
وضعها فى الفراش وجذب عليها الاغطية ثم خرج وهو ينظر اليها حتى اغمضت عيناها ..
دخل الليل هزيعه الاخير ...صوت الفجر من بعيد يترامى بالراحة والسكينة  ...مقبض الباب يدور وينفرج الباب مفتوحا ..تدخل الام باسمة وكل الفرحة تسكن ملامحها ..اقتربت من الفراش بهدوء وهى تضيىء المصباح الصغير بجوار الفراش ...جلست على الحافة تمسح بيديها وجه الصغيرة النائمة ...تمتمت ...أنا هنا يا روح قلب ماما ...أنا معاكى يا حياة قلبى ...ابتسمت ملامح الصغيرة وهى بعد نائمة  وتحركت فى فراشها ...انحنت الام تلثم بكل الحب والحنان جبين الصغيرة ووجنتيها..
انتبهت الصغيرة ففتحت عينيها ....لحظة من الدهشة والفرحة اجتاحت قسماتها وهى تردد ...ماما ...ماما .
هبت تنطلق الى احضان امها التى اودعتها صدرها واحاطتها بذراعيها تقبل كل وجهها وتغمرها بالدفء والحب ...
تمتمت الصغيرة ضاحكة كما زغردت الماء فى القلة ....
كل سنة وانتى طيبة يا ماما ..
انتبه من نومه على اثر الصوت ...قام مسرعا الى غرفة الطفلة  ..
فتح الباب وأضاء النور ليراها نائمة على الارض وقد رفعت السجادة جانبا ....فزع للمشهد فسارع إليها ...ركع بجوارها يحملها من الارض وهو يلثم وجهها  ويتمتم لها هامسا بحزن ...ليه كده يا حبيبة بابا ....؟؟ ليه كده بس ..؟؟
انتبهت الصغيرة ففتحت عينيها تحملق حولها باحثة وهى تكرر...
ــ  ماما راحت فين ..؟؟ ماما كانت هنا ..؟؟؟
نظر اليها والى موضعها فى الارض حيث كانت ترقد ...كانت قد رسمت بالطبشور صورة امها كبيرة على الارض وكتبت بجوارها ..
كل سنة وانت طيبة ياماما ..
وضع كفه على الارض ودمعة قد سقطت جارية على خده ...رفع كفه ناظرا اليه ثم ضم قبضته وهاله كم كان الموضع شديد الدفء على الارض ...قام حاضنا الصغيرة رابتا عليها فوضعها فى فراشها ثم توجه ليزيح الستائر عن النافذة ....سقط الضوء داخلا لتصيح الصغيرة فارحة..
ـــ الوردة يابابا ...!!!!  .... الوردة طلعت اهه  ..!!!

................... تمـــــــــــــــــــــــــــــــــت ...........................
قصة بقلمى / علاء الدين هدهد‏ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق