الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

.منـــــــــافذ اينــــــــــــــوخ !!


                        ....منـــــــــافذ أينــــــــــــــوخ !! ....







                         بقلم / علاء الدين أبو الفتوح
                                     المحامى













          



















ملاردوش ...


زعزعة ....


طهطير
...


مططروش .....


نياووش .... ..


دنهش ماروش


بورك من فى النار . ...هوش ..ياهين ....هياهين
...

إقرأ ....أفتــــــــــــــــــحُ لك منفذاً من منـــــــــــــــافذ  أينــــــــــــــــــــــــوخ


                                







                                             .........( 1 )  ......

                                غابة المعمورة خلف مدينة الرباط المغربية



اسرع خلفى فمابقى الا القليل ونصل ..
صاح بى الدليل وهو يسرع الخطى فيما بين الأشجار الكثيفة مطوحا بسيفه يمينا ويسارا ..فى هذه البقعة من هذه الغابة المتشابكة الأشجار والحشائش  ...
الوقت ليلا وقد بلغ بى الجهد مبلغه جراء الرحلة الشاقة سفرا ...كنت بالكاد احاول ان احافظ على المسافة بينى وبين الرجل حتى لا يختفى من امامى وسط الاشجار وظلام الليل ...ماهى الا دقائق ووقف بى على البعد من  بيت صغير تكاد الاشجار والسافانا ان تخفيانه عن الانظار رغم انعزاله فى هذه المنطقة المخيفة ...  اطلق عواءا طويلا ثم التفت حولى مآخوذا كإنما يراقب احدا أو يبحث عن شىء وما هى إلا لحظات حتى  رجع الينا ذات العواء من تجاه البيت فقال لى ..:
- الطريق آمن ...سوف تكون بعد قليل مع السيدة المبجلة / اشهالات سر الحجب ..

كان هناك رجلان اسودان ضخمان يقفان امام الباب ...تبادل معهما الرجل بضعة كلمات وبعدها اشارا لى بالدخول ...
استقبلتنى سيدة متجهمة الوجه لتقودنى فى ممر طويل على جانبية عدة شموع وإذا برائحة بخور ثقيلة عتيقة تتسلل الى رئتى فتزيد من نهاية الممر الذى انتهى بباب لحجرة فتحته السيدة واشارت لى بصمت فتقدمت داخلا إلى الحجرة ورائحة البخور الغريبة آخذة فى الزيادة بينما بدأ اثر من الدوار يصيبنى وكأنما كل الرؤى تهتز من حولى ....
المكان شبه مظلم  فى الحجرة الا من اضواء باهتة لعدد من الشموع ....حوائط المكان علقت عليها العديد من رؤوس الحيوانات المحنظة التى بدت لى وانا انظرها انها تتحرك او تلتفت لى حيثما تحركت .... هناك منضدة طويلة امامى عليها العديد من الادوات المختلفة التى يصعب عليك تميزها نظرا لسحب الدخان الكثيفة مختلفة الألوان التى تخرج متعانقة من هذه المبخرة الضخمة  .
اجلس ...كنت انتظر قدومك ..
 جاءنى صوتها عميقا له رهبة .. نظرت مدققاً تجاه الصوت ...سيدة نحيفة سوداء لا ترى لها ملامحا وانت تحت نور الشمس فكيف مع ليل باهت الشموع ...فقط العديد من العقود ذات الحبات الملونة مختلفة الاحجام تحيط برقبتها الطويلة  وسط ملابسها الغارقة فى السواد .. ...جلست صامتا احدق فيها بشىء من التوجس والقلق وأنا احرك كفى لابعاد سحب دخان البخور فى ضيق وامتعاض   ..
قالت
وهى ترمى بيدها شيئاً على المبخرة زادت معه انطلاقة السحب الملونة أكثر :
هذا البخور موضوع خصيصاً من أجلك .... استنشقه ما استطعت فسيجعل ما قدمت من أجله سهلاً عليك ...
تعلقت عيناى بعينيها لحظة ثم هززت رأسى فى طاعة وانا احاول ان أملأ رئتى بتلك الأدخنة التى صار تأثيرها يسرى فى داخلى كالمخدر ....ضاقت عيناها وهى ترمقنى بقوة ثم همست :

هل انت على يقين مما تود القيام   بفعله حقا ..؟

نظرت إليها وقد باتت صورتها مع ماحولها فى الغرفة يتماوج كالظلال امامى وبهزات من رأسى ملؤها العزم وزمة من شفتى قلت ..  نعم  ..
 مدت يدها بجوارها الى صندوق خشبى متوسط الحجم بلا غطاء   وهى تقول ....لولا من كلمنى بشأنك وما له من منزلة خاصة عندى ما كان شيئاً من هذا ليتم أبدا .... أمسكت بالصندوق بحرص شديد ثم ألقت عليه نظرة طويلة وقالت ناظرة إليَّ :

هاك النسخة الثانية منه ...انها طبق الاصل تماما فى كل شىء...
مددت يدى عبر سحب الدخان احاول ان اخفى رعشة باردة سرت بها  كتيار كهربى لامسك بالصندوق ...قالت بصوت زاد من توترى واحساسي بالبرودة فى يدي :
انت المسؤل عن نفسك الان ...

امسكت بالصندوق ووضعته على ركبتى ... ازدرت ريقى الذى شعرت انه قد جف تماما وأنا انظر داخل الصندوق ... اعدت النظر إلى عينيها المحدقتين بى فى ثبات غريب ثم اخرجت الكتاب  بينما دقات قلبى تتزايد فى عنف واضطراب ...اصابتنى القشعريرة ويدى تتلمس غلافه ....جائنى صوتها وكأنه صادر من مكان بعيد ... كم من جثة سلخ عنها جلدها حتى يتم هذا الكتاب !!!!!  ...خفقان قلبى يتصاعد متزايدا وقد صارت الرؤى ضبابية أمامى وأنا أهم بفتح اولى صفحات الكتاب  فصاحت سر الحجب بصوت اخترقنى اختراقاً ....احترس ..!!!!!
ارتعد جسدى كله وانا انظر اليها واحداث مامضى تمر سريعا امامى ...


                .....................................( 2 ) ..........................
                                  
                    
                     البداية ... منتجع وسبا هلتون -- الأقصر
( منذ خمسة عشرة سنة )       

 

فى صحبة بعض الأصدقاء كانت زيارتى الأولى لمدينة الأقصر ..هم قادمون للنزهة والاستمتاع بالطبيعة الخاصة للمكان بينما كان سبب زيارتى استكمال بحث خاص كنت اعده عن سحر الفودو عند الفراعنة فى محاولة لإثبات خرافة حكم الملكة دلوكة تلك الملكة التى قيل انها حكمت مصر الفرعونية بعد غرق جيش فرعون و موت غالبية الرجال فى مصر فقامت النساء بإختيارها ملكة لتحكم مصر ففعلت وكانت لها طبقا للاساطير القديمة وما تناقلته بعض كتب التاريخ مايشبه المعجزات خاصة ما قامت به ساحرتها الأروع عبر التاريخ  من افعال لا مثيل لها ...تلك المسماة   .....تدورة ..

صباح يوم مشمس  خرجت منفردا من الفندق متجها لمعبد الكرنك ... طريق الكباش ..رمز الآله آمون ...
هاهى بوابة السحر الفرعونى تدعونى الى عوالمها الغامضة ... احاول دوماً الانفراد بنفسى بعيدا عن اى تجمع والجلوس فى حضن التاريخ العتيق واسراره المثيرة ..

انتزعنى من تأملى صوت صرخة قطة عالية ...تلك الصرخة التى تطلقها القطة فى حالة الاشتباك مع حيوان اخر ....جذبتنى الصرخة ...توجهت الى مصدرها بين الاعمدة  . شاهدتها .....كانت تلاصق احد قطع الأحجار الضخمة  وقد ارتفع ظهرها فى تقوس حاد وانتشر شعرها الناعم مدببا كالأبر وكان امامها مهاجما ثعبانان اسودان ضخمان من ثعابين الكوبرا وقد اتخذا وضعية الهجوم ...لحظات صمت اخذنى المشهد المتوتر ...قررت مساعدة القطة  اسرعت اقذف احد الثعبانين بحجر فأصبته فتراجع مبتعداً فى ذات اللحظة التى انطلقت رأس الثعبان الثانى كالكرباج لتصيب عنق القطة بسرعة ودقة فقفزت عن الارض صارخة فى ألم ....هرولت اليها ضاربا الثعبان مطيحا اياه بقدمى ...وقعت القطة تئن , حملتها وانطلقت بها باسرع ما امكننى .   

ما زلت اذكر كيف اسعفتها وتمت لها النجاة ....وفى ذات الليلة وقد كنت فى بهو الفندق وكان هناك احد الرجال من باكستان يعرض مواهبه على السائحين فى قراءة الكف..
 
 كان يتكلم العربية الفصحة بلكنة ونبرة لهما وقع غامض على مستمعيه ..   
لم اكترث له ...الا اننى فوجئت به يقترب منى ثم وقف امامى محملقا في وجهى ...نظرت اليه بدهشة ....ضاقت عيناه وهو يقول لى  :
مد كفك رجاءاً ....
اعتذرت له بهزة من رأسى معترضة ... كرر قوله وهو يحدق بى قائلا ..أرجوك ...
وجدت نفسى أمد إليه كفى صامتاً ومازلت جالساً فى مقعدى ... امسكه بأطراف أصابعه وهو يجلس على المقعد المجاور لى ثم  دقق بصره ملياً يتفحص كل خط من خطوط كفى للحظات  بعدها ثنى أصابعى برقة ليغلق الكف وهو يربت عليه قائلاً :
على ذلك . سيدى ...اصلح من امرك ...هناك من يريد الاتصال بك ..ارجو ان تساعده -
وقبل ان انطق بكلمة تركنى ونهض ذاهبا .....انتابتنى لحظات من الحيرة والتساؤل ..  ..
كان لكلماته أثر فى نفسى غريباً .
  
منذ تلك الجملة ولم يفارقنى الصداع ...بدأ خفيفا يأتى كما ضربات هينة فى جانبى الرأس ثم ما لبث بعد ساعات ان ازداد حتى  كاد يدمر راسى ..لم تنجح حبوب الدواء فى منعه او تخفيف ألمه الحاد ...
 أقبل الليل مع طنين لا يفارق اذنى ...
احساس بان الرأس قد بات ضعفى حجمه ...مازالت جملة الرجل الباكستانى تتردد فى ذهنى
  . سيدى ...اصلح من امرك ...هناك من يريد الاتصال بك ..  -
كنت أشك ان هناك رابطاً يربط تلك الجملة بما امر به وأن الامر ليس بسبب عضوى طرأ فأصابنى ....
ثم أتذكر طلبه الأخير ...
 على ذلك . .... هنا كنت اغرق فى دوامة من الحيرة والتساؤلات ..
  ..ارجو ان تساعده      

شرعت فى الصلاة وتلاوة القرأن طوال الليل ألتمس الشفاء من الله

 ...
مر اليوم التالى وانا فى حالة قيء مستمر عجز الطبيب الذى استدعاه الفندق للكشف على  ان يعرف له سبباً.
 مر اليوم صعبا حتى كان المساء وقد شعرت ببعض الراحة لكن مع اعياء كامل ....وكان لقائى الثانى بالرجل ..قارىء الكف ..اقترب من مقعدى فجأة حتى اننى لم ألحظ من أين أتى فهببت واقفا لأتحدث معه وأسأله ..
 اوقفنى بنظرة من عينيه صلبة لكنها مصحوبة بإبتسامة تشيع الآطمئنان ثم قال :

  انت مستعد الأن للقاءه ..  
ومن جديد تركنى متجها إلى باب البهو قبل ان انبث بحرف واحد .....

فى ذات الليلة وأنا فى حجرتى ...
كنت قد قطعت شوطاً لابأس به فى بحثى الخاص الذى قدمت الى الاقصر من اجله ... الاوراق امامى وعدة كتب وأنا استرسل فى الكتابة مستمعاً إلى صوت الأغانى من المذياع الصغير كما هى عادتى اثناء الكتابة ..

فى لحظةٍ ارتعش فيها ضوء الحجرة و توقف صوت المذياع ....رفعت عيني عن الاوراق انظر إليه ...رفعت مفتاح الصوت أكثر ....لا صوت .... حركت مؤشر الإذاعات يمينا ويسارا
... لا صوت ... عجباً ... ماذا حل به ؟؟؟ فجأة همس الصوت فى اذنى متحشرجاً خشناً ..
جوااااااااش ...

....
انتبهت مذعورا ...تلفت حولى ... قمت واقفا أدور حول المائدة ...   
انا جواش عزيز الوجود.
انا جواش عزيز الوجود ...الصوت يعلو اقوى فأقوى يملأ سمعى وكيانى كله.. اسرعت خارجاً من حجرتى فى اللحظة التى شعرت بقدمى لا تستجيبان لى فوقعت ارضا ....عاد الصوت يتردد ليس فقط فى اذنى بل شعرت انه يحتوينى كما غلاف من هالة ضوئية ..
لا تخف ...  جن
علوى مؤمن أنا...لقد اخترتك ... مكافأة لما صنعت ....انا رفيقك منذ الأن .....
كنت اصغى الى الصوت وقد صار لوقعه على نفسى احساس بالألفة ..
سأمنحك الكثير والكثير مما لن تجده فى كتاب او لدى احد من المتصلين ...

سوف اكشف لك الكثير من العلوم الروحانية ..عوالم الجان الأربعة عشر... ولك عليَّ معروف أمانة حتى يأتى موعد رده ..
.فقط اقبل العهد بيننا وسوف لن تخسر ..
 ...
سكت الصوت ....شعرت بجسدى خفيفا حر الحركة ....ماعدت خائفا ...لم اكن ارى امامى غير
هالة من ضوء هى اشبه ببخار الماء ... نطقت وربما رغما عنى :
 
......ماهو العهد ..؟
عاد الصوت هامسا ... ألا تظلم أحداً ....ألا تمنع علماً ..ألا تتأخر عن إغاثة محتاج لك
 ...
هززت راسى كالمنوم موافقا وقلت أقبل ....أقبل ...
فى نفس اللحظة شعرت ان الهالة قد احاطت بى لتدخل جسدى فتختفى.....وفى ذات اللحظة برقت عيناى ببريق غريب .


 

                                ...................(3) ..........................

                                 

                                فيلا السيد / م . أصفهان .. مدينة 6 أكتوبر
                              جمعية أصدقاء بلا حدود لما وراء الطبيعة
                                                 منذعامين
           


اسمه موريس روحان ...من بيروت .......هو احد اعضاء جمعية اصدقاء بلا حدود لما وراء الطبيعة . . تلك الجمعية التى تعنى بضم كل من لهم قدرات خارقة للعادة فيما يعرف بعلم  البارسيكولوجى ......تعرفت عليه فى احدى اجتماعات الجمعية ...لا يمكنك الا ان تعجب به  
..
فالرجل متكلم ....ذو نظرة تخطف العقل ... حضور طاغى ...لبق.. .تبادلت معه الحديث عدة مرات فاكتشفت بعضا من مواهبه الخارقة  ....هو قارىء للافكار مدهش ...ينظر اليك فتخترقك عيناه النفاذتين ...يبتسم لك ويجيبك قبل ان تسأله ....كان يحاضر فى هذا الاجتماع عن اخر تجاربه ....جميعنا صامتون حتى انك لا تسمع للهمس همسا
نصغى فى اعجاب وتعجب ....
كان يحكى عن تجاربه فى الخروج من الجسد والتنقل بين الاماكن.
بعد انتهاء المحاضرة جلست اليه ...هنئته على ما ادلى به ...نظر الى نظرة شعرت معها اننى
اجلس عاريا من نفسى امامه وتبسم قائلا

 تهنئنى وانت تتشكك فيما كنت ألقيه ؟؟!!  
قلت له راجيا وانا ابتسم بدورى ....لا تستعمل قدراتك معى فيمكننى ان ابث اليك افكارا كاذبة عما يدور بذهنى  
ضحك وقال بصوت هادىء يجبرك ان تصدقه ....لن تستطيع ....انا اخترق ذاتك لا افكارك  فاذا فكرت فى بث افكارا مغلوطة لى فمجرد تفكيرك ذلك اعرفه قبل ان تنفذه ....
قلت : يالك من داهية ....ولكنى بالفعل اجد الشىء الكثير فى محاضرة اليوم لا استسيغه بشكل تام
    قال : ان تجارب الخروج من الجسد والتنقل من مكان الى اخر بالروح لها السوابق العديدة الموثقة ولم تعد خيالا او ادعاءا  
اما الجديد فى محاضرتى اليوم هو الخروج من الجسد روحا وجسدا معا ...
بالاضافة الى امكانية التنقل ليس فقط عبر الاماكن ولكن عبر الزمن ايضا
 .. قلت وهذا ما اشكل على...خاصة امر الخروج من الجسد جسدا ..؟؟؟
قال وهو يبتسم بثقة مطلقة فى نفسه  
ان قدرات الانسان الداخلية غير محدودة فقط لو عرف كيف يوقظها ....ففى الخروج من الجسد روحا ....تستطيع تحرير الكائن النورانى داخلك من حدود المادة التى تحتجزه
....
والمادة هى جسدك ....عندها تتنقل بين المسافات بحرية بالغة ...دون ان يراك احد ...
...وبالتدريب سيكون لك ان تتنقل ليس فقط بين المسافات فى زمن واحد .....بل بين المسافات
  
   عبر الا زمنة أيضا ..كنت استمع اليه بانصات فقلت ...نعم اكمل  
قال : تجاربى الان تمت فى الانتقال الى الزمن الماضى فقط ....وفى هذا الانتقال اما ان تظل روحا غير مرئى لاحد ...او تتجسد فى مادة جديدة  
نظرت اليه متسائلا  
قال المادة الجديدة ستكون جسدا لاخر تستولى عليه انت ...اخر ستتقيد فى حدوده الحركية على ما هو عليه فى حياته ....فقط يمكنك ان ترى من خلاله كما يمكنك ان تهمس له بما تريد كطيف تلبس به .... ربما تخبره بما سبق لك علمه وهو غيب له  
اخذنى حديثه ...عيناى معلقة بشفتيه تستنطقه .....استطرد
الا اذا تدربت على التغلب على ذلك الجسد فيصير طوعك تحركه كيفما شئت فيأتمر لك فيما تريد .  
كل هذا وقد تركت جسدك الخاص بلا روحه ...سيبدو لمن يراه فى مكانه انه ميت
....
 لكنك ستكون على تحكم فى العودة اليه متى احسست برغبتك فى ذلك  
سألته وقد بدأ القلق يستحوذ على :
ولكن هناك أمر خطير جدا وهو  اذا وقع لجسدى هذا الذى تركته خارجا عنه ومنه مكروه     
اثناء ذلك ولم استطع العودة اليه فى اللحظة المناسبة ...ماذا سيفعل الكائن النورانى ؟؟
برقت عيناه وهو يقول بآسى :
عندها امامك امر من ثلاثة .....الاول ان تظل حبيس الجسد الذى سكنته وفى هذه الحالة اذا حدث له ما يسىء تأذيت لأذاه ....واذا توفى علقت بين عالم الارواح اذا كان من الماضى عليك ....ولن يكون لك احتلال جسد اخر فى نفس البعد الزمنى الذى بت فيه .........والثانى ...ان تخرج منه قبل وفاته لتحتل اخر ودائما من نفس البعد الزمنى .....اما الاخير ....
سكت برهة وهو ينظر الى ...ثم اكمل :
ان تظل هائما غير مهتدى لعالم المادة من جديد فيما يعرفه العامة بالموت.
شهقت فزعا فى حين ابتسم هو ....
تراجعت الى ظهر مقعدى وانا استعيد ما قاله...ثم سألته بفضول: وهل جربت انت التنقل واحتلال اجساد اخرى...فى نفس الزمن او زمن ماضى ....؟؟
ابتسم بغموض وقال ...لا تتعجل الاسئلة ....فقد تأتيك الاجابة وحدها ...ثم بحركة منه اشار الى باصبعه كانما يستعيدنى من جديد الى حواره وقال :
اما الخروج من الجسد جسدا وروحا معا....فهو قمة السيطرة على النفس ..قمة السيطرة على حدود الادراك البشرى محطما كافة القواعد الفيزيائية العلمية وقوانين المادة وكذا المفاهيم
والنواميس المتعارف عليها .....فهنا يمكنك ان تنتقل بجسدك كاملا بدنا وروحا من مكان الى اخر فى الزمن نفسه .. ابتسمت قائلا ..يقولون عن هذا فى عالم الاولياء صاحب الخطوة ...فمن كان كذلك تراه اللحظة امامك ثم يختفى ليكون فى مكان آخر بعيدا تماما عن مكانه الأول ... ابتسم موريس بدوره وقال لو كان ذلك ككرامة للبعض فسيكون قدرة خاصة لمن تمكن من ما اقصه عليك من علم.....وفى تقدم تحكمك وسيطرتك على ذلك يكون التنقل عبر الزمن ....فقط هناك امرا واحد خطرفى هذه الحالة ....
تملكنى خوفا داخلى اقشعر له جسدى وانا اسأله ..: ماهو ؟؟
قال .: عند الانتقال بالجسد الى حيز مكانى او زمانى جديد ....انت تكون ما نسميه زائد واحد اى انك اضافة لم تكن موجودة عددا من قبل ...هنا ليس لك ان تغير من الاحداث السابقة شيئا والا تغيرت الخريطة الاحداثية برمتها .....واذا اصررت على احداث التغير كان لزاما عليك ازاحة احد الاجساد من الحساب لتحتل مكانه العددى ......
سيطر على الوجوم فلزت بالصمت وانا احدق فيه ...قلت بصوت خالطه الخوف ...ماذا تقصد بالازاحة ...؟؟
اجاب وعيناه مثبتتان على عيني ..... تقتله لتحتل جسده .......تراجعت مرعوبا وعيناى مشدوهتان ..وفجأة وجه الى السؤال .....أتحب ان تجرب رحلة خاصة .....؟؟؟
انتبهت على وقع الكلمات ...كأنه يفتح لى ابواب الكون دفعة واحدة .....
تلعثمت ..مزدردا ريقى وشفتاى تهتزان ...وبصعوبة نطقت : كيف ؟؟
ابتسم وهو يقول .....سأمنحك من قدراتى ما يجعلك ترحل بروحك فقط الى المكان او الزمان الذى تريد لمدة نصف ساعة فقط .....مارأيك ؟؟؟

كنت افكر شارد الذهن .....لا ابالغ ان قلت ان رحلة حياتى كلها مرت امامى كما فيلم سينمائى  ....اى نصف ساعة احلم باستعادة معيشتها من جديد ...بل أى زمن اختار ؟؟؟؟....!!!!!
يبدو ان شرودى قد طال فلم افق منه الا على يد موريس وهو يطرقع باصبعيه امام وجهى مبتسما ....
قلت له كاننى احلم .....هل تضمن سلامتى ؟؟
ابتسم ثقة وهز راسه ايجابا متمتما ....لا تقلق ...
قلت هل اخبرك الى اين ومتى اريد السفر ....؟؟
نظر لى مبتسما استنكار وقال انسيت قدراتى ..؟؟ انت كتاب مفتوح امامى ...
اذن هيا بنا الان ....قلت وانا انهض واقفا ....فوضع يده على كتفى ضاغطا
كأنما يأمرنى ان اجلس ....فجلست ثانيا ...ورايته يتجه الى باب الحجرة فيغلقه تماما بالمفتاح
  ويعود الى مقعده امامى فيجلس ...
مد يديه الي فمددت يديَّ فامسكهما قائلا .
اغمض عينيك واسترخى ....سوف تشعر بفيض من قواى الداخلية يتسلل اليك ببطىء فى البداية ثم سرعان ما يزيد اكثر فاكثر .....فقط استسلم له وفيما بعد عندما تسمع صوتى مناديا اياك بالمغادرة  يجب ان تنطلق عائدا حتى استطيع العودة بك .. ..
هززت راسى موافقا واغمضت عينى بهدوء ...كنت افكر فى اللحظة التى اريد معايشتها عندما بدء ينتابنى شعور بالخدر يسرى فى جسدى ...بدأ من يدى متنقلا عبر ذراعى الى انحاء الجسد كله .....كان احساسا لطيفا فى البداية ثم مالبث ان تحول الى رعشة تملكت كل اطرافى ....كدت انتزع يديا من قبضتى موريس لكننى لم استطع ....الرعشة تتزايد فتكون
 رعدة عنيفة ...اشعر بضيق فى التنفس
.
لمحت فى ظلام رؤياي وجه موريس كانه طيف ....التنفس يضعف .....لا اجد هواء ......اننى اختنق ...اختنق ..
 
 ....طيف موريس يمد يده ليقبض على صدرى ..آآآآآآآآآآآآآآه ....
كانت لحظة ألم رهيبة جدا ....كأنك تجذب جسدك العارى ليخرج من نافذة زجاجية ضيقة متحطمة حوافها مدببة اجزاءها فيتمزق شر ممزق ...
اشعر الان براحة لم اشعر بها ابدا .....طليق كاننى اسبح ....اسبح !!!؟؟؟
يا الهى !!! انا بالفعل اسبح فى فضاء الحجرة ....!!!
ها انا ذا هناك جسدا على المقعد ....وها هو موريس ايضا ....!!
لقد نجحت اذن .!!! انا الان روحا خارج جسدى ....
شعرت فجأة بصوت موريس كأنما يرشدنى الى شيء .....انتبهت اليه ...اختفت ملامح الحجرة التى كنت فيها لاجدنى فى فضاء معتم تومض فيه بعض الانوار الصغيرة المتناثرة ...
واذا بى اسبح فيه بسرعة خاطفة وصوت موريس يهتف داخلى .. ..
..
ركز .....ركز
فجأة اتسعت دائرة ضوء شديد كما مركز دوامة قوية جذبتنى اليها جذبا.
....
كانت سرعة انجرافى فيها وخلالها جنونية ..ثم بدأت تقل تدريجيا ...رويدا ...رويدا ..
 
بدأت اسمع أصواتا ولغطا كثيرا وبعض الطرقات ...وما هى الا لحظات وانبثق النور الباهر فى عيني لأجدنى أسقط من السماء كما السهم منطلقاً إلى منطقة فى الصحراء لاح لى من ذاك الارتفاع بعض أشجار النخيل وبناء من الحجارة يقوم عدد من الرجال بتشييده بينما تجلس بالقرب منهم داخل خيمة  العجوز الطاعنة فى السن  ... يا الله !!!! ان الامر حقيقى فعلا وليس درباً من دروب الخرافة أو الاساطير ..!!!

 انه نهار احد أيام مدينة منف الفرعونية وهاهى الساحرة الداهية .. تدورة ... منهمكة فى كتاباتها المطلسمة على اوراق البردى واستكمال رسوماتها المسحورة ..

مازلت اسقط فى قوة وفى ذهنى الهدف الذى ابتغيه ....اقترب من الأرض سريعا سريعا ...افتش ببصرى فى كل صوب .. كررت اسمه فى خاطرى كإنما اناديه ... ديهاس  ...ديهاااااس ....هاهو يخرج من وراء احد اعمدة البناء الضخمة فى لباسه الفرعوني ملبياً نداء والدته التى انطلق صوتها الحاد بإسمه فى ذات اللحظة .
.. رجل نحيل أسمر كما طين نهر النيل معروق الساعدين والساقين ..يحمل العديد من اوراق البردى وأدوات الكتابة .
انه الابن الأوحد لسيدة السحرة آجمعين ( تدورة ).....وها انا ذا اخترق جسده ليقع فجأة على الأرض فى دهشة  منه ومن امه ..
 ماذا اصابك ايها التعس ؟؟   صاحت به تدورة فنهض الرجل متعجباً ينظر حوله وهو يقول متلعثماً .. كإنما اصابنى الهواء بشدة أو ارتطمت بشىء ما ...
قالت العجوز وهى تنهض متجهة الى داخل البربى الذى اتم الرجال بناءه .. اصرف اولئك الرجال فقد حان موعدنا ويجب ان نتم الأمر قبل الغروب ..
توجه الرجل الى الرجال آمرا اياهم بالانصراف .... كنت انظر من خلال عينيه إلى المعبد الحجرى الذى تم تشييده والذى يشبه الحجرة الواحدة الواسعة  له اربعة ابواب كل منها يشير إلى جهة من الجهات الاربع الأصلية ..
دخلت تدورة الى وسطه ثم جلست فى منتصفه ورسمت حولها دائرة على الرمال قائلة لديهاس .. اشرع فى تعليق الاوراق والرسوات على الحوائط الاربعة واسرع قبل ان تباغتنا اشعة الغروب ... اسرع ديهاس بنشاط غير طبيعى يلبى اوامر العجوز بما منحه تلبسى اياه من طاقة فوق طاقته المحدودة ...
الساحرة تتمتم بطلاسمها لا تنقطع عنها كما لا تنقطع عن اللف حول نفسها وهى جالسة تحفر سبابتها اليمنى الرمال من حولها بينما كفها الايسر يشير الى الحوائط مع دوام إلتفافها... وها انا ذا بيد ديهاس اعلق اوراق البردى فأرى الكثير منها يحمل  من الطلاسم والكلمات ما اجهله وارى اخريات عليهن رسومات لمراكب صغيرة وسفنا كبيرة وأحصنة  وحيوانات اخرى ودروع وسيوف ورماح وعربات تجرها الخيل وفرسان ورجال ونساء واولاد ..ظل ديهاس كالمحموم مستمرا فى تعليق البردى بينما اتابع أنا بقلق بالغ انحدار قرص الشمس  ...
الوقت يداهمنا وهاهو قرص الشمس قد سقط مصفراً بعيدا فى الصحراء عندما صحت بصوت ديهاس ...
انتهيت يا اماه من تعليق كل الاوراق على الحوائط الأربعة  ... وما ان سمعت العجوز الصوت حتى كفت  عن ترديد طلاسمها ونهضت واقفة تنظر الى ما تم انجازه .... تفحصت الاوراق متمتمة برضا وهى تربت على كتف ديهاس فشعرت بأن كفها قد مسنى انا بالفعل... الان كل شىء جاهز وما عاد لأى قوة على الارض ان تقترب من مصر او تريدها بسوء ..
قلت من خلال ديهاس ... نعم يا اماه ... ان ما قمتى به من سحر هوغير مسبوق فى التاريخ وربما لن يتم مثله لاحقاً أبداً ..
هزت الساحرة رأسها تأكيدا وهى تقول ... ارسل رسولاً إلى الملكة دلوكة يخبرها بإنتهاء العمل ..
-  سأفعل يا أماه ...
أراد ديهاس ان يغادر فهمست داخله ان انتظر .... توقف الرجل فجأة مندهشاً وكأنما قام بما لم يفكر فيه ...همست به مجددا اسألها عن كيفية انهاء السحر ...
نظر الرجل الى الأرض ثم إلى امه الرامية ببصرها الى النيل البعيد ثم تقدم منها فى خطى مترددة وهو يقول ...اماه .... هل لك .....هل لك ان تعلميننى عن كيفية رد سحر هذا البربى ؟
انتبهت العجوز للسؤال فإلتفتت بدهشة لديهاس وهى تسأله :
ولماذا تريد معرفة هذا ؟؟؟  لقد سبق وطلبت منى معرفة كيفية طلاسم وعمل السحر وسبق ورفضت انا بشدة ...الان تريد معرفة كيفية ابطاله ؟؟؟!!!
تلعثم الرجل فى ارتباك لكننى سارعت اهمس له قائلا ... سيكون هذا حماية لى من غدر قائد الشرطة فى رجال دلوكة .... فكما تعلمين انه لا يرحب بى ولولاكى انتِ لفتك بى فتكاً ...فلو كنت اعلم ما ينقض هذا السحر سيظل هو والأخرين لا تنالنى اياديهم من بعدك بسوء .
صمتت العجوز طويلا وهى تنظر اليه وانا اراقب عينيها الضيقتين ملياً ...
قالت .... لا بأس يا ولدى ...تعال معى لأعلمك طلاسم فك السحر ومنعه ...
تقدمت معها فرحا وإذا بصوت موريس يصيح بداخلى ...قد أزف الوقت يا صاحبى ...قد أزف الوقت وعليك المغادرة لاعود بك ...
خفق قلبى بسرعة فأنفعل له قلب ديهاس فى دهشة منه ... حاولت ان اخاطب صوت موريس ان انتظر دقائق وفى ذات الوقت اوحى لديهاس ان يستعجل امه  تدورة ...
هيا بسرعة يا اماه .... ارجوكى فقلبى ليس على ما يرام ....
انتظر رجاءاً يا موريس .....دقائق فقط ارجوك ....
 هيا ياصاحبى ليس لدينا خيار ....صاح صوت موريس فى قوة ..
دخلت العجوز خيمتها وظلت تبحث عن بعض اوراق البردى عندما امسكت بواحدة منها وقالت لديهاس ...ردد خلفى هذه الطلاسم واذا اردت العمل بها فيكون وقت شروق الشمس فى وجود اثر من اثار السحر نفسه ...هيا انطق ورائى ..
الأأأأأأأأأأأن يا صاحبى وإلااااااااااا
 
انطلقت كما القذيفة اغادر الجسد النحيل لتجتذبنى بعنف رهيب دوامة الضوء الباهر
اشعر بالسقوط ....السقوط .....
اهوى
.....
اهوى....ارتطم بعنف بجسدى الجالس على المقعد امام موريس
..
اشهق بشدة كانما على شفير الاختناق .....
مرحبا بعودتك يا صديقى العزيز......قال موريس مبتسما ....
تنفست بقوة هازا راسى كأننى لا اصدق .....هل كان هذا حقيقيا فعلاً يا موريس ...؟؟
ومن  جديد ابتسم الرجل وهو ينظر الى صامتا ....
                                      ..............................................
                     



4
) (                                        .
                        حجرة المكتب ليلاً .... الوقت الراهن

مالك ترفض ان تصطحبنى معك فى احدى حفلات تلك الجمعية التى ضقت بها ذرعا من كثرة حديثك عنها ؟؟؟

سألنى ابراهيم زوج شقيقتى وقد ألح طويلا علىّ حتى لم اعد اجد مفرا منه ...رفعت فنجان القهوة الى فمى ارتشف منه رشفة وانا انظر إلى وجهه المتعلق بى ... وضعت الفنجان على طرف المكتب امامى وانا انهض لأجلس امام ابراهيم واقول :
مايمنعنى الا الخوف من فضولك القاتل وتدخلك فيما لا يعنيك ...هناك اناس غير عاديين ....بعضهم سهل الحديث اليه ومعه والاكثر منهم يملؤهم الغرور والصلف بما يستطيعون القيام به من خوارق ....لذا تجدهم لا يرحبون بحوار الغرباء عنهم .. بل حتى الإقتراب منهم .

قال راجيا وهو يمد يديه ليمسك بكفى : ثق اننى سألتزم بكل ما تأمرنى به فقط دعنى اذهب معك ..
نظرت اليه مليا وقلت له بعد تنهيدة طويلة ...حسنا ليكن ماتريد ...
تهلل وجهه وابتسم شاكرا فاستطردت مكملا وانا انهض  :
--  سيكون موعدنا بعد يومين ...اى فى اول الشهر العربى ...
إلتفت اواجهه وانا اشير بسبابتى امام وجهه فى حزم مكملا ..على شرط  صريح وواضح يا ابراهيم ... الا تتحدث مع احد ولا تتدخل فيما تراه او تسمعه هناك ...اتفقنا ؟؟؟
هز راسه ايجابا وهو ينهض ليحتضنى سعيدا يضحك ...ثم تركنى لينظر من نافذة الحجرة الى السماء المظلمة وهو يتمتم   ...
جمعية اصدقاء بلا حدود لما وراء الطبيعة ...هاانا ذا قادم اليك ....


              .................................( 5 ) .........................................

                                         
                                              فضاء مظلم


تقدم بسرعة البرق مخترقا اجواء الوجود خارجا من نطاق الجسد ...صار كائنا شفافا ...سبح فى اللانهائية ...كان يروم كسر حاجز البعد الاول بنطاق الخبرة الذاتية ...ظل الكيانى النورانى منه طافيا فى ظلمات دوامية ...حاول التركيز ليحدد هدفه ..ظل لفترة طويلة يشحن طاقته النفسية والروحية حتى استطاع ان يجد من بين الدوامات العديدة المظلمة واحدة يشير داخله اليها فانطلق كما السهم سابحا تجاهها ....دخلها فزادت سرعته اضعاف ماكانت عليه انطلاقا ....لم يجرب مثل هذا الامر سابقا فى تنقله روحا بلا جسد عبر الازمنة فى البعد الواحد..شعر انه على وشك اختراق حاجز البعد الزماكانى ...( الزمان والمكان معا )..وفجأة صدمه ما يشبه الحاجز الزجاجى بقوة كادت تمزق كيانه الاشعاعى بل وزاد الامر ان شعر بقوى رهيبة تحاول ان تجتاحه فى عنف وشر ....بسرعة قرر مغادرة الدوامة الزمانية عائدا الى نقطة انطلاقه الاولى ....كائنات اشد وابشع فى تشكلها النورانى تنطلق كما السهام فى اثره ....يجاهد بصعوبة مع جهده فى تركيز قواه ان يسبقها ...تقترب منه ....ينطلق مراوغا ...تكاد تصل اليه ....ينحرف عنها ...تجهز عليه ...يخرج فى اخر لحظة من تلك الدوامة ليغلق باب البعد الاول فلا يرى من خلفه الا الظلام واللانهائية ....
رويدا رويدا يعود فى انطلاقه حتى يدخل الى بعده الارضى واذا به يهوى سقوطا ليلتحم بجسده النائم على فراش فى حجرة ليس فيها من احد ....
انتبه الجسد ليقوم موريس روحان منهكا ضعيفا تمتد يده الى جوار الفراش فيمسك بكوب به ماء فيجرعه حتى اخره ...وهو يردد ..
جى  بينيوت  اتخين  نيفيئوى  ماريف  طوفو  انجى  بيكران .. ماريسئى  انجى  تيك  ميتؤرو .. بيتيهناك  ماريف  شوبى  ام  افريتى  خين  اتفى  نيم  هيجين  بي  كاه  
...............................( 6 )  ...........................................

ليلا فى مكتبى وسط مكتبتى التى تضم اكثر من خمسة الاف كتاب فى مختلف العلوم ...اقرأ بعضاً مماتيسر من كتاب الله ...
شغلتنى كثيرا بعض ايات من القرآن الكريم كنت اقرأها واتوقف امامها طويلا ..الجأ الى كتب التفاسير المختلفة وكثيرا ماعدت من قراءاتى فيها بدون ارواء لظمأ التساؤلات التى تجتاحنى ..فقط يلح على وجدانى مايشبه الهاتف بشأن المعنى الصحيح لها..لكن هناك ذات مرة  ماوجدت مايؤيد ماخالجنى من معنى خفى لما اظنه تفسيرا صحيحا لبعض تلك الايات ...ترد على نفسى الان الاية (
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )
وكثيرا ما امعنت التفكير فى شأن الاراضين السبع ...اين هن وما كيفيتهن ..وكيف يتنزل الامر من الله بين السموات السبع وبينهن ..؟؟؟ وكيف يكون التفسيرعلى ضوء ما توصل اليه علم الفلك والجيولوجيا  من حقائق ...؟؟؟ الان وبعد ان كونت رأيا خاصا بشأن ذلك اسعدنى ان وجدت فى كتب التفاسير ما يشير الى اننى على الطريق الصائب ....سيكون الامر جد خطير لو استطعت العثور على تلك الشفرة للدخول ....


................................( 7) .................................................
                   فيلا السيد م. أصفهان
                               اليوم الأول من الشهر العربى


اهلا ومرحبا بك وبضيفك العزيز ..

رحب بنا صديقى م – اصفهان رئيس الجمعية وهو يشير بذراعه الممتد الى صالة فيلته الواسعة المترامية الأطراف حتى تكاد لا ترى لها حدودا نهائية ...ابتسمت له شاكرا وأنا وابراهيم نسير معا الى الداخل حيث كان هناك العديد من الاعضاء المجتمعين فى حفل صاخب كانوا يجلسون فى  مجموعات معا ...سألته عن صديقى اللبنانى المقرب من نفسى موريس روحان وأنا افتش ببصرى عنه وسط المجاميع المزدحمة ...قال مضيفنا :..للاسف لن يأت الليلة ...
سألته وقد بدا الحزن على وجهى ...لماذا ؟؟

قال : لقد اعتذر هذا الصباح لظروف صحية ألمت به ...
  - ياللاسف ..كنت تواقا لمقابلته ...

ضحك الرجل وهو يرد ... نعم ...نعم ..اعرف كم تربطكما علاقة قوية ..لعله بخير وتلقاه قريبا ...انصرف الرجل ليطوف على باقى ضيوفه ...واذا بابراهيم يسألنى .:
متى ستبدؤن اعمالكم الخارقة اذا ؟؟
نظرت اليه وانفجرت ضاحكا فى وجهه ...ياصديقى العزيز كأنك فى احدى دور الملاهى ...صدقنى يا ابراهيم ما قد تراه هنا قد يفوق عقلك بل وخيالك بشكل تام ولا تنس انه  تم دخولك هنا بشكل استثنائيا تماما ...والان اريد ان اذكرك بما اتفقنا عليه ...
قاطعنى قبل ان اكمل قائلا وهو يبتعد عنى :
-
بالله عليك اذكر كل حرف فدعنى لارى ماذا سأجنى الليلة من هذه الحفلة .

نادانى احد الحضور فالتفت تجاهه مبتسما واسرعت اليه فى حين اختفى ابراهيم من امامى .


 ...التف حولها الكثير من المدعوين ...كانت بدينة سمراء ترتدى سلسلة غليظة تنتهى بنجمة سداسية ذهبية عليها طلاسم خاصة ...ملابسها زاعقة الالوان ...كانت تمسك فى يدها ببعض الصخور الغريبة الملونة وهى تقول .:

لم يعد سحر الفودو كما كان حتى وقت قريب جدا ...الان يستطيع المتمكن من علمه اتمام دائرته السحرية والحصول على نتائجها خلال ربع دورة قمرية فقط وليس خلال دورة كاملة ...ويكون ذلك اقوى اذا كان الوسيط المنتخب من المسحور هو قيمة حية وليس شيئا جمادا ...
كان ابراهيم قد اقترب من هذه المجموعة ووقف يستمع الى حديث المرأة ..
اكملت هى ...هذا وبامكان الساحر اذا وصل الى درجة من التمكن من التحكم فى كل او بعض الاسياد العشرين ان يستحضر المسحور اليه او الى احد الابعاد السبعة ايا كانت المسافة المكانية الفاصلة بينهما ...فقط عليه ان يسيطر على المسحور لينطق باحد المفاتيح الاربعة عشرة ....سألها احد الجالسين :هل تمكنت انت ذات مرة من اتمام الدائرة السحرية على احد خلال ربع دورة قمرية ؟؟
نظرت اليه المرأة وقالت بصوت عميق ..  نعم فعلت ..ثم همست كما فحيح الكوبرا ...قتلت فيها ثلاثة رجال فى وقت واحد خلال سبعة ليال قمرية وكل منهم بميتة مختلفة ...
صدرت هماسات الاعجاب والدهشة من الجميع عندما انطلقت ضحكات ابراهيم الساخرة ....
إلتفتت المرأة تجاه إبراهيم وفى عينيها نظرات الاستنكار والغيظ .


....................................( 7 ) ..............................
                     حجرة موريس فى احد الفنادق

كان موريس روحان جالسا الى مكتبه   فى حجرته الخاصة منفردا ...امسك بالقلم يدون بعض الملاحظات وامامه كأس  به ماء يشرب منه بعض الرشفات ..

هذه هى التجربة الخامسة لمحاولة دخول بعدا زماكنيا بالارادة الحرة ...ماادى الى فشل التجارب السابقة هو التعرض الى حاجز وهمى منعنى من فتحة الدخول الى البعد الجديد علاوة على مايصح ان يكون حراس خاصين بتأمين تلك البوابات ..سأحاول فى هذه التجربة ممارسة السلطان التخاطرى مع تلك الكائنات وان كنت اخشى فعلا الخطأ هذه المرة فقد كدت اسقط بين براثينهم سابقا وهى نهاية لا اتمناها لاحد فضلا عن نفسى ...
رفع يده عن الكتابة وامسك بالكأس امامه ليشرب اخر جرعة فيه ...ثم قام الى الفراش فتمدد عليه ...اغمض عينيه واخذ يتنفس بعمق عاقدا كفيه على صدره
استمر لدقائق يفعل ذلك وهو يشحذ قواه النفسية والروحية ويمعن تركيزه حتى صار لمن يملك رؤية ميتافيزيقية كانه قد خرج منه كائنا شفافا سبح فى فضاء الحجرة فوق الجسد قليلا ثم اظلمت الحجرة فماعاد يرى سوى شفافية ذلك الكائن وهو ينطلق كالقذيفة الى اعماق سحيقة ...
كان موريس يعرف وجهته جيدا فما هى الا لحظات وكان يخترق احدى دوامات الابعاد الزمانية الخاصة ....صارت سرعته اشد وهو ينطلق محاولا استعادة الصفاء الداخلى لبث الافكار ...شعر بذلك الشعور قبيل اصطدامه بالحاجز الحدودى ..حاول الابطاء من سرعة اختراقه ...كان الامر صعبا فزاد من محاولاته حتى شعر انه قد تحكم فى انطلاقه ليصير كالسباحة العادية ...بدأ يشعر انه قريبا من نهاية الدوامة ...ظهرت هنا كائنات سريعة تنطلق تجاهه ...اخذ يركز فى ارسال افكاره اليها ....انه قادم من ذات البعد ..انه ليس عدائيا ..انه داخل بسلام ....هدأت انطلاقتهم تجاهه حتى توقفوا وصار يسبح بجوارهم مارا فيما بينهم حتى شعر بزوال الحاجز المانع فارتخت قواه الفكرية وماهى الا لحظات وشعر بهجومهم الحاد عليه فانطلق مخترقا حاجز البعد وهم من خلفه


.......................................( 8 ) .............................
                             عودة إلى فيلا السيد / م . أصفهان مجددا

كنت اجلس الى احد الاصدقاء وامامنا رجل سبق ان التقيته مرة او مرتين له قدرة فائقة على التعامل باوراق التاروت النوع الاسود شديد الخطورة منها عندما اقترب ابراهيم ليجلس بجوارى مبتسما وهو يقول ... اهذه كوتشينة ؟؟؟  بسط الرجل الاوراق امامنا على المائدة مخاطبا ابراهيم ...هل حقاً تظنها كذلك ؟؟؟ ...هيا إذن تخير اثنين من هذا الصف ...
اسرعت امنع ابراهيم وانا اعتذر للرجل قائلا :
لا لا ... ارجو ان تسامحه فهو لا يعلم حقيقة تلك الاوراق حقاً .
نظر الرجل لى متعجبا بينما انطلق صوت ابراهيم يعلن موافقته قائلا .
-- هيا ... وماذا يمنع ..؟؟ لنلهو قليلا ..
هززت رأسى مستنكرا فى غيظ وقد مد ابراهيم يده فاختار كارتين امسك بهما صاحب الاوراق ليقلبهما امامنا وهو يقول ...الاول كارت المهرج لكنه يبكى ...والثانى حاصد الارواح بعباءته السوداء لكن منجلته العملاقة قد وضعها ارضا ....آآآآآآآآآآه ...لك طالع فيه الكثير والكثير ياهذا ... ارى انها ليست ليلتك ....
فأنت على وشك أن ......
يكفينا هذا بربك ... هيا بنا .
قلت هذا مانعا الرجل من الاسترسال واستأذنت من المجموعة وانا اسحب ابراهيم معنفاً اياه ومرددا عليه ما اشترطته عليه قبل حضورنا حتى استشعرت الضجر وقد ملأ صدره منى فتركته لابحث عن  صديق لى من بلد المغرب العربى يجيد  فن التحكم فى الاشياء عن بعد وله ايضا باع  فى العلوم الروحانية مثلى ..اسمه ابو الحسن بن زاهر ....
فتشت قليلا عنه واذا به جالسا وسط مجموعة من الاصدقاء يصفقون له وقد رفع امامهم فى الهواء مزهرية تدور وحدها ...صفقت له وانا اقترب منه فانتبه الى قائما فسقطت المزهرية فى اللحظة ذاتها على راس احد الجالسين ...
 - صديقى الغالى ...

التقانى مرحبا ...قلت له وانا اسلم عليه ..كم اشتقت الى مناقشاتك ..ابتسم ليجذبنى الى حجرة جانبية انفردنا فيها وقال ..ها انا اراك ياصاحبى ..فمنذ اخر حفلة مر شهران لم نلتق  ...قلت باسما .انت من لا يداوم على الحضور ...ضحك الرجل بصفاء وهو يردد ..كم هى عديدة مشاغلى يا اخى العزيز ...سوف ابقى فى القاهرة اياما قليلة ..لقد اعلنت هذا فى موقعى لراغبى الكشف الروحانى بلا مقابل ...قلت : انت افضل من يفعل هذا وانا اشهد لك ...
ربت على كتفى قائلا ...يالك من متواضع ...!!! وهل ينكر احد منا قدراتك ...  انت بحر فى هذا المجال ...والان اخبرنى اخر مالديك من جديد ياصاحبى ؟؟ 
قلت ...الاراضين السبع ..
همهم مبتسما وقال ..امازلت تفتش عنهن ؟؟؟ ..منذ اخر مناقشة بيننا والامر يدور فى ذهنى فعلا ...اضف الى ما ذكرته لى ان نشط لدى اعتقاد بشأن رحلة ذى القرنين الرهيبة وسد يأجوج ومأجوج ....
انتبهت للجملة ...قلت : هل تعتقد انها خارج نطاق البعد الاول عنا ...؟؟
قال ..مادمت ترى ان الاراضين السبع ماهى الا ابعاد ستة موازية لبعدنا الارضى الذى نحياعليه ليكتمل مجموعهن سبعا .....فلماذا لا يكون سد يأجوج ومأجوج قد تم على احد هذه الابعاد ...فالسد لا وجود له على ارض الواقع الان ...ورغم ذلك فهناك من الايات و الاخبار و الاحاديث التى تؤكد خروج اولئك القوم بعد هدم سدهم على البشر فى النهاية ...
نظرت اليه مليا وانا اقول له لكن هناك من التفاسير الحديثة من حدد مكان السد وحاول اخضاع الاية الى التاريخ المثبت فعلا ...قال وهو يبتسم ...آه ...تقصد تلك الجماعة الاسلامية الاحمدية ...انا اعلم بما ذهبوا اليه من تفسير فى هذا الصدد ...ولكنه يخالفه صحة  الاية والاحاديث التى تحكى عما سوف يأتى اخر الزمان  ...( وهم من كل حدب ينسلون )...
قلت : اذا فلو جارينا شطحتك فعند ذلك  ربما كان تفسير جملة ...ثم اتبع سببا ...هو امرا اخر خلاف ماظنه الكثيرون سابقا ...
هز راسه وهو يقول ...اشد ما لفت نظرى فى هذه الجملة هو صيغة المفرد ...اتبع ...كأنما كان ذو القرنين هذا وحيدا فى دروبه التى سلك ...مابين مشرق ومغرب للشمس وكم هى شاسعة المسافات الفارقة ...بل ان الغريب حقاً ان تكون هناك نقطة غروب يمكن ان تصل إليها .. فكل نقطة ترى فيها غروب الشمس إذا اتجهت إليها ووصلت فهى مكان له مشرق للشمس عليه ومن ثم صارت نقطة الغروب ممتدة ايضا على نفس امتداد النظر وهكذا حتى تدور دورة كاملة فى كروية الارض...
فكيف بالله عليك تقف على (  
حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ  )..الامر يوحى بانطلاقة غير ارضية بمقاييسنا العادية....  ...

زممت شفتى وانا ارد ..ربما ..وربما لا .. فقد اجتهد الكثير من الباحثين لتفسير تلك القصة على ارض الواقع ...اذكر منهم  
الباحث أحمد آل الشيخ في كتابه (عين ذي القرنين الحمئة ومكانها) بأن المقصود بها هي قارة أمريكا الشمالية لأنها آخر قارة تغرب عنها الشمس كل يوم فهي بذلك تعد مغرب الشمس في لغة العرب. وقال الباحث أيضاً بأن ذا القرنين وجد في قارة أمريكا الشمالية عيناً كبيرة يستطيع الإنسان رؤية الشمس تغرب فيها كما يستطيع رؤيتها تغرب في البحار وهي عين بحيرة يلوستون. الموجودة في متنزه يلوستون الوطني وأن صفات العين في الآية منطبقة عليها حسب كلام الباحث المذكور آنفاً. وتقول الآية بأن من صفات هذه العين أنها "حمئة" أي ذات طين أسود حسب كلام المفسرين والباحث في كتابه المذكور آنفاً الذي احتوى على رابط من موقع علمي أمريكي يظهر صورة فوتوغرافية لذلك الطين الأسود رابط علمي يظهر صورة الطين الأسود التابع لعين بحيرة يلوستون بأمريكا. فألهم الله ذي القرنين وأوحى إليه أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، ليكافئ المحسن ويعاقب المسيء بشرع الله.

رد أبو الحسن فى تفهم :
لو كانت رؤية الباحث صحيحة فى تحديد المكان لكانت رؤيتى ايضا صحيحة فى تحديد مفهوم كلمة سبباً ...حيث لن تتخيل طريقة انتقال من اقصى غرب الارض الى اقصى شرقها فى تلك الاونة الزمنية القديمة الا كما سأطرح انا عليك معنى اتبع سببا ...
.
فعندما أقرأ قوله تعالى .....
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا .... احاول ان اتخيل قدرات ذلك الرجل وقد اتاه الله من كل شىء ...انظر للكلمة يا صديقى ... كل شىء
اتاه من كل شىء سببا  وخلاصة المعنى المقصود بالسبب كما يمكننا ان نلم به مما ذكره المفسرون هو كل ما يستعان به على فعل الاشياء .. كل ما يمكنك تخيله من وسائل المساعدة وذلك لان الجملة عامة شاملة بالكلية ..
تعلقت عيناى به فأنا اعرف ما يقول تماما ولكننى فى انتظار القفزة الاستنتاجية التى سيخلص إليها ...
أكمل الرجل وهو يجلس مقابلا لى :
الانتقال برا بأى وسيلة  هو سبب ... كذلك بحرا .... كذلك جوا ....عن طريق الريح ....
رجعت برأسى قليلا الى الخلف مدققا النظر إليه فى تساؤل  وهو يستطرد ...
الريح احد الاسباب فلماذا عسانا نستبعدها ...
قلت ... بسبب تسخيرها لسليمان ثم دعاء سليمان الا يهب الله ملكه لاحد من بعده فى قوله
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي
اشار ابو الحسن بكفيه كمن يقول نعم نعم  ثم اكمل .... ما اعتقده هنا فى تفسير الآية انها قاصرة النفاذ على مجموع الملك الذى وهب لسليمان اما عناصره منفردة فيجوز منحها من الله لمن اراده ومن تلك العناصر الريح .... وليس امر الريح هنا هو الهام يا صديقى ...بل الفكرة نفسها فى انطلاق الفهم واسعا فى كلمة اتيناه من كل شىء سببا ....هنا الشطحة كما يحلو لك تسميتها ...
ألا يمكن ان تتضمن( سبباً ) هنا .... منفذا من منافذ الابعاد ..؟؟
 امعنت النظر فى عينى الرجل الذى ظل يبادلنى النظرات صامتا مبتسما ثم قلت :
الحق اقول لك ... هذه ليست شطحة عادية ولكنها بالفعل جديرة بالبحث والتدقيق ...
قال ابو الحسن وهو ينهض ليقف قرب نافذة الحجرة راميا بصره الى السماء المظلمة فى هذا التوقيت من  الشهر ..
 كما تعلم ان قصة ذى القرنين وردت فى غير كتب الاسلام وقد اتى   ذكرها فى
كتب العهد العتيق ككتاب عزرا هو کوروش ملک الفرس ... وكتاب أشعيا، (الإصحاح 44 و45)الذى   اسماه فيه (راعي الرب) وقال في الإصحاح الخامس والأربعين..

هكذا يقول الرب لمسيحه  كورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما وأحقاء ملوك أحل لأفتح أمامه المصراعين والأبواب لا تغلق. أنا أسير قدامك والهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف. وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابي. لكي تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك. لقبتك وأنت لست تعرفني .
 

اتجه ابو الحسن ببصره الي وهو يقول :
وما يعنينى من هذا النص جملة واحدة انطلق منها الى ما ابغيه من تفسيرى انا
انها ...
وأعطيك ذخائر الظلمة ..
وهى كما ارى ... فتح نوافذ الانطلاق عبر الابعاد ... فماذا لديك انت ياصاحبى ...؟

 قلت وقد صار الامر عندى كما قطع الفسيفساء المتناثرة وهى تتجمع لتشكل اللوحة كاملة :
 
الامر عندى بشأن  اية الاراضين السبع قد رجح لدى ماذهب اليه ظنى عندما وجدت له خلفية فى التفاسير اعتقد ان الكثيرين قد اهملوا التدقيق فيها ...فلو راجعت الى التفاسير ستجد انها تتحدث عن معنى مقارب لما اعتقده انا بشأن الابعاد والازمنة المتوازية فمثلا عن ابن عباس ...عندما سألوه عن تفسير الاية قال لسائله ..
ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر .....ثم قال .. سبع أرضين ، في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم ، كإبراهيم ، وعيسى كعيسى  
 لقد كان يعتقد انه اذا نشر تفسيره بين الناس لكفر اغلبهم بالاية لانهم ببساطة لن يدركوا ان هناك ارضا فيها نفس الاشخاص ولكن فى زمن وبعد اخر وهو امر يستحيل عليهم رؤيته ومعاينته ....اما ما ذهبت انت اليه بشأن ذى القرنين ارانى فى احتياج الى مراجعته ...ولا اخفيك سرا انه قد يبدو منطقيا الربط بين رحلته وامر الاراضين السبع ......اثق بقاعدة اعملها دوما ...ان الله تعالى لم يخلق شيئا عبثا ..او يخلق مايخبرنا به ولا يتثنى للبشر حتى تنتهى دورتهم بقيام الساعة من معرفة كنهه والوقوف عليه ...والا فلماذا خلق ولماذا اخبرنا عنه ...سوف اعيد البحث بشأن ذى القرنين على ضوء مقترحك ...
ضحك ابو الحسن وهو يربت على كتفى وقال ...هكذا انت ياصاحبى لا تستسلم بسهولة  ..  قلت مايشغلنى حاليا هو كيفية الانتقال الى اي من تلك الابعاد الاخرى ...
قال : هناك الطريق الصعب عبر بوابات السحر الاسود ...نظرت اليه معاتبا وانا ارد : وهل تعتقد اننى ممن يمارسون السحر الاسود يا ابا الحسن .؟؟؟

ضحك وقال : بالتأكيد لا ...انا اعرفك جيدا .ولكن ياصديقى قد تظطرنا الظروف احيانا الى  فعل ما لا يمكن ان نصدق اننا فاعلوه ابدا ...عندها نجد الباب مفتوحا فى ( إلا من اضطر  )...  ومع ذلك فأنا اثق تماما انك ستجد الوسيلة لكى تفعل ذلك بالشكل الافضل
 
ابتسمت له وكدت ارد عندما سمعنا صوت السيد م . أصفهان عبر مكبر الصوت يدعونا للترحيب بصديق جديد للجمعية ..
قال ابو الحسن وهو يتقدم ماسكا بكفى لنغادر الحجرة : هيا بنا نرى الوافد الجديد وما يملك من قدرات .
خرجنا وأنا اتلفت حولى ابحث عن ابراهيم فلم ار له أثرا ..

قدمه السيد م .أصفهان قائلا :
أرجو ان تلزموا الصمت والهدوء جميعا لنتعرف على السيد / ساتان من رومانيا ..

كان الرجل يقف على منصة فى نهاية الصالة ... طويل هو بشكل ملفت ...بدلة سوداء وقميص اسود ورابطة عنق ايضا سوداء ... لم اتبين ملامحه من هذا البعد ... ظل صامتا مطأطىء الرأس ناظرا الى الأرض لبرهة ثم رفع ذراعيه ببطء جانبا حتى استقاما معا فى خط عامودى مستقيم وفجأة جرى مهرولا تجاه الجمع الواقف صامتا يراقبه صدرت همهمات مختلفة من البعض وحاول الاخرون الابتعاد من طريقه فى اللحظة التى دنا فيها منهم فإذا بجسده يرتفع فوق الرؤس سابحا فى الهواء بإنسيابية ونعومة تفوق الوصف ...صفق الجميع وتعالت اصواتهم المؤيدة والراضية فى حين استمر ساتان فيما يفعل ...كان يحرك كفيه ويضرب بقدميه الهواء كأنه بين امواج البحر فيتحرك سابحا فى تناغم غريب حتى مر فوق رؤس الجميع ثم اخرج من ظهر بدلته ما يشبه  سيفا  رفيعا  حادا  مسنون الطرفين بلا مقبض ثم طوح به ليصدر صوتا كهزيم الريح منطلقا فوق الرؤس حتى اخترق حائطا بعيدا منغرسا فيه وإذا بساتان ينطلق سابحا بقوة وسرعة جعلت الكثيرين ينحنون شاهقين حتى اقترب من سن السيف البارز فاستدار ليواجهه بظهره فارتطم بالحائط فى صوت  له دوى وقوة والسيف يخترق ملابسه ويبرز من صدره بينما ساتان قد وقف ماددا جسده فى الهواء معلقا فى السيف المنغرس فى الحائط  فى هيئة المصلوب ...

تم قبول ساتان عضوا جديدا فى الجمعية لما ابداه من قدرات خارقة ...وعاد الجمع الى الحفل بينما إلتف الكثيرون حول ساتان ..
نظرت الى صاحبى ابو الحسن فكان وجهه واجما لا بشاشة فيه ...قلت له ونحن نتخذ مجلسا فى احد الزوايا وصوت موسيقى رقيق ينساب الى مسامعنا ...
-- ما رأيك فى ساتان ذلك يا صاحبى ؟
قال وما زال الوجوم يخيم على ملامحه :
- ابتعد عنه ..
قلت بدهشة :  لماذا ؟؟

رد وهو يصوب بصره الى الرجل الجالس بعيدا ......انه شيطان  
استنكرت الكلمة وانا اعقب بسرعة ...أتقصد من عبدة الشيطان ؟؟
فرد وهو مازال يحدق فيه ...لا ..بل هو شيطان بالفعل
سألته وعلامات التعجب تسكن صوتى :
ــ كيف علمت هذا بربك ؟؟
اجاب الرجل برنة ثقة قد تصل الى ما بعد الغرور :
ـ هذه قدرة ابى الحسن يا صاحبى ... يمكنك ان تقول بيقين اننى اشعر به ... اشم رائحته ...استشعر كيانه اذا تجسد فى اى شكل ... هذا ناهيك عن معنى اسمه .
قلت له وقد بدأ التصديق يحتل كلماتى :
ـ إذن لماذا لا نفضح امره للجميع ولـ م . آصفهان
اشارح الرجل بوجه ويده قائلا ...لن يصدقنا احد ...هنا الاهتمام الوحيد فقط بجمع ذوى القدرات الخارقة ... فلا تستعجل الامور فلعل القادم يمنحنا ما نريد بشكل من الاشكال .
  
  
امسك  ابو الحسن هاتفه ينظر فيه شيئا بينما ظللت أنا  وقد سكنتنى الدهشة والقلق معا . ....
راقبت الرجل من بعيد ...غريب هو بالفعل ..غامض ايضا ..صامت لا يتكلم ...واذا تحدث فهمسا يجبر محدثه على الاصغاء ....تراه كأنه مغمض العينين ...لكن اذا رفع جفنيه واصابتك
نظرته كأنما سهم اخترقك
 
الكثير من المتواجدين التف حوله .....الكثير حاولوا الحديث اليه
....
كنت ما زلت اراقبه عندما قام من جلسته متجها الى مقعدى فى خطوات بطيئة ساكنة ووجه ساكن القسمات فى ذات اللحظة فوجئت بإبراهيم قد ظهر يسير بالقرب من ساتان وعلامات الاعجاب المفرط تملأ وجهه وقد اتخذ طريقه الى حيث اجلس فإذا بساتان قد رفع كفه المواجه لابراهيم قليلا فتوقف ابراهيم عن السير وإلتفت عائدا كمن تلقى امرا واجب النفاذ .  ....
لا ادرى لماذا انتابتنى قشعريرة خفية وكأننى بضربات قلبى قد بدأت تتسارع ايضا . .....
لماذا تخشى مقابلتى ؟؟؟
صدمنى سؤاله وهو يقف امامى بكل ما يحيطه من ظلام فى شخصيته
وإذا بأبى الحسن ينهض مغادرا جلستنا وان ظل واقفا على مقربة منا يتابع الحديث وصوب نظراته النارية إلى ساتان .....
دون ان انطق جلس ساتان امامى
....
ودون ان انطق ردا عليه قال ولم يكن ينظر الى وجهى :
اعرف عنك الكثير ....اعرف انك من اعمق المتخصصين فى العلوم الروحانية
 كنت احملق فيه ...استمع للصوت الهامس كأنه صادر من عمق سحيق ....رفع بصره الى عينى فجأة لتصيبنى نظرته برجفة وقال  
هل تخاف من الشيطان ؟؟
بدأت روح التحدى تستيقظ داخلى ....استعدت ثقتى بنفسى ومن منطلق ايمانى رددت بحزم ...لا ....لا اخاف الشيطان ....
ركز بصره على عينى وهو يقول : ماذا تعرف عنه ؟؟
قلت ...اعرف كل شيء بدءا من خلقه ومرورا بمعصيته وحتى نهايته خالدا فى الجحيم ...
ابتسم ....ولم تعجبنى ابتسامته ... قال :
هل يمكنك تخيل العالم بل الوجود كله بدون الشيطان ؟؟
شرد ذهنى للحظات وانا احملق فيه ...بدت اللحظات طويلة عندما هم بالكلام فقاطعته بسرعة ........فى العالم الدنيوى يوجد الشيطان بما يشكله من شر وغواية وتحد سافر لامر الله له ...لكن فى العالم الآخر حيث الخلود لن يكون له وجود ...
امتعضت شفتاه رفضا لما قلته وعقب قائلا :
الحقيقة انه لا يمكنك تخيل الوجود بدون الشيطان فهو القسم الثانى من المعادلة ...الطرف الاخر من العصا وبدونه تسقط العصا المتزنة .....
لو لم يكن هناك شيطان لما كانت الدنيا .....هو سيد العالم الدنيوى شئت ام ابيت .....هو ملك الجانب الاخر الذى قبل ان تلصق به كل الشرور والظلمات واللعنات لتستمر الحياة ....بدونه لا يكون للحياة معنى ...لتكن القيامة اذن .....أليس هو القائم على بذر الشر مقابل صنع الله الخير ..
كيف يكون للخير معنى بدون الوجه الاخر المقابل له .؟؟
قلت بعنف وانا اهم بالانصراف من امامه ...انت تهذى ياهذا ...انت وما تمثله او تكونه لا تشكل غير مخلوق ضعيف لا يملك الا الوسوسة سلاحا .. يحيا ملعونا الى الابد ليبقى مجحوما الى الابد .....
كدت انصرف عندما امتدت يده بسرعة لتقبض على يدى بشدة .....
شلت حركتى ومسنى لهب ساخن سرى عبر يدى الى جسمى بسرعة رهيبة .......وما لبث فتحول الى برودة قاتلة شعرت معها ان دمائى تتجمد فى شراينى .....لحظات كانها ساعات ....نطقت بسرعة مستعيذا بالله من الشيطان الرجيم ...فجذب يدى اليه وهمس بى :
انا لا اريد بك اذى ........قلت بسرعة : ولا تستطيع ...
قال :اذن اجلس ....تراجعت فترك يدى ...تنفست بعمق .. كأنما كان يضغط على عنقى لا يدى ...جلست مجددا انظر اليه .....
قال : لماذا لا تناقشنى بهدوء ؟؟
نظرت اليه وقبل ان اجيب اكمل قائلا ...قال الله لملائكته انه سيجعل فى الارض خليفة ....قال ذلك قبل ان يأمر الجميع بالسجود لآدم ......( تابعته ناظرا اليه صامتا ) ........ثم فيما بعد قال لآدم وزوجته اسكنا الجنة ...
وكلا منها حيث شئتما الا من شجرة واحدة .....أليس هذا صحيحا ؟؟؟ نظر الى فردت ..بلى هكذا اخبرنا الله فى القرآن بفارق الصياغة
.......
  انا لا اتلو عليك القرآن انما اذكر المضمون .....ولنكمل ....فى الجنة  قال....
لو لم يزين الشيطان لآدم الاكل من الشجرة المحرمة ...أتراه كان خارجا مطرودا منها .....؟؟ (وجمت للسؤال ) .....وقبل ان اجيب قال : بكل تأكيد لا ....
اذن كيف كانت مشيئة الله بجعله فى الارض خليفة ستتم ..؟؟ كان آدم وزوجته سيظلان فى الجنة عند ئذ ....ولم يكن الخلق فى الارض ليكون......فالشيطان اذن لم يفعل الا مشيئة الله ...ولذلك فلماذا يلعن ويطرد من الناموس القدسى ...؟؟ ...انزعج كيانى وشعرت بالدماء تغلى فى اوردتى .....رددت عليه بعنف ....هذا هو جدال الضلال تتبعه مع من لا يملك جوابا
....
حدجنى بنظرته الغامضة المرعبة ......لم اشعر بوجل منها كالسابق ....اكملت بنفس النبرة ...اولا لم يطرد ابليس من الناموس القدسى لوسوسته لآدم ...ولكن طرد لعصيانه امر الله بالسجود لآدم ......ثانيا ..لم يقل الله تعالى ان آدم سوف يعصى الله نتيجة وسوسة الشيطان ....علم الله ان آدم سوف يعصى الامر لذلك قال فى صدرالآية انه جاعل فى الارض خليفة ...وسبق علمه الاذلى عصيان آدم لما سيأمره به ....حتى لو لم يوسوس الشيطان له كان آدم سيعصى لمجرد الفضول القاتل الذى ننساق اليه لكل ممنوع ....كان سيعصى بفعل النفس الامارة بالسوء .......فى كل الاحوال كان سيعصى ...لان الله فى سابق علمه علم اختيار آدم ....لكنه تركه للابتلاء وليختار بنفسه....وما وسوس الشيطان لآدم الا ليؤكد على نفسه عقاب الله له لانه الشر ذاته الذى صار اليه بفعل العصيان ...
كان صامتا ينظر شذرا الى .....فجآة قال
...
لقد جئت الليلة من اجلك انت .....انت فقط .....
ملئت الدهشة قسمات وجهى وانا اتابعه ......استطرد ....انا ارغب فى
تحديك ....انت بايمانك ومعتقاداتك وقدرات علومك الروحانية ....وانا بوسوستى و بضعفى
الذى نعتنى به منذ قليل ....
سوف اطلعك على الجانب الاخر الذى لا تعلم عنه شيئا .......سوف اجعلك شاهدا على حياة لا تتخيل وجودها ....امورا قد لا تصدقها.... ..وهناك حيث الجالس على عرش الظلام ستكون ساحة المعركة .
هل تقبل التحدى ؟؟؟؟
باهتنى السؤال ....واخذنى الصمت فى غياهبه ..... نظرت لابى الحسن من بعيد فوجدته ينظر الى فتذكرت كلماته لى ..... تاه منى الفكر شاردا واذا به يقترب من وجهى فيهمس كما فحيح الافاعى ....
أتراك تقر بضعفك امامى اذن ....؟؟
دون وعى منى نطقت وقد استفزنى سؤاله .:
بل اقبل التحدى .......اقبل التحدى..
.........
التف كثير من الاعضاء الحاضرين حولى وذلك المدعو ساتان ....يبدو ان صوتى كان اعلى مما اتصور عندما صحت قابلا تحديه ....نظرات التساؤل فى العيون ....
ونظرة اشفاق فى عينى صديقى أبو الحسن
....
نظر ساتان لى مبتسما ابتسامة المنتصر وقام وسط الحضور ليقول بصوت هادىء ولكنه عميق قوى له تاثير على من يسمعه ...
قد قبل هذا الصديق ان يتحدى قدرتى .....انتم شهود على ما سيجرى بيننا ....سأجعل كل منكم يسمع ويرى ..
تبادل الجميع التعليقات والهمسات .....نظراتهم تحدق بى ...ألمح فى عيونهم علامات الاستفهام والاستنكار ......اقترب ابو الحسن منى وهمس لى ....سأكون معك بكل طاقتى .....وضعت كفى على كتفه وقلت :
بل هى معركتى وحدى لن يخوضها غيرى ...
ابتسم ابو الحسن وسألنى :
اذن هل انت مستعد ؟

بادلته الابتسامة قائلا : انا فى حالة رياضة روحانية دائمة لكن هل لى ان اطلب منك طلباً .
رد الرجل بكل تأكيد ...قلت له ... فى الحفلة صديق قريب لى من العامة اتيت به الليلة بناء على طلبه ...ارجوك اذا حدث فى الامر ما لا نتوقعه ان تكون بالقرب منه ... اسمه ابراهيم
هز ابو الحسن رأسه مؤكدا وهو يقول ...
لا تقلق يا صاحبى وادخر عقلك وذهنك لما انت مقبل عليه ..
....
تقدم ساتان نحو منتصف البهو الذى كنا فيه وكانت هناك ما يشبه البركة الصغيرة فى وسطها نافورة الماء  توجه الجمع خلفه ....التف الجميع حول البركة واذا به يشير بيده الممتدة الى
والى سطح البركة فتزايد ماؤها رويدا رويدا ثم سريعا سريعا وسط صيحات الاعجاب والتعجب من الواقفين .....زاد الماء واتسعت دائرته وكأن جدران من الزجاج تمنعه ان يفيض على الارض ...أشار الى فتقدمت منه كنت اردد بداخلى ايات التحصين عندما امسك بيدى وقال بنبرة ملؤها الثقة المطلقة
...
هل انت جاهز للرحلة الى عالم جديد عليك ...قلت ...فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين ...انا جاهز
 ..
وبلا اى مقدمات جذبنى بعنف لاسقط واياه فى الماء ...
  
ليس شعور من ابتل جسده او سقط فى الماء هو ما شعرت به ....انما شعور من يهوى من اعلى.. اعلى ..اعلى ..الى اسفل ..اسفل ...اسفل الهاوية ..
كان ساتان يمسك بيدى بقبضة من فولاذ .....الظلام يحيط بنا ورغم ذلك اتبين ملامح كل شىء ...مدن كاملة من المبانى والطرقات ...فقط  هى سوداء اللون ......الفضاء من حولها وفوقها تملؤه كائنات ذوات اجنحة ملتهبة لا اكاد ابين ملامحها من شدة توهجها ...كنت مستمرا فى تحصين نفسى .....اهمس داخلى ...
لا يخدعنك  
لا يخدعنك ....الشياطين تتطاير بسرعة رهيبة فى كل مكان ...اقترب الكثير منها من نطاقنا ...لمحت غضبا مفزعا فى وجوهها المشوهة ....لكن نظرات ساتان النارية ابعدت الجميع

عنا..........
شرع يقهقه عاليا وهو يطير بى سقوطاً الى اسفل بسرعة رهيبة تخطفت معها انفاسى .
.... 
....
ارى وسط الظلمة فى الاسفل السحيق بريقا لما اظنه سطح ماء لبحر ....القهقهة تتزايد كأنها عواء الاف الذئاب معا.....سمعت اصوات تشبه صوت ساتان صادرة من الاسفل ....كانما تجيب النداء...
فجأة التفت الى ساتان وفي عينيه نظرة مرعبة كانهما بؤرتان من نار السموم .....وبسرعة التف بذراعيه وساقيه على جسدى ...صارخا ...
يارئيس الظلاااااااام ...يا زعيم الجسر العالق بين سقوف الجحيم ......
حاولت الانفلات من احضانه الرهيبة ....كانت عنيفة تكاد تخنقنى ,,,,
صاح بقوة : يا ملك الهاوية المتوج .....افتح لى بابا من ابوابك السبعة .....
سقوطنا تتزايد سرعته وانا وساتان متشابكى الاعضاء ...نهوى ...نهوى ..
حتى كان الارتطام !!!!!
شعرت بان جسدى قد تحطم تماما ....لحظات من الرعب القاتل عصفت بى وانا انظر حولى لأرى ارضا نقف عليها بالقرب منها ما يشبه الشاطىء
....
فقط اذكر ان كل شىء اسود اللون ....حتى الماء نفسه  
تقدم ساتان منى ...قال ..ها انت فى الجانب الاخر من العالم ..... هذا عالم سيدى ملك الظلام  المتوج باللعنة السرمدية  
تلفت حولى ...قلت له بسخرية ..... فخور انت بلعنة سيدك ؟؟
قال : هو إله كما ربك إله ..........صحت فيه بعنف : اخرس يا ملعون ...الله احد ....ولم يكن له كفؤا احد  
ضحك مقتربا منى ....اما زلت تجادلنى بآياتك
....
قلت بل هى معانى من آيات الله ....وما ملعونك الا وقودا لنارجهنم ...
قال بعنف غاضبا : انت الان فى جهنم .....فهل تحترق .؟....هل تشتعل .؟....هل تسقى من شراب من حميم ؟؟؟
ما جنهم الا مملكة ربى ...سيحيا فيها واتباعه المخلصين .....هو اعد لهم حياة فيها تليق بهم  كما فى جنة ربك حياة اخرى  
انظر حولك ....لو شئت لاذهبت عنك هذه الظلمة فرأيت مالا يخطر على قلبك من نعيم ....!!!!!
فجأة دار على عقبيه فاردا ذراعيه ...انتشر النور من دائرته سريعا يكتسح كل شىء.....تبدد الظلام تماما ليحل ضياء مشع فياض بانت على اثره اروع المشاهد سحرا .....ارضا وفضاءا ومبان و
.....
لا..
لا ....صوت يهتف فى قلبى .....فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد
فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ............صحت فى وجهه ...لن تخدعنى ياعدو الله ....مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ .............مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ...........إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ............إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ..
بدأ المشهد يختفى ليعود ظلاما من جديد لكن تملؤه النيران واللهيب ..
صرخ باعلى صوته .....إلهى وسيدي ...يا سيد النااااااااااااااااار .............
(
بدأ الماء القريب منا يفور ويغلى ) .........أيها الواقف على يسار الله .....
(
الماء يقذف لهبا ويخرج صاعدا منه ما يشبه اعلى مسند عرش ضخم ..)
اصغى الى صلاتى لك .....ومكنى من الدفاع عنك ....ياه .....ياه .....ياهور ....ياهون ......
العرش يظهر اكثر فاكثر من وسط المياه التى تحولت الى جحيم يتقاذف اللظى والنيران ......
صرخت انا باعلى صوتى .....فاخرج انك من الصاغرين .....
ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا........مَذْمُومًا .مَدْحُورًا. .......مَذْمُومًا مَدْحُورًا.
صرخ ساتان .....بحق ألمك الصامت ابدا ....بحق حملك لعنة البشر ...هاقد احضرت قربانك لك ....ها هو امامك .....اخرج لتأخذه ......
ملاردوش ...زعزعة ....طهطير ...طهطير ....
قاطعت صياحه باعلى منه .....ادعوك ياملك ملوك الجن العلوية المؤمنة باسم الله ....الموحدة له ...الحاكمة على ملكوت السفليين الاسفلين ..
ايها السيد طحيطم غيليال .......وانه لقسم لو تعلمون عظيم .....
ارتعد ساتان وهو ينظر لى رعبا ......العرش توقف ظهوره وسط الجحيم ...
ساتان يجثو على ركبتيه ....مططروش .....نياووش .... ..بورك من فى النار . ...هوش ..ياهين ....هياهين ...كن معى الان ...الاااااااان ....
فوران الجحيم يشتد من جديد ...ركعت ارضا ...اصيح بكل قوتى .ايها الملك الحارق اسمه على ملكوت المفسدين اقسمت عليك بالاسم الاعظم الذى خرت له الملائكة المقربين ساجدة تحت عرش القدوس السبوح ....ان تنزل انت ومن معك من الملوك السيافة ....ساتان يصرخ
بفزع ...لآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآ
 .... اردد بسرعة ........انزلوا جميعا بسيوف العزة ولتكن نهاية المتجبرين
......
يانكير ...هورين ....هورش .......
ساتان يتلوى كالافعى صارخا يتحول جسده الى ما يشبه الثعبان الضخم عظيم الرأس تتقاطر
من جسده النيران ..
صرخ متحشرجا....لتكن الان .....بعزة سخطك .........حطم قيودك ...حرر نفسك
........
العرش يخرج من اللظى الفائر بسرعة ......صوتى لا ينقطع ودموعى تنسال بالرغم منى ...فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا.......فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا..........يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا......
نحب صوتى باكيا وقلبى يرجو الله نصره ........
.
ضجة عظيمة تجلجل المكان ...تحيل ظلامه الى لهيب الجحيم ......صراخ وصياح مفزع ....ساتان يتلوى على نفسه ....راس الثعبان فيه له ملامحه هو...صارت فى ابشع صورة شنيعة ......اصوات صليل لسيوف عملاقة ...قذائف من النيران الزرقاء تضرب العرش الظاهر نصفه الاعلى فتطمسه غارقة اياه فى الجحيم مجددا ليعود كما كان ......كافة الشياطين تتطاير فزعين لتصطدم بمجهول يشطرها الى نصفين ...ساتان يقترب منى فاتحا فاها لثعبان من قاع جهنم ...
صحت فى وجهه.. فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.........يقترب اكثر .......صحت بشدة
......
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ.......يصرخ ساتان ويقف امامى وفمه على اقصى اتساعه يكاد يغرس فيَّ انيابا مثل الحراب ...اخذت اردد بسرعة .....
أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ......قذيفة من نار زرقاء تضرب ساتان بعنف فيشتعل بشكل مفزع صارخا متلويا فى ألم شنيع .....صاح صارخا بصوت مرعب ....سيخرج سيدى لا محالة..افهموا هذا ...سيخرج قريباً....(.جسده يتفتت محترقا )
.)..
من مثلث الرعب سيكون ...(.رأس الثعبان يذوب ..)..لقد دنا موعده فارتقبوه   ...اما أنت .. فلن تفر منى ...لن تهرب ...سأعود إليك  سأعوووووود
..فأنا لا أنتهى .....آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ...صرخ صرخته الأخيرة ثم انتهى كرماد مشتعل امام قدمى ..
 النيران تحيطنى مقتربة منى بسرعة
.....
تلفت حولى صائحا بكل ما بقى فىّ من قوة ..يااااالله  
واذا بطيف كما الاشباح له شكل الطائر  ضخما كبيرا حتى لم اتمكن من تحديد شكل او نهاية جناحيه قد انطبق منقضاً  علىَّ فلم ادرِ  هل احتملنى بقبضة مخالب قدمه ام بمنقاريه ام حملنى حملاً طائرا بى مخترقا الجحيم الذى صار يأكل بعضه بعضا  
كالسهم المنطلق من قوسه ....الى اعلى ..الى اعلى ..إلى أعلى
 
......
اغمضت عينيَّ كأنما اغشى على ......
افقت وأنا اقع ارضا فابصر ابا الحسن وابراهيم وباقى الحضور يلتفون حولى وانا امام البركة فى وسط البهو دون ساتان ... الجميع تعلو وجوههم الدهشة والإعجاب ونظرات امرأة بدينة سمراء ترمقنى بغل ومقت عظيمين ... 

ساعدنى ابراهيم لانهض وهو يقول
اللعنة عليَّ ان كررت طلبى إليك الحضور هنا مجددا
 هيا بنا نرحل من هذا المكان  فما شاهدته الليلة يفوق خيالى ايها الرجل غير العادى .
..

                            ...........9 ..............

كنت اقود السيارة عائدا وبجوارى ابراهيم و بين الحين والاخر يعيد التعليق عن شىء مما شاهده فى الحفلة  بينما انا يعصف برأسى ألم لصداع يكاد يفتك بها وجملة ساتان لا تفارقنى

....سيخرج سيدى لا محالة..افهموا هذا ...سيخرج قريباً  
من مثلث الرعب سيكون  ..لقد دنا موعده فارتقبوه .....  ..


 .. كررت عليه طلبى ان يلتزم الصمت حتى نعود للمنزل  فسكن قليلا وبعد برهة قال وهو يطلق ضحكة ساخرة   ...يالها   من امرأة بدينة غبية  لا تستحق ان تكون من اعضاء تلك الجمعية خارقى القوة كما رأيت ...!!!!!

هززت رأسى تعجبا منه  وسألته من تلك التى تعنيها ..؟؟؟
قال : تلك المرأة البدينة الدميمة  ...حقا انتم ....آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآى  صرخ صرخة مؤلمة ارعبتنى حتى اضطربت عجلة القيادة فى يدى ...
كان يمسك بكفه الايمن ضاغطا على ظهره بقوة وهو يطلق اهات الوجع ..
صحت به مآخوذا وانا اتوقف بالسيارة على جانب الطريق ..ماذا بك ..؟؟
اضأت انوار السيارة الداخلية لانظر الى ظهر كفه الذى يشير اليه كان به خدش قرابة الثلاثة سنتيمتر لكنه شديد الاحمرار ....سألته بدهشة ..كيف اصبت بهذا الخدش ؟؟؟ وهل حدث هذا  الان ؟؟
قال ومازال يئن وجعا ...بل فى الحفلة ...انها هى ..تلك المرأة البدينة ...
حاولت تمالك انفعالى وتوترى لاسأله ...بالله عليك ان تخبرنى وبسرعة ماذا حدث بالضبط ..؟؟

قال ...الالم فظيع فعلا ...كأنما موس حاد يشق يدى مرارا  فى ذات الموضع ...اسرع بنا الى اى طبيب او صيدلية ...صحت بغضب .. بل اخبرنى اولا ماذا حدث فقد لا يكون الطبيب هو من يجب علينا ان نقصده الان ...

قال انها تلك الملعونة ...سمعتها تتحدث عن نفسها انها من ساحرات الفولو ..
اتسعت عيناى رعبا وانا انطق ...تقصد الفودو !!!!! ؟؟؟؟؟؟
قال : نعم اعتقد انها قالت ذلك فعلا ...
اعدت النظر الى الجرح على كفه وقد تملك منى القلق تماما ...حاولت التمالك حتى لا انقل اليه مايخالجنى من رعب ...اكمل ...اكمل ارجوك ...
قال ...سمعتها تتحدث عن قدرتها التى جربتها فقتلت ثلاثة رجال فى اسبوع واحد بميتات مختلفة ...فضحكت من هراءها ...
وضعت يدى على فمى حتى لا يسمع شهقة فزعى مما يخبرنى به وقد بات الباقى مرسوما فى مخيلتى ...
استطرد مكملا : سمعتنى وكانت غاضبة ...اشارت الى ان اجلس امامها ففعلت ..سألتنى ..اذا انت لا تصدق ما سمعته منى ..؟؟
اجبتها ان نعم ...فماكان منها الا ان اخرجت من طيات ملابسها تمثالا من العاج لقط صغير فى حجم قبضة اليد او اقل وقالت ..اذا لن يضيرك ان تمسك للحظات بهذا التمثال الصغير ...
وهل فعلت ؟؟؟
سألته وانا اتوقع الاجابة ...واجاب ...وما الذى كان يمنعنى ان افعل ...بالطبع امسكت به ساخرا منها ....ثم مدت يدها لتأخذه منى وهنا يبدو ان احد اظافرها الطويلة الحادة قد خدش ظهر كفى ...ألمنى لحظتها قليلا اما الان فقد اصابنى الالم مجددا حادا كما النيران المستعرة .....
ياللسماء !!! ..وهل نزف منك الجرح وقتها ؟؟؟
سألته وقد ملكت الرجفة صوتى ..فقال :
لا ادرى يقينا فقد سارعت المرأة وهى تعتذر لى بمسح يدى بمنديل معها  ثم قالت ..لننتظر ثلاثة ايام وارجو ان تدوم ضحكاتك الساخرة ...سأعتبر نفسى فى حالة تحدى مع ذاتى منذ الان ....
صحت برعب ودهشة ....ماذا ؟؟؟ ثلاثة ايام ...؟؟ هل قالت لك ثلاثة ايام فقط ؟؟؟ ...ياللكارثة !!!!
  القيت بظهرى الى مقعد السيارة كأنما لا اقوى على تصديق ما قال ..واذا به يسألنى ...هل تعتقد ان ذلك التمثال السخيف يشكل اى معنى او خطر ..؟؟
كدت اصيح غضبا فى وجهه ان لا دخل للتمثال الحقير فى الامر وانه مجرد وسيلة استطاعت به الساحرة ان تخدش يده لتحصل على قطرة من دمه فتمارس بها عليه سحرا من ابشع واخطر انواع السحر السوداء ...لكننى كظمت غيظى حتى كاد قلبى ان ينشق ضيقا غيظا وصحت فيه ..:
الم اشترط عليك الا تتدخل فيما لا يعنيك خلال الحفلة ..؟؟؟؟.الم نتفق على ان تلزم الصمت ؟؟؟
نظر الى صامتا أسفا ....قدت السيارة وحاولت الالتفاف بها وانا اقول ...علينا العودة الى الحفلة سريعا ...
قال بدهشة ..لقد زال الوجع من يدى  ...فلماذا سنعود الى هناك الان ؟؟؟
انتظرت لحظات وطلبت صديقى رئيس الجمعية على هاتفه المحمول ..تكلمت معه قليلا لاعرف منه ان اغلبية المدعوين ومنهم المرأة الساحرة قد غادروا الحفل فعلا ...
سألته عن مكان المرأة فى مصر ..فقال ...انها يهودية من اصل مغربى جاءت قادمة من اورشليم وربما هى فى طريقها الان الى هناك بطائرة خاصة ...
اللعنة ....صحت بغضب وانا انطلق بالسيارة عائدا الى طريق الرجوع ...
....................................(  10  ) ..................................
اوصلت   ابراهيم الى بيته بعد ان طهرنا جرحه لدى احد الصيداليات وسط سخرية الطبيب منه عندما نظر الى الخدش ورأى كم هو بسيط فى حجمه ولونه العادى ...قلت له وانا اتركه ...داوم على الاتصال بى اذا جد لديك اى جديد ...
كنت امنى نفسى ان اكون قد بالغت فى تقبل ماحدث واصبغت عليه صبغة خاصة مردودها لما يحيط باعضاء الجمعية من خطورة ...لكن هاجس داخلى كان يرفض ذلك ...
وصلت الى بيتى اسرعت اطلب موريس روحان هاتفيا ...لا اجابة ..اعيد طلب الرقم مرارا لكن بلا فائدة ...هو من كان فى استطاعته مساعدتى الان ...
عليك اللعنة ايتها الساحرية اليهودية ..


           
...................................( 11 ) ................................ 

الظلام يسود المكان إلا من ضوء باهت لمصباح فى الصالة ..باب الشقة يفتح ببطىء فيصدر صوت صرير حاد ..يدخل شبح لشخص لا تبين ملامحه او هئيته لما يحيط وجهه من لثام اسود ...اخذ يتقدم فى خطى بطيئة..
هاهى حجرة نوم ابراهيم  تبدو فى الأمام مغلق بابها ... الشبح الملثم يقترب فى خطوات صامتة فيقف امام الباب برهة يتنصت حتى يدرك ان لا احد مستيقظ فى الداخل .... يد لامرأة تظهر باهتة الرؤية فتضغط على مقبض الباب وتفتحه ببطء
... تتقدم الى داخل الحجرة ... مصباح صغير مضاء بجوار الفراش ...
هاهما ابراهيم ومديحة نائمان..
تتقدم المرأة من حافة الفراش وعلى وجهها ابتسامة شيطانية مريعة ...تمسك بشمعة سوداء فى يدها اليسرى ثم تحرك بسرعة يدها اليمنى الى طرف الشمعة فإذا بها يشتعل لهبها قويا .... قربتها من فمها وهى تتمتم بكلمات مطلسمة ومع كل كلمة منها كان اللهب يزداد اشتعالا والشمعة الغليظة يسيل شحمها منصهرا فأمالتها المرأة ليسقط الشمع المنصهر على رأس ابراهيم فإذا به يتحول كالحمم المنصهرة تذيب رأسه فيصرخ متألما ويحاول النهوض فيجد نفسه ملتصقاً بالفراش عاجزا عن الحركة فلا يملك الا الصراخ وجسده يتشنج فى رعدة شديدة بينما تضحك المرأة وتزيد من اسقاط الشمع المنصهر ليقع على وجه ابراهيم وصدره فيتساقط لحمه فى شكل بشع ومازال صراخه يصم الاذان بينما مديحة مازالت نائمة ..
مدت المرأة يدها بالشمعة الملتهبة لتغرسها بلهبها فى صدر ابراهيم الذى اطلق صرخته الاخيرة وقد انصهر جسده تماما ....

هببت من نومى فزعا على انطلاق جرس المنبه بجوار الفراش استعيذ بالله من هول ما مررت به من كابوس صوره لى قلقى وخوفى مما قد يمر به ابراهيم  جراء ماحدث بالامس ...كان اول مافعلته  ان هاتفت ابراهيم لاطمئن عليه ...ردت علىّ شقيقتى مديحة
..قالت انه نائم بخير وتعجبت من اتصالى فى هذا الوقت المبكر .......شكرتها وانهيت المكالمة بسرعة قبل ان اضطر للحديث معها فيما حدث ..
يجب ان اتوجه مجددا الى مقر الجمعية فقد اصل الى شىء عن تلك الساحرة


                  .................................(12) ........................................

                                               فى مكان ما

حجرة بها هرم  زجاجى يبلغ ارتفاعه ثلاثة امتار واعلاه عين تبرق بانوار ساطعة ...ارضه رخامية لامعة ...كانت هناك امرأة بدينة تنام على الارض منبطحة على وجهها فى وضعية الصليب   ...لبثت ساكنة لبرهة طويلة ثم حركت ذراعيها الممتدين على الارض الى اعلى رأسها وكفاها مازالا يلاصقان الارض ..تلامس الكفان معا امام الرأس فسحبتهما الى اسفل جسدها لترتكزعليهما وتنهض على ركبتيها انحنت فى خشوع تجاه الهرم وتمتمت ببضعة كلمات وهى تمسك بنجمتها السداسية المعلقة على صدرها ...قامت متجهة الى الطرف الاخر من الحجرة ...كان هناك على الارض مفرش علية عدد كبير من الشموع الكبيرة كما الاسطوانات الغليظة وجميعها مشتعلة ( رغم ضوء النهار ) ..وعجينة غريبة وقطعة من قماش وطبق صغير عليه عدة دبابيس طويلة لامعة والكثير من الخيطان الملونة وقش الارز وتمثال اسود صغير لوحش يبدو كالثور او الاسد ...تقدمت جالسة على الارض وامسكت بالعجينة تضغط عليها باصابعها الغليظة ..تعيد تشكيلها وهى تهمس بصوت متحشرج ...شعباذ ...شعباذ ...استجمع قواك فى احتراز ...اجيبوا ياخدام الخواتيم .... احضروا من عناصر الدنيا الاربع ..الماء والهواء والنار والتراب...اختلطوا بروح مخلوق ارضى حقير ...قالت ذلك وهى تخرج من ملابسها منديلا صغيرا فردت اطرافه لتبدو عليه نقطة حمراء صغيرة ...لفت العجينة داخل المنديل ...ثم امسكت بالشمعات الواحدة تلو الاخرى فامالتها لتتسلقط قطراتها الذائبة على المنديل ...كورت المنديل لتضعه وسط الخرقة من القماش بجوارها ثم اخذت تعدل فيها وتغير وتحشوها ببعض قش الارز لتأخذ شكل دمية صغيرة فى حجم الكف وهى تلف عليها العديد من الخيطان ...حول الرقبة وحول اليدين وحول القدمين ...واخذت تردد..
المقت  يتم  شميت هته أيورم...انتقل الى صاحب الدم وملامس المنديل ...بحق سلطان الارض الثالثة هااااااليطوش ....فلتحضر يا شملخيوش وطشطش وقطوش وخيدوش ....
ثم وضعت  الدمية بالقرب من   التمثال و امسكت بالشموع الواحدة تلو الاخرى تميلهن ليسقط شحمهن المنصهر تباعا على الدمية حتى غطاها كلها من كل الجوانب وتزايد فشكل سمكا صارت معه الدمية فى ضعف حجمها ...مرت برهة تماسك فيها الشمع المذاب فقامت عشتار بحنكة وحذر تقسم الشمع عن الدمية نصفين طوليين حتى استطاعت ذلك فقامت بحشو جوف الشمع الذى اتخذ شكل الدمية الأولى ببعض قش الأرز ثم ضمت النصفين معا ولفت عليهما الكثير من الخيوط فصارت نسخة اخرى من الدمية ...نظرت اليها برضا ثم امسكت باحد الدبابيس وغرسته فى راس  دمية الشمع وهى تتمتم ...
لا.. ا ر.. عادم ..الصا.. لا ..مسه .. الهمد ..  سم ..سكل.. سموم بالرأس ..



                    ................................( 13 ) ........................................


لكنك لا تعرف بالتحديد مكانها ؟؟
سألت م- أصفهان وانا اجوب معه فى صالة فيلته ...
قال : انت تعرف شروط وقواعد الجمعية ..نحن لا ننظر الى الجنسية ولا الديانة لاى من اعضاءنا ...مايهمنا فقط هو القدرات الخاصة لهم ...لذلك حرمنا هنا مناقشة امور السياسة والديانات بين الاعضاء المختلفين فى ذلك ...ومن هذا المنطلق لا يلزم العضو بترك ما يدل على اماكنه فقط يترك رقم هاتف لا اكثر حتى تتم دعوته اذا اقتضى الامر عن طريقه ...ولقد منحتك رقم هاتفها منذ قليل..
هززت رأسى ايجابا وانا اقول بضيق ...نعم ..ولقد حاولنا مرارا الاتصال بها والرقم لا يجيب ابدا ..
- لكن ماالذى يثير اهتمامك بها الى هذا الحد ...؟
 سألنى الرجل بدهشة ...قلت له : لدى ما يدفعنى على الاعتقاد بانها ستمارس سحر الفودو على صديقى الذى كان معى بالامس ...
ياللسماء !!!! ...اذن... وجب علىّ ان احذرك ياصاحبى ...هذه السيدة من اخطر من يمارس سحر الفودو فى المغرب العربى وكذا فى اسرائيل ...
سألته وكنا امام النافورة الصغيرة فى بهو الصالة ...
لكن ممارسة السحر حتى وان برع فيه صاحبه ليس من قدرات ماوراء الطبيعة ..فكيف انضمت هذه المرأة الى الجمعية ؟؟
ابتسم رابتا على كتفى وقال :
...ومن قال ان السحر  فقط هو ماتملكه السيدة عشتار..؟؟
نظرت اليه متسائلا فاكمل ...
هى وريثة علم العزيف .. ومالكة نسخة اينوخ ...وفاتحة خمسة   منافذ من ابواب    ( النيكرونوميكون ) والناطقة باسمائه العشرين ....
ياللكارثة ..!!!!! ........ صحت وقد هبطت على رأسى كلماته كالصاعقة ...


.................................( 14 ) .........................................


 
اخذت مديحة توقظ زوجها ابراهيم وهى بين الوجلة تارة وبين الحائرة تارة اخرى ...لقد تجاوزت الساعة الثانية عشرة ظهرا وما كان من عادته ان ينام حتى هذا الوقت ..بل وما كان ليتخلف عن الذهاب الى عمله الا لمرض شديد
...لكنه اليوم وكلما حاولت ان توقظه نطق ببعض الكلمات بضيق آمرا اياها بان تتركه لينام ...اما الان فقد اصرت ان توقظه مهما كان الامر ...
هزته برفق فما انتبه ...بقوة اكثر ....واكثر ...بدأ يفيق مهمهما فى ضجر ..
دعينى ....صاحت فيه ...استيقظ فقط تجاوزنا الظهيرة ...ماذا بك ؟؟؟
واذا به يهب كما الملسوع بصرخة مرعبة اشبه بخوار الثيران الهائجة وبوجه لم تكن ملامحه تنتمى الى البشر ابدا ....كفااااااااااااااااااااااا .....دعينى ايتها الفاااااااااااااااانية الملعونة ....
أخذت الدهشة بمجامعها وهى تردد ...ابراهيم ....ابراهيم ...ماذا اصابك ؟؟
حدق فيها بعينين حمراتين ثم صرخ صرخة عالية وهو يمسك برأسه فى توجع وألم شديدين .

اقتربت مديحة من الفراش بحذر وهى تمد يدها المرتعشة اناملها الى يد ابراهيم تزيحها فى حذر عن رأسه مكررة سؤاله ... ابراهيم ...
وقبل ان تكمل انقضت يدا ابراهيم على كتفيها تقبض عليهما بعنف وهو يصيح ..الدم ينصهر فى رأسى ... ثم دفعها بقوة تراجعت على اثرها مرعوبة صارخة حتى وقعت ارضا وقد تعثرت خطواتها وهى تحملق بفزع الى وجهه الرهيب ...عيناه بلون الدم وفمه مفتوح فى رعب يسيل على شدقيه لعابا احمرا مدمما فى حين ترتعش وجنتاه واسفل عينه اليسرى ......صرخت وهى تحاول النهوض متلفتة خلفها لتراه يتقدم منها كمسخ مشوهة ملامحه .. ..
انطلقت تعدو الى حجرة اخرة والبكاء الهستيرى يخنق صوتها ...اسرعت
تغلق عليها   الحجرة بالمفتاح الموجود فى الباب ...وارتمت على احد المقاعد يرتعد جسدها كله وهى تنظر الى مقبض الباب فى خوف وترقب...لحظات تحاول استجماع نفسها.... تنفسها عالي  متلاحق  وصدرها يعلو ويهبط بقوة ومازالت تهذى بهمهمات من فرط المفاجأة المرعبة ...اخذت تنصت الى ما وراء الباب خارجا ....لا تسمع صوتا ....هزت راسها كمن تستفيق من كابوس.....فكرت لحظات لتخرج المحمول من جيبها فتتصل باحد ما ...


................................( 15 ) .............................................


كنت استقل سيارتى  عائدا من فيلا م. آصفهان  وانا اعيد التفكير فيما اخبرنى به  الرجل عن تلك الساحرة اليهودية عشتار ..عندما رن هاتفى ..نظرت الى شاشته ..هذه مديحة  !! ...ثاورنى القلق فجأة ...بسرعة رددت ..
نعم مديحة خيرا ...
جاءنى صوتها متقطعا مخلوطا بالبكاء والهمهمات فزاد فزعى الكامل ...لم استطع الا تبين بضعة كلمات ...ابراهيم ...وحشا ...دم  ينزف ...الحقنى .. ثم انقطع الاتصال رغم صراخى عليها ...
باقصى قوة انطلقت بالسيارة وألف احتمال يطوف بى ...


       .............................(16 ) ..........................


اقتربتْ مديحة مجددا من باب الحجرة بحذر...مازالت يدها ترتعش وهى تمسك بمفتاح الباب وتضع اذنها على سطح الباب ترهف السمع ...لا شىء ...ادارت المفتاح فى الباب وامسكت بالمقبض تديره وكانت الضربة العنيفة على الباب فصرخت بكل الرعب لتقع ارضا وصوت الخوار الرهيب يصيح من الخارج غااااااااااااا
....هبت بسرعة وهى تبكى تمسك بالمفتاح لتعيد اغلاق الباب وهى تصرخ باكية ...ابراااااهيم ....ابراهيم ماذا حدث لك ....ماذا اصااااابك ....؟؟
صوت الخوار الوحشى بالخارج يتردد عاليا ...هياااااااش ...هيييييييين ...
افتحييييييى  ....اعقب ذلك ضربة اشد عنفا فاخترقت الباب فى لوح منه ..صرخت الزوجة صرخات هستيرية وجرت على نافذة الحجرة تستغيث ...

.............................(17 ) .........................................



وصلت باسرع ما سمح لى به الطريق ....اجتزت المسافة من الباب الخارجى المفتوح عبورا للحديقة الصغيرة الى باب البيت الداخلى فى اقصى سرعة  ...توقفت ألهث واصبعى لا يفارق الجرس الخارجى ...لم يجبنى احد ... اخذت اطرق بكلتا يدي على الباب ثم توقفت للحظات .... امسكت بالهاتف المحمول اطلب مديحة ...  
كانت فى الحجرة تقف امام النافذة التى تطل على حديقة البيت الجانبية  ...
وقد بلغ منها التوتر والخوف اقصى درجاته عندما انطلق رنين هاتفها فشعرت برجفة مباغتة ...امسكت به تنظر شاشته ثم اجهشت بالبكاء وهى ترد علىّ ..
اين انت ..؟؟؟ ابراهيم ..!!!
قاطعتها لاصيح فيها ..انا على الباب الداخلى ...تعالى افتحى بسرعة ..
قالت وهى تقترب خطوات من باب الحجرة ...لا استطيع ...انه بالخارج ...اشعر انه صار وحشا او كائنا غير آدمى ...افعل شيئا ..ارجوك ...لا ادرى ما الذى اصابه ...اكاد افقد وعيى ...
حاولت تهدئتها وبث الاطمئنان الى نفسها قائلا ...اخبرينى ماذا يحدث منه الان ..؟؟؟
اصغت السمع عند الباب لحظات وقالت ...لا اسمع شيئا ...
تأكدى رجاءا ...
لا شيء فعلا ...سوف انظر من فتحة الباب التى انكسرت ..
 تلقيت الجملة الاخيرة منها مندهشا فلم اعقب ...ثم جاءنى صوتها ..
لا اراه بالقرب من الباب ...
_ حسنا اخرجى من الحجرة بهدوء ...
قالت ورعشة الخوف فى صوتها واضحة ...انا خائفة بالفعل ...
_  تمالكى نفسك ...هيا انا انتظرك ..
فتحت الباب ببطىء وهدوء.... اطلت براسها خارجه يمينا ويسارا .....ثم خطت خطوة خارج الحجرة تتلفت خلفها ...سارت على اطراف اصابعها المرتعشة ....
سوف تمر بعد خطوات بحجرة النوم ...تحاول ان تمد عنقها ليسبقها فترى من فرجة الباب اذا كان هناك ام لا ...لم تر شيئا ..مرت بسرعة ثم اتجهت الى الصالة فى اللحظة التى انطلقت الصرخة العالية من خلفها اعقبها صوت عالى لتحطم  زجاج بعنف ...فصرخت فزعة ترتمى على باب الشقة فتفتحه
كادت ان تقع ارضا باكية قبل ان امسك بها ...بكاءها الهستيرى كان صعبا ان اسيطر عليه لحظتها ...تركتها امام الباب قائلا ..ابق هنا على السلم او قفى فى الحديقة ...ثم دخلتُ الى الشقة واغلقت بابها ورائى ....






................................( 18 ) .......................................... 





تمسك عشتار بالدمية الشمعية  فى يدها وهى تطلق ضحكاتها الساخرة  تمرر الدمية وسط سحب البخور الذى تنطلق منه رائحة نتنة شديدة ...قامت تخطو فى تلك الحجرة مقتربة من الهرم الزجاجى ...تمسح بسباباتها الرأس المستديرة للدبوس الطويل المنغرس فى رأس الدمية وهى تنطق ..
استرونيديس ....هاجت... فارت .اعاصير السموم من أبواب الجحيم السبعة ..صارت دنياكم  ركاما حطاما ...من ارض شحناء .... سماءها صفراء ..... اشجارها سوداء ... ارسلت اليك بريح سم السموم ....
اعقبت ذلك بنفخها زفيرا قويا على الدمية بينما جذبت منها الدبوس ..





..............................(19 ) ...............................................




كنت اتقدم الى داخل الشقة مناديا ...ابراهيم ...ابراهيم ...!!! ..عندما شعرت بلفحة هواء ساخن كأنه لهيب نار متقدة هاجت فى المكان مرة واحدة فتطايرت منها الستائر ووقعت المقاعد حتى انا ايضا قد وقعت ارضا وكدت اصطدم بمنضدة ضخمة ...
رفعت كفى الايمن عاليا وانا اصيح ..
الريح  الساخن بدء يحرق بعض اطراف الستائر ...حاولت النهوض مرددا
تحطمت بعض الزجاجات من حولى ..وسمعت طرقات مديحة على الباب وصوتها ينادينى بخوف وصياح ان افتح لها..
التفت عنها وصحت وانا اطوف ببصرى فى المكان :
بعزة جبار بهيبة ماجد .......... معز مذل مالك الملك هاديا
بههليوه شمخلوش تطارش .....بمن قد خلقكم من سموم حواميا
 سمعت مايشبه الهمهمات العنيفة تلف من حولى ..وطرقات مديحة تزداد ...اكملت بصوت اعلى:
ياه بياه هو العَجَلْ الوَحَا ......بطاعة ميططرون أهياشراهيا
أدو ناى اصباؤت بمن له العلا ....علوه فوق كل شىء تعاليا
...اخسئووووووووووووووا الاااااااان ...
صحت بصرخة رجت ارجاء الشقة واعقبتها بقوة وعنف ...
استكينوا وانصاعوا طاعة وذلا.... او احراقا بالاسم العظيم الاعظمِ
سكنت الريح فجأة وهدأ كل ما فى المكان ..تلفت حولى انظر الى الاشياء والستائر ...كل شىء سليم كما لم يمسسه ضر ...توجهت الى باب الشقة ومازالت مديحة تطرق عليه منادية ...فتحته لتقابلنى بعاصفة من الاسئلة ..
اجبرها صمتى ونظراتى على ان تصمت فقلت : اما قلت لك انتظرينى خارجا .؟؟؟..ردت وعيناها مذهولتان ....لكن ماذا يحدث فى بيتى ...انا اكاد اجن ..ماكل تلك الصرخات والاصوات المتحطمة ...وابراهيم ..زوجى ....ماذا حل به واين هو الان ....؟؟؟؟
امسكت بيديها كانتا باردتين كما الثلج ...قلت لها ..سوف ارى ماحدث لابراهيم الان ...لا تخافى واعدك ان ينتهى الامر ...صبرا فقط ....صبرا ..
قالت : اذا سوف اكون معك ...ارجوك اريد الاطمئنان على ابراهيم ...
هززت رأسى موافقا وانا اتقدم الى اول حجرة امامى ...مددت يدى افتح بابها الموارب قليلا ...لم يكن ابراهيم فيها ...الحجرة الثانية بعدها على الجانب الاخر ...كانت مديحة تمسك بطرف ملابسى من الخلف تتبعنى فى خوف وهى تستتر ورائى ...ناديت على ابراهيم .....تعالى ياابراهيم لقد انتهى الامر ياصاحبى ...ابراااااهيم ...
كانت حجرة النوم وكانت ايضا فارغة منه ...بدأ القلق يستولى على نفسى وان حاولت التظاهر بالهدوء ...
اخر حجرة فى هذا الجانب من الشقة ...بابها مكسور فى شكل غريب ...نظرت الى مديحة متسائلا ففهمت ما اقصده فردت قائلة :
انه هو ....هو من حطمه وكان صوته كصوت حيوان هائج مرعب ..
فتحت الباب ناظرا ...عجبا لم يكن فى الحجرة ايضا ....!!!
من جديد نظرت الى مديحة وقلت لها ...الم يكن هنا عندما اتصلتى بى ..؟؟
هزت راسها ايجابا قائلة ..بلى ... ثم تفكرت لحظات وقالت ...ربما دخل  الحجرة المغلقة فى الجهة الجنوبية خلفنا ..
استدرت مسرعا الى الجهة الخلفية تتبعنى مديحة وقد استعادت بعضا من ثباتها فاخذت تنادى على زوجها ...
اقتربنا من الحجرة ...بابها مغلق ...فتحته فاصدر صريرا حادا ..
نحن نخزن فيها بعض الاثاث ولا نستخدمها ...علقت مديحة ..وقفت على باب الحجرة المظلمة ومدت يدى ابحث عن زر الاضاءة ...انرت النور وللاسف كانت ايضا ليس بها الا بعض قطع الاثاث والمتروكات ...
شهقت مديحة وهى تضع يدها على فمها وعيناها تتسع فى خوف وتساؤل ..
اعرف مايدو بخلدها فهو ذاته ما يقلقنى ...اين تراه ذهب زوجها ؟؟؟
قلت ..لم يعد غير المطبخ والحمام ...
رغم الخوف بعينيها لمحت نظرة الاستغراب فيهما ...
كان الحمام يبعد عن هذه الحجرة بضعة امتار ...تقدمت وانا على يقين اننى لن اجد ابراهيم ...ناديت عليه مجددا ...طرقت باب الحمام ...لا شىء ...
ادرت مقبضه وفتحته لاصيح صارخا وانا اقفز الى الداخل ....



               ................................(20 ) ..........................................
                         أبو الحسن بن زاهر




قابله الرجل بدموع شاكرة وهو يدخله بيته المتواضع ...كان معه رجل اخر وامرأة قدمهما اليه قائلا ...هذا هو اخى الذى قرأ عرضك الطيب فى الانترنت ونصحنى بمراسلتك ...وهذه زوجتى ...
نظر ابو الحسن بعين نافذة اليهم جميعا ثم اشار الى المرأة وقال :
 أهذه امه    ؟؟
اجاب الرجل : لا ياسيدنا ..انها زوجتى فقد ماتت امه   منذ سنة ..
واين هو ..؟؟ سأله ابو الحسن ..فاجاب وهو يطأطىء راسه الى الارض
فى الداخل ..انا اغلق عليه  حجرته  ...
...تقدم الرجل يتبعه الباقون ...فتح باب احدى الحجرات ليروا شابا قارب العشرين  من عمره مقيدا الى فراش بعدة حبال ...انزعج ابو الحسن من هيئته فتقدم منه صائحا ...كيف تفعلون به هذا ؟؟؟ انه انسان لا حيوان ...
تأسف الاب وهو يجيب ...للاسف ياسيدى فقد صار ابشع من الحيوانات ..
كان الامر منذ شهرين فقط ...امور غريبة تحدث منه او له ..صرخات ليلية تحولت بعد ذلك الى عواء كعواء الذئاب ...محادثة مجهولين ... و اوجاع رهيبة تفتك ببطنه ولا تجعله يأكل باليومين ...وكل هذا بلا سبب طبى معروف ....لقد ذقت اشد المر من حالته ولكن الاسوء هو ما انتهى اليه الامر ...
اتتخيل انه قد امسك بقطة من امام باب الشقة فنهش عنقها وهى حية غير مبال بخربشاتها الرهيبة له ثم التهم جزءا كبيرا منها ...يا الهى ..!! لا اكاد اصدق ان هذا حدث امامى !!!!!!!!..لقد كاد قلبى ان يتوقف وانا اشاهده والدماء القذرة تغطى فمه ويديه وملابسه .....وبالامس ...لقد كاد ان ينهش ذراعى وانا احاول حقنه بعلاجه المهدىء ...صرت اخاف ان تركته وحيدا ان افاجأ به يقتلنى انا او زوجتى ونحن نياما ...ولم يطاوعنى قلبى على ان اودعه مستشفى الامراض العقلية ...
سكت الاب مختنقا بالبكاء فاحتضنه شقيقه رابتا على كتفه وهو يقول ..
لعل الله يجعل الخير على يد سيدنا الكريم ...
ضاقت عينا ابو الحسن وهو ينظر الى الشاب الصامت المتسعة عيناه فى تحد وتنمر وتحفز....استرجع ما تكلم به الاب ...تقدم من الفراش .....اشار باصبعه الى جبهة الشاب متمتما بصوت قوى له ايقاع حاد متصاعد   ...
باسمك اللهم ....بتكه بتكفال ....بصيعى بكيعى مميال ...باشمخ شماخ بشميخ ...
بالذى ترعدون من مخافته .....وتخرون صعقا لهيبة جلاله العظيم .....هو الحى القيوووووووم ..
لااااااااااا ....غااااااااااااا ...هووووووووووش ....عواااااااااااا.......
انطلقت صرخات الشاب وعيناه بلون الدم وجسده ينتفض محاولا فك قيوده
...صرخت المرأة فزعة  وتراجع الرجلان مأخوذان بينما احدق ابو الحسن فى وجه الشاب بقوة وتقدم اكثر منه وقسمات وجهه تنذر بالغضب ..


.................................(21) .........................................



صرخت مديحة وهى تنطلق خلفى داخل الحمام ..كان ابراهيم معلقا من قدمه اليسرى بقضبان شباك الحمام متدليا جسده وذراعاه الى الاسفل تكاد ان تسقط رأسه داخل فتحة الحمام ....ملابسه ممزقة واثار مايشبه السياط  والدماء على جسده كله ....كان فى حالة اغماء ...سارعت ارفعه من كتفيه صائحا على مديحة ان تحاول تحرير قدمه من بين قضبان النافذة ...انتابها البكاء والصياح الهستيرى وظلت تطلق اسئلة عديدة ..صرخت فيها بقوة ..
حررى قدمه ايتها الغبية ...فقد يفيق ولا نعرف ان نتعامل معه ...
 بقدمين غير ثابتتين وقفت على كرسى صغير لتطال النافذة وبيدين مرتعشتين حاولت ان تخرج القدم من قيدها ....بكت وهى تردد ..لا استطيع انها محبوسة تحت ثقل الجسم ...ارفعه قليلا ...لا اعرف كيف تعلق هنا بهذا الشكل أو لماذا يفعل ذلك اساساً ؟؟؟

حاولت رفع جسد ابراهيم الثقيل ما استطعت وانا ازوم ...هياااااااااا ..الااااان ...
ارتفعت القدم بين القضيبين لتستطيع مديحة ان تخرجها بسهولة ليسقط ثقل الجسم كله على ركبتى ....كدت اقع به لولا تماسكى وسرعة مديحة فى مساعدتى ...
...هيا بنا نعيده الى حجرتكما ...
صحت وانا احمله من اسفل ذراعيه ومديحة ترفع قدميه باكية ترتعش يداها
....خرجنا به من الحمام وانا اسير متراجعا للخلف بظهرى ...اقتربنا من الصالة ..كان الجهد قد بلغ منى ...والعرق يتقاطر على جبينى المنحنى ليسقط على وجه ابراهيم ...وفجأة فتح عينيه كدائرتين واسعتين لم ار فيهما الا لون الدم ...اخذتنى المفاجأة ...كدت اسقطه ارضا ..صرخت مديحة تاركة قدميه لتسقطا وتراجعت هى فوقعت بجوار الحائط تشير باصابعها المرتعدة اليه ...




.............................( 22 ) .........................................

                              باموفيت
                                   



كانت عشتار تمسك بكتاب اسود اللون له غلاف من جلد متجعد متعرج وهى تفتح بعض صفحاته الجلدية وأخذت تطالع رسمات غريبة لحيوانات نصفها بشر ثم توقفت على صفحة تظهر فيها صورة تيس كبير له ثديي امرأة ويشير بساقه اليمنى التى حملت كف انسان رافعا سبابته والوسطى متلاصقين وهو يجلس على عرش متوجا بتاج من النيران   ...

هاهى ذى الصورة الاولى الحقيقية للشيطان المساعد الأكبرلابليس ... انه   باموفيت..
تمتمت عشتار بعدة كلمات وهى تحرك اصبعها حول الصورة ونظراتها تنطق بالخشوع التام  ثم مدت يدها فرفعت الدمية من على الارض تحملق فيها ثم امسكت بدبوس طويل وهى تمر به على الدمية متمتمة ....
بيوش بيوش ...ابرسون تعمروش ...
امتلاء الأحشاء ...بصياهن شماليخ بعزة باموفيت ....دم قانى ووجع مميت


     
.           ..............................(23 ) .................................


صفع ابو الحسن الشاب صفعة قوية على خده وهو يصيح فيه ..
اخسأ ياملعون ...عارض نجس من ساحر مبتدأ احمق ...انا ابو الحسن بن زاهر آمرك بالخروج منه حالا والا احرقتك من فورى الان ...
اخذت صرخات الشاب وتشنجاته تتعالى ..وإذا بقبضتيه تتحرران من قيودهما فيرتفع جسده من فوق الفراش لينقض على ذراع أبى الحسن محاولا نهشه..المرأة والرجلان تراجعوا الى باب الحجرة فى صراخ ورعب بينما استطاع ابو الحسن جذب ذراعه من قبضتى الشاب ليلطمه بيسراه لطمة قوية اوقعته على الفراش فصاح أبو الحسن  عاليا ... خذوه فغلوه .....خذوه فغلوه ....إلتصق الشاب بالفراش وهو يزمجر فى هياج وكلما حاول التحرك إذداد إلتصاقه بالفراش كمن يمسكه أحد .. مد أبو الحسن قبضته فأمسك بعنق الشاب وأخذ يتلو عليه آية الكرسى ثلاثة مرات وهو يزيد تشنجاته محاولا الإفلات من قبضته ... ثم يصيح فى وجهه..سبحان من غلب نوره كل نور ......كاف ها يا عين صاد .......( الشاب يصرخ ) .جهلاس ..حصلى ... جسما ..كا طسطى ...اخرج منه مدمرا محروقا ..عليك ألف شهابا رصدا ...0(    انها لظى ...نزاعة للشوى )...
صرخ الشاب صرخة عالية وهمد جسده على الفراش ساكنا ...تقدم والده وعمه منه ..الاب يبكى متحسرا والعم يدعو الله ان يكون قد تم شفاءه ...
قال ابو الحسن ..احضروا اناءا كبيرا ...
اشار الرجل الى زوجته الداهشة ان تحضر الاناء فخرجت مسرعة ..
ابو الحسن يمسح على جبين الشاب داعيا بخواتيم سورة البقرة ...
احضرت المرأة طبقا من البلاستيك كبيرا وقدمته الى زوجها الذى ناوله لابى الحسن داعيا له بصوت غلبته الرعشة ...
وضع ابو الحسن الطبق امام الفراش ثم امر بفك قيود الشاب المستكين مغمض العينين .....سارع ابوه وعمه بفك قيوده فمسح ابو الحسن على صدره وبطنه قائلا ...قم يابنى لتقيىء ...واذا بالشاب ينهض ناظرا اليه وماهى الا لحظات وامتعضت ملامحهه ثم اخذ فى القىء فى الطبق دفعات وراء بعضها وابو الحسن يمسك بجبهته ...لحظات كان الشاب يتوقف لاهثا والدموع تبلل خديه وبكاء والده يتعالى داعيا له ....ابو الحسن يعاود امره له بالقىء قائلا ...ليس بعد ...هيا ثانيا ....ومن جديد يعاود الشاب الامر حتى تقطعت انفاسه من الالم واخذ يبكى ووالده قد جلس بجواره يحتضنه مشنجا بالبكاء وهو يقبل رأسه ....من جديد صاح ابو الحسن ..ليس بعد هيااااا ....ومسح صدر الشاب وبطنه بقوة مرددا ... اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا..... اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا .......وعلى الفور تقايىء الشاب بعنف لتتساقط كتل من دم متجلط عبيط يميل الى السواد له رائحة نتنة ...صاح الاب مذهولا يربت على ظهر ابنه ....ماذا به ياسيدنا ...؟؟؟  ماهذا الدم ؟؟؟؟
توقف الشاب عن القىء ليتراجع بظهره الى الفراش رافعا سبابته ناطقا بالشهادتين حامدا الله  وما سمعه ابوه الا وانكب عليه يقبله باكيا فرحا ...
غمرت السعادة عمه لشفاءه  وهو يثنى على ابى الحسن الذى توجه بوجه صارم الى المرأة الذاهلة ترجف فلطمها لطمة وقعت منها صارخة لا تتحرك  
ذهل الرجلان مما حدث وهم زوجها بالنطق فاذا بابى الحسن يرفع كفه فى وجهه بحزم قائلا ...انها من سحرت ابنك ...كانت تراوده عن نفسه فلم يستجب لها اكراما لك ....سحرت له لدى ساحر قذر كافر وسقته دم الحيض المطلسم مرارا فى الشاى عقابا له لصدها ...


..................................( 24 ) ...................................



اسرعت امسك ذراعى ابراهيم بعنف مناديا مديحة ان تحضر لى مايصلح لتقيده ...كان مازال فاتحا عينيه بلون الدم لكن بلا حركة منه ...لم تتحرك   المسكينة من شدة مانالته طيلة هذا اليوم ...تركت ابراهيم ارضا لأتلفت حولى ....  جريت الى احدى الستائر اجذبها بعنف لاسقطها واشد منها حبلا طويلا ...عدت الى ابراهيم الذى بدأ يزمجر بصوت متحشرج ...عقدت يديه خلف ظهره دون مقاومة منه ...مديحة مازالت تبكى  وقد احنت ظهرها على نفسها ووجهها مدفون بين كفيها على الارض ...
توجهت الى قدمى ابراهيم مسرعا لتقيدهما عندما صاح بعنف لترتعد ساقاه وقدماه بشدة ..ثم بدءت بطنه تنتفخ شيئا فشىء ةكأنها بالون كبير
..مديحة ....ارجوكى ساعدينى .....
صحت عليها بقوة فانتبهت قائمة والحيرة والخوف تسكنان عينيها اللتين حملقتا فى بطن ابراهيم الذى يزداد انتفاخا ..
حاولى امساكه حتى لا ينهض ...
انكببت على قدميه بثقل جسدى لاتمكن من ضمهما معا رغم رعشتهما ورفساتهما ..وبعد معاناة استطعت تقيدها ...
دعيه الان فلا خوف منه ....قلت هذا لمديحة وانا اقوم لالقى بجسدى على اول مقعد ....
قامت مديحة متهالكة زائغة العينين تزم شفتيها حتى تكابد نوبة بكاء جديد وبصعوبة استطاعت ان تنطق ..
الان ..اخبرنى بسبب ما يحدث فى بيتى وما يحدث لابراهيم اذا كنت تعرف  عن هذا الامر شيئا...؟؟؟؟


................................(25 ) ........................................
                             البعد الرابع




فى منطقة من صحراء غريبة رمالها صفراء صافية اللون كما ذرات الذهب تشبه الدائرة قطرها لا يتجاوز الكيلو مترا تحيطها الجبال من كل ناحية  .. السكون والصمت يسودان المكان الموحش ... انطلق صوت جهورى فى المكان ينادى  من الجهات الأربعة
ديابولى ....ديابوليس ..سيد الأراضين والأسفلين ...  .. نيلجا  جومالااا تنجاد
ياخدام باموفيت الأربعة  ادخلونى ..
بدأت الرمال الصفراء تتحرك رويدا رويدا فى دوائر ثم تطايرت سريعا لتصير كما الاعصار يلف الفراغ بين الجبال الاربعة ثم اخذ ينحصر كما بدأ لتظهر فى مركزه عشتار يتطاير شعرها فى شكل بشع ...
 وقفت عشتار وحيدة رافعة  يديها الى الاعلى ..كان الفضاء يبدو مغبرا كالح اللون اصفره ...صاحت بصوتها الجهورى الضخم مرددة وهى تتلفت حولها ..
ايها السادة العظماء اصحاب  الاراضين السبع ....كم هى مجلجلة اسماءكم العشرين تتزلزل لها كل البقاع
....ستراااادووووسيس ......طهطااااطاااااليس
....بعلزبوووووولييييييس
....انا خادمة ابوابكم ومنافذكم ...بحق من سبقنى اليكم بالخدمة ...راعيا وحاميا ....مكنونى من باقى الاختام السبعة ....امنحونى سر الشفرة الاخيرة ..راديس هوووس اشحاليش ... بسر من صاغ بدمه الحى وباجزاء من اجسام اطفاله الستة  صفحات مجدكم ....لقد تكرمتم على خادمتكم بالتجلى ...لقد وهبتوها سر الخمس منافذ ....العفو منكم ياسادة الدنياوات السبعة ....ليتم كرمكم الاشمل فأدخل بابكم الاخير ....  امنحوننى الإذن ليسود اسمكم على العالمين ...
هاشاؤى حاداث ....... هااااااشاااااؤى ..... حااااداااااااااث ...
ظلت تصيح بصوتها رافعة ذراعيها حتى هبت عليها عاصفة ترابية اخذت تدور حولها كما الاعصار .....





..............................( 26) ...........................................




جلست مديحة امامى صامتة وعلامات الانكار والعجب والدهشة تمتزج جميعها لترتسم على ملامحها وهى تردد النظر بينى وبين زوجها ابراهيم الممدد على الارض يهمهم بين اللحظة والاخرى بما ليس مفهوما ...
قالت ذاهلة ...اذا انت تخبرنى ان مايحدث لزوجى ...صديقك الغالى ...هو نوع من انواع السحر يمارس عليه الان ...وان هذا تم فى جمعيتكم الغريبة التى لا اعرف كيف يسمحون بوجودها رسميا فى بلدنا ....
نظرت اليها صامتا وكأننى اجيب ...فاستطردت :
اذا سوف ابلغ الشرطة الان وهم يتولون امر تلك المرأة الساحرة ....ولننقل ابراهيم الى اكبر مشفى خاص...
قلت لها وانا اهز راسى اعتراضا ..
هذا لن يفيد ابراهيم فى شىء ...ارجوك نحن نكاد ننهى اليوم الاول وبالتأكيد ليس الوقت فى صالحه ...دعينى اساعده الان فليس الامر سهلا  كما تظنين   ..لن تستطيع الشرطة القبض على الساحرة كما لن يستطيع الطب ان يقدم  لابراهيم المساعدة ....---  آآآآآآآآآآآآآآآآآآآى !!!! --- ....
قطع كلامى اليها صراخ ابراهيم متألما ....وهو يتململ بجسمه على الارض مقوسا جزعه الى فخذيه .... اخذ يصرخ ....بطنى ...بطنى !!!!
جرينا عليه صاحت بى مديحة ...فك الحبال عنه ...انه يتألم ..
 رفضت طلبها ...فقد تختلف حالته مجددا الى الاسوء...امسكت برأسه ارفع وجهه لارى عينيه ..كانتا طبيعيتين سألته عن الالم الذى يشعر به ..قال كالخناجر تنغرس فى بطنه ...هززت راسى مدركا مايحدث ..الان وقت العمل ما عاد لدينا ما نضيعه اكثر من هذا ...
طلبت من مديحة مغادرة الشقة لتتركنى معه وحدى فرفضت صارخة فى وجهى ...اعدت طلبى لها ان تظل فى اى حجرة بعيدا فرفضت ايضا مصممة على البقاء بجواره ..قلت مرغما ...اذا احذرك من ان تصدرى اى صوت اوحركة  مهما شاهدت او سمعتى امامك ...نظرت لى غير مدركة عما احدثها لكنها هزت رأسها موافقة ...
طلبت منها ان تبتعد خلفى ولا تتحرك ... قمت إلى مفتاح الكهرباء فأغلقته فساد الظلام المكان الا من انعكاس اضواء خافتة ...اخرجت من جيبى الداخلى قنينة سوداء لا تفارقنى بها ماء مطلسم يغنينى عن مفردات التحضير من بخور واشياء أخرى يستعملها الأخرون .... رششت زوايا المكان ببضعة قطرات وسط دهشة مديحة ونظراتها المتسائلة  ثم اقتربت منها فجثوت على ركبتى بجوار  ابراهيم وعلى يسارى خلفا كانت مديحة ...
اطلق ابراهيم صرخاته المتألمة وقد صارت لانتفاخ بطنه اصوات كما زمجرة الوحوش...شرعت فى تلاوة قسم صرف عمار المكان تمهيدا لاستحضار الملك الحاكم على مملكة الجن الارضى  ....ربما من حظ ابراهيم ان اليوم هو الثلاثاء ...فهو يوم الملك الاحمر اقوى الملوك السبعة الارضية واشدهم باسا
..بسم من بدأ الخلق واليه ينتهى ...بسم القدوس السبوح ...حرزا مانعا مما نخاف ومما لانراه او نسمعه ...انصرفوا ياعمار هذا المكان حتى اقضى حاجتى مشكورين مأجورين
...بسر العهد والميثاق منذ أبى دجانة ومن تلاه .                                                       .
اشتاتا اشتاتا .....شعرت بمديحة بجوارى ترتعش وهى تتمتم بالبسملة وتستعيذ بالله بينما ظل ابراهيم بين الفينة والاخرى يطلق صرخة ألم حادة
....ايها الملك الاحمر يا ابا محرز ...دعوتك بما بيننا من عهد لا تخلفه ابدا ...وبسر من هو حاكم عليك سمسمائيل الملك ذى السلطان والشوكة ... ( خفضت صوتى وتلوت العزيمة الخاصة و كلماتها السرية ) ثم صحت ..
بقدرة حرف الشين ورسم الميم وبلطف الاسم المرفوع فوق رأسك   شكور
احضر بين يدى الساعة واللحظة والتو ...الان ...الان ...
لحظات وانتشر فى الصالة بخار احمر اللون كان خفيفا يبدو كبخار الماء...شهقت مديحة فزعا ...اشرت بكفى الايسر لها فكتمت فمها بيديها ...جلجل الصوت فى المكان كما خطوات ثقيلة ...
السلام عليك ياابا يعقوب ...تشكل البخار الاحمر فى هيئة وجه ضخم ملء الفراغ امامى ما كان يبدو منه الا ملامح العينين والانف والفم وبعضا من شعر لحيته ....وعليك السلام والرحمة صاحب عهد وكلمة لا تخون ولا تغدر ....رد الملك الاحمر  تحيتى له بصوت جهورى عميق ...
سمعت صوت ارتطام جسم مديحة بالارض وبطرف عينى لمحتها قد غابت عن الوعى ...
سألتك بعزة وجلال ذى العزة والاجلال ..ان تكشف على هذا الجسد الارضى كشف العارفين كما عاهدت منك وان تجزل له المساعدة ما امكنك ...
الدخان الاحمر يتحرك غائما سابحا حول ابراهيم الذى ماعاد ينطق وصوت ابو يعقوب يتردد ...طاعة لاسم الله ووفاء بالعهد افعل ...
احسست بمديحة تتحرك كأنما استفاقت وان ظلت تنظر الى ابراهيم وراسها على الارض ....
بدأ جسد ابراهيم المقيد بالحبل يرتفع عن الارض لدقيقة ويتقلب بشكل عصبى مع همهمات متواصلة منه ثم هبط وحده امامى على الارض ينتفض ويخرج الزبد الابيض من جانب فمه  ثم ما لبث وقد بدأ يلفظ من فمه سائلا مدمما ارتجف لرؤيته قلبى رغم محاولتى تمالك انفعالاتى حتى لا تفزع مديحة اكثر مما هى فيه ...وضعت يدى على صدر ابراهيم رابتا عليه وانا اتلو عليه مكررا ...

ثُمّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَعذّبَ الّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَآءُ الْكَافِرِينَ ..
..
قلت حركة ابراهيم لكن خروج الدم  من فمه قد زاد أكثر وأكثر حتى غطى ذقنه ..
فزدت من التلوة عليه ..

فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الّذِينَ كَفَرُواْ السّفْلَىَ وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ
الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ..

توقف الدم فأخذ ابراهيم يشهق شهقات متوالية وهبت مديحة فزعة تسألنى وقد اقتربت من رأس ابراهيم ... ما الذى يحدث له ؟؟ ماذا يصيبه الأن ..؟؟
نحيتها بيدى جانبا بضيق ونظرة حازمة غاضبة واستمريت اتلو ويدى على صدر ابراهيم ..

هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوَاْ إِيمَاناً مّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً

هدأ ابراهيم تماما وسكنت ملامحه ثم مرت برهة ليست بالقصيرة كنت احبس فيها أنفاسى فى انتظار ابى يعقوب ثم عاد الدخان الاحمر يتشكل كوجه من جديد وصوت الملك الاحمر يقول ..
كان به عارضان يهوديان ...الاول قتلته والثانى فر الى مرسله ...
قلت له ولماذا لم تتبع الهارب او تكلف من يقتله ...؟؟؟؟
قال الصوت ...فعلت لكنه هرب الى حيث لا اراه ...لم يعد فى مملكتى ولا فى سماءها ...
وقعت كلماته فى قلبى موقع الطعنة ...لقد صار الامر اشد تعقيدا ...
قلت ...بارك الله فيك ايها الملك المؤمن ...هل تستطيع العثور على الساحر المرسل للعارض  او الدمية الناقلة للسحر او تلك الحاوية له ...؟
صاح الصوت عميقا ....انها امرأة ساحرة ....لقد بحثت عنها وعن ناقل السحر باطراف الارض كلها ...لم اعثر لهما على أثر...هما ليستا على ترابنا او فى ماءنا او خلال سماءنا ...حتى نيران الارض ما احتوتهما ....اما حاوى السحر فقد قامت الساحرة بعد ان علمت بقتلى العارض الأول وفرار العارض الثانى إليها بإخفاءه فى مكان شديد الحراسة لا استطيع دخوله .
سألته فى دهشة .. اى مكان هذا الذى لا تستطيع دخوله فى مملكتك يا أبا يعقوب ؟؟
 صمت الصوت برهة ثم أجاب فى رنة عجز وانكسار  :   عرش ابن سوميا
فغرت فاهى تعجباً واتسعت عيناى دهشة ثم هززت راسى عجزا وانا استوعب الأمر وقلت ارجوه :
اذن سألتك بالله الحى القيوم وبالاسم الذى  سجد له الكروبيون ان تجند من اتباعك القاهرين من يحرس هذا الجسد من كل توصية من العارض المقتول ..وان تحميه ومكانه هذا من عودة العارض الهارب أو أى عوارض أخرى وان تسكن بهذا المكان من العمار شديدى البأس والقوة مؤمنى الدين والعقيدة من يستطيعون حراسته....
قال الصوت ...افعل باذن الواحد القهار ...
بارك الله فيك ايها الملك الصالح ...انصرف مشكورا مأجورا مباركا فيك ..
سلام الله عليك يا ابا يعقوب يا ابا محرز ..ايها الملك الاحمر ...
ردد الصوت والدخان يتلاشى ....وعليك السلام اخا فى العهد والدين ...
كان العرق قد اغرق جبينى وصدرى وصار المكان كله شديد الحرارة ..
مددت يدى الى ابراهيم .افك عنه قيوده .....كان جسده ضعيفا مازال يحمل اثار احمرار بسيط على اطرافه ..... بدأ يستعيد وعيه مناديا بصوت واهن زوجته مديحة ....
انتبهت قائمة تسرع اليه باكية لترفع راسه من الارض فتحتضنه دون ان تستطيع النطق ...
مسحت وجهى من العرق وانا انظر اليه فى اشفاق ..كنا بعد العصر وقبيل المغرب ...ياله من نهار اول يوم ....!!!!
حاولى اطعامه يامديحة ...ساغادركما الان ....--- لآلآلآلآلآلآلآلآلآ ---
قاطعتنى صارخة فلم اكمل جملتى  .....لن ادعك تذهب وتتركنا ...سوف تظل هنا ....صاحت وهى تتمسك برأس ابراهيم مستحلفة اياى ...
حاولت الكلام فكانت تقاطعنى مرار مكررة عدم سماحها لى بالانصراف ..
واذا بابراهيم ينطق هامسا ... دعيه لشأنه يا مديحة فانا بخير والحمد لله ..
اقتربت منه وانحنيت اربت على خده قائلا ...الحمد لله ياصاحبى ...ثق انك لست وحدك ...(فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين )....كما ان هناك من جند الله من يتكفل بك ...فقط دع صوت القرآن يردد سورة البقرة على الدوام ...سوف اكون على اتصال بكما دوما كل ساعة ...وانت  ايضا هاتفينى يامديحة فى اى وقت ...افهمتى ...؟؟ فى اى وقت ....
تفكرت مديحة لحظات ثم قالت افضل ان تحتفظ بنسخة من مفتاح البيت هاهو عندك معلق بجوار الباب ....
... ابتسمت لهما وتقدمت الى الباب ...اخذت المفتاح   واضعا اياه بجيبى ثم خرجت من بيت ابراهيم لاتنسم هواء المغرب المنعش ...لابد من الوصول الى الدمية وعكس السحر فمهما فعلت ستنتصر عشتار ....

امسكت بالهاتف اطلب صاحبى ابى الحسن بن زاهر ....لحظات وجاءنى صوته ..
السلام عليك ياابا الحسن ...
-  ..........................
  احتاج اليك سريعا وبشدة ..
-  .............................
لا ... سوف اتى أنا اليك      ...الامر لا يحتمل التأخير مطلقا ..
- .............................
نعم كارثة حقيقية ....
- ............................

يبدو ان احدى منافذ اينوخ قد فتحت  ولا اعرف كيف ارد هجوما قاتلا صادرا منها  ....




..................................(27 ) ....................................




لهيب الشموع فى حجرة لا يظهر فيها غير ما وضع بجوار الشموع من دبابيس وتماثيل والدمية الشمعية على منضدة مستديرة وسط الحجرة ... اما باقية الحجرة فيلفها الظلام ...
اطل وجه عشتار تتدلى من عنقها تلك السلسلة الغليظة بنجمتها السداسية ...مدت يدها بجوار الشموع وكانت تمسك ببلورة كبيرة تحركها بين كفيها ودخان البخور يتصاعد عليها ...
تمتمت بعدة طلاسم وهى تردد ... عن بعد اكشف لى ما خفى ياذا العين الواحدة ...
بحق سلاسل قيدك وعهود انتظارك السحيقة ..اظهر لى المسحور فى غياهب النور ..... امتلأت البلورة بسحب بيضاء داخلها ثم تكشفت عن  وجه ابراهيم يبتسم ...جذت عشتار على اسنانها بقوة حتى اصدرت صوتا يشبه صوت صرير باب حديدى سكنه الصدأ  .... .تناولت احد الدبابيس وهى تزفر فى غيظ  قائلة :
لن تستطيعوا ان تصلوا إلي حاوية السحر أبداً ... ولنرى هل سيدوم الأثر والتحصين ام لا ... ثم تمتمت ببعض الكلمات ووجهت سن احد الدبابيس الى  فخذ الدمية الايمن ....



              ......................28..........................


ابراهيم يتناول الطعام مع مديحة وصوت القرآن يصدرعاليا من مذياع  بالقرب منهما ...كان يبدو عليه الارهاق والضعف ومديحة تحدثه وهو يبدو عليه انه لا يتذكر مامر به من احداث عندما وضع يده على فخذه الايمن فجأة متأوهاً .
انتبهت مديحة لحركته فسألته بقلق .. ماذا هناك ؟؟؟
اسقط ابراهيم بنطاله حتى ظهر له أثر الوخزة فإذا به مدمماً ذا لون أزرق قاتم ..
اندهش ابراهين وحاول اخفاء احساسه قائلا فى ضعف  ...لا شىء ..لا شىء ..انها وخزة بسيطة  ..لا شىء مطلقا ..

.....................................29..................................

عشتار تمسح على البللورة  بيدها وهى تتمتم بطلاسمها حتى عادت امامها صورة ابراهيم ... اخذت تكرر شك  الدمية الشمعية   بالدبابيس ووجهها قد سكن ملامحه   الغضب وصار زفيرها كأنه انفاس التنانين ...ان ابراهيم لا يتألم كما ينبغى له ...السحر قد خفت ألمه وان بقى شىء من أثره .....مرة اخرى تمسك بالدبوس وتشك به الدمية  بعنف فى الفخذ الايسر   ..ثم   فى البطن واخر فى الصدر واخر فى العنق واخر فى الظهر واخر فى الرأس وهى تتابع صورة ابراهيم فى البللورة ثم صاحت بكل الغضب ..سوف اقهركم جميعاااااااااا ...انتم لا تعرفون عشتاااااااار مالكة الشفرات الستة ...
ماهى إلا يومان فقط ولسوف نرى ...


....................................30.........................................

ابراهيم يتحدث الى مديحة فى توجع وألم  ثم يطلب منها مساعدته فى التوجه للفراش لفحص جسمه الذى اجتاحته الوخزات فقامت تساعده فى خطواته سائلة اياه هل أتصل بأخى علاء فأشار ابراهيم بيده ان الامر لا يستحق فقط يريد ان يرى ما سبب كل تلك الوخزات ..
رغم مسحة القلق التى كست وجهها الا انها تمتمت تحمد الله شاكرة ..كان صوت القرآن مازال يتردد فى جنبات المكان ..  تلفتت حولها كمن تكلم احدا وهمست اللهم احفظنا بسترك الكريم ... ..بارك الله فيكم....


      ................................( 31 ) ...................................

خيرا يا اخى ...لقد انزعج كيانى كله من مكالمتك ...اخبرنى بالله عليك ماذا حدث ؟؟؟
بهذه الجملة استقبلنى ابو الحسن فى جناحه بالفندق الذى يقيم فيه ....ارتميت على مقعد كبير ضعيفا وقلت بوهن ...
ارجوك اطلب لى بعض الطعام ( الخاص ) فلم اتناول اى شىء منذ امس البارحة حتى اعود من الحمام ..
تحت امرك اخى الغالى ...
بعد فترة  وكنت اتناول بعضا من لقيمات الخبز والعسل الابيض  وابو الحسن جالس  امامى ينصت لى بامعان وانا اقص عليه احداث الامس وحتى انتهيت الى ما اخبرنى به الملك الاحمر ...سكت وانهيت الطعام حامدا الله وسألته :
انت معى ان عشتار قد فرت من بعدنا الارضى هذا اليس كذلك ....؟؟؟؟
امعن التفكير لحظات وقال ....ليس هناك من سبب ليكذبك الملك الاحمر وهو ما نعرف عنه الا القوة والبأس والوفاء بالعهد دوما ....فاذا اكد انها ليست على هذه الارض حية ولا ميتة فمعنى هذا انها انتقلت الى بعد اخر ..
اكملت انا : المشكلة انها قد استعانت على ايذاء ابراهيم بعارض من خلق ذلك البعد الجديد وهو ما صعب على ابى محرز ان يتعقبه ...والادهى انها استطاعت اخفاء الدمية الحاوية للسحر فى مكان شديد التعقيد  .... عرش ابليس ..!!
قال متعجبا وهو يردد :
عرش ابليس !!!! .... كيف تمكنت من الوصول الى ذلك الموضع ناهيك ان تخبىء فيه دمية سحر لآدمى بسيط .؟؟؟
يبدو ان تلك الساحرة تنظر الى الامر  بصورة مختلفة عما قد نزنه نحن بأنفسنا ...

هززت رأسى مؤكدا ما قاله فسألنى بسرعة :
...لكنك حصنت ابراهيم  جيدا من اى عودة اليه ...؟؟؟
هززت رأسى مجددا  نعم ...ولكننى اخشى من عوارض الابعاد الاخرى ان تكون ذات بأس اشد من تابعى ابى يعقوب الحارسين ....كما اخشى ان تعاود عشتار محاولات ايذاء ابراهيم ..وقد يثار غضبها فتقتله فعلا فى نهاية المدة التى حددتها بعدما علمت بقتل احد عارضيها ..
قام يتجه الى ركن الحجرة بالقرب من فراشه ..تابعته صامتا ...قال ..
هذا كتاب ربما لا توجد منه نسخة اخرى ...هو لا يفارقنى اينما ذهبت ...كتب ربما عام 700 ميلادية  او اقل بعشرة او خمسة عشرة سنة فى بلاد المغرب بخط اليد ...وللاسف ليس معروفا من كتبه وألفه ....
نظرت الى حيث يشير الى صندوق اخضر يضع فيه الكتاب ...ابديت دهشتى وتعجبى واستنكارى ان يعرض مثل هذه التحفة الاثرية القيمة للسرقة او التلف بتنقله بها بهذا الشكل ....سألته وعما يتحدث هذا الكتاب ..قال وهو يمسك الصندوق ويتناول منه الكتاب مقدما اياه لى  شاهد بنفسك ..
 امسكت بالكتاب اقلب غلافه وامر على صفحاته الاولى ثم قلت له متعجبا :
...لقد كتب بالسريانية مختلطا بها عدة لغات اخرى قديمة جدا حتى اننى فوجئت فى بعض صفحاته عن كتابات بالهيروغليفية ...
هز رأسه موافقا وهو يقول :
لقد ترجمت الكثير والكثير من صفحاته ...فقد اسهب كاتبه فى بعضها الحديث عن اقوام من العمالقة اتو مع طاعون اكتسح اكثر المناطق الاهلة ...لم يكن يعرف من اين اتوا ولكنهم كانوا يتجمعون فى الليالى القمرية  ثم يختفون
....اخذنى العجب وانا اردد ...لم اسمع عن هذا من قبل ...!!!!...اللهم فى كتاب العزيف للحظرد ذلك الشاعر اليمنى الذى اعتقد اننا نواجه الان واحدة من ورثة علمه فى نسخة كتابه العبيرة التى يقال ان عشتار تملكها ...
قال ...اهى تملك ( سيفر هاشاؤى حاديث فعلا )  ؟؟؟
قلت:  هكذا اخبرنى م- أصفهان وقد برعت في فتح خمسة منافذ ايضا ..وما يحدث حاليا يثبت صحة هذا ..
قال ابو الحسن ...ربما عاصر هذا الكتاب كتاب العزيف او ربما سبقه فى التأليف ........فهنا فى هذا الكتاب تكلم من كتبه  عن الاتصال مع القادمين مع الطاعون ...هكذا كان يطلق عليهم ... ذكر انه يمكن الوصول الى ارضهم ومكانهم عبر تلبس روح من ارواح البشرلجسد بشرى  لحظة الاحتضار...
فهو يزعم ان لحظة الاحتضار تكون النوافذ الستة للابعاد متاحة للارواح ان تدخلها من طرف واحد ..... ولكن هذا الامر جد خطير ....
اكملت انا ....بل لا يمكن تجربته بحال من الاحوال ...فامر تلبس الارواح لحظة الوفاة الارضية دون مغادرة الجسد المحتضر قبيل اللحظة الحاسمة سيقضى على الروح المنتقل ....هذا عبث يا ابا الحسن ....ثم من اين لنا بمن اوشك على الاحتضار الان ؟؟
شرد خيالى لحظة وقلت ...ليتك هنا الان ياصاحبى العزيز ...
ابتسم ابو الحسن وهو يقول ...اعتقد انه موريس روحان من تقصد ...؟؟؟
هززت راسى مؤكدا وانا اقول ...نعم فمن مثله فى هذا المجال ...للاسف هاتفه لا يجيب منذ الامس وقبيل وصولى اليك اتصلت به بلا فائدة ...
قال ابو الحسن ...ياصاحبى لندع الامر للاحداث المقبلة ونرى ما مدى قوة عشتار تلك ...فلم اسمع من قبل عن اتمام دور لسحر الفودو خلال اسبوع ناهيك عن ثلاثة ايام كما زعمت هى لصاحبك  ...ومهما  بلغ وهن وضعف الضحية ...اراها تبالغ او تكذب ..
قلت له وانا اتوجه الى الشرفة ...لا ..لا يمكننى ذلك يا ابا الحسن ...اشعر باننى مسئول عما حدث لصاحبى ..ثم هو زوج شقيقتى واود ان انهى هذا الامر تماما ...
سألنى متحيراً :
وماذا قررت ان تفعل ؟؟
قلت ... يتوجب علينا العثور على الدمية حتى نبطل دائرة السحر عليها ..فما قمت به الى الان ماهو الا ابطال ما فعلته عشتار فقط بينما مازال العارض الثانى هاربا ويمكنه العودة مجددا ويمكن لعشتار معاودة ألاعيبها الشيطانية على ابراهيم ,,
عاود سؤالى بحيرة اكبر:
وكيف عساك تجد الدمية وكيف تبطل دائرة سحر الفودو عليها ... التعامل مع الدمية الحاوية للسحر خطير جدا ...فأى خطأ قد يسبب اضرارا بالمسحور لا يمكنك علاجها ..

اطرقت برأسى الى الارض متفهما ثم رفعتها إليه قائلا :
-- اتعرف قصة الملكة دلوكة بنت زباء  ..؟ تلك  الملكة الفرعونية التى حكمت مصر بعد خروج موسى وبنى اسرائيل منها ؟؟
ابتسم ضاحكاً وهو يتوجه تجاه المقعد القريب منه فيجلس ويقول :
تلك الخرافة التى وردت فى بعض الكتب .... يارجل ...اتراك تعول عليها حقاً ...ثم ما شأنها وما نحن فيه الأن ؟؟
أجبته وانا اتوجه للمقعد المواجه له فأجلس أمامه :
أما عن خرافة القصة فقد سبق لى ان تأكدت من صحتها ...وأما من شأنها بما نواجهه فالقصة كما تعلم انه بعد هلاك الرجال فى مصر بغرق جيش فرعون وهم يلحقون بسيدنا موسى لم يعد هناك من يتولى حكم مصر فأختارت النساء دلوكة تلك لما لها من رأى وتدبير
والتى بدورها استعانت بالساحرة العجيبة تدورة لتقوم بعمل سحرى يحمى البلاد من هجوم اى اعداء عليها نظرا لعدم وجود قوات عسكرية وقتها ...
هز ابو الحسن رأسه فيما يقارب الملل وقال :
نعم نعم .... اذكر شيئا كهذا فماذا تقصد من هذه القصة ؟؟
استكملت معاتبا اياه لمقاطعتى  قائلا .
قامت تدورة الساحرة ببناء باربى ... اى ما يشبه المعبد الصغير له اربعة ابواب تطل على الجهات الاربع وقامت بتعليق لوحات واوراق عليها طلاسم سحرية شديدة ورسومات لمراكب وسفن وجنود ....... وكان محور السحر هو اروع فودو تم فى التاريخ
انتبه ابو الحسن واعتدل فى جلسته منصتاً حين استطردت مكملا ...
 قالت لهم تدورة : قد عملت لكم عملا يهلك به كلّ من أرادكم من كلّ جهة تؤتون منها برّا أو بحرا، وهذا ما يغنيكم عن الحصن ويقطع عنكم مئونته، فمن أتاكم من أىّ جهة، فإنّهم إن كانوا فى البرّ على خيل أو بغال أو إبل أو فى سفن أو رجّالة تحرّكت هذه الصور من جهتهم التى يأتون منها فما فعلتم بالصور من شىء أصابهم ذلك فى أنفسهم على ما تفعلون بهم. فلما بلغ الملوك حولهم أنّ أمرهم قد صار إلى ولاية النساء، طمعوا فيهم، وتوجّهوا إليهم، فلما دنوا من عمل مصر، تحرّكت تلك الصور التى فى البربى فطفقوا لا يهيّجون تلك الصور بشىء ولا يفعلون بها شيئا إلّا أصاب ذلك الجيش الذي أقبل إليهم مثله، إن كانت خيلا فما فعلوا بتلك الخيل المصوّرة فى البربى من قطع رءوسها أو سوقها أو فقء أعينها، أو بقر بطونها أثر مثل ذلك بالخيل التى أرادتهم. وإن كانت سفنا أو رجّالة فكمثل ذلك ....  وقد نجح هذا تماما مع العديد من الجماعات التى طمعت فى مصر وقتئذ .
فهل تتخيل سحرا للفودو اعظم من هذا ؟؟؟
عقب ابو الحسن قائلا :
ستظل قصة اسطورية على كل حال رغم يقينك الشخصى من صحتها فما وجه الاستفادة منها الان ؟
اجبته وانا اشير بأصبعى السبابة والوسطى تجاهه :
الهام هنا ما علمته تدورة لابنها ديهاس من كيفية عكس اى سحر مثل هذا السحر فقط عليه ان يجد الاثر الحاوى للسحر فيتلو عليه طلاسم العكس مع شروق الشمس فيبطل السحر .

ضرب ابو الحسن كفيه معا وهو يزفر طويلاً بضيق ...
ـــ هل ستدعى ايضا ان الكتب قد ذكرت امراً كهذا وانها اوردت طلاسم فك او عكس السحر ؟؟
ابتسمت رغم ما يملأ نفسى من مرار وقلت ....لا ... لم تذكر الكتب شيئا عن هذا مطلقاً
ولكن هذا ما علمته انا بنفسى بفضل صديقى العزيز موريس روحان ..

ضحك ابو الحسن ما بين الدهشة والاستنكار ثم قال ... ليكن
هذه احدى العقدتين .... عكس سحر الفودو ....فماذا عن احضار الدمية قبل انتهاء الغد ؟
قمت متوجهاً إلى باب الغرفة الأخرى بالجناح وانا اشير إليه مستئذناً فرد بأنحناءة من رأسه باسما واشارة من يده ففتحته وتوقفت ملتفتأ إليه قائلا :
سيكون ذلك بإذن الله بمساعدة جواش عزيز الوجود !!

دخلت الحجرة واغلقت بابها ورائى تاركاً أبا الحسن وعلى وجهه نظرات التفكير .

................................( 32 ) .....................................


انتشرت رائحة البخور الكريهة تملأ الحجرة ...كانت عشتار تجلس امام منضدة عليها البلورة ووعاء صغير به سائلا يشبه الماء ورقاقة جلدية غريبة و تمثال لصليب مقلوب راسا على عقب وقد علقت على قمته النجمة السداسية ...امسكت بسكين حاد ومدت يسراها الى وسط المنضدة حتى بات معصمها فوق الوعاء  ثم وبسرعة ودقة مرت بنصل السكين على باطن معصمها وهى تقبض كفها بشدة فسال الدم نازفا ليتساقط قطرات فى الوعاء ... استمرت لدقيقة حتى تحول لون السائل فى الوعاء الى الاحمر القانى ... امسكت بريشة سوداء وراحت  تغمسها فى الوعاء وتكتب على الرقاقة الجلدية عدة كلمات ثم رسمت عدة طلاسم وحروف سريانية واشكالا لشعباذات مرعبة ثم امسكت بالرقاقة الجلدية  ووضعتها على البلورة كأنما تمسحها بها وهى تتكلم بكلمات اشبه بفحيح الافاعى ...ثم اطلقت صيحة عالية قائلة ..
بحقك يامن خرقت الحجب ورضيت باللعنة تاجا ابديا ...
تكرم على جاريتك وخادمتك بالعون والمساعدة ... شاهييييييس ....طاليييس.. المجد لك فى الاسفلين ..
مرت دقائق وهى تكرر نداءاتها فى تضرع واستغاثة  حتى انفجر فراغ الحجرة فجأة بنيران حمراء وزرقاء   امامها   للحظات ثم تلاشت النيران مخلفة دخانا رماديا  يميل الى السواد سرعان ما تشكل ليظهر منه جسد طويل تقدم صاحبه خطوات ليقف امام عشتار ....ثم قال بصوت عميق له اثر غريب ....يلزمك قربان خاص لفتح النافذة الأخيرة ..

 كان هذا هو ساتان !!!!!! 


                 ...................................(33) .....................................

                                         
                                            



                                             إلى عرش ابليس

                                                   


                                                     
               
                                   


بكياش ...طلمات ...قلموش ..ياهيوش

احضر ياجواش بسر العهد الدفين بيننا والقسم العظيم الذى جمعنا
بحق ماتكلمت به وما أنا متكلم به عليك من أعناق السماء نازلين ومن أقطار الثرى طائعين
..
..
..
..
لبيك صديق العهد
همس الصوت الأجش فى اذنى وأنا وحدى بالحجرة  .
سلام الله عليك يا جواش ...اريد منك ......
قاطعنى الصوت معقبا ...وعليك سلام القدوس السلام ....اعرف ما يدور فى خلدك منذ حضورى إليك ..... عرش ابليس بن سوميا ....هدفك ....أليس كذلك ؟؟
-- بلى  ياجواش .... لقد امتنع الملك الأحمر .....
من جديد قاطعنى صوت جواش قائلا .
لا تلومه يا صاحبى ودع الأمر لى أنا  فلكَ عندى وعليَّ معروف مهما فعلت معك فلن افيك حقه وإنى لعلى استعداد للرحلة فقط سيستلزم الأمر مشاركتك لى هذه المرة ...فالرحلة هذه المرة  جد خطيرة وليست كسائر رحلاتنا السابقات اللاتى زرنا فيهن عوالم الجن ..
سألت جواش :
ولماذا يتصف ذلك المكان بكل تلك الخطورة حتى يخشى الملك الاحمر نفسه من الدخول إليه ؟
رد الصوت :
سوف تعرف بنفسك ... والان أرجو أن يكون هذا المكان آمنا على جسدك فسوف تغادره روحك الأن ...
انتابتنى رجفة سريعة وأنا استعيد ذكرياتى مع موريس وهو يأخذنى فى أول رحلاتى عبر الزمن ... لقد جربت الانتقال مع جواش الى اماكن الجن لكن كان هذا يتم من خلال اتاحته لى الرؤية من خلال مرآة ارى فيها ما يراه هو فى تنقله ...اما الان  فالامر جد خطير فعلاً ..

اسرعت اكتب رسالة قصيرة إلى ابى الحسن واضعها بجوار الفراش ثم  مددت جسدى مستلقيا مستسلما لجواش الذى سمعت صوته يقول :
سوف يصحبنا بعض اخوان لى من قومى للمساعدة لكن لحد لن يستطيعون تجاوزه..اما انت الان فاملأ صدرك بالهواء لأقصى ما تستطيع ثم اكتم أنفاسك...
فعلت كما طلب جواش وإذا بشعور كما ريح ساخن يجتاح جسدى بادئا من اطراف اصابع القدمين ساريا عبر كل خلايا الحس فى جسدى متجها الى الأعلى ..
أشعر بما يجسم على صدرى ....يضغط ...يضغط ...يزداد ضغطه حتى لم اعد استطيع كتم انفاسى ....
لا تتنفس ...
صوت جواش يخترقنى آمرا والحرارة تزداد زاحفة ضاغطة على قلبى وعنقى ورأسى
 قلبى يخفق بشدة ....تتسارع ضرباته فى عنف ....تضطرب .... تتباعد فى رتمها ...
عيناى تتسعان بشدة .. انوار الحجرة تتلاشى ليحل مكانها الظلام والعتمة
...انى أختنق ..... لا ارى شيئا ....لا اشعر بشىء مما حولى ...اننى أمووووت .


.............................................34 ...........................................

صار ألم تلك الوخزات اللعينة يتزايد يا مديحة ...
قال ابراهيم ذلك لمديحة وهو طريح على الفراش يتوجع متألما وهى تحاول مسح اثرالوخزات

بدهان طبى وقد بدت فاقدة الحيلة متوترة ...
استطرد ابراهيم وهو يزيح يدها بالدهان بلطف وقال ....للاسف ليس له من تأثير .. اعتقد ان الامر خارج نطاق الطب فعلا ..
فرت دمعة من عين مديحة رغم محاولاتها حبسها فاخرجت هاتفها من جيبها وقالت ..
إذن سأتصل بعلاء فلعله يسعفنا .. واقرنت جملتها بالاتصال منصتة للهاتف على اذنها طويلا
دون اى اجابة .... كررت المحاولة مرة اخرى وهى تردد بضيق ... لا احد يرد .... كيف هذا ...ثم اعادت الاتصال اكثر من مرة دون جدوى .
قال ابراهيم ..
لا عليك ربما هو متعب او مشغول بأمر ما ... لنحاول النوم ولعل الألم يخف قليلا



.............................................35 ...............................................

هيا ياصاحبى ... انتبه للنطلق ..
 

قالها جواش فشعرت بجسدى يطير منطلقا رغم بقائى على الفراش ....كسهم يخترق اجواء الظلام انطلقت احملق فى طبقات الظلام الكثيفة وكأن عينى رئتان تحاولان ان تعبا من الهواء تنفسا ....اشتدت الانطلاقة واستمر تحذير جواش ....اياااااك ان تتنفس .....
الظلام يمرق من جوارى كأنه كتل صماء حالكة السواد ....بدأ احساسى بالسرعة ...يقل ..يقل ..يخفت ....يخفت ...يتوقف ....وبدأ الظلام تتكشف طبقاته لتقل عتماته تدريجيا .....صوت جواش ينطق ....يمكنك التنفس الان ...رحت اعب من الهواء حتى كادت رئتى ان تنفجرا .....الان اشعر اننى اخف واخف واسبح فى فضاء الظلام..قال جواش .. انت الأن روحاً تحتل جسدى يا صاحبى ترى من خلال عينى وتتعامل مع الاشياء من خلال جسمى أنا بينما القدرة الحياتية لى أنا كذا التحليق والانطلاق عبر المسافات والكيانات وكل ماليس لك كبشر ... لكن الحذر هنا لازم ...فأن الضرر اللاحق بى  سيلحق بك فخذ حذرك لذلك واستعد لمعاودة التحليق انطلاقاً ...قلت برجاء ..كان الله معنا ياصاحبى ...كان الله معنا ..

من جديد انطلق جواش بى بسرعة يصعب تخيلها كنت لا ارى الاشياء او الاجواء من حولى لا ارى الا خطوط رمادية تتقاطع احيانا امام ناظرى  واشعة للشمس تظهر ثم سرعان ما تختفى واضواء نهار لا تلبث الا وتتحول الى ظلمة ثم تعاود الانكشاف حتى همس صوت جواش
اقتربنا .
  ترائى امامى سطح ماء مضطرب الامواج
....
هذا اذن مقره حيث وضع عرشه فى البعد الزمنى الاول   لا يمكن للبشر ان يشاهدوه ....هكذا همس جواش ....تأملت شكل المحيط الهادر واذا بدوامة عظيمة تبدأ وتتسع شيئا فشيئا ....حتى انها يمكنها من ابتلاع مئة سفينة عملاقة معا ....همس جواش بى
...
هنا مثلث الرعب والموت فهيا بنا وليساعدنا الله على حراس
المدخل ....واذا به قد انطلق فجأة مخترقا الدوامة الى عمق المحيط ....واذا بدوى صرخات عديدة متتالية متعالية تزداد اقترابا فيعلو صوتها الحاد اكثر واكثر فى نبرة شنيعة   تصم مسامعى وفى لحظة خاطفة مرقت امامنا خطوط قاطعة من النيران الحمراء كمن يضرب بكرابيج مترامية الطول مصنوعة من النيران... كان جواش يصيح بقوة وهو ينادى اعوانه بينما وجدت نفسى اطيح بيدى كأننى  اصد احد ضربات النيران المتجهة إلينا فإذا بيدى تنطلق منها خيوط من النيران البيضاء ساطعة البريق تتحول لتكون جدائل تلتف على تلك النيران الحمراء فتتفنيها ..

زادت الصرخات حولنا وزادت كرابيج النيران الحمراء وانا احاول بكل طاقة جواش ان اتصدى لها حتى اوشكت ان تصيبنا فتدمرنا احتراقا وإذا بنيران بيضاء ناصعة البياض تتشابك فى قوة من كل حدب وصوب مع كرابيج النيران الحمراء الواحدة تلو الاخرى حتر استطاعت ان تبعدها تماما عنا فانطلق جواش مجددا الى الاعماق السحيقة بقوة وسرعة

...كأننى ارى اشباح هياكل لسفن محطمة وطائرات ساقطة ....مرت المشاهد سريعة امامى حتى بدت هياكل عملاقة لمدينة غارقة فى الظلام و الصمت ....صمت ثقيل كأنه يطبق على الصدر لا الاذن ..كيف يكون هذا تحت البحار والامواج ...
تذكرت الان ما قام به ساتان معى فى الجمعية ... اسفل الماء مدينة كاملة ..
..فجأة صعق مسامعى صوت حاد كأنه صادر من ألاف السلاسل العملاقة وهى تسحب على الارض ....قلت برهبة ماهذا ياجواش ...؟؟

قال ...
 وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ
هكذا هم عتاة الشياطين والابالسة والمردة من الجن منذ عهد  ملك سليمان الحكيم .....قلت كيف هذا ..؟؟

قال ... الم تقرأ قول الله ....
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ.
 
وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ...
كل الشياطين سخرت لسليمان .....الفعل عام شمل الريح والشياطين......... الا هؤلاء منهم وعلى راسهم ابليس اللعين ....الجميع مكبل مقيد بالاصفاد والسلاسل العظيمة .........
اخذنى الذهول وكأننى اسمع الاية لاول مرة

سألت جواش لكن ابليس كانت له ادوار اثناء حياة رسول الله محمد ومن قبله عيسى وموسى فكيف كان مقيدا منذ عهد سليمان ...؟
اجاب جواش :
هذا ما نعلمه نحن معشر الجن ...انه تم تقييده عن قواه الكاملة عدا الوسوسة ... ظهوره وتجسده لبنى البشر سهل ميسور اما انطلاقه بكامل قوته فلهذا موعد ينتظره .

 .!!!!!
كانت انطلاقتنا تجوب اعماق هياكل المدينة العملاقة ...اشاهد مخلوقات اضخم من اى كائنات يمكن لبشرى ان يكون قد رأها سابقا ....الجميع فى وضعية الانحناء ...قُرن كل اثنين معا ... قُيدت اعناقهم الى اقدامهم بقيود تبدو حلقات سلاسلها من فلاذ بينما اياديهم معقودة خلف ظهورهم بسلاسل شدت الى اعلى .....رفع بعضهم رأسه فنظر تجاهى مرمى بصرى ....وجوههم كابشع مايمكن تخيله ... واذا بصرخات مدوية عنيفة ارتجت لها الارجاء انطلقت منهم وهم يجالدون السلاسل المقيدة لاياديهم ....انطلقت من صرخاتهم اشباح سوداء لالاف الشياطين تخترق الفضاء والاعماق من حولى.. .اخذنى الرعب ليرتجف منه قلبى ....
همس بى جواش ....اسكن واهدأ ....فأنت ترى من خلالى كما قلت لك ....لا بأس عليك ...قلت ....ماهذا ..؟؟ قال جواش ....ويل لبنى البشر عندما يحين الحين ويدنو الاجل وينطلق هؤلاء من اصفادهم ....ويل عظيم ينتظركم
.......
حملقت فيهم مرعوبا ....واذا بى انطلق بسرعة رهيبة الى الاعماق اكثر واكثر واكثر ....صاح جواش هاهو عرشه وهاهو ابليس اللعين ابن سوميا . ..
كان الظلام رغم شموله المكان الا ان العين تبصر خلاله الرؤى كأنما اعتادت عليه .....عرش عملاق تتوجه تيجان من نار ذات وهج عظيم ...واذا بجسد مسريل بثوب يحترق بعضه فى بعض ....ابصرت من بين خيوط النيران يدين مكبلة كل منهما الى مقبض يد العرش بسلسلة رهيبة...بينما شاهدت القدمين وقد احاطت بكل منهما سلسلة عملاقة لتقيدها الى قائمة من
قائمتى العرش الاماميتين .
  اتسعت عيناى فزعا وانا ارى كلتا السلسلتين وقد تحطمت حلقاتها فصارت القدمان حرتين .....وكأننى بجواش قرأ ما يخالجنى فاذا به يهمس لى ....لقد تحررت قدماه منذ زمن ....وبين تحرر الاولى والثانية عهد بعيد .....قلت امقيد ابليس الى عرشه ..؟؟  و من قيده ومتى وكيف ....؟؟؟ قال جواش ...ذكرت لك منذ عهد سليمان ....وسيظل هكذا الى الوقت المعلوم له ....وقت خروجه الثانى فى كامل قوته ومعه اتباعه المكبلين فى الاصفاد .....سيصير ذا قوة جبارة وفتنة عظيمة ..

 تذكرت الان جملة ساتان ..
....سيخرج سيدى لا محالة..افهموا هذا ...سيخرج قريباً
   
من مثلث الرعب سيكون
 
..لقد دنا موعده فارتقبوه .....  ..

اخذت اراقب بعينين لا تفارقان مشهد ذلك الساكن المسربل بالنيران ذلك المقيد على عرشه

يخفى توهج تيجان النار ملامح وجهه عنى وفى لحظة خاطفة تحرك الرأس إلى أعلى لتظهر العين الدامية تتوسط جبهته ...  
اخذتنى الدهشة  حتى شعر جواش  بما يجول داخلى فقال ... قد دنا ....قد دنا ..

سألته بقلق عميق :
متى وقت خروجه الثانى ياجواش ..,؟؟؟ ومتى يموت..؟؟؟؟ وكيف يموت .....؟؟

قال : هو المسيح الدجال ....هو الفتنة الكبرى ....هو رب الظلام والهلاك... هوصاحب العين الواحدة... معبود الكافرين .........ابليس اللعين ...
وكل ماتعرفه عن الدجال سيكون لاحقا بابليس نهايته وموته
.....
رددت كلماته فى دهشة شديدة ...المسيح الدجال هو نفسه ابليس اللعين .....؟؟؟!!!!؟؟!!!؟!!؟!!!
وقبل ان اسمع جديدا من جواش ..قال ...هاهى الدمية الحاوية للسحر ...دقق النظر فى ساق العرش الخلفية تراها فى نهاية تلك السلسلة الطويلة  ...نظرت بقوة بصر جواش لارى الدمية مربوطة بسلسلة طويلة نهايتها مقيدة بساق العرش ...وفى لحظة خاطفة  اذا بالنيران تشتد فوق العرش ويأكل بعضها بعضا ....واذا بصلصلة السلاسل تكاد تصم مسامعى .....واذا بابليس اللعين يحاول النهوض واقفا من جلسته ..تضطرم النيران فوق جسده متساقطة كأنما حمم البراكين ...تقوس ظهره ليتحدب بقوة ثم وبكل العنف جذب يده اليمنى من قيدها فصارت صلصلة عظيمة واذا بقيده قد تحطم فى عنف......وقف معتدلا وما زالت يده اليسرة مكبلة الى مقبض يد العرش .....حملقت النظر فيه مأخوذا مرعوبا يرتجف كيانى .....وفجأة .......
......أنـااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا .... ..

                                   




 ......صرخ صرخة مدوية رهيبة خلت الدنيا بأسرها قد تحطمت بعضها فوق بعض ....امتدت صرخته طويلة ...عنيفة ...حادة ....آتية من اعماق الجحيم ....وعلى الفور جاوبته كل المردة والابالسة والعتاة المكبلين بصرخات مرعبة ..
..أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأ نـــت .......صرخ بى جواش ....
لقد تحرر الا من يده اليسرى .....لقد اوشك زمن خروجه .....لقد دنا الاجل المحتوم .....انتظروا الفتنة الكبرى ....انتظروا المسيح الدجال .....انتظروا الويل الاعظم
......انتظروا ابليس فى كامل قوته ......
حانت من ابليس إلتفاتة الى جهة الشمال منه فصاح جواش بى :

هيا يا صاحبى فهذه فرصتنا الان .... انطلق جواش تجاه العرش والنيران تتقاذف فى كل مكان وابليس مازال واقفا كالطود العظيم ومازالت اصداء صرخته تدوى فتتقاذف على اثرها النيران ...ظل جواش يناور بين قذائف النيران حتى استطاع الوصول فصاح بى اقبض عليها الان فانقضت بيد جواش على الدمية ثم انطلق جواش ليقطع السلسلة المقيدة فيها فإذا بابليس يطوح بيمناه تجاه جواش فتنطلق موجة عاتية من النيران العظيمة كما مليون جوف من حمم البراكين الثائرة ...اسرع جواش فى انطلاقته هاربا من اطراف موجة النيران مبتعدا الى اعلى واذا بصيحة أخرى صادرة هادرة منادية ...
باااااااااامووووووووفييييييييييت ...
كنا ننطلق كما اقوى سرعة يتخيلها عقل والنيران خلفنا تكاد تفتك بنا  وانا اصرخ على جواش ان ينطلق اكثر واكثر عندما لاح سطح الماء بأعلى قريبا منا وإذا بصرخة قادمة من اعلى صارخة ...أنت لى الاااااااااااااان
انه ساتان بملامحه التى اعرفه بها لكن فى شكل تيس ضخم يقف حائلا بيننا وبين الخروج
قال جواش ..
انه باموفيت الملعون ....لن ننجو اذن ..
اسرعت القول ....لا ...لا تستسلم له ...هيا اسرع ولسوف ننجو بإذن الله ...
لا تحزن إن الله معنا ..
استمر جواش فى انطلاقته واذا بساتان يضرب مطوحا بكلتا يديه الاجواء كلها فإذا ألاف الكرابيج النيرانية المختلفة الألوان والطويلة فى مداها والكبيرة فى سمكها تنطلق منه تلاحقنا
وجواش يحاول باستماتة ان يتفادها بينما احاول انا استخدام ما لجواش من قوة مماثلة فى اطلاق جدائل النيران البيضاء فإذا بها ضعيفة واهنة ...صحت اسأله ... اين اعوانك يا جواش ...صاح وهو ينفلت من احدى جدائل النيران وقد بقى على نهاية المدخل القليل ... لن يستطيعوا الصمود امام باموفيت ....هم بالاعلى ...اقترب منا ساتان بشكل مرعب يصيح صيحات منكرة مفزعة بينما مازال يطوح بكرابيج النيران فى كل اجواء المكان وجواش يحاول المرور متفاديا اياها عندما انفلت سريعا من اسفل جناح ساتان منطلقا الى خارج المقر الملعون بأقصى سرعة وهو يقول ...هاقد خرجنا ....هاقد نجحنا ...فى اللحظة التى انطلق طرف الكرباج النارى من اسفل فى سرعة رهيبة ليصيبنا بلمسة محرقة ..
 قلت سرعة جواش وتوقفت فى لحظة ثم اخذنا فى السقوط المروع عندما شعرت بالنيران تجتاحنى كما الحمم المنصهرة وصوتى يختنق وماعاد فيا رمق من حياة
صاح جواش .....لااااااا .... انتبه يا صاحبى ..
..وفاءا للعهد وعرفانا بالمعروف اخرج منى ..هياااااااااااااااااااااااااااا ....صاح بها جواش فشعرت بمن يقتلعنى كما جذب الحرير فى سفود الاشواك وشعرت بمن يحتوينى مجددا وانا امسك بالدمية الملعونة منطلقاً إلى اعلى بينما جواش يصيح........ اسبقه إلى نفسك ...ثم انسحق  يهوى الى الاسفل محترقا والنيران تلتهمه ..
  
 اردت النداء عليه فما صدر لى صوت ....شعرت بإنطلاقتى خلال احد اعوان جواش عائدا بى لكن فى صعوبة منه ان يمنحنى ما كان جواش يمنحنى اياه ....اشعر اننى افقد احساسى بالحياة وجملة جواش تتردد كالصدى داخلى  اسبقه إلى نفسك ....

                   ...............................36 ..........................

                                        جناح ابى الحسن

جسدى ممدد على الفراش بلا حركة تعلو ملامحى الصفرة والشحوب .... الفراغ بين الفراش وباب الحجرة  يصدر صوت كما الفرقعة الواهنة فيومض المكان للحظة ثم يظهر ساتان فى ثيابه السوداء التى كان بها فى الجمعية ... يتقدم من الفراش ناظرا الى الجسد الممدد فاقد الروح والحياة ثم يبتسم فيما يشبه الانتصار قائلا ...
هزمتنى مرتين ..اما الان فهذه لى ..
رفع يمينه فى الهواء فإذا بها ما يشبه الحربة ذات الشوكة فصاح وهو يهم بضرب الجسد بها فى اللحظة التى انطلق الصوت صارخا فيه ...
يجب ان تتخطانى أولا ياعدو الله ..
كان هذا ابو الحسن الذى ظهر من جانب الفراش رافعا يده اليمنى بمصحف مفتوح كتبت كلماته بالذهب اللامع فخرج منه نور مشع فى وجه ساتان الذى اختفت الحربة من يده وضم كفيه امام وجهه يتقى بهما سطوع النور متراجعاً الى الوراء وابو الحسن يتقدم تجاهه  موجها المصحف الى وجهه وهو يردد ..
فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ..
تراجع ساتان خطوة اخرى ثم تماسك وحاول التقدم مشيحا بكفه كأنما يبعد نور المصحف عنه وصاح صيحة منكرة فكأنما انطلقت من كفه جدائل النيران تجاه ابى الحسن الذى سارع بتحريك يده اليسرى الممسكة بزجاجة الماء المطلسم فقذف ساتان برشات متتالية منها
وهو يصيح بقوة متقدما إليه ..
وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ
الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيق

اضطرب ساتان وهو يتخبط يمينا ويسار ثم دار دورة سريعة حول نفسه فإذا بكل اثاث الحجرة يتطاير فيما يشبه الاعصار ثم ينطلق فى اتجاه ابى الحسن ليصيبه ...
حاول ابو الحسن الافلات من قطع الاثاث ثم تحين فرصة اقتراب ساتان من الفراش فعاود رشه بالماء المطلسم وهو يصيح به ...فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ..
 تراجع ساتتان صارخا ...لااااااااااا .....كفى اااااااااااااااا
سقطت قطع الاثاث ارضا متبعثرة فى كل مكان
فزاد أبو الحسن من حدة صوته وقد بات واقفا امام ساتان الذى انكمش على نفسه يتلوى ووجهه ويداه يتغير جلدهما كالمحترق ..فصاح ..

إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ

يَشْوِي الْوُجُوهَ ... يَشْوِي الْوُجُوهَ .. كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ

صرخ ساتان وطوح بقدمه لتصيب ساق ابى الحسن الذى كاد ينقلب ارضا لولا ان تماسك واعتدل فى اللحظة التى رفع فيها ساتان وجهه بعينين كما حمم النار فدفع المصحف بنوره المشع على عيني ساتان وهو يصيح
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ... تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ .....صرخ ساتان صرخة كأنما زلزلت الحجرة على اثرها وانفجر فى صوت فرقعة  متلاشياً من امام ابى الحسن مخلفا دخانا اسودا سرعان ما تشتت فى جو الحجرة وماعاد له من اثر فى اللحظة نفسها التى اخترقت الروح المنطلقة الجسد الممدد فأنتفض يعطس عطسة عالية وقلبه يخفق مردد الحمد لله  فإلتفت إليه ابو الحسن وهو يبتسم قائلا ... يرحمك الله ايها العزيز .... حمدا لله على سلامتك .. ها انت قد اتيت بها حقاً !!
كانت الدمية فى يدى على الفراش انظر اليها وما اكاد اصدق ما حدث ...


              .......................... 37 .....................................
 
  ابراهيم نائم  بينما مديحة تجاهد حتى تظل يقظة ترقب كل حركة من حركاته ...انتابتها مخاوف عديدة ان ينام فيستيقظ كما استيقظ ظهرا من قبل ...تنازعتها افكار شتى بين ان تترك البيت هذه الليلة او ان تستقدم من يبيت معهما من اقاربه  ...تراجعت عن كل تلك الافكار تحت وطأة حبها له ورغبتها فى عدم اعلام الغير بما حدث ...وكلما زاد توترها تذكرت الكلمات الاخيرة مع الملك الاحمر ...كما تذكرت ان هناك من يقفون حراسا على زوجها ...خلق  من خلق الله المؤمنين ...شاعت السكينة للحظات فى نفسها ثم لا تلبث ان يقشعر بدنها عندما ترى بعين الخيال اجساما غريبة ووجوها تحدق فيها وترى منها كل حركة وساكنة ...استمرت على حالتها المتوترة حتى قارب نور الصبح ان يبزغ  فحانت اللحظة التى مهما استمر الواحد منا ساهرا ان يغلبه جسده ويقهر النعاس جفونه فلا يعد قادرا على فتحهما ....انها لحظة الذئب المعروفة....هاهى عيناها تغمضان ...هاهى راسها يسقط على الوسادة مستسلما ...وها هو زوجها انتبه فجأة ليسمع فى اذنيه  صوتا هاتفا يهمس فيه بكلمات غريبة .....واصواتا اخرى تتردد داخله رافضة ذلك ..
جلس ابراهيم على الفراش يدير بصره فى سقف الحجرة التى يصلها الضوء من الخارج فى الصالة ...ثم وقع بصره على زوجته النائمة نظر اليها طويلا
والصوت يتردد فى اذنيه بينما تعارضه اصوات اخرى تهز كيانه هزا ........ شعر بالخوف وضع يديه على اذنيه بقوة ...تأوه متوجعا ...بدأت مديحة تنتبه قليلا ...هناك رجفة فى المكان كله ...الفراش يهتز بهما ...انتزعت مديحة نفسها انتزاعا من براثن النوم لتهب جالسة على الفراش صارخة بالبسملة والاستعاذة بالله ...ماذا يحدث يا ابراهيم ..؟؟


      ..............................( 38 ) ........................................


الساعة السادسة صباحا ..انا وابو الحسن فى شرفة جناحه بالفندق نواجه شروق الشمس والدمية حاوية السحر امامى ...ربت ابو الحسن على كتفى وانا اضعها ارضا لتسقط عليها الشمس وقد بدأت فى تلاوة طلاسم عكس السحر وابطاله .. الكلمات تنساب على فمى كأنما تلقيها علي تدورة الأن ... اتلو واتلو والشمس تشتد اشعتها على الدمية ... اتلو اكثر واعيد الكلمات ارددها والشمس تشتد اكثر واكثر واذا بالدمية ينبعث منها خيط دخان .. نظرت الى ابة الحسن الذى ابتسم لى فرحت اكرر الكلمات بصوت اعلى وسرعة والدخان يتصاعد من كل اطراف الدمية حتى هبت منها النيران مشتعلة فأخذت تحترق وانا وابو الحسن نكبر الله ونحمده  ثم قلت له ...سأخبر مديحة لابشرها بإنتهاء السحر  .



               .................................. 39 .............................
 
على مائدة عشتار فى مكانها الغامض كانت دمية الشمع تنصهر وحدها  بينما العين البراقة أعلى الهرم الزجاجى تبرق وكأنما تتابع انصهارها فى صمت عندما ظهرت عشتار فجأة مقتربة من المنضدة لتشاهد اخر لحظات انصهار الدمية فتصيح صيحة الغضب  ثم تلتفت إلى الهرم الزجاجى  لتركع على ركبتيها مرددة ..... ايها التعساء ....لم تفوزوا بعد ...




                ................................ 40 ....................................




كان ابراهيم يئن  متألما ممسكا برأسه بكلتا يديه كأنما هناك عراك حاد متشابك بداخله ...بدأت رجة وهزة فى المكان صاحت على اثرها مديحة وهى تتشبث بالفراش المهتز كما زلزال يتلاعب به ....بدأت تسمع صوت صرخات مكتومة . واصوات لانين وقرقعة معادن تضرب بعضها البعض ..الخوف تملك منها والصراخات كتمت بداخلها لكنها تشجعت لتنطق ممسكة بذراع ابراهيم تجذبه قائلة وهى تنهض عن الفراش ... هيا يا ابراهيم ... هيا اخرج معى من هنا ..قم بالله عليك لنغادر هذه الشقة ...   ابراهيم لا يستجيب لها وقد بدا خائر القوى تماما والانين المكتوم مازال يصدر منه ...الاصوات تتعالى مع جلبة  واضحة تشى بأن معركة خفية تدور فى المكان ... عاودت مديحة جذب ابراهيم مجددا وهى تكاد تبكى عندما إلتفت تجاهها فجأة و صرخ فيها   بصوت متحشرج ذكرها بصوته صباح الامس عندما تحول مهاجما اياها وقد صارت عيناه بلون الدم ... تركت ذراعه متراجعة الى الوراء فى رعب حتى كادت تسقط ارضا عندما جلس على ركبتيه فوق الفراش ناظراً إليها فى توحش فصرخت متجهة الى باب الحجرة الذى انصفق بقوة مخيفة قبل ان تصله فأطلقت صرخة عالية وهى تستند بظطرها الى الباب باكية فى اللحظة التى انطلق فيها رنين هاتفها على الكيمود بجوار الفراش فأنقضت يدها عليه تلتقطه بسرعة وهى ترمق الشاشة بنظرة خاطفى وترد ..
... علاء .... تعال بسرعة ..بسرعة .....ابراهيم ....آآآه ...
كان ابراهيم قد اطاح بالهاتف من يدها وهو يقترب منها مزمجرا فى توحش .


 

                        .............................41 ...............................

  

...اخذت اصرخ عليها لتكمل كلماتها دون جدوى ...طلبتها على هاتفها هى لكن لا اجابة مطلقا ....قمت تتسارع دقات قلبى رعبا وانا اتخيل ماعساه ان يكون قد حدث لها او لابراهيم ..
همهمت كالذى يحدث نفسه ...يبدو انه قتلها !!!!!
اذن ...لم ننجح فى انهاء السحر يا أبا الحسن .....لن اسامح نفسى ...
وجدت ابا الحسن قد قام مسرعا يرتدى ملابسه ليخرج معى ..حاولت ان امنعه فلم يوافق ....وماهى الا دقائق وكنا نستقل سيارته من امام الفندق منطلقين بها فى هذا الوقت المبكر ....





               ......................................42 .........................................





توقفت الأصوات والجلبة فى الحجرة فجأة فتوقف ابراهيم فى اللحظة ذاتها التى كان سيهاجم فيها مديحة .... تراجع خطوة الى تجاه الفراش بينما عيناه كانتا مازالتا بلون احمر ...حاولت مديحة النهوض وهى تبكى وتردد اسم ابراهيم عله يعود الى وعيه ... اقتربت منه ترتعش اناملها وهى تمتد لتلمس ذراعه فى اللحظة التى غلتفت فيها ابراهيم إليها وقد بدت عيناه دامعة تملأهما نظرات حانية فانرجت شفتا مديحة عن ابتسامة فرحة فهمت تمسح دموعها وهى تقول ...ابراهيم  فإذا بصوت كما الفرقعة قد باغتها فجأة فإلتفتت مذعورة هى وابراهيم
 لتفاجأ بشبح أسود طويل خرج من الفراغ  يتقدم من الفراش بسرعة وهو يطوح بيديه وذراعيه فى حركتين متقاطعتين كمن يزيح احدا اوشيئا من امامه فارتمت مديحة بعيدا كمن صدمها شيئا اطاح بها فوقعت بجوار الباب تنظر فى رعب وابتعد ابراهيم فى قفزة غريبة  حتى وقع على الفراش... وقف الشبح الاسود امام الفراش ثم  اشار إلى ابراهيم  بيده اليمنى وقد مد اصبعيه الاصغر والسبابة وضم باقيهم فصرخ ابراهيم ماسكا رأسه بكفيه ثم تشنج جسده وتصلب ....مد الشبح يده اليسرى مشيرا بها بنفس الكيفية بقوة تجاه ابراهيم الذى ارتعد جسده فى تشنج اقوى من السابق ورفع رأسه الى أعلى وإلى الخلف فى توتر برزت معه عروق عنقه بشكل مريع حتى كادت ان تنفجر ثم مد ذراعيه بعنف وتصلب يمينا ويسارا وهو يصيح ...                                             ستراااادووووسييييس .....
!!!


              


               .................................( 43 ) .........................................





حاولت مرارا الاتصال على رقمى ابراهيم ومديحة ولكن بلا فائدة ...ما من مجيب ...لاحظت رقم هاتف مديحة انها قد اتصلت اكثر من مرة سابقا ....يبدو هذا وانا فى صحبة جواش ...ترى  ما الذى كانت تواجهه وقتها ...نظرت لابى الحسن وانا اخبره عن الاتصالات السابقة لمديحة فقال ...لقد سمعت صوت هاتفك يدق مرارا من الحجرة  فظننتك نائما فدخلت الحجرة لاراك نائما بالفعل والرنين متواصل يبدو صادرا من جيب بنطالك ... اقتربت منك لاوقظك فلمحت رسالتك الورقية ... انا مع جواش روحا .... حافظ على الجسد من اى تدخل خارجى والا لن استطيع العودة ..... كانت رسالة مرعبة ياصاحبى ... ما استطعت لمس جسدك   فتركت الامر كما هو حتى بعد فترة انتابنى ذاك الاحساس الداخلى الخاص بى ...

كان ابو الحسن يقود وهو يكمل والتوتر بادي فى نبرات صوته ...
شعرت بكيان شيطانى يقترب ... اسرعت الى الجسد اراقبه وانا مختفى خلف ستارة الشرفة بجوار الفراش وبالفعل ظهر ذاك الملعون ساتان ...

نظرت الى ابى الحسن وانا اذكر قول جواش الاخير قبل ان يفتدينى بنفسه
اسبقه الى نفسك ..... كان يعلم وقتها ان ساتان سيحاول تدمير الجسد لتظل الروح تائهة مقضى عليها فى عالم لا يخصها او يمكنها  الحياة فيه ...
سألته وأنا متوتر يملؤنى العجز والإحباط ... لكن كيف يمكن ان نكون قد فشلنا بينما السحر قد انفك تماما ... هز رأسه فى غير علم ..
 لم نستغرق الكثير من الوقت حيث الطريق شبه خال مع سرعة السيارة التى كان يقودها ابو الحسن ...وقفنا امام الباب الداخلى وكدت اضغط الجرس عندما تذكرت المفتاح الذى اصرت مديحة ان آخذه معى ....بسرعة فتحت الباب لادخل انا وابو الحسن ...ناديت على ابراهيم ...ثم على مديحة ...لم اتلق اى رد منهما ....شاهدت جهاز المسجل محطما على مائدة فى الصالة .. ....توجهت الى حجرة النوم وخلفى صاحبى ... الباب مغلق ...فتحته بسرعة لارى امامى مديحة واقعة ارضا   ..انحنيت عليها بسرعة ..وابو الحسن يسألنى ..هل هى ميتة ....وضعت اصبعى على جانب عنقها قائلا ..لا ..لا ...انها على قيد الحياة ...اخذت احاول افاقتها وانا انادى على ابراهيم ....
اذهب وتفقد باقى الحجرات يا ابا  الحسن ...لكن خذ حذرك رجاءا ...
سأفعل ...قالها وانطلق خارجا ...
كان نبضها ضعيفا جدا حتى لا يكاد يحس ...لم تكن بها اية اصابات ..
اذن لم يعتد عليها ....لكن ماذا حدث ؟؟؟؟ دخل ابو الحسن وقبل ان يتكلم كانت مديحة تستجيب للافاقة ....اخذت تنظر الى وجهى مرارا ثم اجهشت بالبكاء ...قال ابو الحسن ليس فى الشقة كلها ....قلت له هل فتشت الحمام ؟؟
قال لا ...هممت ان اطلب منه التوجه للحمام فاذا بمديحة تقاطعنى قائلة ...
انه ليس هنا ..ليس فى الشقة كلها...!!!!!
سألها ابو الحسن ...هل غادرها وخرج ..؟؟
من بين دموعها وحشرجة صوتها قالت وهى تشير بيدها المرتعشة الى جانب الفراش ...بل كان هنا امامى ثم اختفى ...تلاشى كالبخار !!!!!!




............................( 44) .........................................






فتح م0أصفهان عينيه بصعوبة على رنين هاتفه بجوار السرير ...مد يده مرغما ليجيب على محدثه ..
من يتحدث ...؟؟
جاءه صوت محدثه سريعا سعيدا وهو يقول ..قد وجدت طلبك ...اخيرا ..كم اضنانى البحث ..!!
انتبه الرجل من نعاسه فهب جالسا يستعيد ما ذكره الرجل ...
احقا تقول ؟؟؟ اين هو اذا ؟؟؟
رد محدثه .............
ظهرت علامات التعجب على وجه اصفهان وهو يعيد السؤال ..اين ؟؟!!





..............................(45 ) ........................................





حاولت تهدئة مديحة قدر استطاعتى ..كانت تنظر الى الفراش بجوارها ثم ماتلبث الا وتصرخ باكية منادية على ابراهيم ...ظللت ارجوها ولكن يبدو انه لا فائدة معها ...طرااااااخ ....صمتت متوجعة اثر اللطمة العنيفة على وجهها ....لم تستطع حتى البكاء ..كانت تنظر لى دامعة العينين ....احتضنتها رابتا على رأسها ومعتذرا لها ...تكلم ابو الحسن بصوت هادىء سائلا اياها بلطف ..
نحن نعلم كم قاسيتى وكم واجهتى من امور اثقل من ان تتحملينها ...ساعدينا الان واخبرينا ما شاهدتيه بالضبط قبل ان يختفى ابراهيم من امامك ..؟؟؟؟
نظرت اليه واجمة وكأنها لم تفطن لوجوده الا الان ...قلت لها هذا صديق لى من المغرب ..انه يساعدنى بشأن ابراهيم ..
هزت راسها وعيناها تدمعان مجددا وقالت بصوت مختنق ...
غفوت للحظات ...مجرد لحظات فقط ...ثم انتبهت على حركة الفراش ...كان يهتز كما الزلزال ...كانت هناك اصوات كثيرة وضوضاء .....كذلك ابراهيم كان يئن وهو يضغط على اذنيه بشدة ثم  حاولت ان اخرجه معى من الحجرة ..لكنه لم يستجب بل كاد يهاجمنى مجددا عندما .....
كنت اتابعها متوترا فلما توقفت للحظات ما تملكت نفسى وانا اهزها طالبا منها الاستمرار ..
اكملت وهى تستجمع شتات اعصابها المنهارة عندما ظهر ....او ترائى لى ... .. كان شبحا ... شبح اسود طويل ... تقدم من  الفراش .. بعدها تشنج ابراهيم وتصلب جسده وصرخ بكلمة غريبة صرخة واحدة عالية ...لحظة مرت خاطفة كأن   نور او نار  انفجرت امامى مكان ابراهيم لتعمى بصرى ...يبدو اننى اغمضت عينى بسرعة ...وما هى الا لحظة و فتحتهما .....لم يكن ابراهيم امامى ....كاد قلبى ينفجر من شدة ضرباته المتعالية ..
ربت على راسها وخدها راجيا اياها وانا اقول ..
لقد انهينا السحر الواقع على ابراهيم وأعدك انه سيكون معك قريبا جدا بإذن الله .
هزت رأسها  وهى تنظر لى ثم انهمرت فى البكاء مجددا   ..
نظرت الى ابى الحسن نظرة ذات معن فوجدته يهز راسه لى تأييدا لما ذهب اليه فكرى ...
قلت لشقيقتى بنبرة حازمة ...سوف انقلك الان الى عيادة طبيب صديق لى ...لا يجب ان تظلى هنا وحدك بعد الان ...


           ..........................46............................


توجهت مع ابى الحسن بسيارته ومعنا مديحة وهى بين النوم والإغماء فى المقعد الخلفى الى مستشفى خاص ... كنت انا من تولى القيادة .. هاتفت صديقى الطبيب صاحب المستشفى عن الأمر فرد بأنه سيتوجه من فوره سابقا اياي الى المستشفى .... ظللت طوال الطريق افكر ...ان ما حدث قد تطور بشكل لم اكن اتوقعه ابدا ... تلك العشتار ليست هينة على الإطلاق ...
وصلنا الى المستشفى ... وبعد ساعة من الكشف على مديحة وفحصها  تم وضعها بحجرة منفردة ...اوصيت صديقى الطبيب عليها راجيا منه ممارسة علاج يخفف به عن ذاكرتها وطأة ما مرت به من احداث ....وان يتصل بى اذا جد لديه منها او عنها جديد ...
تركتها مبتسما لها وهم يضعونها فى سريرها وبجوارها احدى الممرضات ..


          .............................47...................................

                                      سر السيد طحيطم غيليال


كان ابو الحسن يقود السيارة صامتا عندما سألته ...
ما رأيك يا صاحبى  ؟؟؟
امسك بلحيته القصيرة وقال ...الامر صار اخطر مما تصورنا ...يبدو ان عشتار تلك لها من القدرة ان تفتح نوافذ اينوخ بل وتستدعى اليها من ارادت روحا وجسدا ...
قلت ...قد اثارها تحصينى ابراهيم ضد سحر الفودو ثم فك السحر برمته وهزيمتها فى هذا الشأن فقررت ان تنقل المعركة مع من فعل ذلك الى ارض تسيطر عليها وحدها ..

هز ابو الحسن راسه مؤكدا كلامى وهو يقول ...نعم ..نعم هو هذا ياصاحبى ..لقد اوحت الى ابراهيم باسم من اسماء الشياطين العشرين وشفرة فتح احد الابعاد ...ويبدو انه جرت مقاومة من حراسك مع هاتف عشتار ....

هززت راسى ايجابا وانا اهمس ...وللاسف تغلب ساتان  عليهم   ....اطلقت زفرة طويلة غاضبة  وانا اغمض عينيي اعترافا بالعجز..
..هون عليك ياصاحبى ...ان بعد العسر يسرا ... ان بعد العسر يسرا
...
 
تمتمت ردا على ابى الحسن ...صدق الله العظيم ...

السيارة تنطلق بنا الى الفندق .... عندما سمعت ابو الحسن يقول ..
امامنا اذا طريقان ...نظرت اليه متسائلا ؟؟ فقال :

اما ان نجد نسخة صحيحة ذات عهد مطلسم من النيكرونوميكون ....او نستشير اعلى ذى معرفة  ...
قلت ...الاول لا سبيل اليه فرغم علمنا باسماء الشياطين العشرين ابناء سوميا أشقاء ابليس وشفرات مخاطبتهم  وما خطه الحظرد فى كتابه عن طريق مانقل الينا من ترجمة ...الا ان تلك الكلمات لا تؤتى ثمارها فى فتح البوابات الا بعد تلقيها من ذى عهد سابق كما اسلفت انت ...واما الثانى فمن تقصد به ..؟؟
قال امازلت على رياضتك الروحية كعادتك ...؟؟؟
نظرت اليه مبتسما دون ان ارد ...فابتسم هو الاخر ليقول ...
اذا تعالى نستدعى السيد طحيطم غيليال ...ملك ملوك الجن الاربعة عشرة  العلويين والسفليين ....
ان من يضطلع بدراسة العلوم الروحية يعرف ماذا يعنى تحضير ملك ملوك الجن العلوية والسفلية ...يعرف كم ان هذا الامر شاقا فوق ما تحمله الكلمة من معنى ...عسيرا ازيد من قدر الكلمة اللغوى ...استمرت رياضتنا الروحية انا وابو الحسن منذ الصباح وحتى قبيل الفجر ونحن نردد طلاسم واسماء الاستدعاء ...حتى شعرنا بالإجابة ... روائح طيبة مختلطة قد  فاحت فى المكان ثم حرارة عالية بدأت تزيد تدريجيا  حتى  ظهرت قطرات العرق كثيفة على وجهينا ثم وكما زادت تدريجيا راحت تنخفض تدريجيا... اصوات كثيرة  كدبيب الخطوات ترتفع وتثقل ثم صار لها تناغم و همهمات كما التراتيل ... العديد من الاشياء تتحرك من حولنا  واذا بالحجرة  فى لحظة تنفجر بضياء باهر يعمى الابصار ....


مادعاكما لاستدعائى ..؟؟

تردد الصوت يكاد يصم اذاننا انا وابى الحسن ومعه هبت علينا ريح باردة  برودة الصقيع والثلج ...الرجفة تتملك منا  وان حافظنا على رباطة الجأش وثبات القلب ...

اجبت وأنا لا اقوى على فتح عينى من شدة سطوع الاضواء ....بارك الله فيك ايها السيد الجليل ...تعلم سلفا ما جال بقلبينا وخاطرنا واردنا منك العون بشأنه .... منافذ الابعاد ..

مرت فترة صمت ظننتها دهرا ثم تردد الصوت كأنما يصدر فى فلاة شاسعة تحيطها بعض الجبال فكان له اصداء رهيبة ...


ما منا الا وله مقام معلوم ...وما اتينا من العلم الا قليلا ...الاراضين السبع من خلق ذى الجبروت ...ما خلقهن عبثا ...هناك من مر اليهن وعاد وهناك من لم يعد وهناك من يسلك سبل ربه اذا اراد بعون من المعين المكين ...ومن تبحثان عنها تتنقل عبر منافذ الشر وتجند لها فى كل بعد اتباع ...ومن اتباعها من تزداد قوته لحظة بعد أخرى... لقد أوشكت على ختم الستة أسماء وعند الإكتمال سيحين خروج المنتظر ..

ترددت قليلا وانا احاول ان اسأله قائلا :
-- أما من سلطان لك على تلك الابعاد فأنت سيد خواتيم الجان العلويين جميعا ..ان هناك روحاً سينالها الأذى - اذا لم يكن قد نالها فعلا ....رجاءً بحق ما تلوناه عليك من اسماء الله وكلماته وسر الملائكة الحارسين خدام حروف الأسماء ان تساعدنا ..
صاح الصوت بنبرة عميقة  ...
لكلٍ منا حده وحدوده .... لكل منا مملكته وعبيده .... لكل منا مقام معلوم ... اما الذى تخشى عليه فهو حتى اللحظة بخير ...واما منحكم قوة الانتقال فهذا غير مصرح لى به ..
واما عن مساعدتى لك فلهيبة ما تلوتماه من اسماء ومالها من سلطان اخضع له اقول لك

إننى سأيسر لمن تيسر له فيكون يسرا عليك .. وتكريما لقسمك الشريف سأرسل لك هاتفا عند اقتراب الخطر ممن تخشى عليه ...

 كنت انصت مستمعا عندما نطق ابو الحسن سائلا بضيق ..

لكننا نريد فتح النوافذ والدخول إليها .....وما استدعيناك إلا لهذا ...

---  كفى ---- ...قاطعه الصوت وكانت نبرته غاضبة حازمة مدوية  فلزمنا الصمت وانا يأكلنى الغيظ من أبى الحسن ....مرت لحظات واذا بالصوت  يقول :
         اصرفانى فى الحال
نطقت ان انصرف بسلام وأمان ايها السيد الجليل بحق إذا زلزلت  وبسر أشتاتاً أشتاتاً

 
 انطلق اذان الفجر  فشعرت ان حدة الانوار قد تلاشت تماما فتحت عينيى لارى ابا الحسن ناظرا لى بيأس ثم قال ...لم نستفد جديدا ...هلم بنا نصلى ...

قمت معه وأنا اقول له ...بل هناك الكثير الذى استفدناه يا رجل .
ثم سألته ... أتعرف ماذا قصد بجملة   ..


سأيسر لمن تيسر له فيكون يسرا عليك   ...!!!!

هز رأسه نفياً تاركاً اياي فى حيرة التفكير

أخذت أدعو الله كثيرا وأنا أطيل السجود حتى انتهينا من الصلاة ... جلست جانبا أذكر الله تسبيحاً ودعاءً  فاطلق هاتفى رنينه العالى ....امسكته بسرعة متخوفا وانا اهمس ....مديحة !!!!
مرحبا بك ياصديقى ...
كان هذا صوت م0أصفهان ...عجبا لماذا يتصل ؟؟؟
سلمت عليه متسائلا فاذا به يقول :
لقد وجدت لك حلا لشفاء صاحبك من سحر الفودو شفاءا نهائيا ...
كدت اخوض معه فيما آل اليه امر ابراهيم لكننى سألته ...خيرا باذن الله
قال : رأيت ان افضل علاج من السحر ان نعثر على دمية السحر نفسها فتبطل كل اثاره ...وطالما الدمية فى حوزة عشتار فالوصول الى عشتار سيفى بالمطلوب ...
كدت اصيح بالرجل الاحمق اننا نقف عاجزين على ان نعرف اين هى تلك العشتار الملعونة عندما قال :
لقد وجدت لك من سيضعك امام عشتار نفسها ...!!!!!!





.............................(48 ) ............................................



صرخ ابراهيم صرخة فزع عندما ابصر نفسه فى مكان غريب اشبه بالضريح وهو نائم  على ظهره مقيدة يداه وقدماه على المذبح امام تمثال ضخم لكائن غريب له راس وعل ذى قرنين طويلين ...
دار ببصره ليرى الشموع وشعلات النار على كل الحوائط بينما السق قد امتلأ برسومات عديدة لما يبدو لحيوانات تضاجع بشرا وحيوانات نصفها بشرية وكائنات اخرى بشرية برؤس حيوانات يرقصن حول صورة لنفس التمثال الضخم الموضوع امامه..
فتحت ابواب سبعة فى المعبد ليدخل منها العديد من الاشخاص لهم وجوه غريبة بدت كالاقنعة لحيوانات متوحشة .. ..كانوا طوال القامة بشكل ملفت  يرتدون ثيابا سوداء وقد علق كل منهم صليبا معكوسا على صدره وكان احدهم يمسك بسلسلة مقيدة بها امرأة  يجرها جرا وهى تقاوم وقد وضعت على فمها عصابة سوداء بينما يمسك أخر بسلسلة مقيد بها صبى وفتاة صغيرين  وضع  على رأس كل منهما غطاء اسود فأخفى وجهيهما ....
..تقدم الجميع فى صمت ..... احاطوا بابراهيم من كل مكان حول المذبح الرخامى ...ازداد رعبه وحاول ان يجذب يديه او قدميه من قيدهما فلم يستطع ...اطلق صرخاته عاليا واذا بالضحكات المجلجلة تصل اليه ...انها عشتار تقترب منه وقد ارتدت ثيابا سوداء وعلى راسها تاج ضخم ..افسح  لها الاشخاص الغريبون المجال وقد احنوا رؤوسهم لها ...

كنت تسخر منى ايها الحقير ...هيا اضحك ...اضحك ان استطعت .......فمن ساعدك فى افشال سحر الفودو لن ينقذك من يدى هنا .......انت ملك لى ....بل انت قربانى لملك   الارض الخامسة .......انت ذبيح سترادوسيس ...الليلة يسيل دمك على مذبحه لاحظى منه بالشفرة الأخيرة حتى أسود العوالم السبعة ...هاهاهاهاهاهاه ...






............................( 48) .............................................




كنا نجلس صامتين امام مكتبه الانيق ......بدء ابو الحسن الكلام سائلا السيد م0 أصفهان ...هل انت على يقين وثقة من تلك السيدة التى ذكرتها ؟؟؟

اومأ الرجل براسه ان نعم ...ثم اكمل ..يقول صاحبى انها تملك النسخة الثانية من كتاب اينوخ تماما كالنسخة الاولى فى كل شىء وانها وريثة عهد تتناقله عن اجدادها ...
استدار يواجهنى قائلا : ولقد وافقت ان تمنح الشفرة لك على ان تتحمل انت مسؤلية نفسك بعد ذلك ..
لقد رأيت ان انت انتقلت الى البعد الآخر عند عشتار فاما ان تجد الدمية فتدمرها او تجد عشتار فتقضى عليها وفى كلا الحالتين سينتهى السحر كله ..
هززت رأسى صامتا واذا بأبى الحسن يقول للرجل :
اما عن دمية السحر فقد وجدناها وتم إتلافها وعكس السحر ...
دهش م .آصفهان للخبر وهم بالكلام فقاطعه ابو الحسن مكملا:
واما عن المسحور فقد استطاعت عشتار ان تخطفه فتنقله الى بعد ارضى آخر ....

قال أصفهان ..هذا من اغرب ما سمعت ...
اذن ...ففى هذه الحالة  اعتقد ان انتقالك الى تلك الساحر قد بات الزم واقوى ...
رددت وانا اهز رأسى ... نعم ... فلا اعرف ما الذى يمكنها ان تفعله بإبراهيم الان ..
نهض م . آصفهان فدار حول المكتب ليقف امامى قائلا وقد عقد يديه خلف ظهره
- حسنا اليوم يجب ان تسافر اليها ...
قال ابو الحسن ...اين هى تلك السيدة ...؟؟

اجاب م0 أصفهان ...: اسمها  السيدة المبجلة / اشهالات سر الحجب ...وهى باحدى القرى فى غابات المغرب العربى .
عقب ابو الحسن وقد هب واقفا مندهشا :
- افى بلدى انا توجد مثل تلك المرأة ولا اعرف عنها شيئا ....!!!!

رددت فى سخرية  وانا ابتسم :
- مثلها مثل عشتار يا ابا الحسن فهى ايضا من جذور مغربية ... هون عليك اذن يا صاحبى ..





      ............................( 49 )................................

                          عودة إلى السيدة / إشهالات سر الحجب

                                         


                                                     
  
  


امسكت بكتاب  أينوخ المرعب والغامض والأوحد من نوعه وصوت سرالحجب يحذرنى ...نظرت اليها وقد مر شريط احداث ما مضى امامى سريعا  فقالت  تسألنى ...

- أى المنافذ تريد الدخول منها ؟؟
بهت للسؤال وكأن على رأسى الطير ..حاولت ان ابتعد قليلا عن سحب البخور وانا اخرج زفيرا طويلا من صدرى مرددا فى نفسى  ...انا بالفعل لا اعرف اى بعد لعين نقلت عشتار ابراهيم إليه ...
اجبت سر الحجب بخيبة ....لا أعرف ...
امتعض وجهها الاسود  وهى تقول ...
- كيف لا تعرف ...؟؟ هل الامر سيان عندك ان ارسلك لاى بعد من الابعاد الستة ام ان هناك بعدا معينا تود الإنتقال إليه ؟؟
قالت ذلك وهى تضع غطاءاً بجوارها على المبخرة الكبيرة فخفت سحب البخور الغريب من حولى ..
قلت لها مؤكدا ...بل هناك بعد معين اود الأنتقال إليه لكننى حقا لا اعرف اى بعد هو .
نظرت السيدة النحيفة الغامضة الى وجهى طويلا كأنما تغوص فى اعماقى ثم قالت .
- اذن انت ومن ارسلك تمزحان معى وما إشهالات سر الحجب بالسيدة التى يمكن لاحد المزاح معها ...
هبت واقفة فى غضب عندما اسرعت ارجوها ان تنتظر لأشرح لها الامر ..

وبسرعة وايجاز احطتها علما بما قامت به عشتار فكان ردها وقد علا وجهها نفاذ الصبر
- عليك اذا ان تعرف بالضبط الكلمة التى نطق به صديقك ابراهيم حتى ينتقل الى بعد آخر .

زممت شفتى وانا اضرب بكفى على جبهتى  لائما  نفسى كيف لم اسأل السيد طحيطم غيليال عن ذلك ......لكن لحظة .... هناك مديحة ...نعم هى قد سمعت الكلمة من ابراهيم وقد تكون تذكرها
لابد اذن ان اتصل بصديقى الطبيب الذى تركتها فى مشفاه لأطمئن عليها  واعاود سؤالها .

سأجرى مكالمة هاتفية الان اذا اذنتى لى ..
لم ترد  سر الحجب ولم تعقب الا بنظرة غير مبالية  بينما اجريت الاتصال بصديقى الطبيب ... هاهو الجرس يرن ... هيا ....هيا ..
-- السلام عليك د. محمود .... لعل الامور عندك كلها على مايرام .... نعم نعم ... اتصل بك من المغرب ... هل مديحة  .............. هكذا اذن ...الحمد والشكر لله .... هذا من فضلك بعد الله سبحانه ....لكن هل تحدثت معها فيما حدث .؟؟؟ ... حسنا حسنا  ...لا بل صدقها فيما قصته عليك فقد حدث فعلا ..... اود فقط لو تستطيع ان تعرف منها تلك الكلمة ....... ماذا تقول ...؟؟ هل حقا تذكرتها ..... ليس بالضبط .... نعم ...

 حسنا حسنا .....هذا افضل من لا شىء .. جزيل الشكر لك اخى محمود ..... وعليك السلام

انهيت المكالمة وانا انظر إلى سر الحجب قائلا بتردد ...
اعتقد ان الكلمة المطلوبة هى  سُترادوس .. وعلى حسب معلوماتى هى للأرض الثالثة ..
نظرت سر الحجب لى برهة ثم انفرجت شفتاها عن ابتسامة تلألات على اثرها اسنانها الناصعة ..
نظرت اليها وابتسامة شاحبة متسائلة على وجهى فقالت وهى تجلس فى مقعدها وتزيح غطاء المبخرة جانباً مجددا ..
- انت تنطق الكلمة بصورة خاطئة تماما تهجئة وتشكيلا وهذا فى غاية الاهمية .... ثم ان معلوماتك ليست دقيقة ...الاسم الصحيح هو سِترادوسيس  بكسر السين لا ضمها وهو سر منفذ الأرض الخامسة  لا الثالثة ..

من جديد جلست امام سر الحجب ومن جديد عادت تسألنى ...
من اللازم والضرورى ان تصفى ذهنك تماما وانت اثناء الإنتقال ولا تفكر إلا فى الشخصية التى تطلب الإلتقاء بها  وإلا سيتم انتقالك الى بعد الأرض الخامسة فى ذات مكاننا هذا والذى لا اعرف كيف سيكون هناك او من يتواجد فيه ...

ياللكارثة !!!!
هذا ايضا لم يكن فى حسبانى .... من الواضح ان الانتقال عبر نوافذ الابعاد ليس سهلا على الإطلاق ... قلت بنفاذ حيلة ... فهمت الأمر وسيكون هذا سهلا بإذن الله ولكِ الشكر على التذكير ..

هزت رأسها وقالت ...حسناً هيا إلى المرحلة الأخيرة ... استنشق من البخور ما امكنك فسوف يخفف عنك ما قد تشعر به جراء الانتقال .. فقط عليك ان تعلم امرا اخيرا
قبل ان اسألها عما تقصد سارعت بالقول ...
انا فقط سأمنحك سر الانتقال .... الاسماء والشفرات لفتح النوافذ الستة ستكون ملكك بمجرد ان تضع يدك على الكتاب وانطق بها انا  انت تريد الارض الخامسة فسوف اكرر لك شفرتها ثلاثة مرات  ..انما ما اود ان تعرفه جيدا ...اننى لن اتمكن من ردك ثانيا الى بعدنا الاول هذا ..
- ماذا ...؟؟؟؟!!!!!!



 

 

                  ............................50 ...............................
                         
                              أرض البعد الخامس / معبد سترادوسيس





الاجراس تدق فى رنات صاخبة ....الطبول تقرع عاليا  ... الكثير والكثير من الاوانى تسكب من أعلى على   جمهرة من اناس عرايا يتقافزون راقصين صارخين فى وسط المعبد الفسيح بينما فتخضب الدماء اجسادهم وتغرق الارض فيزداد هوسهم وتتعالى صرخاتهم ويشرعون فى افعال الجنس فى جماعات كما الثيران الهائجة ...

ابراهيم ممدد فى قيوده فوق  المذبح  يصرخ ويحاول التملص من قيوده بلا جدوى ... يصيح يا الله مرارا ...يستغفر الله وقد بدأ البكاء يهزمه....الرجال ذوو الملابس السوداء يحيطون به .... تتعالى الطبول والاجراس ...تتقدم عشتار من أحد الجهات قاصدة المذبح ... كل من فى طريقها ينحنى مفسحا لها ان تمر .... وصلت إلى المذبح ..
تقدم أحد الرجال منها وقدم لها سكينا كبيرا يبرق نصلها ... امسكت السكين رافعاً اياه تجاه تمثال الوعل فصمتت كافة الاصوات وسكنت كل الحركات ..

صاحت عشتار بحدة وابراهيم ينظر لها بفزع ورعب .... اليوم تكلل هامتك بالقرابين ايها الملك المعظم على الارض الخامسة فلعلك ترضى وتقبل فتمنح خادمتك سر آخر الأراضين وشفرتها الخاصة ..

قدموا القربان الأول من خلق الأرض الرابعة .. صاحت عشتار على الرجال ..
تقدم منها احد الرجال وجر السلسلة التى بيده بقوة فوقعت المرأة المقيدة بها على الأرض امام عشتار ...
صاحت عشتار مجددا ... ارفعوها حتى تصير الدماء بركة واحدة ....
المرأة تبكى وتنتحب وتقاوم ما استطاعت وثلاثة من الرجال يرفعونها حتى وضعوها على ظهرها فوق ابراهيم الذى اخذ فى الصراخ والصياح بكل ما تبقى فيه من قوة خائرة

تقدمت عشتار وبسرعة وحدة امسكت شعر المرأة فجذبت رأسها الى الخلف حتى ضغطتت على وجه ابراهيم الذى لم يستطع ابعاده ثم وبنفس القوة سحبت السكين بسرعة على عنق المرأة فانفجرت الدماء تغطى جسدها وجسد ابراهيم  الذى شهق من فرط الذهول وراح فى اغماءة مدرج وجهه بالدماء ...

الاجراس تدق بقوة والطبول تقرع بشدة وصرخات الجميع تنادي
سترادوسيس  .... سترادوسيس .... سترادوسيس
جسد المرأة تنبض فيه بعض المواضع النبضة الاخيرة عندما صاحت  عشتار مجددا ...

قدموا القربان التالى من خلق الأرضين الثالثة والرابعة  ..
من جديد كفت الاصوات وسكنت الحركات وتقدم الرجل الذى يمسك بالطفلين فرفع عن رأسيهما الغطاء الأسود لتظهر ملامحهما  اسمران متشابهان الملامح  كشقيقين فرفعا وجهيهما لتظهر شفاههما مخيطة  نازفة  والدموع تغرق خدودهما  فنظرإلى عشتار التى تقدمت منهما وهى تصيح بصوت خالجه الاضطراب ..

هاك يا صاحب العزة ...دم ولدى الاثنين ...نبتٌ نبتَ فى أرضين يكلل هامتك بالخلود الأبدى فلعلك ترضى ..

بسرعة رفع الرجال الطفل والطفة فوق جسد المرأة المذبوحة لتتقدم عشتار اليهما توقفت لحظة فى تردد ثم ما لبثت ان ضمت قبضتها على السكين بقوة وحزم كأنها تتنصل من اى مشاعر تخالج نفسها بالرغم منها ....وفى لحظة مرت بالسكين على عنقى الطفلين فانفجرت الدماء متناثرة اصابت وجه عشتار التى سقطت ارضا صارخة فى شهقة بكاء فى ذات الحظة انطلقت الصرخات وقرع الطبول



                ................................51.....................................


      صحت برفض واستنكار شديدين . ....هل تركتنى اسافر الى هنا لتخبريننى اننى سأظل عالقا فى بعد زمنى ومكانى لا استطيع العودة منه ثانيا ؟؟؟؟ لماذا لم تخبرينا هذا سابقا ...؟؟؟؟
ردت سر الحجب بثبات وبقوة ...بل اخبرت من توسل لى ان امنحك هديتى ...قلت له اخبره انه سيكون متحملا مسؤلية نفسه ...الم يخبرك بهذا ؟؟؟
تذكرت الجملة ..حقا قال اصفهان ذلك ..ولكننى لم اتخيل ان معنى الجملة ما تقول هذه السيدة ...
قلت لها : انك لا تفهمين الأمر ... ما انتقالى الى اى من تلك المنافذ الا لإنقاذ صديق لى تم اختطافه إلى واحد من تلك الابعاد ...فكيف سأنقذه إذا لم استطع العودة به ..؟؟

-  هذه مشكلتك أنت و
الان عليك حزم امرك فالوقت يداهمنا ....

اعتصرت راسى بيدى وانا انظر الى الكتاب وصوت ابراهيم يصرخ فى اذنى وبكاء مديحة يتردد فى نفسى ....صحت بزفرة ...
لكن لماذا لا استطيع العودة وأنا سأعرف منك شفرة الدخول للأرض الأولى ... ارضنا هذه ..؟؟ ألن أعود إذا نطقت به ..؟؟

حركت سر الحجب يدها اشارة النفى القاطع وهى تقول .... الأن انت تنتقل بفعل امرين ..
الاول وجود كتاب أينوخ تحت يدك والثانى منحى اياك الإذن فى وجودى لتعمل شفرة الانتقال

فكيف سيتم لك ذلك هناك ؟؟ فالكتاب لن يبرح هنا ابدا ... وليس هناك من سيمنحك الاذن مجددا .؟؟

اخذتنى لحظات فى تفكير عميق احاول ان احزم امرى وإذا بصوت ذكرنى بهمس جواش رحمه الله لى يهتف فى اذنى ..... إقترب الخطر ...اقترب الخطر

تذكرت سريعا وعد السيد طحيطم غيليال انه سينبهنى اذا اقترب الخطر من ابراهيم
نطقت بسرعة غير عابىء بما قد يحدث ...
هيا بسرعة أرجوكى .... ما عاد من وقت لدينا

اعتدلت اشهالات سر الحجب فى جلستها فاخذت اتلو الشهادتين مرارا واتلو تحصينا سريعا عندما قالت  ...ضع يسارك على الصفحة الأولى من الكتاب واستمع لى  ..

وضعت كفى الايسر على الصفحة الجلدية الأولى فلامست جلدها محتكا بكفى ... انتابتنى قشعرية مخيفة   واذا بصوت اشهالات يصيح حادا ...


بين الغيم والغيوم تتردد اصداء اسماءكم ياسادة الاراضين السبع ...سوميا الثانى واشطالووووس ..بسر ال .......ورفعة اسم  سترادوسيس .. سترادوسيس.. سترادوسيس..و بشفرة ال ....  
الكتاب يهتز تحت كفى ....احكم الضغط عليه .. اشعر بحرارة غريبة تنشط لاسعة فى صفحاته ...اشهالات تردد الاسماء وتنادى بطلاسمها ...كانت الاسماء تتردد صارخة فى راسى ...وجدت ان الكثير مما كنت اظننى اعرفه منها كنا ننطقه بلفظة مخالفة للنطق الذى قالته اشهالات ....كان صوتها يعلو ثم ينخفض عند نطق الشفرة ....ثم اتمت اخر اسم صاحت به وبلا قصد منى ارتمت راسى ورائى بعنف لاصرخ وانا ارى السقف الباهت الاضاءة قد انفجر نورا رهيبا فانطلق جسدى فيه بقوة عنيفة لتختفى الحجرة المظلمة فاجدنى منطلقا الى دوامات من النور ..عددها  ستة تدور فتحاتها كما فواهة الاعصار ...تذكرت رحلتى الاولى مع موريس روحان عندما انطلقت روحا بلا جسد لاعبر حاجز الزمن الى الماضى ....كان يطلب منى التركيز ...حاولت ان اصفى ذهنى لافكر فى انقاذ ابراهيم فقط   ....ابراهيم ...ابراهيم ...ابراهيم  .. ...صوت صرخة مدوية جذبنى الى الدوامة الخامسة ....شعرت اننى انطلق اليها بكل السرعة فابتلعتنى والصرخة تتزايد عالية وتتضح انها لمن اعرفه ...الرؤية امامى غير واضحة من فرط الانوار الباهرة ...لكنها تزداد وضوحا مع تزايد قوة الصرخات ..ياالهى ....انه ابراهيم يكادون أن يذبحونه .....لآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآلآ

....زلزلت صرختى المكان وانا اُقذف الى داخل المعبد كأنما انبثق الهواء فى فتحة ضوئية ليوقعنى امام المذبح المدرج بالدماء والجثث المنحورة ساقطة حوله فسقطت فوق احد الرجال الذى وقع مرعوبا ليسقط من يده سيف براق النصل فتناولته بسرعة  صارخا حائلا بين اولئك الاشخاص الطوال وبين ابراهيم الممدد على المنصة الرخامية وقد اخذ فى الصراخ ينادينى و لا اكاد ارى له ملامحا من كثرة الدماء التى تغطيه.....
اخذتهم المفاجأة ليبتعدوا متفرقين واذا بصوت عشتار يرج المكان ....من انت يامن دنست مذبح ملك البعد الخامس ...؟؟؟؟

نظرت اليها تقترب والغضب يتطاير شرره من عينيها .. وبيدها سكينا كبيرا فى حين احاط  بى الرجال فى تحفز واستعداد ...صحت فيها .... 
( مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )

صرخت وهى تقترب ...لا سلطان لكلماتك هذه هنا ...
صحت وانا اطوح بالسيف فى كل اتجاه  لادافع عن ابراهيم ...بل هى كلمات ذى العزة والجبروت   (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً )

بدأ الرجال يضيقون حلقتهم من حولى بينما اقترب الجمع المتجمهر الملطخة اجسادهم العارية بالدماء أكثر وأكثر ...
صحت بتوسل ويدى اليسرى تقبض على ذراع ابراهيم الذى ما انفك يصيح وينادينى متوسلا :
ايتها الافلاك الخاضعة لامر الله ..مامنكم الا وعليه من عباد الله الصالحين اكثر مما  عليه من الشياطين واحزابهم .... فأعينونى بقوة .....فأعينونى بقوة ...فأعينونى بقوة
  


 
ضحكت عشتار وهى تقترب منا وتصرخ فى اولئك الاشخاص ...اذبحوهما معا ...
اقترب احد الرجال رافعا سيفه فإذا بى وبحركة سريعة ضربت بالسيف بقوة وانا اصيح بكل قوة فما انتبهت الا وجسد الرجل ساقطا بلا رأس حيث تدحرجت ملطخة الارض بالدماء ..
بهت الرجال مما حدث وان ظلوا فى تحفز يمسكون بأسلحتهم ويقتربون فى حذر ...

صحت بكل قواى   فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِر .. أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِر 
 كانت صرخات ابراهيم من ورائى كالخناجر تشق قلبى واذا باحساس غامر يملأ وجدانى كأنما اندفق داخلى فيض منهمر من قوة رهيبة ...اسرع الاشخاص الطوال الينا بسيوف براقة وصرخات عالية وانا اطيح بالسيف يمينا ويسارا لا ادرى هل اصاب ايا منهم ام لا واذا بصوت موريس روحان يهتف بى ..لا تخف لقد تلبثت جسدك ...اضرب قيد صاحبك بسرعة  ....شعرت ان قواى قد زادت الى حد لا استطيع وصفه ..
بسرعة ودقة صرت اقفز حول الضريح لاضرب قيود ابراهيم بالسيف فأحرره منها ..
كأنما سألت موريس كيف جاءنى هنا ...فاذا بصوته يتردد داخلى ..انا اجوب الابعاد روحا ياصاحبى ولقد سمعت من يهتف بى آمرا أن اتيك للمساعدة ...
صحت فى نفسى ...اذن انت هو من تيسر له ... وترددت فى داخلى جملة .. طحيطم غيليال
سأيسر لمن تيسر له فيكون يسرا عليك
اسرعت ارفع ابراهيم  عن المذبح فقام خفيفا جدا بين يدى وفى اللحظة التى اقترب فيها الاشخاص منا كنت اقفز بقوة روح موريس الى بؤرة ضوئية اتسعت امامى ومعى ابراهيم سامعا صرخة عشتار من ورائى وكأنها قد اخترقت المنفذ الضوئى معنا ... صاح بى صوت موريس ...سانطق بكما الى البعد الاول ...صوت عشتار يطاردنى منطلقا بسرعة وكانت سرعة انطلاقى بابراهيم اسرع كالقذيفة بفعل طاقة موريس الروحانية الرهيبة  واذا بفتحة جديدة تتسع امامى ...صوت موريس يأمرنى ان ادع ابراهيم فيها ..مر ابراهيم وحده صارخا وانحرف بى موريس كماشعاع الضوء بين الممرات الضوئية السبعة  وهو يقول ...يحب ان نمنعها من الفرار الى اى بعد غير بعدنا الارضى ..ظهرت عشتار منطلقة كما السهم متجهة الى احد المنافذ الضوئية صارخة باسماء شياطين اينوخ ...صاح بى موريس الان اتلو عليها الاسماء معكوسة بسرعة ....رحت بقدرة مذهلة اعكس كل اسم تنطق به معكوسا فتنغلق على اثر كلمتى الصارخة نافذة من النوافذ ..حتى ماعادت الا واحدة وجدت نفسى بقوة موريس انطلق مخترقا اياها فى سرعة صار جسدى خلالها شفافا كما الذرات المبعثرة وموريس يهتف بى لا تخف ...لا تخف ...انطلقت عشتار بدورها خلفى مزمجرة واذا بصوت جهورى رهيب يصيح بى هاقد وجدت الساحرة مرسلة العارض ....افتكوا بها فتكا يابنى ابى يعقوب الابرار ....
كان هذا صوت الملك الاحمر ابى محرز ...فادركت اننا قد عدنا الى بعدنا الارضى فركزت كل تفكيرى فى ابراهيم.... شعرت بنفسى اقذف داخل بيت ابراهيم ساقطا بجواره على الفراش من نفس نقطة مغادرته هو ...كما شعرت بروح موريس تغادرنى وصوته يتردد داخلى ...الى لقاء ياصاحبى ...لى عودة اليك ...لكن وجب تحذيركم ببعض ما شاهدته ..

..قوم كما الدواب عاكفون على نقب سد رهيب بين جبلين وقد اوشكوا ان يفلحوا ....انهم قاصدون بعدنا عندما ستزول الفواصل بين الاراضين السبع  ..
خفت صوت موريس من داخلى وانا اسمع الشهادتين تترددان بقوة ...هل كان هذا هو من نطق بهما ام ابراهيم بجوارى ...نظرت اليه فى حالته المزرية وضعفه البالغ وانا ابتسم له ...سألنى عن مديحة فقلت له والابتسامة مازالت على وجهى ...بعد ان تستعيد نفسك سنذهب إليها ... هز رأسه فى اطمئنان عندما قلت له ...
ما رأيك فى حضور حفل جديد فى جمعيــ ........ قاطعنى بكل ما فيه من وهن وضعف ..
أعوذووووووووو بالله ............

تعالت ضحكاتى وانا ارتمى على الفراش منهكا احلم بالنوم

.................................تمــــــــــــــــــــت بحمد الله   ............
                                   علاء الدين أبو الفتوح


هناك 10 تعليقات:

  1. الرواية مشوقة جدا ...بها الكثير من المعلومات الموجودةفعلا والمعلومات الدينية التى تدعو الى التفكير فيها بجدية

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  3. يسلموا ايديك صديقي علاء قصة قوية جدآ لم تكن كذلك لولا مجهودك دمت ودام إبداعك وحفظك الله

    ردحذف
  4. رائعة جداً يا صديقي علاء
    ما شاء الله عبلى الإيداع
    هناك الكثير من المواقف التي تستدعي التفكر والتأمل على الرغم من التشويق ولكنها تفتح نوافذ التأمل
    دمت مبدعاً صديقي العزيز

    صديقك / محمد جمال

    ردحذف
  5. سلمتِ ماقدَّمه قلمُك لنا
    اتحفتنا بإبداعـك المتواصِل
    لاعد مناك
    دائمآ متجدد بانتظار كل جديدك

    ردحذف
  6. اخى العزيز محمد جمال ...تشرفت بك المدونة وصاحبها ...شكرا لك منحك الكثير من وقتك لمطالعة الرواية ...وشكرا اكثر لما توقفت امامه من امور للبحث والتحقيق ...خالص تحياتى لك

    ردحذف
  7. Ali Farag اخي واستاذي الغالي رغم ماانا به من بعض المعاناه الصحية كما تعلم الا انني وبمجرد الامساك باول الخيط لم استطع التوقف مهما عانيت من تعب ومهما اضطررت لاعادة فراءة بعض المقاطع احيانا لبطء التركيز لديا من اثار المرض ، مانت كلامك ماينفعش يتساب من غير مايتكمل لانك بتسحبتي حاجة ورا حاجة كل مااجي اتوقف اجدني مشتاق اعرف ماذا فعلت ، لفيت معاك بسرعة عشان نلحق الساحرة اليمغربية او اليهودية بعد ماعرفت سبب الخدش اللي عملته في ابراهيم وانه كان المقصود نقطة الدم وكان نفسي نلحقها واشوفك وانت بتحل الموضوع كعادتك ، علاء اسمحلي انا مبهور بقدرتك على الربط بين كل هذه الاحداث انا مش عارف هل لاني لسه تعبان ولا ده طبيعي اني ساعات بالقاني ارجع لمقطع مغين عشان افسر موقف معين ، اما انت فالله سبحانه وتعالى اعطاك عقل وفكر ربنا يبارك فيك ويباركلك فيهم حتى تظل تمتعنا مكذا دائما اخي واستاذي الحبيب تقبل خالص تحياتي ولي قراءة اخري لها وبتركيز اكبر لو في العمر بقية . علي فرج

    ردحذف
  8. لازلت أطل من منافذ اينوخ فاشعر بمتعة القرأة التي تستحوذ على كل الحواس فلا تترك لك اي منفذ لتلتقط انفاسك الى بعد ان تعرف نهاية كل الشخوص هنا
    طبعا حين وجد قلمك مساحة اكبر للابداع فقد جعلنا نستمتع بواحد من اهم واروع ما كتبت من قصص على الاطلاق
    بالعديد من الفقرات هنا كنت اسعر اني امام اشخاص خقيقيون وليس مجرد رواية محبوكة بدقة لا متناهية تنم على كون من يمتلك كل الخيوط في يده للنهاية لا بد ان يكو فعلا ياحرا لا مجرد روائي عادي........احببت ان اعلق ولو اني لم انتهي بعد من القراءة ...ولي عودة اخرى حين اكمل قراءتي الثانية لكل منافذ اينوخ...........اشراق مغربي

    ردحذف
  9. في غايه الروعه والجمال هل يترا استطيع ان اتوصل معك علي الوتس اب

    ردحذف
  10. معتز بشا
    اشكر لك مرورك الطيب على الرواية وارحب بك صديقا على الواتس اذا احببت
    01225086842
    وعلى الفيس
    https://www.facebook.com/alaaeldinhodhod

    ردحذف