الجمعة، 8 نوفمبر 2013

العمدة صميدة ورخصة القيادة

الجمعة 8 نوفمبر 2013


انطلق الاتوبيس ابو دورين لاول مرة فى كفر بهانة حاملا بداخله اغلب سكان الكفر بقيادة العمدة الجديد الحاج صميدة ...كانت ضحكاته تملأ جو الكفر وهو يدعو الجميع لمرافقته معه فى رحلة حول ارجاء الكفر الواسعة ...فوجىء اهل الكفر انه قد اعد الدور العلوى من الاتوبيس الى اسرته ورجاله المقربين .
تكدس الجميع فرحين رغم الازدحام آملين فى نزهة تخرجهم من كآبة تكرار نفس المشاهد اليومية بداخل الكفر..
قاد صميدة الاتوبيس فزعقت العجلات على الارض المتربة لتثير الغبار فى وجوه من بقى من اهل الكفر يشاهدون الرحلة ...
ارتج الاتوبيس بعنف منطلقا فى شكل عشوائى فأثار الفزع فى قلوب الركاب
بدأت الهمهمات والصرخات تنطلق متزايدة ..
حاسب والنبى ياعمدة.....الله لا يسيئك ياحاج خد بالك..
اوعى الجميزة اللى فى وشك ...
كان صميدة يسمع تعليمات زوجته من الدور العلوى بالأتوبيس منصتا
ارفع رجلك من على الفرامل شوية ...دوس بنزين ...انقل على التانى ...
انحرف الاتوبيس سريعا ليتفادى الجميزة وبدلا من ان يتخذ الطريق المسفلت السليم اتجه بسرعة رهيبة ناحية المصرف العمومى ...
ياااااااااااااااااالهوتى .....الحقونا ياهووووووووه .
صرخ الركاب فى الاتوبيس فماكان من العمدة الا الصراخ من خلف ظهره ناثرا الرزاز عليهم .....اخرسوا ياغجر .....انا معايا رخصة قيادة ياحوَش
دانا أول واحد يسوق اتوبيس بدورين ياجزم ....
الاتوبيس يترنح بالقرب من حافة المصرف يكاد ينقلب بمن فيه ...ام حسن تصيح بصميدة من أعلى ....ولا يهمك ...دوس بنزين وهو هايتعدل على طول ...
العمدة يضرب بقدمه كل الدواسات دفعة واحدة ...منتنقلا من دواسة الى اخرى فى هيجان وانفعال.
الاتوبيس يترنح يمينا ويسارا كما ثعبان ارقط منطلق الى لا شىء..
..شيخ البلد بداخل الاتوبيس مازال يحاول تهدئة الركاب لكنه يتخبط فيهم يميناً ويسارا فينطح احدهم فى رأسه...
ياااااااااااااولاد الكلب .....راسى اتفتحت ...
صوت انفجار احد اطارات عجلات الاتوبيس يعلو ليميل الاتوبيس منحرفا كالاعصار.... الصراخ يتعالى من الجميع ..
دى كانت شورة سودة يوم ماركبنا معاك ...وقف الاتوبيس الله يخرب بيتك ...
لا يرد صميدة الا صارخا وهو متشبث بعجلة القيادة ...انا معايا رخصة يا جزم .....يا شيخ البلد سكت الناس دى ولا اقولك ارمى كام واحد خلى الحمولة تخف يمكن الزحمة هى السبب ...
كان الاتوبيس قد انحرف مبتعدا عن حافة المصرف لكنه انطلق عشوائيا ليتوغل فى غيط القمح الكبير .. ...يادى الخراب المستعجل ...
الفلاحون يصرخون مهرولين من الغيط والاتوبيس يدمر المحصول الذى كان على وشك الحصاد..
ارجع يامنيل على عين اللى جابوا ابوك ...
اهتاج الركاب فقام اكثرهم من مكانه صارخين على صميدة يريدون منعه من القيادة وايقاف الاتوبيس...بينما اخذت أعداد كبيرة منهم تصرخ مادين اياديهم من نوافذ الاتوبيس طالبين النجدة ...شيخ البلد سقط تحت اقدامهم والعمدة مازال فى قيادته المجنونة يطحن كل ما امامه صارخا ..امسكوا نفسكوا يا غجر ..
احنا فى منحنى الصعود ...
صعود ايه ونيلة ايه...احنا هاننقلب فى الترعة ..
الاصوات الصارخة تلاحقه طالبة اياه بالتوقف ...الاتوبيس يتجه الى طرف الغيط بجنون فيصدم فى طريقة جاموسة صاحب الغيط فيقتلها مهشما رأسها ليتناثر الدم ملطخا واجهته الزجاجية ....
الله يقطعكوا ....مش شايف حاجة قدامى ...فين زرار المسحات ...
صرخ صميدة ليزداد صراخ الركاب وهم يقعون متخبطين بداخل الاتوبيس
الحقوووووووووووووووووووناااااااااا
الاتوبيس يتجه بكل سرعته تجاه خط السكة الحديدى الذى يفصل كفر بهانة عن كفر عباس المجاور له.....صوت صفارات القطار السريع تصرخ من بعيد....
واذا برجل على حصان اسود ينطلق من وسط الغيطان تتطاير اطراف عباءته كأنها اجنحة من نور يعدو مسابقا الريح ليلحق بالاتوبيس ...الاصوات تنهال شاكرة لله..
دا عتريس ابن البلد ....فارس الخيل...نحمدك يارب.....الحقنا ياعتريس ...
الاتوبيس يكاد يصل الى القضبان الحديدية ....انه على بعد مئات الامتار منها وصفارات القطار مازالت تدوى محذرة..
عتريس يقترب بحصانه الاشهب من باب الاتوبيس..
صميدة يصرخ فيه بجنون ....ارجع يا جدع انت ....دا اتوبيسى انا ...انا اللى معايا الرخصة ...
عتريس يقفز برشاقة وقوة وشجاعة منقطعة النظير ليدخل الى الاتوبيس وسط صيحات الاعجاب والاشادة والتكبير من الركاب..
امسك عتريس بصميدة من قفاه ليزيحه عن مقعده بسرعة فتلقفه منه بعض الركاب ....تعالى يخرب بيتك وبيت اللى حدفوك علينا......جروه الى نهاية الاتوبيس فوقعت منه حافظة اوراقه ....صرخ صميدة
الرخصة ...الرخصة يا ولاد الافاعى ...الرخصة وقعت ...
انهمك عتريس بكل جهد فى القيادة يحاول الانحراف بالاتوبيس عن مساره التصادمى...المسحات تعمل لتتيح له الروية .....القطار تصرخ اصوات نفيره الرهيب والركاب يدعون الله ...عتريس يصيح ...الله يخرب بيته بوظ الفرامل ...
القطار يمرق سريعا كما الطلقة ...الاتوبيس ينحرف فى اللحظة الاخيرة ليمرق بجوار القطار ويرتفع الغبار...
اصوات اسرة صميدة تصرخ وتزداد ضربات ارجلهم فوق سطح الاتوبيس..
يسبون عتريس...يسبون الركاب ..يصرخون منادين أولاد عباس اقاربهم لنجدة صميدة ..
الاتوبيس يعتدل فى سيره رغم كل مافيه من اضرار..
صوت عتريس يرتفع ...ماتخافوش يارجالة ...ربنا معانا ..
انطلقت الاصوات تلهج بحمد الله ومازال صميدة يكرر ناعقا ...انا اللى معايا رخصة الاتوبيس...أنا السواااااق ...
صوت الرصاص يمرق فى حدة صوب الدور الاسفل للاتوبيس....
دول ولاد عباس....ولاد الكلب عاوزين يموتوا عتريس...
الاتوبيس ينطلق الى مشارف العودة الى طريق الكفر المرصوف....
الرصاص يهاجمه بشراسة ....اسرة صميدة مازالت تضرب باقدامها سطح الاتوبيس وتلقى بالقاذورات على زجاج الاتوبيس امام عتريس..
اقترب الاتوبيس من الوصل الى اول الطريق...الرصاص يدوى مجددا فيصيب بعض الركاب من النوافذ...الصراخ يعلو والدماء تسيل ...عتريس تسكن وجهه ملامح الصمود والاحتمال ...يعانى من اثر شظية طائشة فيكابد الالام الرهيبة مصمما على الوصل بالركاب الى بر الامان واذا بصميدة يحاول القفز من احدى نوافذ الاتوبيس..وفجأة ...دوى الانفجار رهيبا رهيبا رهيبا وارتفعت ألسنة النار واعمدة الدخان السوداء....
أصوات كثيرة اختلطت معا ليبزغ منها صوت وسط الادخنة والغبار والنيران يردد ....الحمد الله ...الحمد لله ...
ـــــــــــــ..............تمــــــــــــــــــــــت .............ــــــــــــــــ